سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

آستانا تعويمٌ لدور تركيا في سوريا

رامان آزاد_

جاء انعقادُ الجولةِ العشرين والأخيرة من آستانا في ظلِّ تصعيدٍ عسكريّ لافتٍ من قِبل دولة الاحتلالِ التركيّ، وإذا كانت آستانا قد تجاوزت في التعبيرِ عن حجم التحدّي بالتأكيد على رفضِ الوجود الأمريكيّ، فإنَّ الميدانَ السوريّ بالمُطلق أصغرُ بكثيرٍ من احتواءِ مواجهةٍ أمريكيّةٍ ــ روسيّةٍ، والصحيحُ أنّ جملةَ أهدافِ آستانا تنحصرُ بتعويم دور تركيا في سوريا وشرعنة استهدافِ الإدارةِ الذاتيّةِ، ولذلك استهدفت أنقرة مسؤولين مدنيين في الإدارة الذاتيّة بالتوازي مع عسكريين في قسد.   
بيانٌ جديدٌ بمضمونٍ قديمٍ
انتهت اجتماعاتُ الجولةِ العشرين من آستانا في 21/6/2023 ببيانٍ خِتاميّ هو نسخة عن بيانات سابقة، وجاء البيان بصيغة إنشائيّة فضفاضة دون توضيح صيغة مسار التطبيع بين أنقرة ودمشق، وفقاً لما تم التمهيد له من قبل المسؤولين الروس بأن صيغة التطبيع جاهزة. والحديث عن وحدة وسلامة الأراضي السوريّة وسيادتها والحل السياسيّ، مجرد عناوين لم تلتزم بها أطراف الاجتماع أبداً، لأنّه يطرحُ السؤالَ حول المبادراتِ العمليّةِ التي قامت بها هذه الأطراف لحلّ الأزمة.
حديث مبعوث الرئيس الروسيّ للشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ميخائيل بوغدانوف، قبل الاجتماع بساعات، كان لافتاً فقد أشار مُسبقاً إلى فقراتٍ في البيان الختاميّ، فوصف الإدارة الذاتيّة بأنّها “مشروع انفصاليّ”، وأنّ الولايات المتحدة تعرقلُ حوارها مع حكومة دمشق، وأنَّ دعمَ واشنطن لأطرافٍ كرديّة غير مقبول على الإطلاق، وينتهك وحدة الأراضي السوريّة وسلامتها.
كان متوقعاً أن يتجاهلَ بيانُ آستانا الاحتلال التركيّ لأراضٍ سوريّة، فهذا ينسجمُ مع الأساسِ التي قامت عليه آستانا وعقدت سلسلةَ اجتماعاتها. وعندما تشيرُ بياناتها الختاميّةُ إلى إنجازاتِها على مدى أكثر من ست سنوات، وهي مدةٌ طويلة بالنسبة لبلدٍ يعاني صراعاً مسلحاً وفاتورة الدم ترتفع بمرور الأيام، فإنّها تجانبُ الحقائقَ مطلقاً، لأنّ كلّ ما أُنجز مجردُ نقلٍ لتفاصيلِ الأزمةِ من واقعٍ إلى آخر، ومن جغرافيا لأخرى، وتفويضِ أنقرة بقيادةِ المرتزقة المسلحة لضربِ الإدارةِ الذاتيّة، وبعبارة أخرى تبنّت بالكاملِ الأسلوب العسكريّ، وحوّلت مسارَ الصراعِ المسلح لتحصدَ دمشق كاملَ عوائده بالنتيجة، وبالمحصلةِ؛ فإنّ المسار التصالحيّ بين أنقرة ودمشق بدأ فعليّاً بالتنسيقِ الأمنيّ، وعبر تغييرِ الميدانِ وتحولِ أهدافِ الصراعِ المسلّحِ قبل إعلانِ المسؤولين السياسيين عنه.
الاحتلالُ التركيّ لمناطقَ سوريّةٍ جاء بتوافق آستانا، اعتباراً من اتفاق (حلب ــ الباب) وإنشاءِ مناطق خفضِ التصعيد، وصولاً إلى العدوان والاحتلال والانتهاكات اليوميّة لحقوق الإنسان في تلك المناطق والتي تشمل التتريك والربط الإداريّ والاقتصاديّ والثقافيّ، والاعتقالات والاختطاف وجرائم القتل وانتزاع الملكيات وكلّ أنواع السرقات، بل أكثر من ذلك أضحت تلك المناطق بؤراً لتجارةِ المخدرات وتندلعُ الصراعاتُ المسلحةُ بسببها، وكذلك ملاذاتٍ آمنةً للهاربين من مرتزقةِ “داعش”.
ما يتم تداوله في إطار أستانه لا يتطابقُ مع ما يُعلن عنه رسميّاً من عناوين وشعارات، ولكن كان حرّياً بالمسؤولين الروس خارج إطار آستانا وضمن تصريحات سياسيّة وإعلاميّة التنديد باستهدافِ جيش الاحتلال التركي لمدرعة عسكريّة روسيّة ومقتل جندي وإصابة أربعة آخرين في 12/6/2023، وكذلك القصف المتكرر على مواقع قوات حكومة دمشق في بلدة تل رفعت وريف منبج، على اعتبارها حليفة دمشق. إلا أنّ تكون موسكو ماضية في إنجازِ خطتها في سوريا بالتنسيقِ مع أنقرة حتى على حسابِ حليفها السياسيّ، وهذا ما يُفسّر صمتها حيالَ العربدة التركيّة.

تصعيد تركيّ متزامن مع آستانا
بالتزامن مع انعقاد الجولة الـ20 لآستانا، استهدفت طائرة تركيّة مسيّرة سيارة مدنيّة في قرية تل شعير، ما أدّى لاستشهاد الرئيسة المشتركة لمجلس مقاطعة قامشلو، يسرى درويش ونائبة الرئاسة المشتركة للمجلس ليمان شويش والسائق فرات توما، وبصرف النظر عن اختلاف التوجهات السياسيّة، ويجب التأكيد أنّ المستهدفين أشخاصٌ مدنيون، منخرطون في أعمال إداريّة خدميّة، لتسقط ذريعة أنقرة الأمنيّة. وفي حادثةٍ سابقةٍ استهدفت طائرةٌ مسيّرةٌ تركيّةٌ سيارةً في منطقةِ الأحداثِ القريبةِ من حلب، أي على مسافة تتجاوز 50 كم عن الحدود التركيّة، وبذلك يُطرح السؤال حول أبعاد الأمن القوميّ التركيّ، وحجم التفويضُ الذي تمنحه آستانا لأنقرة لتنفيذِ مزيدٍ من عملياتِ الاستهدافِ!
وكالة الأناضول نقلت عن وزارة الدفاع التركيّة، خبراً مفبركاً مختلفاً مفاده أنّ الجيشَ التركيّ تمكن من تحييد عنصرين من داعش خلال محاولة استهداف مناطق شمال وشرق سوريا. وبجمع خبري آستانا والاستهداف التركيّ لمسؤولين مدنيين في الإدارةِ الذاتيّة، يُؤكّد أنّ أنقرة حصلت على تفويضٍ مباشر من شركاء آستانا بإنهاءِ الإدارةِ الذاتيّةِ عبر ما تسمى بعملياتٍ عسكريّةٍ متدرجةٍ، دون الإعلانِ عن عملٍ عسكريّ موسّعٍ.
امتعاضٌ روسيّ من التعزيزات الأمريكيّة
ساد الاعتقاد لدى أطراف آستانا (روسيا وتركيا وإيران)، أنّ الوجودَ العسكريّ الأمريكيّ على وشك النهاية، ربما في مقاربة للمشهد الأفغانيّ، وأنّه يمكن الاعتماد على نموذج العمليات العسكرية والتضييق عليها للتعجيل برحيلها، وأنّ التحدي الأكبر لواشنطن شرق آسيا ولهذا فهي بصدد الانكفاء، ولم تُخفِ موسكو امتعاضها من وجود هذه القواتِ، واتهامها أنّها ترعى مشروع انفصاليّاً وتربط ذلك بقضايا النفط والثروات.
الامتعاض الروسيّ زادت حدته بعدما زادت واشنطن تعزيز وجودها العسكريّ، وأعلنت القيادة المركزيّة في القوات الأمريكيّة، الأربعاء 14/6/2023، عن نشرها طائرات مقاتلة من نوع (إف – 22 رابتور) بمناطق تقع في نطاق مسؤولياتها في الشرق الأوسط. وذلك نتيجة السلوك “غير الآمن وغير المهنيّ المتزايد من قبل المقاتلات الروسيّة في المنطقة”، على حسب تعبيرها، وقال بيان للقيادة المركزيّة، إن “المقاتلة ستعملُ بشكلٍ متكامل مع قوات التحالف براً وجواً، وأن نشرها يظهر الأوجه المتعددة للقدرات الأمريكية وإمكانية إعادة نشر وتموضع القوات بشكلٍ سريع”.
وقال قائد القيادة المركزية إريك كوريلا، إن “سلوك القوات الروسيّة غير الآمن وانتهاكها المنتظم لتدابير عدم الاشتباك المتوافق عليها يزيد من خطر التصعيد أو سوء التقدير”.
وجاء ذلك بعد حادث سقوط حوامة أمريكيّة الأحد 11/6/2023، وأعلنت القيادة المركزية الأمريكيّة، فجر الثلاثاء 13/6/2023، إصابة 22 جندياً أمريكيّاً بسقوط حوامة من طراز MH-47 ــ شينوك. وأشار البيان إلى أنّ التحقيق متواصل لمعرفة سبب الحادث، إلا أنّه لم يتم رصد إطلاق نيران معادية، وذكرت نيويورك تايمز الأربعاء أنّ الحوامة كانت تقل وحدة كوماندوس من “قوة دلتا” شديدة السريّة بالجيش.
بالمقابل قالت القوات الروسيّة في سوريا، مساء الجمعة 16/6/2023، إنّها تعرضت “لاستفزاز” من القوات الأمريكيّة في مدينة الرقة، محذرةً من تطورات “مدمرة”. واعتبر نائب رئيس المركز المصالحة الروسي في سوريا، أوليغ غورينوف، إنّ مثل هذه الأعمال لها تأثير مُدمِّر على تطور الوضع، وفق بيان وزارة الدفاع الروسيّة.
وأشار البيان إلى ما وصفه بأعمال “استفزازية” لوحدات من القوات المسلحة الأمريكية في محافظة الرقة، حيث تحركت دوريات التحالف الدولي لمكافحة الإرهاب “عبر مسارات غير متفق عليها ضمن آلية تفادي الصدامات”. وذكر أن الجانب الروسي احتج على دوريات التحالف “. واعتبر مركز المصالحة الروسي ما حصل انتهاكاً لقواعد عدم التضارب من قبل التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة، وأنه يهدد توازن القوى في المنطقة.
وفي 18/6/2023 قام وفد أمريكيّ بزيارة ميدانية إلى بلدة عين عيسى شمال الرقة، وقام بجولةٍ قرب خطوط التماس مع سيطرة جيش الاحتلال التركيّ.
التصعيد لم يكن تغيّراً سياسيّاً، بل المطلوبُ إيجاد متغيّرٍ بالمنطقةِ ضمن توافقِ آستانا برحيلِ القوات الأمريكيّة وإنهاءِ الإدارةِ الذاتيّة، ومرحلة الرسائل تم تجاوزها، وما يحدثُ شمال سوريا هو واجهةُ المسرحِ حيث يظهرُ التركيّ، ولكن كواليسه هي “آستانا” حيث المطبخ الذي وُضعت فيه الخطة! وأردوغان الذي لعب دورَ المشاكس في النادي الأطلسيّ ولم ينضم إلى العقوباتِ الغربيّة على روسيا وفرض الفيتو على انضمام فنلندا والسويد إلى “الناتو”، ليس مستعداً أبداً أن يُغضب الكرملين!
لا يمكن تجاهلُ ارتداداتِ الحربِ في أوكرانيا، فهي رافعةُ إضافيّة للتنسيق الروسيّ التركيّ، مع إضافة عوامل مثل بروز دور الصين ورعايتها المصالحة السعودية الإيرانيّة، واستعادة سوريا مقعدها بالجامعة العربيّة ليكون مؤشر متغيّر سياسيّ، وخطواتٌ لتجاوزِ الرياض الخلافاتِ مع قطر. وكان مشروع “طريق التنمية” قيمة مضافة للمتغيّرِ الإقليميّ الذي يتقاطعُ مع المشروعِ الصينيّ “الحزام والطريق”.
وفق هذه المعطيات استدركت واشنطن المتغيراتِ الإقليميّةِ وحالةِ الانكفاء، بتعزيزِ وجودها العسكريّ بطائرات إف ــ 22 ومنظومة الصواريخ هيمارس، وتشكيل “جيش سوريا الحرة”، ومحاولة التوسّع بهذا الإطارِ جغرافيّاً لربطِ الجنوبِ بشمال وشرق سوريا!

رسالة أنقرة للداخل قبل الخارج
لعلَّ الرسالة التي أرادت أنقرة توجيهها كان إلى الداخلِ التركيّ قبل الخارج وذلك بعد الانتخاباتِ، فقد كانت مسألةُ الأمن القوميّ التركيّ إحدى مفرداتِ حملة أردوغان الانتخابيّة، وهو يريد أن يقولَ لناخبيه أنّه يفي بتعهداته لهم، في ظلِّ وضع اقتصاديّ صعبٍ مع إعادة صياغة مواقف تركيا الخارجيّة والرغبة العارمة للانفتاحِ الاقتصاديّ والحاجة لفتحِ المعابر وطرق الترانزيت عبر سوريا والوصول إلى الخليج، ولذلك؛ فإنّ حديثَ بوغدانوف عن خريطة تطبيع جاهزة أقرب للمنطق، وبخاصةٍ مع تعزيزاتٍ عسكريّةٍ كبيرةٍ للجيشِ السوريّ في ريف حلب الشماليّ استعداداً لمرحلةِ فتحِ معبر السلامةِ!
الأزمة السوريّة وقضية اللاجئين كانت حاضرة في خطابِ التنافسِ الانتخابيّ واستمرت ما بعدها، وكلُّ تفاصيلِ الانتخاباتِ تنعكسُ اليوم، ولذلك تتضمنُ خطة التطبيع إعادة اللاجئين ولكنها لا تتقدمُ على فتح المعابر، واستهدافُ الكردِ في جزئيّةٍ منه له صلةٌ بفشل الكرد في تركيا في معركة الانتخابات، ولذلك ستواصل أنقرة تصدير أزمتها عبر الحدود!
المتغيراتُ التي أجراها أردوغان على الحكومةِ كانت مقدمةً واضحةً، وبخاصة بنقل هاكان فيدان وهو “صندوقه الأسود” من الاستخباراتِ إلى وزارة الخارجيّة، يؤكدُ مجدداً أنّ سياسةَ تركيا في سوريا ومسارِ التصالحِ أساسه أمنيّ والهدف هم الكرد.
يمكنُ تفسيرُ التصعيدِ بشكلٍ معاكسٍ تماماً، بأنّ أنقرة أرادت أن تقولَ للاجتماع إنّها تنفذ ما اُتفق عليه! وبذلك يكونُ الاجتماعُ تحصيلَ حاصل، وجزئيّة في مسارٍ سياسيّ تقوده موسكو، والتي كان صمتها لافتاً بعد استهدافِ عربة مدرعة ومقتل أحد جنودها وإصابة ثلاثة آخرين! والدليلُ تصريحُ ميخائيل بوغدانوف نائب وزير الخارجية الروسيّ إنّ مسودةَ خريطة التطبيعِ جاهزة!
بفرض أنّ وحدات الحماية أو أيّ جهةٍ كرديّة هي التي قصفت قرب المعبرِ الحدوديّ، فالسؤالُ العريضُ الذي يجب طرحه، كيف تمَّ القصفُ في جغرافيا يتعددُ فيها الوجودُ العسكريّ (روسيّ وإيرانيّ وسوريّ)؟ كيف يمكنُ لمنطقةٍ يحضر فيها حليفان لأنقرة (روسيا وإيران) أن تكونَ مصدرَ خطرٍ على الأمن القوميّ التركيّ؟! والسؤال يتعلقُ بمهمةِ هذا الوجود وفائدته!
بعد اجتماع آستانا أرسلت الدولة التركيّة المحتلة، مساء الأربعاء 21/6/2023، رتلاً عسكرياًّ ضم أكثر من عشر آليات عسكريّة ولوجستيّة ومدرعات دخل عبر معبر كفر لوسين الحدوديّ إلى الأراضي السوريّة، واتجهت الآليات إلى النقاط التركيّة في جبل الزاوية بالقرب من طريق M4 جنوبي إدلب.
ويزيد عدد القواعد والنقاط العسكريّة التركيّة المنتشرة على جبهات إدلب الشرقيّة والجنوبيّة وصولاً إلى ريف حماة، عن 23 نقطة وقاعدة في مواقع تشرف على طريقي m4 والـ m5 الاستراتيجيين.
تصعيدٌ مُتعدد المستوياتِ
ذكرت وكالة نورث برس أنّ سوريا شهدت في النصف الأول من حزيران الجاري تصعيداً على كافة المستويات وارتفعت حصيلة انتهاكات حقوق الإنسان بنسبة 26%، وارتفعت حصيلة الضحايا المدنيين بنسبة 19%، كما تصاعدت حدةُ التصعيد بين أطراف النزاع بنسبة 109% وذلك بالاعتماد على الزيادة الحاصلة في حصيلة الهجمات بين أطراف النزاع، وارتفعت نسبة نشاط مرتزقة “داعش” بمقدار 66%، بمقارنتها مع الفترة الزمنيّة ذاتها من أيار الماضي.
وتمَّ توثيق مقتل وإصابة 268 شخصاً، منهم 163مدنيّاً، قضى 66 شخصاً بينهم ستة أطفال وست نساء، كما أصيب 97 آخرين بينهم 13 طفل وثمانية نساء، معظم الأشخاص قُتلوا وأصيبوا بطرق خارج نطاق القانون وعلى يد مجهولين وعسكريين ينتمون لأحد أطراف النزاع، بسبب غياب الرقابة وزيادة الفلتان الأمني وإمكانية الإفلات من العقاب.
فيما تم توثيق أنّ 15 شخصاً قضوا وأصيبوا بسبب مُخلّفات الحرب المنتشرة، وفقد ستة أشخاص حياتهم وهم رجلان وطفلان وعسكريان، وأصيب تسعة بينهم رجل واحد وأربعة أطفال وامرأة واحدة، وثلاثة عسكريين.
بلغ عدد ضحايا نشاط مرتزقة “داعش” في سوريا, 24 شخصاً قضى منهم 19 شخصاً، وأصيب خمسة آخرين، من خلال استهدافهم بشكلٍ مباشر أو عن طريق زرع الألغام. ونفذ المرتزقة خمس هجمات، تبنّى منها اثنين وقضى فيها 16 شخصاً وأصيب ثلاثة آخرون، وتوزعت الهجمات على النحو التالي: اثنتان في دير الزور، واحدة في كلّ من حمص والحسكة والرقة، واستهدف في اثنتين منها المدنيين واثنتان قوات سوريا الديمقراطيّة وأخرى ضد فصائل موالية لإيران.
المفارقة تكمن في أسلوب تناول الإعلام الرسميّ للعمليات التي ينفذها مرتزقة “داعش” ضد مقاتلي قوات سوريا الديمقراطية أو العاملين في المؤسسات التابعة للإدارة الذاتيّة في شمال وشرق سوريا، إذ تُنسب مجمل هذه العمليات إلى مجهولين، رغم أنّ القاصي والداني يدرك الجهة المنفذة وفقاً لطبيعةِ الهجمات، حتى أن بعد يصدر مرتزقة “داعش” بياناً عبر معرفاتهم تفيدُ بتبنّي تلك العمليات. بل سبق أنّ نُسبت عمليات إلى ما سُمّي “المقاومة الشعبيّة”، في وقت يكونُ مرتزقة “داعش” قد تبناه فعليّاً، والسبب في ذلك كي تبدو تلك العملياتُ تجسيداً لحالةِ رفضٍ شعبيّ، وأنّهم مستحقون للقتلِ، فيما لا يستقيمُ ذلك الوصف إذا كانتِ الجهةُ المنفذة هي مرتزقة “داعش”.