يعدّ التمكين الاقتصادي للمرأة من الركائز الأساسية للحد من العنف الممارس ضدها، الأمر الذي دفع المجتمع المدني إلى التفكير بآليات تساعد المرأة على إيجاد عمل يحمي كرامتها من الانتهاكات.
عندما تتوفر الاستقلالية المالية للمرأة، وتكون قادرة على تغطية نفقاتها، تستطيع حفظ كرامتها وتجنب العنف المسلط ضدها، سواء من قبل الزوج، أو الأب، أو الأخ، والتمكين الاقتصادي هو المحور، الذي تعمل عليه حالياً وزارة المرأة، والمجتمع المدني المهتم بالشأن النسائي.
قالت رئيسة جمعية صوت المرأة بمدينة المهدية “آمنة سوسي” إن: “التمكين الاقتصادي حلقة مهمة للحد من العنف المسلط ضد المرأة، وهذا عن تجربة، ولدينا في مدينة المهدية مركز لإيواء ضحايا العنف، نقوم فيه إلى تأمين مكان آمن للمعنّفات، ونقف إلى جانبهن، ونتابع قضاياهن”.
افتتاح ورشات للتمكين الاقتصادي للمرأة
وأضافت: “أنشأنا ورشة للتمكين الاقتصادي للمرأة التي تقع ضحية العنف، لأننا لاحظنا أن المرأة عندما تصبح قادرة على توفير مصدر رزقها لا تعود إلى معنِّفها”.
مشيرةً إلى أنه: “يجب أن يكون للمرأة المعنفة القدرة على مواجهة الصعوبات، التي سوف تواجهها، وأنها لا تستطيع الحصول على نفقتها، فتجد نفسها ضائعة، هي وأطفالها فتعود إلى معنفها”.
وبخصوص ورشة التمكين الاقتصادي تقول: “هذه الورشة تهتم بتدريب النساء في إحدى الاختصاصات مثل إعداد الحلويات، حتى يتمكنَّ من بيع المنتج، ونحرص في البداية على مساعدتهن في عملية الترويج؛ حتى يصبحن معروفات وقادرات على تغطية مصاريفهن”.
وأكدت آمنة، أن الورشة ساعدت العديد من المعنفات على إنشاء مشاريع، واستطعن الخروج من أزماتهن مع الإشارة إلى أن الجمعية، تقوم أيضاً بالمعالجة النفسية، والاجتماعية للنساء المعنفات حتى يخرجن من هذه الظاهرة.
وبدورها ذكرت رئيسة جمعية نساء من أجل المواطنة والتنمية، “هنية عشي” أن ظاهرة العنف ضد المرأة تتفاقم، وتستشري في ظل تواجد عدد كبير من القوانين، والتشريعات، رغم جهود العديد من المنظمات.
توفير الاستقلالية المالية
وأضافت: “من بين الحلول، التي نعمل عليها للتمكين الاقتصادي للمرأة، استجابةً لاحتياجات المرأة المعنفة، لأنه كلما توفرت لديها الاستقلالية المالية، وكان لديها مشروع صغير، تديره، تشعر بأن كرامتها محفوظة، وبأنها قادرة على أن تدافع عن نفسها”.
وأوضحت أن: “الكثير من النساء واعيات بحقوقهن، وعالمات بطريقة الحد من العنف المسلط ضدهن، لكنهن لا يستطعن القيام بذلك؛ بسبب الحاجة للمال، كما أنه عندما يتوفر المال للمرأة المعنفة، يمكنها التوجه إلى الهياكل، التي تدافع عنها والقدرة على التنقل إلى أبعد نقطة، وبالتالي يمكنها الحصول على حقها”.
وأشارت هنية إلى أنه من الممكن، أن تتعرض المرأة إلى أزمات اقتصادية كبيرة تؤثر على عملها وعلى حياتها الاقتصادية بالدرجة الأولى، مثل: أزمة جائحة كورونا، والأزمة المناخية، ولكن التمكين الاقتصادي للمرأة يعد من الأمور الأساسية، التي تساعد النساء على أن يدافعن عن حقوقهن وتجاوز هذه الأزمات.
وفيما يتعلق بدور الجمعية في هذا المجال، أوضحت: “عملنا كثيراً على دعم حقوق المرأة بمختلف الفئات، والشرائح، وساعدنا النساء على إنشاء مشاريع خاصة، من خلال التوجيه وتوفير المعدات، وبذلك تتمكن المرأة من تحسين ظروفها المعيشية، والحد من العنف داخل الأسرة”.
العنف أساسه الموروث الثقافي
ومن جانبها قالت عضوة في جمعية النساء الديمقراطيات، “منية قادري” إنه: “هناك ارتفاع في نسبة العنف ضد المرأة مقارنةً بالعام الماضي، وهو ما كشفته الأرقام، التي أصدرتها وزارة الأسرة والمرأة والطفولة وكبار السن، في تونس، في تقريرها السنوي لعام 2021، وبالتالي مازال هناك الكثير من العمل خاصةً في مجال الوقاية، باعتبار أن العنف أساسه الموروث الثقافي”.
وأضافت: “لاحظنا خلال هذه المدة، تزايد ظاهرة قتل النساء، وهو العنف الأقصى الذي يمارس عليهن، والتمكين الاقتصادي يمكن أن يساهم في الحد من العنف ضدهن، باعتباره حلقة من الحلقات الأساسية، أي عندما نمكن المرأة اقتصادياً نمنحها الاستقلالية المالية الغائبة عند الكثير من النساء”.
وذكرت منية، أن وزارة المرأة تسعى من خلال برنامج “رائدات” إلى توفير التمكين الاقتصادي للمرأة، لأنه كلما كانت المرأة هشة اقتصادياً، كانت أكثر عرضة للعنف، ولا تستطيع الخروج من دائرة العنف.
