مونيكا إينجل: هدف تركيا استعمار المنطقة واحتلال الشرق الأوسط

شددت مديرة المنسقية الدولية للأحزاب والمنظمات الثورية  ICORمونيكا غارتنر إينجل، على ضرورة إنهاء الفاشية في تركيا وقيام المجتمع الدولي بإيقافها ومحاسبتها، وأدانت تعاون ألمانيا والبلدان الأوروبية مع الاحتلال التركي في الكثير من المجالات، وأشارت إلى أن ما جرى في (كاري) انتهاك صارخ للقانون الدولي. 

جاء ذلك في حوارٍ أجرته معها وكالة هاوار للأنباء وكان على الشكل التالي:

ـ ما تقييمكم لهجمات المحتل التركي على المناطق الكرديّة وبخاصةً على كاري؟

في الحقيقة إن العدوان التركي على أراضي باشور كردستان والعراق خرق وعدوان ضد القانون الدولي الذي يحرّم مثل هذه الانتهاكات التي لا تراعي أدنى الحقوق الإنسانية من قبل نظام أردوغان التركي الفاشي، حيث يستمر الاحتلال التركي بالهجمات بشتى أنواع الأسلحة ليس في باشور كردستان فحسب بل في شمال وشرق سوريا أيضاً، واحتل عفرين عام 2018 والمنطقة الواقعة بين كري سبي وسري كانيه عام 2019، نحن ندين هذا الاحتلال بأشد العبارات فهذا جزء من سياسة تركيا الاستيطانية في المنطقة بشكل عام.

إن السعي إلى الهجمات والتدخل في العديد من المناطق والدول يأتي في إطار الهيمنة على العالم هو إحدى التطلعات الأساسية للبلدان الاستعمارية وخطط تركيا تصب في هذا الاتجاه، وقد صرح أردوغان بأنه يطالب بمناطق في سوريا والعراق لأسباب أمنية واستراتيجية، لكنه يريد أن تكون هذه المناطق الواجهة لحدود الإمبراطورية العثمانية. وفي الوقت ذاته، فإن سياسة تركيا تأتي كردّة فعل داخلي على الطبقات العاملة والحشود الكبيرة في تركيا التي لم تعد تحتمل ضنك العيش وصعوبته، وأيضًا ضد حركة النضال الكردية التي تحاول الحصول على حقوقها الطبيعية في الحرية.

الدولة المحتلة التركية من خلال الهجمات الخارجية تحاول تهدئة الشارع التركي الغاضب ضد سياسات أردوغان، والعدوان الأخير يصب في هذا الاتجاه، والتبرير الذي تم تقديمه بعد الغزو بأن تركيا تحارب الإرهاب وتدعي كذباً بوجوده في اتهام واضح لحزب العمال الكردستاني، وهذا يخالف الحقيقة تماماً.

قبل الهجوم الذي دام أربعة أيام في منطقة كاري بباشور كردستان بيوم واحد فقط بدأت موجة جديدة من القمع ضد أعضاء حزب الشعوب الديمقراطي ومناصريهم، حيث تم اعتقال أكثر من 700 شخص، ونحن في المنسقية ندين هذه الاعتقالات بشدة ونطالب بإطلاق سراح كافة الناس في تركيا الذين تم اعتقالهم لأسباب سياسية، ولابد أيضًا من إدانة الحكومات الأوروبية العدوان على كاري والاعتقالات والقمع الذي يطال كل من ينتقد حكومة أردوغان.

ـ ماذا تقولين عن العلاقات والتعاون بين الحزب الديمقراطي الكردستاني والاحتلال التركي؟

نحن كمنسقية نرفض هذا التعاون مع الحكومة التركية الفاشية، فهو لا يصب في خدمة الشعب في باشور كردستان قبل الكرد بشكل عام، كما أن سلوك الحزب الديمقراطي الكردستاني يُظهر أن الفكر والسياسات البرجوازية والتبعية لقوى الإمبريالية باتت السمة البارزة لهم، ومن هنا فأن أي تعاون مع المحتل التركي يضر بمصالح الشعب الكردي في كل مكان.

ـ بماذا تصفين الدعم الأوروبي لتركيا رغم كل ما ترتكبه من انتهاكات ضد حقوق الإنسان؟

حكومات البلدان الأوروبية الاستعمارية خاصةً ألمانيا تتعاون مع نظام أردوغان الفاشي، ولا توجد هناك إدانة للاحتلالات والقمع على الشعب الكردي وأيضاً ضد الشعب التركي، بل تعمل على النقيض من ذلك ففي ألمانيا تم سجن ومحاكمة الثوريين الذين ناضلوا ضد القمع والاضطهاد في تركيا، كما في حالة محاكمات ميونخ، حيث تمت إدانة عشرة ثوريين العام الماضي بزعم العضوية لتنظيم ثوري في تركيا، ولم يكن أحداً من هؤلاء العشرة مذنبًا لا في تركيا ولا في ألمانيا.

 وعلى نحو مماثل فقد تمت إدانة النشطاء الكرد الذين تم اتهامهم بالعضوية ودعم حزب العمال الكردستاني وتم توجيه التهم لهم وقمعهم وهذا حدث في الكثير من المرات، من هنا فمن الضروري دعم ومساندة العمال والشباب والحركات الشبابية والثورية في تركي. في تركيا احتجاجات وأنشطة لبناء جبهة متحدة مناهضة للفاشية، وهناك نضال مستمر من قبل العمال ضد عمليات الفصل بحقهم، وأيضاً من أجل زيادة الأجور والرواتب، وهناك أيضًا احتجاجات الشباب من طلاب الجامعات كما حدث في جامعة البوسفور.

نحن ننسق مع المنظمات العالمية والأوروبية من أجل تغيير هذا الواقع، كما إننا ننظم التضامن ونعزز التعاون الدولي للعمال والشباب والحركات النسائية والثورية، كما ننظم أيضًا حملات التضامن ضد الاعتقالات التي تطال الثوريين والشيوعيين أو الماركسيين –اللينينيين، التضامن الفعلي له أهمية كبرى بالنسبة لمنظمتنا، وكان بناء المركز الصحي في كوباني عام 2015 من قبل 177من أعضاء الـ ICOR من عشرة بلدان مثالًا على هذا النوع من التضامن.

قبل أيام قليلة فقط، علمنا أن أكثر من 23 ألف طفل قد ولدوا هناك، كما أن مجموعة تبرّع طبية تعمل هناك أو تقوم بأعمال يومية منسقة على نطاق العالم منذ ذلك الوقت، الأمر الذي يصب في هذا الإطار.

علينا النضال في سبيل إنهاء الفاشية في تركيا كخطوة أولى، أما النظريات الأخرى فتكمن في النضال من أجل اشتراكية حقيقية ومجتمع بدون استغلال وقمع وتطبيق حي للديمقراطية، ونحن في المنظمة لا ندخر أي جهد للنضال من أجل اشتراكية حقيقية في بعض البلدان التي يجب أن تتغير فيها مقاييس التعامل مع مجتمعاتها كما هو حال تركيا، والأمر الآخر الهام الذي تناضل من أجله منظمتنا هو التنسيق الدولي والتعاون مع الحركات والمنظمات الثورية في كل مكان.

ولا بد أن نعلم بأن حلفاء الكرد ليسوا من المعسكر الاستعماري أو الحركات البرجوازية، كما في ألمانيا الذين يقدمون أنفسهم كديمقراطيين ولكن في الواقع يتجاهلون حقوق الشعب الكردي، وسياساتهم تعادي الأحزاب الذين لهم علاقات مع الحركات الثورية العالمية ومن بينها حزب العمال الكردستاني، في البلدان الاستعمارية في أوروبا نفسها لا بد من تنظيم النضال ضد تعاون تلك البلدان مع النظام الفاشي في تركيا.

وفي هذا الإطار نحن نتوجه لبناء جبهة واحدة مناهضة للإمبريالية والفاشية التي بدأتها منظمتنا و ILPS الرابطة الدولية لنضال الشعوب، باختصار الصراع الإمبريالي الرأسمالي من أجل الهيمنة على العالم يقوم على حساب الشعوب، الأمر الذي يتطلب التنمية باتجاه اليمينين في بلدان كثيرة ومن ثم يتم تأسيس الأنظمة الفاشية، والدلائل تؤشر بأن هناك تحضيرات لحرب استعمارية جديدة.

 ولمعارضة ما يجري في الكثير من البلدان لدينا محاولات جادة لبناء جبهة مناهضة للإمبريالية التي لا بد أن تكون أيضًا مناهضة للفاشية، وفي هذه الأوقات هناك إضرابات ومظاهرات كبيرة تجري كل يوم في جميع القارات، ونحن ندعو الطبقة العاملة العالمية والبروليتاريا الصناعية المعاصرة أن يكونوا النواة كي نكون قادرين على التصدي لنظام العالم الإمبريالي، وتصبح المبادرة في أيدينا فيما لو اتحدنا، على أن تكون الطبقة العاملة العالمية الأساس والقوة القيادية في الجبهة المتحدة المناهضة للإمبريالية، إن التعاون بين الأحزاب والمنظمات واتحادات التجارة والصناعة في تركيا وسوريا والعراق وإيران له أهميته الكبرى في هذا الاتجاه.

ـ ما هي دعواتكم لشعوب الشرق الأوسط؟

النظام العالمي الاستعماري يهتز في الأزمات وقد ظهرت نزعة سريعة باتجاه أزمة مجتمعية عامة في النظام العالمي، حيث نجد الشعوب يثورون في بلدان كثيرة على ظروف معيشتهم خاصةً في الشرق الأوسط، ما يميزه عن غيره من نضالات العمال العديدة والحركات الشعبية سواء في كردستان أو فلسطين أو في إيران بالإضافة لبلدان أخرى.

هناك شعبان في الشرق الأوسط على وجه الخصوص ليس لهما دولة خاصة بهما، هما الكرد والفلسطينيون ونضالهما المشترك يتطلب التخلي عن بعض التحفظات التي قد تستفيد منها الدول الاستعمارية، الكرد قوة كبرى للشعوب التي تعيش في الشرق الأوسط التي تناضل من أجل الحصول على السلام والحرية والاشتراكية والديمقراطية، والموقف العام يتطلب حلًّا ثوريًّا جذريًّا، وفي النهاية يمكن القضاء على الإمبريالية فقط عن طريق بناء دول اشتراكية حقيقية في العالم.

 الاشتراكية أو الشيوعية هي المنظور الوحيد لشعوب العالم، ولا يوجد هناك حل وسط بين الرأسمالية والإمبريالية والاشتراكية، حيث هناك الأوهام كما في العراق أي أن مصالح الطبقة العاملة والجماهير الغفيرة يمكن تمثيلها بالاستقلال الديمقراطي فهذا الأمر ينتهي بالخضوع للإمبرياليتين.

وفي هذا الإطار، فإن تقوية الأحزاب اللينينية – الماركسية في البلدان كل على حدا والتطور الكبير لتعاونها هو أمر أرغب به كثيرًا، وباعتقادي أنه الحل الأمثل لشعوب الشرق الأوسط.

ومنظمتنا ممثلة بـ 60 منظمة عضوة في القارات الخمس حول العالم ونحن نعمل بجدٍّ على تقوية العمل المشترك بشكل أكبر، أود القول إن المؤتمر الثالث الناجح لـ ICOR في الشرق الأوسط الذي جرى قبل أكثر من عام، ومن خلاله تم التوصل إلى القرار الهام حول الشرق الأوسط لدعم شعوبها ضد الهجمات الاستعمارية الجديدة.