موكب المومياوات الملكية… حضارة حية

د. محمد فتحي عبد العال (كاتب وباحث مصري)-

في مشاهد مبهرة وفريدة أعادت إلى أذهان العالم حضارة المصريين القدماء العظيمة تحرك موكب المومياوات الملكية من قلب التحرير، حيث قبعت هذه المومياوات لسنوات عدة في المتحف المصري هناك إلى مقرها الجديد بالمتحف القومي للحضارة المصرية بالفسطاط جنوب العاصمة.

تألف الموكب الملكي الكبير من ثمانية عشر ملكاً وأربع ملكات تحملهم عربات ذات تصميم بديع، ومزينة بنقوش فرعونية حاملة أسماء الملوك والملكات، ومجهزة بالنيتروجين لحماية المومياوات بداخلها.

تقدم الموكب الملك “سقنن رع” من الأسرة السابعة عشرة الذي قاد المقاومة المصرية الباسلة ضد الهكسوس ولقي مصرعه على إثرها فيما كان بنهاية الموكب الذي استغرق أربعين دقيقة الملك رمسيس التاسع من الأسرة العشرين وضم الموكب الملك رمسيس الثاني والملكة حتشبسوت.

وقد رافق الموكب الدراجات النارية للحرس الجمهوري وسط أجواء احتفالية مبهرة، حيث الإضاءة الزرقاء والبيضاء بميدان التحرير والمسلة الفرعونية المحيط بها أربعة كباش فرعونية، وأطلقت المدافع 21 طلقة ترحيباً بالملوك والملكات لدى وصولهم المتحف الجديد، وكان في استقبالهم الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وشهد الحفل عزف مقطوعات موسيقية فرعونية مختارة من ترانيم المهابة لإيزيس ونصوص الأهرام.  لم يخل الأمر من طرافة مع مشاهدة المصريين لصور مومياء الملكة (تي) والتي بقي شعرها بتألقه وسحره رغم كل هذه السنوات الطويلة؛ وتساءلوا عن السر! ليخرج معهد تكنولوجيا الطاقة الحيوية في روسيا بدراسة تقول أن السبب ربما كان استخدام خلطة سحرية مكونة من دهون لحم الأبقار وشمع النحل وأحماض الأزيليك وزيوت الخروع لإزالة التجعد والصنوبر والفستق العطري وزيت الزيتون المضاف عليه الحديد ليغدو ناعماً وبراقاً.

ومن شعر الملكة إلى يد الملك رمسيس الثاني المرفوعة لأعلى والتي أثارت دهشة وخوف الخديوي توفيق مع الكشف الأول عن المومياء عام 1886 وفك اللفائف عنها بواسطة عالم الآثار الشهير ومدير مصلحة الآثار آنذاك جاستون ماسبيرو وبقيت على وضعها هذا إلى اليوم.

وتسعى مصر عبر هذا الحفل إلى كسر الجمود في حركة السياحة حالياً والذي وصل إلى ذروته مع جائحة كوفيد 19 الأخيرة.