سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

واشنطن وطهران… خطوط التصعيد وحظوظ التهدئة

رامان آزاد_

مع الاتهامات الأمريكية المباشرة لطهران بضلوعها في الهجوم الذي استهدف قاعدة أمريكيّة في الأردن وأدى لمقتل وجرح نحو 40 جندياً، لا تبدو فرص التهدئة متاحة، وبعد اجتماع الرئيس جو بايدن بفريق الأمن القوميّ قال مسؤولون أمريكيون، إنّ ضرب عناصر إيرانيّة في سوريا والعراق أبرز الخيارات المطروحة لدى البنتاغون، رداً على مقتل جنودها في الأردن. وإنّ خيارات الرد ستشمل ردع أي هجمات أخرى ضد القوات الأمريكيّة، وضرب عناصر إيرانية في سوريا والعراق، وكذلك أصولاً بحريّة إيرانيّة في مياه الخليج.
إيران تُعارض ثوابت واشنطن
 السياسة الأمريكيّة تجاه منطقة الشرق الأوسط والخليج تضبطها جملةُ محدداتٍ وثوابت تشكّل المصالح الأمريكيّة ولا يمكن تجاوزها، بغض النظر عن طبيعةِ الإدارةِ الأمريكيّة والحزبِ السياسيّ للرئيس، وتشمل في عناوينها العريضة: عدم التراجع الكليّ ومنع القوى الأخرى من أخذ دورها وملء الفراغ في المنطقة، وضمان أمن الطاقة ووصول إمداداتها إلى واشنطن وحلفائها، وضمان أمن إسرائيل وتفوّقها العسكريّ، ودعم التغيير السياسيّ في دول المنطقة بما يتوافق مع توجهاتِ السياسة الأمريكيّة. ووفقاً لهده المعطيات تعارض واشنطن تمددَ النفوذ الإيرانيّ في المنطقة.
لكن جملة قضايا فرضت نفسها خلال ولاية الرئيس بايدن، فكان الاهتمام بها على حسابِ الالتزام بضوابط السياسة الخارجيّة ومنها التركيز على مواجهةِ بروز الصين وضبط إيقاع العلاقة مع موسكو في ضوءِ الحرب في أوكرانيا ومضاعفات فيروس كورونا، وأبدى الرئيس بايدن ميلاً واضحاً لتجنّبِ المواجهات الساخنة، وبدأ عهده بقرار الانسحاب من أفغانستان ليضع حداً لواحدة من أطول حروب واشنطن.
من نافلة القول إنّ التنافس الأمريكيّ ــ الصينيّ في جوهره اقتصاديّ ــ عسكريّ، وفي خطوةٍ عمليّة لمواجهة الطموحات الصينيّة واستهداف مشروع الحزام والطريق، تبنى اجتماع قمة العشرين في نيودلهي المنعقد في 9/9/2023 مشروع “الممر الاقتصاديّ” الذي يبدأ من ميناء مومباي الهنديّ وينتهي بميناء حيفا الإسرائيليّ، مروراً بثلاث دول عربيّة هي الإمارات العربيّة والسعودية والأردن وينطوي المشروع بالوقت نفسه على دعم إسرائيل اقتصاديّاً ويُعد استكمالاً لاتفاق “إبراهام” ومسار التطبيع العربيّ، مقابل تهميشِ الموقع الجيوسياسيّ لتركيا كجسر تواصل بين آسيا وأوروبا.
من المؤكد إنّ تقييم طهران للمشروع لم يقتصر على بعده الاقتصاديّ كونها دولة عبور لطريق الحرير الصينيّ، واشتراكها مع تركيا مع دول الخليج والعراق، في مشروع “طريق التنمية”، بل بما ينطوي عليه المشروع الجديد من تداعياتٍ سياسيّة، ذلك أنّ مسار التطبيع العربيّ ــ الإسرائيليّ ينتزع من يدها أحد أهم ذرائع التمدد في المنطقة، وبخاصةٍ مع الأخذ بالاعتبار الانتقادات الموجهة إلى الرئيس باراك أوباما بإنهاء مهمة القوات الأمريكيّة في العراق واقتصار دورها على الاستشارة وتقديم الدعم للجيش العراقيّ. ما جعل العراق ميداناً مفتوحاً أمام النفوذ الإيرانيّ وليصل بيسر إلى سوريا وجنوب لبنان. وفي هذا التوقيت جاءت عملية “طوفان الأقصى”، لتعزز طهران دورها عبر العديد من الكيانات العسكريّة في لبنان وسوريا والعراق واليمن، والتي بدأت تنفيذ عمليات عسكريّة واستهداف القوات الأمريكيّة تحت شعار “دعم غزة”.
ترتيب الانسحاب 
بعد دخول الحرب بين حركة حماس وإسرائيل الشهر الرابع تم الترويج لقضية الانسحاب الأمريكيّ من سوريا، وفقاً لما نشرته مجلة فورين بوليسي الأمريكيّة في 24/1/2024، ونقلت المجلة عن أربعة مصادر بوزارتي الدفاع والخارجية أن البيت الأبيض لم يعد مهتماً بمواصلة المهمة التي يرى أنّها غير ضرورية. وأن مناقشات داخليّة نشطة تجري الآن لتحديد كيف ومتى يمكن أن يتم الانسحاب. وحذرت المجلة من التأثير الكارثيّ الذي قد يخلّفه الانسحاب على نفوذ الولايات المتحدة وحلفائها في الأزمة التي لم يتم حلها والمتقلبة بشدةٍ في سوريا، وأنه سيكون أيضاً هدية لمرتزقة “داعش”.
 وأشارت المجلة إلى أنّ البعض داخل الحكومة الأمريكيّة يقترح حالياً ترتيباً تعاونياً بين قوات سوريا الديمقراطيّة وحكومة دمشق لمواجهة “داعش” كمسارٍ واضحٍ نحو الانسحاب الأمريكيّ.
 إلا أنّ مسؤولاً في البيت الأبيض نفى في اتصالٍ مع موقع “العربيّة” وقال: “إنّ إدارة الرئيس جو بايدن لا تفكر بالانسحاب من سوريا”.
وتزامن الحديث عن الانسحاب الأمريكيّ مع بدء المحادثات العراقية ــ الأمريكيّة حول إنهاء مهمة التحالف العسكريّ، ونقلت وكالة رويترز عن مصادرها أن العملية قد تستغرق عدة أشهر إلى سنوات، منوهةً إلى أن انسحاب القوات الأمريكيّة “ليس وشيكاً”. وصرّحَ مستشار رئيس الوزراء العراقيّ للشؤون الأمنيّة خالد اليعقوبي، الأحد، إن بلاده تحاول الوصول مع الولايات المتحدة إلى صيغة لمواجهة التهديدات التي تواجه القوات الأمريكيّة والتحالف الدولي بعد الهجمات المتكررة عليها.
ومعلوم أنّ اقتراب الانتخابات الأمريكية سيتسبب بحرجٍ للحكومةِ الأمريكيّة والرئيس بايدن بحال تعرضِ القواتِ الأمريكيّة لاستهدافٍ تنتج عنه خسائرٌ كبيرةٌ وبخاصةٍ في الأرواح. وتعي الإدارة الأمريكيّة خطورةَ الموقف ولذلك انخرطت في مفاوضاتِ لترتيبِ الانسحاب. والمشكلة الفنيّة تكمن بزمن الانسحاب، وكم يتطلب، وقد يؤدي الرفض أو المماطلة إلى مواجهة تصعيدٍ كبيرٍ. ويفترض التركيز على إنهاء كلّ الملفاتِ ويتم انسحاب القوات الأمريكيّة بعد معالجة حواضن الإرهاب، ومن جملتها مسألة مخيم “الهول” في سوريا، والذي يوصف بالقنبلة الموقوتة التي يحتمل انفجارها بأي وقتٍ، ولن يكون العراق بمنأى عن نتائجه.
 قتلى أمريكيون لأوّل مرة
 أعلنت القيادة المركزيّة الأمريكيّة، الأحد 28/1/2024، مقتل ثلاثة من جنودها وإصابة 34 آخرين بغارة طائرة مسيّرة استهدفت قاعدة عسكريّة أمريكيّة في الأردن. وقالت: إنّ الهجوم استهدف قاعدة الدعم اللوجستيّ عند البرج 22 من شبكة الدفاعات الأردنيّة (شمال شرقي الأردن) قرب الحدود مع سوريا، وأشارت إلى إجلاء ثمانية من الجنود الجرحى من الأردن للحصول على رعاية صحية متقدمة.
وقال مصدر فيمن تسمّي نفسها “المقاومة الإسلاميّة بالعراق” للجزيرة إنّ الجنود الأمريكيين قُتلوا بطائرةٍ مسيّرة هاجمت قاعدة أمريكيّة في سوريا انطلاقاً من الأراضي السوريّة، ونقلت صحيفة واشنطن بوست عن مسؤول في الفصيل العراقيّ تبنيه المسؤوليّة عن الهجوم، محذّراً من أنّه سيكون هناك تصعيد في حال استمرتِ الولايات المتحدة بدعم إسرائيل.
ونقلت شبكة “CNN” عن مسؤولين أنّ الطائرة المسيّرة سقطت قرب أماكن سكنيّة في القاعدة الأمريكيّة، وأشار المسؤولون إلى أنّ هذه أول مرة يُقتل فيها جنود أمريكيّون في هجماتٍ على مصالح أمريكيّة منذ بدء الحرب في قطاع غزة.
ونسبت وكالة “أسوشيتد برس” لمسؤول أمريكيّ قوله إنَّ طائرة مسيّرة كبيرة ضربت القاعدة الموجودة بالأردن على الحدود السوريّة، مشيراً إلى أنّ “القاعدة تستخدم من قبل قوات مشاركة في تقديم المشورة والمساعدة للقوات الأردنيّة”. وقال المسؤول إنّ القاعدة المستهدفة تضمُّ قواتِ الهندسة والطيران والخدمات اللوجستيّة والأمنيّة الأمريكيّة، مضيفاً أنَّ الهجومَ تسبب في إصابات تتراوح بين جروح وكدمات وإصابات بالدماغ.
وأشارت الوكالة إلى أنّ حوالي 350 جندي من القوات الأمريكيّة ينتشرون في قاعدة تُسمى البرج 22، وهم من مرتبات سلاح الهندسة وسلاح الجو الأمريكيّ والخدمات اللوجستية والأمنيّة الأمريكيّة ويقومون بمهام دعم وإسناد للقوات الأردنيّة في الحرب على “داعش”. وتعتبر القاعدة العسكريّة مركزاً لوجستياً مهماً للقوات الأمريكيّة في سوريا، بما في ذلك تلك القوات الموجودة في قاعدة التنف، القريبة من نقطة تقاطع الحدود العراقيّة الأردنيّة السوريّة.
ومن غير الواضح لماذا فشلت الدفاعات الجوية في اعتراض الطائرة بدون طيار، والتي يبدو أنها شنت أول هجوم معروف على البرج 22 منذ الهجمات على الولايات المتحدة وقوات التحالف التي بدأت في 17/10/2023. ووفقاً لصور الأقمار الصناعيّة، يقع “البرج 22” داخل الأراضي الأردنيّة قرب مخيم الركبان للاجئين السوريّين. وأشارت “أسوشيتد برس” إلى أنّ نحو 3000 جندي أمريكيّ يتمركزون في الأردن. وتقول “نيويورك تايمز” إن نحو 2000 جندي يتمركزون في قاعدة الأزرق الجوية بالأردن، إضافةً لقوات العمليات الخاصة والمدربين العسكريّين وأفراد الدعم للقاعدة الأمريكيّة في التنف بسوريا.
لكن الأردن أكد أن الهجوم وقع في قاعدة التنف في الأراضي السوريّة قرب المثلث الحدودي مع الأردن والعراق، وتبعد 20 كم من قاعدة البرج 22، ونقل التلفزيون الرسمي الأردنيّ عن المتحدث باسم الحكومة الأردنيّة مهند مبيضين، تأكيده على أن الهجوم الذي استهدف عسكريّين أمريكيين لم يقع على الأرض الأردنيّة بل استهدف قاعدة أمريكيّة في منطقة التنف بسوريا.
تصعيدٌ كبير 
وتبنت “المقاومة الإسلامية في العراق” الأحد مسؤولية الهجوم على قاعدة أمريكيّة على الحدود الأردنيّة وأضافت أنها استهدفت يوم الأحد أربع قواعد أمريكيّة وهي قواعد الشدادي والركبان والتنف، أما الرابعة وفقاً للبيان فكانت داخل الأراضي الفلسطينية وهي منشأة زفولون البحرية. وأضافت في بيانها أنها “ستواصل شن هجماتها ضد القواعد الأمريكيّة دعماً لقطاع غزة”.
وتعرضت القواعد التي تضم قوات أمريكيّة في المنطقة لعشرات الهجمات خلال الأشهر القليلة الماضية، تزامناً مع بدء الحرب بين إسرائيل وحركة “حماس”.
وحتى الجمعة، تجاوز عدد الهجمات التي استهدفت القوات الأمريكيّة وقوات التحالف في العراق وسوريا 158، ووصف المسؤولون الأمريكيون الهجمات المستمرة بالطائرات المسيّرة والصواريخ والقذائف بأنّها غير ناجحة لأنّها لم تتسبب في كثير من الأحيان بإصابات خطيرة أو أضرار في البنية التحتيّة. باستثناء جندي أمريكيّ أصيب بجروح خطيرة في هجوم في العراق في يوم عيد الميلاد.
وكانت الضربات الأمريكيّة الأسبوع الماضي قد استهدفت الجماعات التي تدعمها إيران وشملت ثلاث منشآت في العراق تستخدمها كتائب حزب الله وجماعات أخرى.
 بين الردع والثأر
ووصف الرئيس الأمريكيّ جو بايدن الجهة التي هاجمت القوات الأمريكيّة في الأردن بأنّها “جماعات متشددة مدعومة من إيران تعمل بسوريا والعراق. وهدد بالمحاسبة قائلاً: “سنحاسب كل المسؤولين عن الهجوم الذي استهدف قواتنا في الوقت المناسب وبالطريقة التي نختارها”. ولكن التهديد جاء غير واضح المعالم ليشكّل ردعاً كافياً. وجدد الرئيس بايدن الصيغة نفسها بعد اجتماع مع فريق الأمن القوميّ الاثنين، ونقلت صحيفة “بوليتيكو” عن مسؤولين أمريكيين، أنّ الرئيس بايدن طلب من مستشاريه خيارات للرد من شأنها ردع أيّ هجمات أخرى ضد قوات أمريكيّة. ويشمل الردّ ضرب عناصر إيرانية في سوريا والعراق، وأصولاً بحريّة إيرانيّة في مياه الخليج.
وقالت وزارة الدفاع الأمريكيّة (البنتاغون)، إنّ “ما تعرضت له قواتنا في الأردن تصعيد خطير”.
وقالت نائبة الرئيس الأمريكيّ كامالا هاريس: إنَّ واشنطن ستواصل محاربة الإرهاب وستحاسب جميع المسؤولين عن الهجوم على القاعدة العسكريّة الأمريكيّة في الأردن.
ودعا السيناتور الجمهوري الأمريكيّ توم كوتون للانتقام العسكريّ المدمر ضد القوى الإرهابيّة الإيرانيّة، سواء داخل إيران أو في جميع أنحاء الشرق الأوسط” رداً على الهجوم.
قال السيناتور الجمهوريّ ليندسي غراهام: إنّ “سياسة الردع التي اتبعتها الإدارة الأمريكيّة “فشلت فشلاً ذريعاً” ودعا إلى شنِّ ضربات على أهداف داخل إيران. وأضاف: “يمكن لإدارة بايدن القضاء على جميع وكلاء إيران مثلما تشاء، لكن ذلك لن يردع إيران”.
وحمّل الرئيس الأمريكيّ السابق دونالد ترامب منافسه الديمقراطيّ في الانتخابات الرئاسيّة جو بايدن مسؤوليّة الهجوم وقال: “إن هذا الهجوم السافِر على الولايات المتحدة نتيجة مروعة ومأساويّة أخرى لضعف جو بايدن واستسلامه”. وأضاف: “قبل ثلاث سنوات، كانت إيران ضعيفة، ومفلسة، وتحت السيطرة الكاملة. وبفضل سياسة الضغط الأقصى التي اتبعتها، بالكاد يستطيع النظام الإيراني جمع دولارين لتمويل وكلائه الإرهابيين”.
ولفت ترامب إلى أن مثل هذا الهجوم ما كان ليحدث لو كان رئيساً، تماماً مثل هجوم حماس المدعوم من إيران على إسرائيل لم يكن ليحدث أبداً، والحرب في أوكرانيا لم تكن لتحدث أبداً، وسيكون لديهم الآن سلام في جميع أنحاء العالم”. وأكد بيان ترامب أن العالم على حافة الحرب العالميّة الثالثة.
إجراءات احترازيّة 
نقل التحالف الدوليّ لمحاربة الإرهاب السبت 27/1/2024، عدداً من جنوده من قاعدة بريف الحسكة إلى أخرى، وذلك ضمن إجراءات احترازيّة اتخذها التحالف عقب هجماتٍ إيرانيّة. وبعد إجراءات مماثلة تضمنت سحب جنودٍ من قاعدة بريف قامشلو لأخرى في الحسكة. ووصف المصدر الخطوة بـ”الهادفة” لتمكينِ القوات من مواجهة الهجمات المتزايدة ضدهم”.
ونقلت وكالة نورث برس عن مصدر بالتحالف أنّهم “يعيدون انتشار قواتهم عقب هجمات ميلشيات موالية لإيران”. وقال مصدر خاص بالحرس الثوريّ الإيرانيّ لنورث برس، الاثنين 28/1/2024، إنّهم أخلوا أغلب مقراتهم ومقرات الفصائل التابعة له في دير الزور وريفها وبعض المقرات ببادية حمص، تحسباً لاستهدافات محتملة بعد الهجوم على قاعدة أمريكيّة في الأردن
وأُخليت المقرات الإيرانيّة في مناطق: الحيدرية والشبلي والمزارع ببادية الميادين والمكتب الأمنيّ بشارع الأربعين في الميادين. إضافةً لإخلاء الفوج ٤٧ على أطراف مدينة البوكمال واللواء ١٣٧ قرب مطار دير الزور العسكريّ والوحدة ٣١٣ قرب دوار البلعوم ومقر “فاطميون” في كلية التربية سابقاً على شارع بورسعيد بدير الزور.
وأوضح المصدر أنّ الحرس الثوري الإيرانيّ أخلى أيضاً موقعاً في مطار الشعيرات شرق حمص، أبقى الحرس الإيراني” في جميع المواقع التي أخلاها فقط عناصر حراسة بأعدادٍ قليلة جداً.
وسبق أن ذكر موقع دير الزور 24 الإعلاميّ أن ميليشيا مسلحة مدعومة من إيران أخلت مواقعها في الميادين والبوكمال تحسباً من ضربات أمريكيّة.
kitty core gangbang LetMeJerk tracer 3d porn jessica collins hot LetMeJerk katie cummings joi simply mindy walkthrough LetMeJerk german streets porn pornvideoshub LetMeJerk backroom casting couch lilly deutsche granny sau LetMeJerk latex lucy anal yudi pineda nackt LetMeJerk xshare con nicki minaj hentai LetMeJerk android 21 r34 hentaihaen LetMeJerk emily ratajkowski sex scene milapro1 LetMeJerk emy coligado nude isabella stuffer31 LetMeJerk widowmaker cosplay porn uncharted elena porn LetMeJerk sadkitcat nudes gay torrent ru LetMeJerk titless teen arlena afrodita LetMeJerk kether donohue nude sissy incest LetMeJerk jiggly girls league of legends leeanna vamp nude LetMeJerk fire emblem lucina nackt jessica nigri ass LetMeJerk sasha grey biqle