سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

ملف إدلب من طاولة أستانة إلى الميدان

بدرخان نوري_

ملف إدلب هو الشائك بالنسبة لموسكو، لاعتباراتٍ عديدة في مقدمتها بسببِ تعدد الجنسيات للمرتزقة وبخاصةٍ من العائديّة الروسيّة، والمخاطر المستقبليّة فيما لو عادوا إلى بلادهم، ولذلك كان سعيها في إطار أستانة لإيجاد صيغة تسوية حول المحافظة واعتماد آلية القضم التدريجيّ، وإذ تدرك أنقرة ذلك فقد حاولت أن تكون صيغة التسوية صفقةً تجني عوائدها في المناطق الخاضعة لاحتلالها المباشر بإعادة اللاجئين السوريين إليها وترسيخ التغيير الديمغرافيّ فيها باعتباره رافعة استمرار الاحتلال باحتفاظها بعاملِ الفوضى.
موسكو وأنقرة واستثمار مختلف للفوضى
 يستمر العمل منذ سنوات على معادلة مضمونها أنّ كلّ تصعيدٍ عسكريّ في إدلب تُجنى عوائده في المناطق التي تحتلها أنقرة مباشرة، ذلك لأنّه من غير الممكن ميدانيّاً بالنسبة لموسكو ودمشق إنهاء ملف إدلب دفعة واحدة في إطار عملية عسكريّة متواصلة ومتكاملة، بالنظر إلى الكثافة السكانيّة في المحافظة، الأمر الذي سيؤدي إلى موجاتٍ كبيرة من اللاجئين عابري الحدود وارتفاع التكلفة بالأرواح، ولذلك تم اعتماد آلية القضم التدريجيّ، والتناوب ما بين حدي التصعيد والهدنة، وكان من تطبيقاتها  الميدانية المباشرة إنشاء نقاط المراقبة وإنشاء منطقة عازلة منزوعة السلاح وفق اتفاق سوتشي 17/9/2018، وإقرار وقف إطلاق النار في 5/3/2020.
 الدورُ الروسيّ في سوريا لم يُنهِ الأزمةَ بل غيّر مسارها، وبذلك كسبت عاملَ الزمنِ، وبالتنسيقِ مع أنقرة انخفضتِ الكلفةُ إلى الحدِّ الأقصى، وطبقت موسكو في سوريا عِبراً استخلصتها من حربِ الشيشان، والمجاميع المسلحة التي كان توصيفها بالإرهاب ذريعة نقلهم وحشرهم في جغرافيا محدودةٍ، ستنخرطُ دائماً في صراعاتٍ على تقاسم النفوذ والسيطرة، وستتحول تلقائياً إلى الارتزاق، والبندقية التي كانت تُوصف بأنّها ثوريّة أصبحت مأجورةً، في خدمة أجندة أنقرة الاحتلاليّة. وسيخلق التغيير الديمغرافيّ تجميعاً سكانياً جديداً يفتقر لعوامل توصيفه بالمجتمع فلا تتوفر فيه عوامل الاستقرار والانسجام، وهذا شأن كلّ تجميعٍ أُوجد بقوة السلاح على أرضٍ محتلة مستولى عليها بقوة السلاح، وستظهر التبايناتِ المناطقيّةَ والعشائريّةَ من وقتٍ لآخر وتنفجرُ في صراعاتٍ مسلحةٍ.
وفيما تعوّل موسكو على الفوضى في استنزاف عوامل الأزمة، فإنّ أنقرة تحول استثمارها لفرض شروطها، ولذلك احتضنت كلّ المرتزقة وشكلت جيشاً انكشارياً استقطب أيضاً الهاربين من “داعش”، فيما خصت مرتزقة “هيئة تحرير الشام” بدعم خاص، ومنحتها هامشاً أكبر من الاستقلاليّة ليكون ثمن الصفقة أكبر.
في حقيقةِ الأمر، تعوّلُ دمشق على عاملِ الزمنِ، لاستنزافِ كلّ من تعتبرهم خصومها، وترى أنّ المتغيراتِ كلها تصبُّ في صالحها على المدى الطويلِ، ووفقاً لهذا المعطى تدفعُ موسكو باتجاهِ إيجادِ صيغةِ مصالحةٍ بين دمشق وأنقرة، وإن هذا حصل فهو يعني إنهاءَ خصومِ الجانبين، فدمشق تشترطُ إنهاءَ المجموعات المرتزقة، فيما أنقرة تشترطُ إنهاءَ الكردِ، ولذلك تطرح موسكو صيغةً معدلةً لاتفاقِ أضنة، وبعبارة أخرى، شرعنة الاحتلال التركيّ، ورغم أنّ المسار تحولُ دونه عقباتٌ كثيرةٌ. ويبدو أنّ دمشق حسمت قرارها عبر حضورها اجتماعات أستانه، وتتطلع إلى صيغة تفاهم مع أنقرة تنعكس آثارها على مسار الأزمة.
العقبة الكبيرة في حلّ الأزمة السوريّة تكمن في أسلوب استثمار الفوضى والإرهاب ليكون أداة ضغط على أطرافٍ أخرى، وتلك رؤية موسكو في ترجمتها التناقض مع واشنطن، ولكن الميدان السوريّ أصغر من استيعاب تناقض بين القوى الكبرى، يؤكد لك انفجار المزيد من الأزمات ومنها الحرب في أوكرانيا وغزة، وجمود ملف مرتزقة داعش المحتجزين في سوريا، ونشاط خلاياه.
المسيّرات متغيّر ميدانيّ 
مع مطلع شباط الحالي ارتفعت وتيرة التصعيد العسكري من جانب قوات حكومة دمشق في إدلب، ولجوئه إلى استخدامِ الطائرات الانتحارية من طراز FPV محلية الصنع والتي تحمل مواداً متفجرة وتُطلق من الحد الأمامي، لاستهداف أهداف قريبة من خط التماس، في محافظة إدلب. وجاء التركيز عل استهداف الدراجات النارية كونها كانت وسيلة تنقل المرتزقة بين خطوط المواجهة.
ويشير مراقبون أنّ التصعيد في إدلب انعكاس لتوتر العلاقة بين موسكو وأنقرة في الآونة الأخيرة، بالتزامن مع تحسنٍ في العلاقة التركيّة الأمريكيّة، وموافقة على صفقة طائرات إف ــ 16. على خلفية رفع الفيتو عن انضمام السويد إلى الناتو، وفيما تسعى تركيا لعقد صفقة على حساب إدلب تتشاطر موسكو ودمشق الرغبةَ في استعادةِ السيطرةِ على المحافظة. والجديد استخدام المسيرات الانتحاريّة، والتي تعدُّ تحولاً ميدانيّاً، ويعني بالمعطى العسكريّ عمليات قنص للمرتزقة بكلفة أقل ودون خسائر بالأرواح كما في الاشتباكات المباشرة.
ــ الأحد 11/2/2024، شهد تصعيداً عسكريّاً من جانب قوات حكومة دمشق باستهدافه مواقع مرتزقة الاحتلال التركيّ بريف إدلب وطال القصف الصاروخي مواقع وتحصينات المرتزقة في محيط بلدات: سرمين، معارة النعمان، كنصفرة، النيرب، كفر عويد ومدينة أريحا وقرى الواسطة والقصر وتقاد وكفر نوران بريف حلب الغربي. ومواقع هيئة تحرير الشام على محور جبل التركمان شمال اللاذقية بشكلٍ مكثف وعنيف واستهدف مبنى يتمركز فيه المرتزقة بمحيط قرية “القرقور بريف حماة الغربي، ما أدى لمقتل وإصابة العديد من المرتزقة.
ــ الإثنين 12/2/2024 قتل وأصيب عدد من المرتزقة باستهداف جيش النظام بثلاثة طائرات مسيرة انتحارية دراجات نارية تابعة لمرتزقة “الأنصار الإسلام” و”لواء عثمان” على محور الشيخ سنديان وتجمع لهم قرب بلدة اشتبرق. وعرف من القتلى: أبو علي غوطة الملقب خبيب الشامي، أبو علي المختار من سهل الغاب، ومرتزقة أجانب من “أنصار الإسلام” والحزب التركستانيّ الصيني وأعلن المرتزقة عبر مجموعات على واتساب انقطاع طريق إمدادهم من جسر الشغور باتجاه السرمانيّة بريف إدلب الغربي بسبب رصده بالطيران المسيّر الانتحاريّ. واستهدفت مدفعية جيش حكومة دمشق قريتي الفطيرة ودير سنبل بجبل الزاوية، وبلدتي سرمين وآفس بريف إدلب وقرى الواسطة والقصر والمطرودة والقصر وميرناز بريف حلب الغربي
ــ الثلاثاء 13/2/2024 قُتل جنديان في استهداف لجيش الاحتلال التركي، نقطةً عسكرية لجيش حكومة دمشق على أطراف قرية تل المضيق بمنطقة الشهباء. وقُتل المساعد أول “منهل نديم علي”. وطال القصف المدفعي المكثّف، قرى بينه وكالوته وبرج القاص ومياسة بناحية شيراوا استمرارًا للقصف الذي بدأ منتصف الليل ما أسفر عن استشهاد المواطن “جوان عزت أسود” وإصابة المواطن “عدنان كدو” بجروح بليغة، من أهالي قرية بينه/أبين. وقصفت مدفعية جيش حكومة دمشق، قرى: تديل وكفر تعال وكفر عمة والواسطة ومحيط مدينة دارة عزة بريف حلب الغربي. واستهدفت بطائرات مسيرة انتحارية سيارة ونقاط “هيئة تحرير الشام” على محور كفر عمة بريف حلب الغربي ما أدى لمقتل مرتزقين وإصابة أربعة آخرين، بالتزامن مع استهداف القرية بقذائف الهاون. وقتل مرتزقان من أنصار الإسلام على محور السرمانية باستهدافهم بطائرة انتحاريّة.
ــ الأربعاء 14/2/2024 اندلعت اشتباكات عنيفة بين جيش النظام وهيئة تحرير الشام على محور معارة النعسان بريف إدلب الشرقي. واستهدفت مدفعية جيش النظام قرى: فليفل بجبل الزاوية وقرية سان ومدينة سرمين جنوبي إدلب وقريتي كفر تعال وكفر عمة بريف حلب الغربي.
ــ الخميس 15/2/2024 استهدف جيش حكومة دمشق بالمدفعية الثقيلة قرية كفر تعال غربي حلب ومواقع “هيئة تحرير الشام” على محور معارة النعسان بريف إدلب الشرقي، وفليفل بجبل الزاوية، وسط تحليق مكثّف لطيران الاستطلاع الروسي في أجواء المنطقة. واستهدف بطائرة مسيّرة انتحارية دراجة نارية يستقلها عنصر بلواء “حمزة بن عبد المطلب” المنضوي في تنظيم “هيئة تحرير الشام”، على الطريق الواصل ما بين قريتي المنصورة والقرقور بسهل الغاب بريف حماة، ما أسفر عن إصابته بجروح بليغة. واستهدف بمسيرة انتحارية قرية الدقماق بمنطقة سهل الغاب ما أسفر عن إصابات أيضاً.
ــ السبت 17/2/2024 قصفت قوات حكومة دمشق بثمانية صواريخ محيط القاعدة التركيّة في مطار تفتناز والطريق العسكريّ بين النقاط التركيّة في بلدة آفس والمطار بريف إدلب الشرقي. وقصفت بصواريخ شديدة الانفجار محيط قرية الفطيرة وطال القصف المدفعي حرش قرية بينين بريف إدلب الجنوبي. وشهد محور كبانة بجبل الأكراد شمالي اللاذقية قصفاَ عنيفاً متبادلاً بين قوات النظام وغرفة عمليات “الفتح المبين.
إعادة صياغة عبر قطع الرواتب 
يشكل المال العامل الأساسيّ للارتزاق، وفيما تتحكم أنقرة بدفع الرواتب للمرتزقة السوريين وتؤخر دفعها لأشهر، فإنّها تدرك أنّ من نتائج ذلك زيادة في حجم الانتهاكات في المناطق المحتلة، وعمليات الاختطاف للمساومة على أرواح الأهالي وجرائم السرقة والسلب والاستيلاء على الممتلكات، وبذلك تستثمر الفوضى في إنفاذ خطتها وبخاصة في المناطق الكرديّة، دون تدخل مباشر منها، وليكون المرتزقة في واجهة المسؤولية المباشرة، كما أنّ ذلك يمنحها موقع المرجعية التفاوضية وفرض شروطها، وأما ذريعة الأمن القوميّ فإنّ كلّ الأطراف الضالعة في المفصل السوريّ تدرك أنّها ذريعة افتراضية لا أساس لها.
معلوم أنّ الارتزاق تابعٌ مباشر للمشغّل، وهو ما أمكن أنقرة في عدة مراحل على إعادة صياغة المرتزقة السوريين باسم “الجيش الوطنيّ” منها قبيل العدوان على عفرين في 30/12/2017، وكذلك في 5/8/2019 قبيل العدوان على شمالي سوريا.
كشفت مصادر أنّ أنقرة بصدد إعادة صياغة المرتزقة مجدداً، بما يتناسب مع مقتضيات المرحلة الحالية، وقد بدأت عملياً تلك الخطوات على مراحل عبر استخدام “مرتزقة هيئة تحرير الشام” كعصا التأديب وأتاحت لها المجال للتدخل في مناطق ريف حلب الشمالي والشرقي عبر اشتباكات عنيفة. وإذ تخشى مجاميع المرتزقة أنّ تكون قربان المسار التصالحيّ، فهي بالوقت الذي ترفع صوتها رافضة المسار، فإنّها لا تجرؤ على الخروج من بيت الطاعة التركيّ، وتخشى أن يؤدي بها المآل إلى مراكز التسوية.
تفيد معلومات متداولة بأنّ سلطات الاحتلال التركيّ بصدد تخفيض عدد المرتزقة وتفكيك بعض الكيانات، وهو ما قد يفتح المجال لمزيد من الفوضى، ويوسع مساحة دورها، ومن المزمع أن يطال التغيير مسميات أوجدها أنقرة من غير دور فاعل من قبيل وزارة الدفاع والمجلس الاستشاريّ، وإيجاد صيغة لمجلس عسكريّ بالتنسيق مع أطراف أستانه، على أن يضم ضباطاً أتراكاً. وتداولت المواقع الإعلاميّة أرقاماً لعدد المرتزقة الذين سيشملهم قطع الراتب وتابعيتهم:
ــ مرتزقة القوة المشتركة (سليمان شاه ــ الحمزات) قطع راتب 500 مرتزق.
ــ مرتزقة الجبهة الشامية قطع راتب 500 مرتزق.
ــ مرتزقة لواء حسام حافظ (الفرقة 51) قطع راتب 225 مرتزق من أصل 350.
ــ مرتزقة فوج المصطفى (فيلق الثالث) قطع راتب 125 مرتزق من أصل 250.
آلية خفض التمويل لن تقتصر على قطع الرواتب وحسب، بل وقف الاستفادة من عوائدِ المعابر الأساسيّة، واعتماد معبر أساسيّ بين إدلب وعفرين المحتلة يعمل بإشراف الاستخبارات التركيّة.
على أنَّ الخطة ستُوضع محلَّ التطبيق العمليّ بنهاية العام الحالي، وباستمرار التصعيد العسكريّ في إدلب والفوضى في المناطق المحتلة على مدى الأشهر القادمة ستكون فرصة التطبيق كبيرة بحرق كلّ الخيارات الأخرى. والنتيجة المفترضة للخطة أن تكون عفرين وباقي المناطق المحتلة بديلة إدلب.
مزيد من إجراءات الميدان 
يُذكر أن مرتزقة “الحمزات” أعلنت على معرفاتها مطلع الشهر الحالي أنّ الجناح العسكريّ بدأ إنتاج طائرات مسيّرة، يبلغ مدى طيرانها مسافة 20 كم، ويمكنها حمل وزن ٢٠٠ كيلو غرام من الذخيرة. وذكرت شبكة نشطاء عفرين أنّ “هيئة تحرير الشام” نقلت معملاً لصناعة الطائرات المسيرة الانتحاريّة إلى مناطق سيطرة ميليشيا “الحمزات” في ناحية شيراوا.
كما تم تداول تقارير إعلاميّة حول صناعة “هيئة تحرير الشام” للطائرات المسيّرة، فقد نشرت وكالة نورث برس في 10/2/2024، تقريراً قالت فيها أنها حصلت على معلومات حصريّة تشير إلى وجود مصنع للهيئة في قرية عين البيضا بريف اللاذقية. والمصنع عبارة عن مدرسة تم تحويلها لمصنعٍ لتصنيعِ المسيرات.
بجمع هذه التفاصيل والأخذ بالاعتبار أنّ هذه الخطوة جاءت بعد عمليات نوعيّة لقوات تحرير عفرين في قرى شيراوا وبخاصة العملية التي نفذت في 30/1/2024، وكذلك في وقتٍ تتعرض فيه العديد من المواقع في إدلب لقصف الطيران الروسيّ، إذ تسعى موسكو إلى تدمير القوة العسكريّة لهيئة تحرير الشام، يمكن استنتاج أنّ أنقرة تسعى لرفع مؤشرات المخاوف لتحسين موقفها التفاوضي مع موسكو، وإيجاد صيغة صفقة معها بحيث تكون المساومة حول إدلب فيما الدفع في عفرين المحتلة.
وفي تأكيد على المتغيرات الميدانيّة، ذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان أنّ تعزيزاتٍ عسكريةً تركية دخلت من معبَري باب الهوى والبوابة الحدودية العسكريّة قرب قرية كفرلوسين شمالي إدلب، واتجهت نحو النقاطِ التركية المنتشرة في ريف المحافظة، وذلك في إجراءٍ هو الرابع من نوعه خلال شباط الجاري والخامس منذ بداية العام.
وبحسب المرصد، فقد شملت التعزيزاتُ التي دخلت الأراضي السوريّة الخميس 15/2/2024، اثنتي عشرة شاحنةَ إمدادٍ لوجستيٍّ وأكثرَ من خمس عشرة مدرعةً ناقلةً للجنود، دون تحديد مكان النقاط التي توجّه إليها هذا الرتل. وسبق للاحتلال التركي أن أدخل خلال شباط الحالي مئاتِ الآليات العسكريّة المحملة بالعتاد الحربيّ والجنود إلى مناطقَ في ريفَي إدلب واللاذقية.
بالمجمل ما يجري حالياً عبارة عن ترجمةٍ ميدانيّةٍ لما تمّت مناقشته على طاولاتِ أستانه، وبإضافة التصعيد الذي تمثله من تسمي نفسها “المقاومة الإسلاميّة في العراق” والتي تدعمها طهران يبدو أنّ ثمة تقاسماً جغرافيّاً لإنفاذ التوافق، والأدوار تتكامل.
kitty core gangbang LetMeJerk tracer 3d porn jessica collins hot LetMeJerk katie cummings joi simply mindy walkthrough LetMeJerk german streets porn pornvideoshub LetMeJerk backroom casting couch lilly deutsche granny sau LetMeJerk latex lucy anal yudi pineda nackt LetMeJerk xshare con nicki minaj hentai LetMeJerk android 21 r34 hentaihaen LetMeJerk emily ratajkowski sex scene milapro1 LetMeJerk emy coligado nude isabella stuffer31 LetMeJerk widowmaker cosplay porn uncharted elena porn LetMeJerk sadkitcat nudes gay torrent ru LetMeJerk titless teen arlena afrodita LetMeJerk kether donohue nude sissy incest LetMeJerk jiggly girls league of legends leeanna vamp nude LetMeJerk fire emblem lucina nackt jessica nigri ass LetMeJerk sasha grey biqle