ميلاد حزب العمال الكردستاني … ميلاد المرأة

هيفيدار خالد_

 قبل أيام استقبلنا الذكرى السنوية الـ 45 لميلاد حزبنا، حزب العمال الكردستاني، الحزب الذي حرر الشعب الكردي من الموت، وبعث فيه روح الحياة من جديد، بعد أن تعرض لمعاناة كبيرة وآلام عميقة على يد سلاطين، وحكام وطِئوا أرضه، وأساؤوا إلى أهله ودياره، لتكون ولادة الحزب، الذي فتح عيون الكرد على حياة جديدة ومرحلة جديدة.

 اتّخذ حزب العمال الكردستاني منذ بداية تأسيسه على يد شبانٍ كرد، يؤمنون بالقضية الكردية وكردستان، بقيادة القائد آبو، من تحرير المرأة وانخراطها في النضال الثوري منهجاً وأساساً له. وفتح الطريق أمامها للكفاح من أجل قضيتها وقضية شعبها المظلوم، والمحروم من حقوقه القومية والسياسية والثقافية، ومع مرور الوقت، وتوسيع دائرة نضال كوادر الحزب الطليعيين في أجزاء كردستان الأربعة، وخارج الوطن أيضاً، لعب حزب العمال الكردستاني بقيادة المرأة الكردية دوراً محورياً بين صفوف الشعب الكردي في أجزاء كردستان، بدءاً من شمال كردستان إلى جنوب كردستان، وشرق كردستان، وروج آفا.

التفّ الشعب الكردي حول كوادر الحزب، وانخرطوا في النضال إلى جانبهم، وضحوا بأولادهم وأرواحهم خدمة لتصعيد النضال الحزبي بين الجماهير في المنطقة، إذ إنهم رأوا في هذا الحزب وقائده طريقَ خلاصهم من الظلم والحرمان، الذي تعرضوا له منذ آلاف السنين، وكذلك المرأة الكردية رأت في الحزب المُنقِذَ الوحيد، الذي يمكن من خلاله تحقيق حريتها في المجتمع واستعادة حقوقها، فانخرطت في مجالات النضال الحزبي، وتمكّنت من لعب دورٍ فعّال وكبير بين الجماهير، التي آمنت بفكر الحزب وفلسفته في الحياة الحرة، وخلال فترةٍ قصيرة جداً توجَّهت أفواج كبيرة من الفتيات الكرديات، ومن مختلف الأعمار إلى الجبال، التي خلقت حياة مليئة بالعشق هناك، وانضمت إلى نضال الحرية ومسيرة الخلاص، وحملن السلاح ونظمن أنفسهن من جديد، وأصبحن قوة منظمة وصاحبات دور فعّال، حيث كسرن الصورة النمطية للمرأة في المجتمع، وغيَّرن الأفكار والمفاهيم الرجعية التي كان سائدة آنذاك، وهي أنّى للمرأة حمل السلاح وخوض القتال ضد العدو؟ ليتشكل بعد ذلك جيش خاص بهن لحماية أنفسهن وتعزيز دورهن، ومن ثم تشكيل حزب خاص بهن والعديد من التنظيميات الأخرى، التي مهدت الطريق لنقل حقيقة النضال الذي يخضنه بأساليب وطرق جديدة، إلى جميع نساء العالم.

  وما شعار “المرأة، الحياة، الحرية” الذي يردد اليوم في أصقاع العالم تضامناً مع ثورة الشابة الكردية جينا أميني، التي قتلت على يد السلطات الأمنية في إيران، إلا نتاج فكر وفلسفة حزب العمال الكردستاني وقائده آبو، بعد أن خاضت المرأة الكردية نضالاً مريراً من أجل حياة حرة تسودها العدالة، وبذلت جهوداً جبارة لتغيير الذهنية الذكورية في المجتمع، وحققت إنجازات ومكتسبات حقيقية بفضل تضحيات المئات من الرفيقات الشهيدات، اللواتي قدمن الغالي والنفيس من أجل أن تبقى راية حرية المرأة مرفوعة عالياً في سماء الوطن، وأن تعيش النساء بأمن وأمان، وبفضل نضال حزب العمال وفكره، الذي لاقى ترحيباً كبيراً من قبل فئات المجتمع كباره وصغاره شيوخه ونسائه، مزَّقت النساء الكرديات ستار الخوف في كردستان، وفتحن الأبواب المؤصدة أمامه، ليتحوّل الحزب إلى حزب المرأة وميلاده إلى ميلادها، أي ميلاد الإنسانية المتعطشة للحب والسلام والحياة الكريمة والحرية الأبدية، فكان ميلاد الشعب الذي مزّق كفن الموت، وانبعث بالحياة من جديد، ميلاد الأطفال الأبرياء والأمهات الثكالى… لتغدو ذكرى ميلاده كل عام يوماً للنضال والمقاومة ضد الظلم والطغيان.