من بين تراكمات الأزمة السورية، حرب من نوع آخر، تجتاح المنطقة 

الشدادي/ حسام دخيل ـ

دق المجتمع ناقوس الخطر، بعد تطفل ظاهرة جديدة على مجتمعنا الشرقي المحافظ، حرب خاصة يؤجج شراراتها بعض الأطراف، يدفع شباب بعمر الزهور إلى شراء ما يذهب عقولهم بأغلى الأثمان.

حيث باتت الحبوب المخدرة، تتفشى بكثرة بين أواسط الشباب، ما ينذر بمعركة شرسة قد يخوضها المجتمع في الأيام القادمة.

ويعدّ ترويج ودسّ المخدرات في المنطقة أحد أهم الحروب الخاصة، التي نواجهها اليوم، تكفلت بها أيدي خفية مهمتها إضعاف المجتمع، وتشتيت شملة، وتفكيك الأسر، وتدميرها ودفعهم إلى الهاوية ما يسهل السيطرة عليه.

حرب هوجاء تستهدف الفئة الشابة

وتستهدف هذه الحرب الهوجاء فئة الشباب، والتي تعدّ العمود الفقري للمجتمع وقوامة، ولوحظ في الفترة الأخيرة تزايد نسبة متعاطي الحبوب المخدرة ومروجيها، صحيفتنا” روناهي” استطلعت رأي الشارع في ناحية الشدادي جنوب الحسكة في شمال وشرق سوريا، للوقوف على أسباب هذه الظاهرة، ونتائجها والحلول المقترحة للتخلص من هذه الآفة.

المواطن إبراهيم الإبراهيم /26/ عاماً، قال لروناهي: “لاحظنا في الفترة الأخيرة تزايد نسبة متعاطي الحبوب المخدرة بين الشباب من أعمار الـ 15 عاماً وحتي 30 عاماً، حيث نجد أن شبابا يضيفون الحبوب لبعضهم البعض، وأصبحتَ تسمع عبارات غريبة من شباب بعمر الورود لم نكن نسمعها من قبل مثل (الراس المابي كيف ريتو بالگطعه ودخن عليها تنجلي) وغيرها من الكلام الفارغ والعبارات الدخيلة”.

انعكاسات هذه الظاهرة

وقد أرجا الإبراهيم سبب ذلك إلى سنوات الحرب الطويلة، وما تمارسه دولة الاحتلال التركي من حرب خاصة على المنطقة من خلال مرتزقتها ولا سيما على الفئة الشابة الأمر الذي ساهم بشكل كبير في تفشي هذه الظاهرة في المجتمع.

وتابع “نتائج تفشي هذه الظاهرة كارثية بشكل كبير، سواء على الشخص المتعاطي، أو المجتمع كاملا، حيث تؤدي إلى انتشار الجريمة، وتفكك المجتمع، وتدمير العلاقات الأسرية، إذ انعكست هذه الظاهرة على أفراد العائلة حيث بدأ الكثير من العائلات تشكو من سرقة بعض الأغراض المنزلية دون كسر، أو خلع، وهذا يعدّ خير دليل على أن المتعاطي، يمكن أي يفعل أي شيء لشراء الجنون إلى رأسه”.

الوعي عامل أساسي

فيما أرجع حامد المخلف /31/ عاماً انتشار ظاهر تعاطي الحبوب المخدرة إلى ارتفاع معدلات الفقر، والبطالة في المجتمع، ونقص الوعي، فضلاً عن تأثر الشباب ببعض الأفلام والمسلسلات، التي تروج للمخدرات، والتي تبين إن المخدرات بشكل عام يستخدمها المتعاطي للهروب من الواقع المرير، ما دفع الكثير من الشباب للتقليد الأعمى، دون إدراك مخاطر هذه الآفة على المتعاطي بالدرجة الأولى، ومن ثم عائلته والمجتمع كاملا.

واقترح المخلف، بعض الحلول التي من شأنها أن تعيد الشباب إلى طريق الصواب، وأهمها “حملات توعية مكثفة، وتعريف الشباب بمخاطر المخدرات، بشكل عام والحبوب المخدرة بشكل خاص، إضافة إلى تعريفهم بمدى خطورة الحرب الخاصة الموجهة ضدهم، لهدم المجتمع وزيادة الرقابة على الصيدليات، من قبل لجنة الصحة، فضلاً عن الرقابة الأمنية المشددة، واستهداف الأشخاص المروجين، وتفكيك شبكات التجار، ومعرفة مصادر الحبوب لمنع انتشارها بالمنطقة”.

متابعة لجنة الصحة

ولمعرفة الجهود التي تبذلها الجهات المعنية لاجتثاث هذه ظاهرة، أفادنا عضو لجنة الصحة في مجلس ناحية الشدادي طارق الكريعي: “إن لجنة الصحة في مجلس ناحية الشدادي، تعمل بشكل دائم على مراقبة عمل الصيدليات العاملة في المنطقة، وتنبيه الصيادلة بشكل مستمر؛ لمنع صرف أي نوع من هذه الأدوية، دون وصفات طبية”.

وأضاف” نقوم بحملات توعية لمخاطر المخدرات، والحبوب المخدرة، تستهدف بها بشكل مباشر جيل الشباب لمنع انجرارهم نحو هذه الأفة القاتلة”.

ولفت الكريعي إلى أن التعويل الأكبر يقع على العائلة، حيث يجب أن تراقب تصرفات أبنائهم، وتقديم النصائح لهم ومعرفة أصدقائهم، تجنباً لوقوعهم في هذه الآفة.

الأدوية المؤثرة

ويستخدم متعاطو الحبوب المخدرة أصناف دوائية تقدم كمسكنات ألم، ومرخيات أعصاب، لبعض مصابي الحرب، وحوادث السير وبعض الأمراض الأخرى، وأهم الأصناف الدوائية المستخدمة:

بيوجا بالاين: مرخي عصبي الكرباتيك يستخدم لعلاج مرض الصرع فضلاً عن كونه مهدأ عصبياً.
كبتاكول: منشط عصبي.
ترامادول: مسكن ألم قوي مركزي ومرخي عضلي
سودافيد: مسكن ألم ومرخي عضلي.

متابعة قوى الأمن

بتاريخ 25 أيلول 2020 أطلقت قوى الأمن الداخلي في شمال وشرق سوريا، حملة للحد من انتشار المخدرات، ومكافحتها تحت اسم “الحياة مسؤولية” وبتاريخ 22/2/2021 أنهت مرحلتين من مراحل الحملة، حيث كانت المرحلة الأولى بالتنسيق مع هيئة الصحة في شمال وشرق سوريا، متابعة كافة مستودعات الأدوية والصيدليات وتوقيف 17 شخصاً، يعملون في المستودعات الطبية والصيدليات، والذين يقومون بترويج وببيع الأدوية الطبية التي لا تصرف إلا بموجب وصفة طبية خاصة، حيث تم ضبط 9937 من الحبوب الطبية التي كانت بحوزتهم فكانوا يروجون لها، وبالتنسيق مع هيئة الصحة، تم تقديمهم إلى لجنة الادعاء والتحقيق أصولاً.

الحملة الثانية: كانت بالتنسيق مع أقسام قوى الأمن الداخلي كافة، وقوى الأمن الداخلي/ المرأة، ولجنة الأمن العامة، ومؤتمر ستار وبعد المتابعة والتحري حول كل الأوكار التي يستخدمها تجار ومروجي آفة المخدرات ومداهمتها وتوقيف كل من له صلة بهذه الشبكات فقد تم توقيف 92 شخصاً، كان منهم 17 امرأة كان يتم استغلالهن بأعمال منافية للأخلاق كطريقة أخرى، يستعملها تجار المخدرات لنشر آفة المخدرات بكافة الطرق والأساليب.

وتم ضبط 77 كف حشيش، و150 غراماً من الكريستال المخدر، و45 غرام هيرويين و171000 حبة كبتاغون مخدر.