No Result
View All Result
المشاهدات 0
رجائي فايد _
للاستفادة من موقع إيران في الحرب العالمية الثانية، وحرمان قوات المحور (ألمانيا النازية) من ذلك، قامت قوات الحلفاء (الاتحاد السوفييتي وبريطانيا) باحتلال إيران، وبذلك تم تأمين حقول النفط الإيرانية، وضمان الإمداد الآمن، والمستمر لتموين القوات السوفييتية، والبريطانية المشاركة في الحرب.
وبالرغم من إعلان شاه إيران (رضا بهلوي) وقوفه على الحياد في تلك الحرب، إلا أن الحلفاء لم يكونوا على ثقة من إعلانه هذا، وهذا ما أدى بالاتحاد السوفييتي والبريطاني إلى خلعه من على عرش الطاووس، وتنصيب ابنه (محمد رضا بهلوي) مكانه.
وخلال فترة ثلاث السنوات، التي تم فيها احتلال إيران، نشط (جوزيف ستالين) من أجل زيادة النفوذ السوفييتي الشيوعي في المناطق ذات الأغلبية الكردية، والأذرية بشمال غرب إيران، وبالفعل نجح في تأسيس (حزب تودة)، وهو أول حزب شيوعي تشهده الأراضي الإيرانية، وفي الوقت نفسه عمل على تشجيع الحركات الكردية والأذرية، بل وأمر الجيش الأحمر بالمشاركة مع تلك الجماعات؛ للقتال لإبطال محاولات القوات الإيرانية استعادة سيطرتها على شمال غرب إيران، وتمكن من وأد المحاولات الإيرانية من خلال معارك عنيفة.
لذلك كان المناخ مهيئاً للإعلان عن قيام (الجمهورية الكردية الشعبية)، أو (كردستان الإيرانية) أو(جمهورية مهاباد) بزعامة (قاضي محمد)، وهو رجل دين إسلامي، لكنه يتزعم جمهورية وليدة تعيش في كنف الاتحاد السوفييتي الشيوعي، ولأن الاحتلال السوفييتي لإيران، كان لابد أن يكون له نهاية، فقد انتهت الحرب العالمية الثانية، وبالتالي أصبحت مسألة احتلال إيران غير ذات جدوى، ولكن بسبب خطورة الأوضاع في شمال إيران على الأمن القومي السوفييتي، كان لابد أن يسبق الجلاء السوفييتي تنازلات إيرانية؛ لضمان الأمن السوفييتي، وكذلك ضمان إمدادات ثابتة من الوقود، وعندما تم الاتفاق مع إيران، وضمن الاتحاد السوفييتي تحقيق مطالبه قامت بالجلاء عن كامل الأراضي الإيرانية، أما عن (جمهورية مهاباد)، فأدار السوفييت لها ظهرهم، وتركوها وقياداتها إلى قمع قوات الشاه، التي تمكنت من إعادة نفوذها، وبسط سيطرتها على شمال البلاد وإسقاط (الحكومات المتشكلة) سواء كانت الكردية، أم الأذرية ليستقبل أعضاؤها المشانق، التي نصبت في الميادين.
أما عن المبادئ التي كان يتغنى بها(ستالين) فهي رفع الغبن عن الشعوب المضطهدة، وضرورة تمتعها بالاستقلال الذي تحلم به، فلا مكان لتلك المبادئ في السياسة لأن السياسة مصالح (والمصالح تتصالح)، ورحم الله سياسي مصري مخضرم، إذ قال: «السياسة نجاسة»، فما الذي دعا (قاضي محمد) وهو رجل دين إسلامي أن يؤسس جمهوريته في ظل الراية الحمراء (المنجل والمطرقة)، وفكرها معادياّ لأي مظهر ديني.
لقد تصور، كما يتصورون حالياّ أن ظروف الحرب العالمية الثانية، وانشغال المتحاربين بتلك الحرب، هو الظرف الملائم لقيام جمهورية كردية، ولو على جزء ضئيل من أراضي كردستان، ليصبح هذا الجزء أشبه ببذرة جنينة تنبت بعد ذلك كردستان الكبرى على كامل الأراضي الكردستانية، ومن أجل تحقيق ذلك الحلم انضم (الملا مصطفى البارزاني)، ومقاتلوه إلى تلك الجمهورية ليتولى مسؤولية الدفاع عنها، لكن الرياح لم تأت بما تشتهي السفن (وهذا ما كان متوقعاّ في عالم السياسة حيث تتغلب وتعلو المصالح على المبادئ)، فقد انهارت تلك الجمهورية، وأصبحت مجرد أيقونة تاريخية، يتغنى بها الشعب الكردي، ونحن لا نلوم (قاضي محمد) على خياره النضالي؛ لأنه ما كان له من خيار سواه، ولكن هناك لمحة سريعة أرجو أن يتفهمها ويستوعبها قادة اليوم، وهي انضمام (الملا مصطفى) إلى الجمهورية الوليدة في مظهر تضامني قومي، حيث تغلب الشعور القومي على أي تناقضات كانت قائمة حينئذ.
أما ما يحدث الآن، فهو عكس ذلك تماماً، حيث تجد التناقضات المفترض، أنها ثانوية تسقط الرابطة القومية، ليصبح وهْم الاستقواء بالأجنبي من الممكن أن يكون ضماناّ للأمن، ومرة أخرى نتذكر مقولة السياسي المصري المخضرم (السياسة نجاسة).
No Result
View All Result