جل آغا/ أمل محمد –
تعد ظاهرة العنف ضدَّ المرأة من أقدم الظواهر، التي شهدتها البشرية، والتي تقوم على أساس إلحاق أذى بالمرأة من جوانب عديدة سواء جسدية، أو نفسية، أو جنسية، هي ظاهرة عالمية ليست حكراً على مجتمع معين، أو ثقافة محددة، بل جاءت من استخفاف مجمع ذكوري، ونظم لمكانة المرأة، وللتقليل من شأنها.
ظاهرة التعصب الجنسي
يُعرف العنف ضد المرأة، بأنه سلوك غير سوي، يُمارس عليها، يقوم على أساس التعصب الجنسي، وإلحاق الأذى بها جسدياً ونفسياً، وجنسياً، ويُعدُّ العنف ضد النساء سلوكاً غير مقبول، ومرفوض من المجتمعات كافة، وبالرغم من سن القوانين، والعقوبات ضد أي مرتكب لأي نوع من العنف ضد المرأة، إلا أن إمكانية القول: لا يمكن التخلص نهائيا من هذه الظاهرة المتردية، فإننا نجد أن هذه الظاهرة تظهر بنسب متفاوتة في المجتمعات والأنظمة الشمولية، وهذا يؤثر على طبيعة المرأة بوجه عام.
الأسرة والمحيط اللذان تنشأ فيهما المرأة، هما المسؤولان عن ممارسة العنف تجاهها، غالباً ما يكون الشخص الذي يُمارس العنف ضد المرأة من محيطها القريب، ومن أهم الأسباب التي تؤدي إلى تفاقم العنف ضد النساء، خوفها من المواجهة ورد العنف، أو إبلاغ الجهات المعنية عن الشخص، الذي قام بتعنيفها، والذي ما يكون غالباً من أفراد الأسرة، بالإضافة إلى بعض المعايير المجتمعية، التي تُعطي الرجل بعض الامتيازات، وترفع قدره فوق قدر المرأة.
أشكال العنف ضد المرأة
أشكال العنف عديدة، ولا تقتصر على العنف الجسدي فقط، والذي يقوم على إلحاق الأذى بالمرأة من خلال تعرضها للضرب، والذي يعد من أكثر أنواع العنف انتشاراً في العالم، وأكثرها خطورة، لأنه يؤدي في الكثير من الأحيان إلى فقدان الحياة، فهناك العنف النفسي، الذي يعد من أقسى أنواع العنف، ويقوم على تقليل شأن المرأة، وما يترتب على ذلك من أمور تضعف ثقة المرأة بنفسها، ويكون العنف الجنسي أحد أشكال العنف الذي تعاني منه المرأة، والذي يشمل الاغتصاب والاعتداء، وهناك العنف الاقتصادي، والذي يحرم الفتاة من حقوقها في التحكم بالمادة المخصصة لها، من الميراث الواجب لها شرعا.
نسبة العنف ضد المرأة
تُشير الدراسات التي أجرتها منظمة الصحة العالمية، أن واحدة من كل ثلاث نساء (30%) تتعرض للعنف الجسدي والجنسي للعشير، والشريك.
فشمال وشرق سوريا كانت تُعاني من نسبة العنف العالية قبل ثورة روج آفا؛ بسبب تسلط المجتمع الذكوري، ولكن نتيجة سن القوانين وبعض الأنظمة، انخفضت هذه النسبة بشكل ملحوظ، وجاءت هذه النتائج الملموسة نتيجة الوعي، الذي انتشر في المنطقة بعد ثورة 19 تموز، والتي عرفت المرأة مكانتها، وكيفية حماية نفسها، وبوجود مؤسسات مثل مؤتمر ستار، تمكنت النساء من التخلص من حالة الخوف، التي كانت تُلازمهنَّ، واستطعنَّ مواجهة الواقع والوقف في وجه مخاوفهنَّ، ويأتي هذا نتيجة العمل الدؤوب للعاملات في المؤسسات المعنية بالمرأة، وعلى الرغم من هذه النتائج، ونتيجة السلطوية الذكورية المنتشرة في المجتمع العشائري، التي تُعرف به المنطقة، لا تزال النساء تتعرض للعنف بأشكاله، ولا يزال العمل قائماً للوصول للنتائج المرجوة.
هذا وحددت الجمعية العامة للأمم المتحدة حملة سنوية، تبدأ يوم 25 نوفمبر لغاية 16 من الشعر نفسه، للقضاء على العنف ضد المرأة، والهدف هو رفع الوعي للمشاكل، التي تتعرض لها النساء في أرجاء العالم، وللفت النظر لهذه الظاهرة، التي تُعاني منها المجتمعات كافة، في الوصول لعالم مثالي يخلو من العنف الموجه ضد المرأة.
