قنبلة الهول الموقوتة هل اقترب موعد انفجارها؟ 

فرهاد أحمي_

حذرت إدارة مخيم روج في ديريك (المالكية) أقصى الشمال الشرقي من سوريا والذي يضم نساء “عناصر تنظيم الدولة الإسلامية” من الجنسيات الأجنبية، من مغبة أي هجوم تركي على المنطقة في ظل التهديدات التركية المستمرة بإطلاق عملية عسكرية جديدة في المنطقة ضد قوات سوريا الديمقراطية والإدارة الذاتية.

ومنذ أيار من العام الجاري يطلق الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ومسؤولو حكومته التهديدات بشن عملية عسكرية جديدة في شمال وشرق سوريا تستهدف منبج وتل رفعت بريف حلب على وجه الخصوص.

وقالت إدارة المخيم في بيان يوم السبت (20 آب الجاري) أن أي هجوم تركي على المنطقة، سيساعد “عناصر تنظيم الدولة الإسلامية” على إعادة تنظيم صفوفهم، كما سيضعف الرقابة على مخيم الهول وروج اللذان يضمان أفراد أسر “التنظيم”، وسيتسبب بحدوث حالات هروب من داخل المخيمين في ظل انشغال قوات سوريا الديمقراطية بالتعامل مع الهجمات التركية.

وسبق لقوات سوريا الديمقراطية أن أكدت بأنه في حال تعرض المنطقة لهجوم تركي، فأنها ستتوجه لحماية الحدود من الهجمات، وهذا ما من شأنه أن يضعف الرقابة على مخيمي الهول وروج.

وخلال عملية “نبع السلام” التي أطلقتها تركيا في المنطقة الممتدة من مدينة سري كانيه في ريف الحسكة وحتى تل أبيض في ريف الرقة، في تشرين الأول من عام 2019، هرب نحو 785 شخصاً يتبعون المقاتلين الأجانب في (تنظيم الدولة الإسلامية “داعش”) من مخيم بلدة عين عيسى الذي تعرض لهجوم من فصائل الجيش الوطني الموالي لتركيا.

ويضُمّ مخيّم الهول 45 كيلومتر شرقي الحسكة، بحسب آخر الإحصائيات الرسمية، نحو55200 شخصاً، بينهم نحو 28100 من حاملي الجنسية العراقية، ونحو 18846 نازحاً سورياً، و8254 من الجنسيات الأجنبية.

وأسس المخيم أساساً لاستقبال اللاجئين العراقيين بعد حرب الخليج عام 1991 وأعيد تفعيله مرة أخرى إبّان التدخّل الأمريكي في العراق عام 2003، ومع انتزاع السيطرة على الهول في خريف عام 2015 من قبل قوات سوريا الديمقراطية تم افتتاح المخيم مجدداً، واعتباراً من ربيع عام 2019 تم نقل عائلات (عناصر تنظيم الدولة الإسلامية) إليه مع سقوط آخر معاقله في بلدة الباغوز بريف دير الزور.

ويقسم مخيم الهول إلى تسعة قطاعات “فيّز”، ولكن يبقى أخطرها القطاع الذي يطلق عليه اسم المهاجرات، نظراً لتواجد نساء مرتزقة (عناصر التنظيم) من الجنسيات الأجنبية والعربية فيه باستثناء العراقية، وقاطنات هذا القطاع يحملن الجنسيات الروسية، التركية، الأوزبكية، الفرنسية، البلجيكية، التونسية، الليبية، إلى جانب جنسيات شرق آسيوية.

ويبلغ تعداد عائلات من يطلق عليهن المهاجرات 2778 عائلة تضم 9544 فرداً يعيشون في مساحة ألفي متر مربع محاط بسور من المعدن لفصله عن بقية أقسام المخيم، وتتوزع نقاط قوات الأمن الداخلي على طوله. كما خُصِّص قطاعين لعائلات مرتزقة (عناصر التنظيم) التي تحمل الجنسيتين السورية والعراقية، أما بقية القطاعات فهي مخصصة للنازحين السوريين واللاجئين العراقيين.

وينظر إلى مخيم الهول على أنه أخطر مخيم في العالم ويعتبره الخبراء قنبلة موقوتة جاهزة للانفجار في أي لحظة، خصوصاً مع تزايد حالات الاغتيال فيه على يد خلايا مرتزقة (تنظيم الدولة الإسلامية)، إذ قتل منذ بداية العام الجاري ما يزيد عن 30 شخصاً في المخيم وأصيب أكثر من 14 آخرين، على أيدي خلايا التنظيم.

وعمدت نساء (عناصر التنظيم) في قسم المهاجرات على تنظيم أنفسهن، عبر إنشاء “الحسبة” و”محكمة شرعية” إلى جانب افتتاح دورات شرعية وتدريب أطفال عناصر التنظيم على منهجه.

هذا الخزان البشري في المخيم يوفر للمرتزقة (التنظيم) العناصر المدربة في حال إخراج أفراد عوائل و(عناصر التنظيم) المتوارين فيه، وسيسمح لهم بالسيطرة الجغرافية مجدداً. ويذكر الهجوم الذي تعرض له سجن الصناعة في حي الغويران بمدينة الحسكة في كانون الثاني من العام الجاري، بالخطر الذي تشكله المعتقلات والمخيمات التي تضم عناصر التنظيم.

ويبلغ تعداد مرتزقة (التنظيم السوريين المعتقلين) لدى قوات سوريا الديمقراطية 12 ألف، برفقة خمسة آلاف مقاتل من العراق وألفي مقاتل أجنبي ينحدرون من 55 دولة أجنبية، يتواجدون في 16 سجن موزعين في مدن شمال شرق سوريا بعضها كانت سجون سابقة للنظام السوري مثل سجن غويران في مدينة الحسكة وبعضها الآخر مدارس تفتقر إلى البنية التحتية ووسائل الحماية وهذا ما يجعل منها أهدافاً سهلة للتنظيم.

ومع تضاءل الاهتمام بهذا المخيم، والتقصير في تقديم الخدمات للقاطنين، إلى جانب الاغتيالات التي تُنفذ فيه، تزداد فرص الانضمام إلى التنظيم في ظل تقديم وصول حوالات مالية إلى نساء مرتزقة (عناصر التنظيم) من الخارج، وهذا ما يفتح الطريق أمام حالات عصيان يمكن أن يشهدها المخيم، في حال حصول هجوم تركي.

ورغم أن العديد من المنظمات كانت تعمل في هذا المخيم ووصل تعدادها قبل عملية نبع السلام التي نفذتها تركيا في تشرين الأول/أكتوبر 2019، إلى حوالي 36 منظمة، ولكن الخدمات التي قدمتها هذه المنظمات كانت إغاثية وطبية فقط، إذ لم تركز أي منظمة على الجانب التوعوي، وهذا ما يجعل من المخيم قنبلة موقوتة قابلة للانفجار في أية لحظة.

ويشكل الأطفال خطراً كبيراً في المستقبل سواء ظلوا في المخيم أو في حال عودتهم إلى بلدانهم الأصلية، خصوصاً أن العديد منهم باتوا في سن الخامسة عشرة ويحملون ذهنية المرتزقة (التنظيم) وبقائهم محتجزين في المخيم زاد الحقد والكراهية في نفوسهم. إنهم قنابل موقوتة بالفعل.

وما يزيد من خطر المخيم، هو أن الحاضنة الاجتماعية في منطقة المخيم، موالية للمرتزقة (للتنظيم)، رغم مرور 4 سنوات على القضاء عليه جغرافياً، إذ تكثر محاولات تهريب أفراد عائلات المرتزقة (التنظيم) من المخيم، بمساعدة سكان المنطقة، وهذا ما يجعل من المخيم هدفاً سهلاً لهجمات التنظيم فيما لو سحبت قوات سوريا الديمقراطية قواتها التي تحرس المخيم ومحيطه.فراد ع

وكان يتواجد في مخيم الهول حتى عام 2020 ما يزيد عن 65 ألف شخص، ولكن اعتباراً من 10 تشرين الأول عام 2020 اتخذت الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا قراراً بإخراج السوريين الراغبين من المخيم, وفق نظام الكفالة، حيث تتكفل عشائر المنطقة بالخارجين.

ومنذ ذلك الحين وحتى منتصف آب الجاري، سيّرت الإدارة الذاتية، 50 رحلة من مخيم الهول ضمت “أسراً من دير الزور والرقة والطبقة ومنبج. كما تم إخراج 16 رحلة من العراقيين بالتعاون مع الجانب العراقي كان آخرها في الـ 12 من آب الجاري، وضمت 150 عائلة بلغ عدد أفرادها 620 فرداً، حيث يتم نقلهم إلى مخيم الجدعة جنوب الموصل في محافظة نينوى.