قامشلو/ دعاء يوسف –
نحتت على الخشب حلمها، ومع كل قطعة خشب تتبلور مشكلة المجسم الذي تسعى إليه الفنانة الشابة هيفين حسو، تجد أنها تقترب من تحقيق حلمها خطوة تلو الأخرى، في محاولةٍ منها لإعادة إحياء التراث الشعبي، والفلكلوري القديم من خلال ما تصنع من مجسمات تراثية.
شابة في مُقتبل العمر نسجت بأناملها الصغيرة حلمها، وسعت جاهدةً في سبيل تحقيقه، بلغت من العمر 16 عاماً لترسم من الحلم حقيقة، هيفين فريد حسو برعت في مجال عمل المجسمات التراثية من الخشب العبِق بالقِدم والتراث، فتمكنت من تحويل قطع الخشب العادية إلى منحوتات بأشكال قلاع شهيرة، وأدوات موسيقية، وحيوانات، وغيرها، وطوّرت كذلك أفكار النحت الكلاسيكية إلى أخرى تحمل عراقة الماضي وجمال الحاضر.
ولادة الشغف من الصِغر
عاشت هيفين في كنف أسرة تحب الفنّ، وتعشق التحف القديمة، فقد نشأت وهي تراقب ريشة والدها التي تشق طريقها على اللوحات البيضاء راسمةً أبهى الصور، وعندما رأى والدها ولعها في الرسم، بدأ بتعليمها الأمور الأساسية والبسيطة، فرسمت أول لوحة لها في السابعة من عمرها.
تطورت موهبة هيفين مع كل لوحة، فبدأت بصنع المجسمات الفلكلورية، ووجدت نفسها عاشقة لعبق الماضي الذي يفوح من قطع الخشب، وتعمقت في أغواره وجواهره، في محاولةٍ منها لإحياء التراث القديم.
وخلال لقاء لنا مع الفنانة هيفين فريد حسو، حدثتنا عن تبلور فكرة المجسمات الخشبية الصغيرة التي تصنها، وسبب حبها للمجسمات التراثية: “كان الأمر منذ البداية هو حبي للموروث الشعبي، وحياة الماضي القديم، فقد عشت وسمعت الكثير عن الماضي من قِبل الأهل والأقارب، ومن أجل ذلك أحببت أن أجد خيط يربط التراث القديم والماضي العريق الذي ما زال الكثير منا في وقتنا الحاضر يحافظون على العديد من جمالياته، بالوقت الحاضر، فمع التطور نسي الناس جمال البساطة، ورائحة القِدم”.
وتلقّت هيفين الدعم الأكبر من والدها، ومع ازدياد معجبي ما تصنع زادت الرغبة لديها، ورأت أن الحلم يتحقق، تقول: “عندما أساعد والدي في المحل، أشعر بالسعادة فمع جمال العمل ننسى مرور الوقت، وتتملكني الرغبة في صنع المزيد مع كل حِرفة تُلاقي إعجاب الزبائن”.
وعن الصعوبات التي تواجهها؛ قالت: “لا أجد أيّة صعوبة في صنع المُجسّمات بقدر ما يصيبني الإجهاد في استحضار شكلها ولاسيما صعوبة النحت على الخشب وتشكيله، ويأتي التنفيذ فيما بعد وأنتهي منه بكل سهولة، وقد يستغرق وقتاً طويلاً، لإعداد مجسّم صغير”.
التراث لا يُقدّر بمال
وحول المردود المالي تؤكد هيفين: “الغاية من هذه المجسمات ليست فقط للبيع، وإنما لدي الكثير منها في المنزل والمحل الذي يديره والدي، حيث كل من يزور المكان سيشم رائحة عبق الماضي من خلال كل ما يتعلق بحياة الأجداد والآباء في الماضي وعملي في مجال مجسمات تراثية لم يأتِ بحثاً عن مردود مالي، بل هي هواية أعشقها منذ فترة كما أنها تُفيد الآخرين”.
وزادت هيفين: “أما بالنسبة للجهد اليدوي المبذول فهو لا يُقدّر بثمن، وإذا حاولنا وضع أسعار لتتناسب مع ما نبذله من جهد، فلا شك أن انتشار منتجاتنا التراثية سيصبح أمراً صعباً”.
كما نوهت هيفين أن التراث لا يُقدّر بثمن، وأن ما تصنع رغم صعوبة العمل فيه، والجهد المبذول، يلامس الجمال ويحرك الذكريات في قلب المشاهد: “في بعض الأحيان تكون مجسمات بسيطة لبئر ماء أو أداة موسيقية إلا أنها تحمل في داخلها الكثير من المعاني والحكايات التي يستذكرها من شاهده”.
