أشواط كثيرة تحققت في أمن دير الزور

قامشلو/ رؤى النايف ـ

لا يمر شهر إلا وتشهد فيه منطقة دير الزور محاولة اغتيال أو استهداف للمدنيين والعسكرين، خلايا داعش التي تنشط في تلك المنطقة تحاول الاستفادة من نقاط الضعف هناك، إلا أن قوى الأمن الداخلي تقول إنها قطعت أشواطاً كثيرة في ترسيخ الأمن وتثبيط عمل تلك الخلايا المدعومة تركياً.

 طبيعة المنطقة

 تعتبر المنطقة هدفاً استراتيجياً لكثير من الجهات السياسية بسبب غناها بثرواتها الطبيعية، وهشاشتها الداخلية الناتجة عن ظروف الحرب منذ بداية عام 2011، وظروف أخرى ذات بعد تاريخي، لذلك من الصعب فرض الأمن عبر الوسائل التقليدية، أي القوى المسيطرة من الخارج.

 فالأمن الاجتماعي الذاتي يشكل وسيلة أفضل في وضعية الافتقار إلى القوة المركزية الفاعلة والمقبولة كما هو الحال عليه الآن، وهذا الأمن الاجتماعي الذاتي يشترط إقناع الناس به وبظروفه كي لا يتحول إلى فوضى وزعزعات، ويتطلب تحقيق الأمن الذاتي الاجتماعي وعياً سياسياً واجتماعياً متداخلاً، وهذه هي الحالة التي تفتقد إليها المنطقة بشكل واضح في ظل التشرذم الاجتماعي ذي الجذر العرقي، ومحاولات تسويق التطرف الديني واستخدامه كأداة للاختراق الأمني من عدة أطراف.

رغم انتصار قوات سوريا الديمقراطية على ما يسمى “مرتزقة داعش”، بعد تحريرهم لبلدة الباغوز في آذار من عام 2019، آخر معاقله بعد حرب دامت لستة أشهر، وإعلان انتهاء وجود مرتزقة داعش عسكرياً بشكل نهائي، إلا أنه حتى يومنا هذا، لا يزال فكر داعش متعشش لدى بعض ضعفاء النفوس من خلال الخلايا النائمة، والتعبير عن هذا الفكر يأتي من خلال سلسلة من الاغتيالات والأعمال التخريبية في مختلف المناطق بشمال وشرق سوريا.

توسع رقعة الاغتيالات

تكثر في إقليم دير الزور نشاط الخلايا التخريبية لعدة أسباب، أوضحها لنا “بشار الصعب” عضو الإدارة العامة لقوى الأمن الداخلي في دير الزور، قائلاً: “فاستقرار الوضع الأمني في الأرياف والمدن مرتبط بطبيعة المنطقة من الناحية الجغرافية، تمتد الحدود النهرية للإقليم مع طول مناطق سيطرتنا مقابل مناطق النظام السوري، الأمر الذي يسهل من عمليات التهريب عبر نهر الفرات بالرغم من مكافحة المعابر غير الرسمية وإلقاء القبض على الأشخاص الذين يدخلون من تلك المعابر”، إلا أنه توجد مناطق عديدة تتيح التهريب بسبب جغرافية المكان، وما تؤول إليه عمليات التهريب من دخول أفراد تابعين لخلايا النظام والميلشيات الإيرانية من جهة، ومن جهة أخرى دخول مرتزقة داعش المتمركزين في البادية بمساعدة أفراد من النظام السوري وتأمين تحركاتهم ودخولهم إلى مناطق سيطرتنا.

تأثير الظروف الاقتصادية

الحالة الاقتصادية المتردية التي يعيشها كافة أبناء سوريا لها تأثير مباشر على أبناء المنطقة بشكل خاص، فالغالبية العظمى منهم خسر ممتلكاته في ظل وجود مرتزقة داعش، بين الممنوع والمسموح وفرض الإتاوات، إضافة إلى تأثر الزراعة وانحسارها في المنطقة بسبب الحروب والظروف المناخية، ومن المعروف أن معظم أبناء وأهالي المنطقة كانت مهنتهم الأساسية الزراعة.

 هذه الأسباب الاقتصادية وغيرها سولت للخلايا الإرهابية تجنيد البعض من أبناء المنطقة ودفعهم لزرع عبوات ناسفة واستهدافات واغتيالات بالأعيرة النارية، ويؤكد المسؤول الأمني أن ما يحدث يكون من خلال مساعدات مالية ولوجستية يقدمها مرتزقة درع الفرات التابعة للمحتل التركي، ويتم التجنيد عبر الإغراء المالي وتزويدهم بالمخدرات، ويتابع “هذه سياسة تركيا بالتعامل مع عملائها، كما أن نشاط هذه الخلايا يظهر على شكل إعلامي معادٍ ببث الفتنة بين الشعب والمؤسسات التابعة للإدارة الذاتية، وذلك عبر وسائل التواصل الاجتماعي”.

مهمات أعضاء قوى الأمن تجعلهم هدفاً لـلاغتيالات

ويذكر أن الاستهدافات التي تتعرض لها قوى الأمن الداخلي ممنهجة ومخطط لها من قبل تلك الخلايا، حيث تركز قوى الأمن الداخلي بالتعاون مع جهات مختصة أخرى عملها على تفكيك العبوات الناسفة، وشن حملات مداهمة واعتقال أعضاء الخلايا والشبكات وإفشال مخططاتهم بزعزعة أمن المنطقة ونشر الفوضى فيها، مما يشكل ضغطاً كبيراً ومخاطر على عمل تلك الخلايا والشبكات الإرهابية.

كما أن مناطق إقليم دير الزور ريفية وأغلبها متباعدة وفيها طرقات فرعية وبرية، وهذا عامل آخر تستغله تلك الخلايا وتركز نشاطها فيه، وهذه المناطق ذات الصفة الريفية تحتوي على أعداد قليلة من السكان وتكون منازلهم متباعدة، ويتنقلون على الدراجات النارية، فتقوم الخلايا والشبكات بتنفيذ عمليات الاغتيالات أيضاً على الدراجات النارية مستغلين طبيعة تلك المناطق، وتكون أكثر الاستهدافات لموظفين مدنيين ووجهاء وشيوخ.

تعامل قوى الأمن الداخلي مع الأهالي

يتم التعامل مع أهالي إقليم دير الزور من قبل قوى الأمن الداخلي على الأسس الديمقراطية وضمن الأنظمة والقوانين التي تنص عليها الإدارة الذاتية وفق حديث “الصعب”، حيث تتم حماية المؤسسات المدنية من قبل أعضاء قوى الأمن الداخلي لضمان سلامة الأهالي والحفاظ على حقوقهم، وتتم متابعة السير على الطرق وفي المدن من قبل قوات الترافيك التابع لقوى الأمن، وتقديم التوجيهات للأهالي عن السرعة الزائدة في المناطق الفرعية لتجنب الحوادث؛ وقوى الأمن الداخلي تسخر الإعلام التابع لها بتقديم البروشورات ودورات التوعية عن التعامل مع مخلفات الحرب والعبوات والإبلاغ عنها أو عن الإرهابين عن طريق أرقام هواتف مخصصة بغرض الحفاظ على الأمن والاستقرار في المنطقة.

 كما تنتشر مراكز قوى الأمن الداخلي في كل مناطق الإقليم وفق تنوع اختصاصاتها ضمن تلك المراكز، ويوجد فيها مكاتب للشكاوي لاستقبال المواطنين وتدوين شكاويهم والتعامل مع الجناة وتقديمهم للعدالة عبر المحكمة ودور العدل.

رأي الجهات المختصة

بالرغم من كل التحديات والصعوبات والإمكانات المتاحة، يُبرز “بشار الصعب” نجاحهم في تحقيق تقدمٍ ملحوظ من تحقيق الأمن وتوفير الأمان والسلم، وتوفير الأمور الخدمية للأهالي التي يعجز النظام السوري عن تقديم ولو جزء بسيط منها وفق تأكيده.

 ويربط “الصعب” هذا النجاح بمدى انخراط الأهالي في العمل بالمؤسسات المدنية والخدمية والأمنية، والدور الواضح للمرأة في جميع النشاطات والأعمال، وكسر قالب الرجعية والعقلية المتحجرة والانفتاح على التطور والديمقراطية، ودخولها الميدان العسكري وانخراطها فيه، هذا الميدان الذي يعزز دورها في القرارات السياسية والعسكرية.

واختتم بشار الصعب عضو الإدارة العامة لقوى الأمن الداخلي في دير الزور حديثه “تسعى أي سلطة مهما كانت نواياها السياسية أو العسكرية أو الإدارية، إلى تحقيق الاستقرار بطريقة ما. وتحقيق الأمن والأمان شرط من شروط الانتقال من السيطرة إلى إدارة مراكز ومؤسسات المنطقة، وهذا ما تسعى إليه الإدارة الذاتية من خلال وجودها في إقليم دير الزور”.