تحقيق/ باهوز أحمد
الهلال الأحمر الكردي هي المنظمة الإنسانية الوحيدة التي وقفت إلى جانب مهجري عفرين في الشهباء منذ اليوم الأول لهجرتهم التي دامت ستة أشهر وتتابع المنظمة التي تعتمد على الجهود الذاتية للمتطوعين فيها إلى جانب كادر إداري بتقديم كل ما في وسعها للأهالي عبر نقاطها الطبية الموزعة في مخيمي برخدان وسردام إضافة لنقطتين في شيروا وتل رفعت وأخرى في أحرص، وتمكن الهلال الأحمر الكردي من تقديم العلاج لأكثر من 7 آلاف حالة مرضية في الشهباء رغم إمكانياتها الضئيلة.
وبدأ الهلال الأحمر الكردي بتقديم المساعدة الطبية منذ اليوم الأول للنزوح في 16 من شهر آذار المنصرم عبر تجميع عدد من كوادره المتواجدين في عفرين، وافتتاح نقطة طبية مؤقتة في قرية أقيبة ومنها إلى أحرص على شكل مشفى ميداني صغير، وهنا يقول العضو المتطوع في الهلال رشيد إيبش: “كانت تلك أيام عصيبة جداً، الوضع كان ضبابياً لا إمكانات طبية بين أيدينا، الجميع محتار، والأهالي بحاجة لتقديم الدعم في ظل عدم توافد أي منظمة على هذه المنطقة، هنا كان لا بد من تجميع قوانا وطاقمنا الذي كان يعمل بالتوازي مع الطاقم المتبقي من مشفى أفرين”، وبهذه الحالة والإمكانات الطبية البسيطة التي إخراجها من عفرين بدا الفريق الطبي الذي يضم متطوعين غير مختصين بتقديم ما أمكن للأهالي.
ويورد إيبش قصة الطفلة همرين التي توفيت بين أيديهم نتيجة عدم توفر الأوكسجين بالكميات المطلوبة للإنقاذ حياتها بعد إصابتها بالتهاب قصبات مزمن.
ولم تعمل أي من المنظمات الدولية المعنية بالشأن الطبي والإغاثي من تقديم يد المساعدة لمنظمة الهلال الأحمر الكردي، فكان الاعتماد الذاتي والدعم الموجه لها ينحصر على المنظمات التابعة للإدارة الذاتية الديمقراطية في الشمال السوري والهلال الأحمر الكردستاني وبعض الخيرين الكرد في الدول الأوروبية، ورغم هذا الشح في الموارد التي تُقدم للهلال الكردي، إلا أنه تمكن من تغطية المناطق ذات الكثافة في مقاطعة الشهباء وناحية شيراوا التابعة لمقاطعة عفرين.
رغم ضعف الإمكانيات… إلا أن الخدمات مستمرة
واليوم وبعد خمسة أشهر ونيف على هجرة أهالي عفرين وتوزعهم على القرى والبلدات وأربعة مخيمات في الشهباء وشيراوا، يستمر الهلال الكردي بتقديم الخدمات الطبية وبعضاً من تأمين حليب الأطفال، ولكن نتيجة ضعف الإمكانيات الطبية وعدم مساعدة الأمم المتحدة والجهات المعنية في هذا الإطار، انتشرت في الآونة الأخيرة بعض الأمراض بين المهجرين، ومن هذه الأمراض المنتشرة بكثرة فيها هي التهاب الكبد الوبائي A والسل بين قاطني مخيم برخدان وسردام، ويعود ذلك بحسب الرئيس المشترك للهلال الأحمر الكردي الصيدلاني أكرم عرب إلى أن كثافة السكان في المخيم نظراً لمساحتها وعدم الاهتمام بنظافة الحمامات وقربها من الخيم التي تؤدي بدورها إلى انتشار الأمراض بسهولة بين الأهالي .
وبدأ الهلال قبل فترة بحملة توعوية بين قاطني المخيم عبر محاضرات تحض على الاهتمام بالنظافة الشخصية وكذلك أهمية الرضاعة الطبيعية للأطفال، كما حضت المنظمة الجهات الإغاثية بضرورة زيادة حصة العائلة الواحدة من مواد النظافة العامة والشخصية وكذلك توزيع مواد النظافة على الحمامات وضرورة الاهتمام بها.
وحاول الهلال تأمين الأدوية للحالات المرضية وفق إمكانياتها، إضافة لنقل الواقع الصحي في المخيمات والقرى إلى الجهات المعنية في الشمال السوري والمنظمات الدولية، إلى جانب تفعيل الهلال الكردي لجنة خاصة للتعامل مع مرض السل ومهمة هذه اللجنة عمل مسح شامل للمخيمات والمنطقة بغية الكشف السريع عن المرض وإمكانية تأطيره، وهنا تتعاون بعض الجهات في هذا المجال من ناحية تقديم الأدوية والخبرة اللازمة والفحوصات التي لا تتوفر هنا في الشهباء، لكن يقول عرب: “إن هذا المرض يحتاج إلى رعاية خاصة وبرنامج غذائي معين، لهذا تعمل هيئة الصحة الآن على هذا الموضع”.
حالات الإسهال هي الأكثر عدداً
وتأسف عرب على أن الكثير من الجمعيات والمؤسسات الخيرية قد وعدتهم بتقديم المساعدة إلا أنها اكتفت فقط بمرحلة الوعود المنتظرة، منوهاً إلى انتشار حالات الإسهال بين الأطفال بشكل كبير.
وتستقبل مراكز الهلال الأحمر الكردي بشكل وسطي يومياً ما لا يقل عن ٢٠٠ حالة إسهال ويتم تقديم العلاج لهم، ولفترة وجيزة لم يكن السبب معروف لهذا الكم العالي من حالات الإسهال، لكن يرجع مختصين هذا المرض الشبه العام إلى المياه التي يستهلكها الأهالي ويصفونها بالملوثة في ظل عدم توفر مختبرات خاصة لتحليلها، وبالعودة إلى مصدر المياه تبين أن منظمة اليونيسيف هي من تقوم بتأمين مياه الشرب وقد قامت سابقاً بوضع خزنات للمياه وقد وعدت بالقيام بتنظيف وتعقيم الخزنات كل مرة في الأسبوع إلا أنها لم تلتزم بشروط الأمن الصحي المتبع.
بحسب إحصائيات الهلال الأحمر في النقاط الخمس الموزعة بناحية شيراوا ومقاطعة الشهباء، أنه تم معالجة أكثر من 7 آلاف حالة مرضية، بينهم 2677 أطفال و1043 من النساء. وشملت الحالات المرضية الأمراض الداخلية، والنسائية، والعظمية والقلبية والجلدية، اللاشمانيا، الأسنان، والعينية والأذن، إضافة إلى حالات إسعافية، وأمراض السرطان والعصبية والتهاب الكبد وغيرها، كما تم صرف 1745 وصفة طبية في ناحية أحرص فقط. وبحسب الكادر الطبي فقد تم توثيق خمس حالات وفاة أطفال بسبب قلة الأدوية والكوادر الطبية في تلك المنطقة، كما وزع الهلال الأحمر الكردي في ناحية شيراوا ومقاطعة الشهباء 38692 من علب حليب الأطفال.
نقص حاد في بعض أنواع الأدوية
وأشار الطبيب في نقطة مخيم برخدان عمار محمد أنهم يعانون من نقص حاد وشديد في الأجهزة الطبية والأدوية النوعية مثل المصل المضاد للدغات الأفاعي، أدوية السل، الأطفال، السكري، ضغط الدم وأدوية الأمراض النسائية، إضافة إلى نقص الكادر الطبي المختص في كل النقاط الطبية.
محمد أكد أيضاً أنهم ناشدوا جميع المنظمات الدولية والإنسانية ومنظمات حقوق الإنسان لعدة مرات وحتى الآن لم يقدم أي منها أي مساعدة.
وفي ختام حديثه ناشد الإداري في الهلال الأحمر الكردي عمار محمد مرة المنظمات الإنسانية كافة بتقديم المساعدات لأهالي عفرين المتواجدين في مقاطعة الشهباء.
الحالات المرضية المتفشية في المخيمات
عدد مرضى السرطان التي تم توثيقها ٤٨ حالة، مرضى السل: 36 قيد العلاج، ويصل عدد مصابين باللاشمانيا والذين يتعالجون في نقاط الهلال الأحمر الكردي ٦٥ حالة، وسبع حالات التهاب كبد B، وثلاث حالات لالتهاب كبد C ، وأربع حالات لتشمع الكبد، في حين أن المصابين بالتهاب الكبد A كان الأعلى نسبة تجاوزت المئات، هو مرض فيروسي يصيب الكبد ويمكن أن يسبب أعراضاً مرضية تتراوح بين البسيطة والوخيمة. ينتقل فيروس الالتهاب بتناول الملوّث من الطعام والمياه أو عبر الاتصال المباشر بشخص مصاب بعدواه. يكاد أن يتعافى تماماً جميع المصابين بالتهاب الكبد A وذلك مع اكتساب مناعة طيلة العمر، إلّا أنًّ نسبة قليلة جداَ من المصابين بعدوى التهاب الكبد ِa قد يموتون من جراء التهاب الكبد الخاطف. وتقترن مخاطر العدوى بالتهاب الكبد A بنقص المياه المأمونة، وتدني مستوى الإصحاح والنظافة (كالأيدي المُلوثة). وقد تكون الأوبئة مُتفجرة وتفضي إلى خسائر اقتصادية فادحة. ويتوافر لقاح مأمون وفعال للوقاية من التهاب الكبد Aوتعتبر إمدادات المياه المأمونة، والسلامة الغذائية، وتحسين الإصحاح، وغسل اليدين، ولقاح التهاب الكبد A هي أكثر السُبُل فعالية في مكافحة المرض.
