سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

هوسُ التاريخِ والأطماعِ الاستعماريّة

تحقيق/ رامان آزاد – 

في سياقِ خطتها لإحياءِ العثمانيّةِ تركّز حكومة العدالة والتنمية على استهدافِ التاريخِ وتجميله، على أنّه المرحلة التي جسّدت وحدةَ المسلمين تحت رايةٍ واحدةٍ، حتى تآمرَ الغربُ وقسّمَ المنطقةِ. ولأجل هذا الهدف سخّرت أنقرة إمكانياتٍ إعلاميّةً وأقلاماً مأجورةً أنتجت أفلاماً عن الحقبةِ العثمانيّة، فيما واصل مسؤولوها التصريحاتِ بهذا الصددِ لاستكمال لأدواتِ القوةِ الناعمةِ لتبريرِ غزوِ المنطقةِ واستحضرت تفاصيل الماضي وأقحمتها في الحاضرِ.
كذبةُ التاريخِ المجيدِ
لا يفتأ أردوغان يتغنّى بالأمجادِ الوهميّة لأسلافه العثمانيّين وقال: “لقد جعل أسلافنا من أيّ مكانٍ الناسَ ينعمون بالازدهار، لدينا تقاليد الدولةِ التي أرست بيئةً آمنة وسلاماً في جغرافيا واسعة، تمتدُ من أوروبا الوسطى إلى أفريقيا لقرون”.
في مقال كتبه جاك صاموئيل بعنوان “الحكم العثمانيّ والنظام المليّ العثمانيّ” في 30/4/2019، يشيرُ إلى الدولةِ العثمانيّة طوال أربعة قرون وأنّها لم تفلح بإنجازٍ إنسانيّ، وجُلُّ ما ابتكرته هو الخازوق والفتن والحقد والعنصرية والطائفية بحق الشعوب التي احتلتها واتباع نظرية “فرق تسد”، وأنّها كرّستِ الطائفيّةَ التي تحولت من ظاهرةٍ دينيّةٍ إلى ظاهرةٍ سياسيّةٍ تعودُ بجذورها شكليّاً إلى “نظامِ الملل” العثمانيّ، وتزامن ذلك مع دخول السلطنةِ مرحلةَ الانحدارِ، ويذكر صاموئيل أنّ الدولة العثمانيّة التي كانت تدّعي التسامحَ فرضتِ القيودَ على المسيحيين، ففي المجالِ الماليّ فُرضت عليهم الجزيةُ مقابل حمايتهم، ومُنعوا من قرعِ أجراس الكنائس بصوتٍ مرتفعٍ ومن ركوبِ الدواب وحظرت عليهم اقتناء وحمل السلاح والتزين بزي المسلمين وفرضت عليهم ارتداء اللون الأسود والأزرق ومنعت اللون الأبيض وارتداء العمائم ووضعت قيوداً على دفنِ الموتى بدفنهم في مقابرَ بعيدةٍ ولم تقبل شهادتهم بالمحاكم وجعلت شهادةَ المسلمِ في المحاكم تعادل شهادتين من غير المسلمين.
إن الأيديولوجيا التركيّة، التي يعمل حزب العدالة والتنمية على فرضها، تقوده إلى فبركة معلومات مضللة وغير حقيقية في كافة مناحي الحياة، وتقديم تاريخ العلوم بصورة تخالف الحقائق والثوابت. وكعادته في خطاباته الشعبويّة قال أردوغان: “الذين يشرحون التاريخ التركيّ القديم، وينتقلون مباشرة إلى تاريخ الجمهورية، متجنبين ذكر تاريخ حقبة زمنية استمرت 600 عام (في إشارة إلى الدولة العثمانيّة)، هم أعداء لنا”.
إقحامُ أتاتورك في التاريخِ
أتاتورك هو الشخصيّةُ التي يستثمرُها أردوغان لتبريرِ الاحتلالِ وشرعنته، إذ جعل منه أسطورةً شاركت في جملةٍ من الحروبِ، واللافتُ أنّ مسارَ أتاتورك قبل قرنٍ يتوافقُ مع طموحاتِ أردوغان اليوم. ففي تصريح حول خريطةِ طموحاته حاول أردوغان تحريضَ الجانبِ العاطفيّ وابتدع مصطلحَ “الحدود القلبيّة” فقال: “تركيا أكبر من تركيا؛ لا يمكنُ أن نكونَ محاصرين داخل 780 ألف كم لأنّ حدودنا الماديّة تختلف عن الحدود القلبيّة، وتمتد حدودنا إلى الموصل وكركوك بالعراق وحلب وحمص في سوريا ومصراته في ليبيا”، مؤكداً أنّه سيبدأ باتخاذ التدابير اللازمة والتصدّي لأولئك الذين يحصرون تاريخ تركيا في الـ90 عاماً الماضية فقط، وينسون ماضيها العثمانيّ.
خلالَ العدوانِ على عفرين ادّعت وكالةُ الأناضولِ الرسميّة أنّ الجيشَ التركيّ عثر على منزلٍ استخدمه مصطفى كمال أتاتورك مقراً له عندما كان قائداً للجيش السابعِ في فلسطين خلال الحرب العالميّة الأولى ويقعُ في بلدة راجو، وقالت إنّ أتاتورك انتقل في تشرين الأول 1918 إلى حلب ومنها إلى عفرين. وفي 7/7/2018 قال والي هاتاي أردال أطا إنّه أصدر تعليمات بإحياءِ وترميمِ المنزلِ الذي أنشئ عام 1890 بهدفِ تحويله إلى متحفٍ.
والمفارقةُ أنّ جيشَ الاحتلالِ التركيّ استهدف عن عمدٍ المواقعَ الأثريّة في عفرين التي يعودُ تاريخها إلى آلاف السنين، مثل عين دارة وقلعة النبي هوري وهي متاحفٌ طبيعيّة، وبعد الاحتلالِ تمّ تجريفُ العديدِ من التلالِ الأثريّة ومحوها، ونقّب المرتزقة عن الآثار وسرقوا اللُقى والتحف وهرّبوها إلى تركيا. وبذلك يتضحُ أنّ جهودَ الاحتلالِ تنصبُّ في إعفاءِ تاريخِ المنطقةِ ومحوه، وفبركةِ القصصِ التي تخدمُ واقعَ الاحتلالِ.
ومن أجل تبريرِ تدخله السافرِ في إدلب قال أردوغان في 4/3/2010: “بينما كان مصطفى كمال أتاتورك يقاتلُ في جناق قلعة كان يقول عن إدلب بأنّها جزءٌ من الوطنِ التركيّ، وتابع: “من لا يعرفُ ما فعله الأدالبة من أجلِ تركيا جاهل. واعتبر ما تفعله تركيا في إدلب هو ردٌ للدين. وأعلنت تانسو تشيلر في 3/3/2020 تأييدها للعملية المسماة درع الربيع في إدلب واستحضرت ذكرى جناق قلعة أيضاً.
أتاتورك في ليبيا
وفي تبريرِ التدخلِ العسكريّ في ليبيا استنفرت أنقرة كلّ أدواتها ولجأ أردوغان إلى التاريخِ مجدداً للتلاعبِ بمشاعر الليبيين وخلال احتفاليّةٍ للبحريّةِ التركيّةِ في 22/12/2019 قال: إنّ “كمال أتاتورك كان مقاتلاً بالجيش العثمانيّ في ليبيا عام 1911، وكان يكافحُ هناك في الجبهاتِ، لذا يجب علينا اليوم أن نتواجدَ هناك ونقاتلَ أيضاً، لدينا مليون تركيّ يعيشون في ليبيا”.
إلا أنّ المؤرخَ الليبيّ الشيخ الطاهر الزاوي الذي وُلد أواخر القرن التاسع عشر وعاصر نهايةَ الحقبةِ العثمانيّة في ليبيا، كان قد صحّح ونقح التاريخ وأعاد كتابته على أسسٍ رصينةٍ، ويذكرُ عدمَ استقرارِ الحكمِ العثمانيّ في ليبيا ورفض الأهالي له، وأنّ ذلك كان سببَ الإقالةِ السريعةِ للولاة فتمَّ تعيين 15 والياً خلال أعوام (1855-1881) وختم المؤرخُ الزاوي توصيفه لفترة الحكم العثمانيّ في ليبيا بقوله: “لم يرَ فيها الليبيون من آثار الحكمِ الصالحِ ما يحملهم على ذكره بخير” وهذا الوصفُ الشاملُ للحقبة الشنيعة من 1551-1911 التي يحاولُ أردوغان استعادتها.
بالمقابلِ هناك أقلامٌ مأجورةٌ تكتبُ بطائفيّةٍ مقيتة ومنها علي الصلابيّ والذي روّج لأخطرِ كذبةٍ لشرعنةِ تدخّلِ أنقرة الحالي في ليبيا، وادّعى في لقاءٍ مع وكالةِ أنباء الأناضول التركيّة في 9/1/2020، بأنّ العثمانيين دخلوا ليبيا بطلبٍ من أهلها، لتحريرِ بلدهم من الإسبان، مستنداً إلى روايةٍ تاريخيّةٍ مكذوبةٍ تفيدُ بأنّ “وفداً من مدينة تاجوراء (الليبية) قام بالسفر إلى إسطنبول عبر البحر، طالباً النجدة من السلطان العثمانيّ سليم الأول ضد الغزاة الصليبيين”، واستجابةً لمطالبِ هذا الوفد تحرّك العثمانيون لإنقاذ ليبيا التي بقوا فيها لأكثر من 360 عاماً، وبذلك صاغ صورةً مقاربة لطلب فايز السراج رئيس حكومة الوفاق في 26/12/2019 التدخل التركيّ لقطع الطريق على الجيش الوطنيّ الليبيّ بتحرير البلاد.
وفي تقييمه للرواية قال الزاوي: “ومما يشكك في صحة رواية هذا الوفد أنّ الأسطولَ العثماني كان موجوداً في البحر الأبيض، وأنّ القوادَ العثمانيين كانوا يحاربون في الشمال الإفريقيّ وفي تاجوراء وهذا ما يجعلُ النجدة قريبة، توفر على الطرابلسيين مشقة السفر إلى الأستانة”.
 دراما تزوّر التاريخ
واستعانتِ الحكومةُ التركيّةُ بالقوةِ الناعمةِ لترسيخِ أفكارها المضللة، فدعمت أعمالاً دراميّة وسينمائيّة تاريخيّة، أغلبها مزورة، وقامت بتعريبها للوصول إلى عقلِ المواطن العربيّ، وسعت إلى صناعةِ أمجاد والترويجِ لعظمةِ الحضارةِ العثمانيّة والثراء السياسي والاجتماعي والعلمي والثقافي الذي ميزها. والهدفُ تلميعُ تاريخ العثمانيين الدموي، بعدما رأوا مدى تأثير مسلسل “حريم السلطان” الذي عُرض عام 2011، وانتقد أردوغان، وقتها مضمونه واعتبره يشوّه صورة سلطانٍ عثمانيّ، ولتبدأ موجة كتابة وإنتاج مسلسلاتِ التاريخِ وفق الرؤية التي وضعها أردوغان، على يتم أن توريدها للمجتمعاتِ العربيّة لتغيّر انطباعها عن الحقبة العثمانيّة.
أكد أردوغان، في حوار تلفزيونيّ نقلته قناة trt الحكوميّة، أهميّة المسلسلِ التاريخيّ التركيّ “قيامة أرطغرل”، مبيناً أنّه يحظى باهتمامِ وإعجابِ الجميع صغاراً وكباراً، وأنّه حقق نسبة مشاهدة عالية، في ظلِّ الخيالِ السينمائيّ العالي في الدراما التاريخيّة. ويروي المسلسلُ قصةَ حربِ والدِ مؤسس الدولة العثمانيّة كبطلٍ عبر مشاهد له في محاولةِ إقحامه في صفحاتِ التاريخِ، لتأكيد أنّ أرطغرل شارك بالحروب الإسلاميّة ضد الصليبيين، مخالفاً كلّ كتبَ التراثِ التي لم تذكر شيئاً عن تلك المشاركة المزعومة.
كان إنتاجُ المسلسل الماراثونيّ “وادي الذئاب” بغايةِ الترويجِ لسياسةِ أنقرة وحجمِ تأثيرها وحضورها في قضايا المنطقةِ، وبنفس الوقت التشويه المتعمد للقضية الكرديّة، ووضع أردوغان قوانين خاصة بإنتاج الدراما لدعمها وخصص لها ميزانية كبيرة، وزار مواقع التصوير لمسلسل “قيامة أرطغرل” الذي حقق أعلى نسبة مشاهدة، والذي يحكي قصة أرطغرل والد مؤسس الدولة العثمانيّة وأسبغ عليه الصفات الاستثنائيّة، وتمّ إنتاج عملٍ آخر عن عبد الحميد آخر سلاطين العثمانيين في تجميل لنهايةِ الدولةِ وتأكيدِ الحرصِ على مصالحِ المسلمين وتبرئته من التساهل في قضية فلسطين.
انتقد شادي لويس، في تحليل نشره في موقع المدن في 26/5/2017 بعنوان “قيامة أرطغرل: تلفزة الأمة وتتريك الإسلام”، فقال: “ينظر للمسلسل بوصفه رداً فنيّاً على مسلسل “حريم السلطان” الذي لطالما انتقدته قيادات حزب العدالة والتنمية بوصفه تشويهاً لتاريخ الخلافة العثمانيّة وسلاطينها”. فالمسلسلُ موجّهٌ إلى الداخل لخدمةِ خطاب حزب العدالة والتنمية وأيديولوجيته، وسلسلة المؤامراتِ الداخليِّة والخارجيّة ضد بطل المسلسل تؤكّدُ خطابِ الخطرِ الذي لطالما استخدمه أردوغان، وتوسّع في استخدامه بعد الانقلاب الفاشل، وكأنّه يريد أن يقول “إنّ التهديدَ الذي تتعرض له تركيا من الخارج والداخل، هو امتدادٌ لمعركةٍ طويلةٍ وتاريخيّةٍ ترجعُ إلى لحظة تأسيس الأمة نفسها”.
هوسٌ بالتاريخِ العثمانيّ
يصف أردوغان حزب العدالة والتنمية بأنّه “حزبٌ محافظٌ وديمقراطيّ، بمعنى أننا نحافظ على عادات وتقاليد وثقافة الأمة التركية ونسعى لتطبيق ديمقراطية قوية ومتطورة لا تقل عن الديمقراطيات المتطورة في العالم”.
وفي الواقع يعملُ حزب العدالة والتنمية الذي أُنشئ عام 2001، عرّف نفسه بأنّه حزبٌ علمانيّ لا يسعى للتخلص من إرث أتاتورك بالعودة إلى الخلافة العثمانيّة، رغم أنّ مؤسسيه من أبناء الحركة الإسلاميّة في تركيا. وكان رئيس الحكومة السابق أحمد داود أوغلو أحد أكبر المُنظّرين لاستراتيجيته، بالسعي لاستعادة دور تركيا الإقليميّ والنهوض بالديمقراطيّة والحفاظ على التراث العثمانيّ الذي لا يمكن إنكاره، وأطلقت المعارضة اسم “العثمانيين الجُدد”، وأخذتِ الفكرة طريقها للتطبيق مع تولي أردوغان الرئاسة عام 2014.
وفي سياق الرد على الاعتراض الأوروبيّ على عودة تركيا لتاريخها قال أحمد داود أوغلو: حين تحاول أوروبا بأكملها العمل على توحيد الدول وإزالة الحدود بينها، لا تُنعَت بأنها “الإمبراطورية الرومانيّة الحديثة” أو “الرومانيون الجدد”، في حين أننا حين ننادي للجمع بين مَن عاشوا تحت لواء دولة واحدة من قرن مضى، نصبح “العثمانيين الجُدد”. ولكن أوغلو عمد إلى خلط المسائل فالاتحاد الأوروبيّ اتفاق تنسيقيّ سياسيّ اقتصاديّ مع المحافظة على الكيانات السياسيّة الأوروبيّة فيما خطة أنقرة تستهدف تغيير الحكومات وفق هواها على أسا دينيّ.
بفوزه بالرئاسة، بدأ أردوغان ببناء قصرٍ كبيرٍ على طريقة السلاطين العثمانيين، واستقبل أردوغان الرئيس الفلسطينيّ محمود عباس في 12/1/2015 وسط مجموعة من الجنود مرتدين زيّ المحاربين القدامى، وحمل الجنود أعلام 16 دولة أسسها الأتراك في مراحل مختلفة، وتحدثت صحيفة “واشنطن تايمز” الأمريكيّة قبيل الزيارةِ عن أردوغان، ووصفته بـ “العثمانيَ الجديد، إلا أنّ الحزب الحاكم برر المشهد بأنّه دلالةٌ رمزيّةٌ بأنّ الخلافة العثمانيّة أُسقطت لأنّها رفضت التخلّي عن فلسطين، رغم أنّ التاريخ يثبت أن تيوردر هرتزل مؤسس الحركة الصهيونيّة زار إسطنبول خمس وتم تقليده ميداليتين!  والمشهد تكرر لدى استقبال أردوغان الرئيس الأذربيجانيّ إلهام علييف في 15/1/2015.
عند العدوان على عفرين في 20/1/2018 انشغل 90 ألف مسجدٍ في تركيا بقراءة سورة الفتح والدعاء للعدوان الذي سماه زوراً “غصن الزيتون” وسمّى القوات التي غزت شمال سوريا في 9/10/2019 “الجيش المحمديّ وقصد به محمد الفاتح، وودعه بالموسيقا العسكريّة للفرقة الإنكشاريّة الدمويّة
ظهر أردوغان خلال الاحتفال في 29/5/2015الموافقة للذكرى السنويّة 562 لغزو العثمانيين للقسطنطينية وسط 478 رجلاً من الجيش التركيّ، مرتدين الزي العسكريّ العثمانيّ، وسمّاهم “كتيبة الفتح العثماني”، فيما عزفت الفرقةُ العسكريّة العثمانيّة المعروفة باسم “مهترخانة”، والمؤلفة من 84 عازفاً.
في 15/5/2015 وافقت رئاسة الشؤون الدستوريّة بالبرلمان التركيّ على اقتراح نواب حزب العدالة والتنمية بإعداد شعار رسمي جديد للجمهوريّة، هو ذاته شعار الدولة العثمانيّة، والذي ألغي عام 1922 بسقوط الدولة العثمانيّة.
تم احتلالِ مدينة جرابلس في 24/8/2016متوافقاً مع تاريخ وقوع معركة مرج دابق 24/8/1516 وأُعلن عن احتلال مدينة عفرين في 18/3/2018 متوافقاً مع تاريخ معركة جناق قلعة. وفي 3/5/2019 افتتح أردوغان مسجد تشامليجا الأكبر في تركيا وله ست مآذن ارتفاع كلٌّ منها 107.1 م ليتوافق ذلك مع عام وقوع معركة ملاذ كرد التي وقعت في 26/8/1071. كما يتعمد في معظم خطاباته أن يذكر بعضاً من وصايا السلطان سليم أو أن يُذكّرهم بأنّهم أحفاد محمد الفاتح.
kitty core gangbang LetMeJerk tracer 3d porn jessica collins hot LetMeJerk katie cummings joi simply mindy walkthrough LetMeJerk german streets porn pornvideoshub LetMeJerk backroom casting couch lilly deutsche granny sau LetMeJerk latex lucy anal yudi pineda nackt LetMeJerk xshare con nicki minaj hentai LetMeJerk android 21 r34 hentaihaen LetMeJerk emily ratajkowski sex scene milapro1 LetMeJerk emy coligado nude isabella stuffer31 LetMeJerk widowmaker cosplay porn uncharted elena porn LetMeJerk sadkitcat nudes gay torrent ru LetMeJerk titless teen arlena afrodita LetMeJerk kether donohue nude sissy incest LetMeJerk jiggly girls league of legends leeanna vamp nude LetMeJerk fire emblem lucina nackt jessica nigri ass LetMeJerk sasha grey biqle