تعرض الشعب الأرمني عبر تاريخه إلى سيل من الانتهاكات والاعتداءات في فترات التاريخ كالشعوب التي سكنت منطقة الشرق الأوسط، فقد نفذت الإمبراطورية العثمانية مذبحة ضد الأرمن في 24 نيسان عام 1915 راح ضحيتها أكثر من مليون ونصف أرمني.
ضد سياسات الإبادة الجماعية هذه، وبعد ثورة 19 تموز عام 2012، بدأ الأرمن، الذين يعيشون في شمال وشرق سوريا تنظيم أنفسهم، وشكلوا مجالسهم التنفيذية وانشؤوا قوتهم العسكرية الخاصة، وبمناسبة الذكرى السنوية للإبادة الجماعية للأرمن، تحدثت وكالة أنباء المرأة مع مقاتلات كتيبة الشهيد نوبار أوزانيان الأرمنية التي أُسست عام 2019.
معاناة الأرمن
تحدثت زابيل هوسيان في البداية عن الهدف من المجزرة، وكيف تم تنفيذها: “ذبح وقتل العثمانيون في البداية الطلاب والمثقفين والعلماء، ثم وسعوا المذبحة، وقتلوا أكثر من مليون ونصف أرمني، ولم ينته هذا في عام، بل استمر لعدة أعوام، وكان الهدف من المجزرة تدمير قوة الشعب الأرمني، والقضاء على قيمه، ومعرفته بالعلم والتقدم، بالطبع كانت هناك دول كثيرة تقف بجانب العثمانيين، وتعاونت معهم في مذبحتنا، وبعد توجه قوافل الأرمن إلى سوريا، فقد قسم منهم حياتهم في الطريق بسبب العطش والجوع، فأخذت العائلات أطفال من فقدوا حياتهم، وتبنوهم وقاموا برعايتهم. فأصبح أولئك الأطفال مسلمين، حيث كبروا وترعرعوا بين الكرد والعرب وتعلموا ثقافتهم، بالطبع عانى الأرمن كثيراً، فأثناء المذبحة قادهم العثمانيون في قوافل، وأجبروا الأمهات على طهي لحم أطفالهن الموتى، وإطعامها لأطفالهم الآخرين، أيضاً عندما كانت أقدام الأطفال تجرح وتنزف من المشي لمسافات كبيرة، كان العثمانيون يربطون النعال التي توضع في أرجل الأحصنة بأرجل أولئك الأطفال، كما كان يتم اختطاف الفتيات حديثات الولادة، وذبح الذكور في الكنيسة، الإبادة الجماعية للأرمن التي بدأت في تركيا، استمرت وامتدت إلى دير الزور”.
المذابح والظلم ماثلان بفكرنا وبأعيننا
وتحدثت زابيل هوسيان عن عملية تنظيم الشعب الأرمني في شمال وشرق سوريا: “بعد أن كبر أولئك الأطفال عرفوا من أمهاتهم، وآبائهم أنهم من أصل أرمني، لذلك بدؤوا البحث عن الحقيقة، إلى أن توصلوا إليها. بعد ثورة 19 تموز التي حدثت في روج آفا، اجتمع الشباب الذين عرفوا أنهم أرمن، وأنشؤوا كتيبة الشهيد نوبار أوزانيان، والتي انضمت إليها النساء أيضاً فيما بعد، واليوم، وكأحفاد الأرمن الذين ذبحوا في المجزرة، فإننا نعيد تنظيم أنفسنا مع ثورة روج آفا، حتى لا تحدث المجازر مرة أخرى، ولا يعاني شعبنا من الآلام التي عانى منها قبل مئة عام، لقد أبادنا العثمانيون، لكننا أعدنا بناء أنفسنا من جديد، والآن نتعلم ثقافتنا ولغتنا ونطورها، ولن ننسى الفظائع والظلم الذي اُرتكب ضد أجدادنا! ولكي نمنع مثل هذه المجزرة من الحدوث مرة أخرى، نحن موجودون اليوم وسنكون موجودين”.
“هم يهاجموننا، ونحن ننظم أنفسنا ونكبر”
بيَّنت يريفان أوزانيان التي انضمت إلى الكتيبة عام 2022، سبب انضمامها وهدفها وقالت: “والدي أرمني، وقد حدثنا دائماً عن المجزرة وما حدث، ثم سمعت أن هناك كتيبة خاصة بالأرمن يتجمعون فيها، لذلك قررت الانضمام إلى الكتيبة. داخل المنزل لم نتحدث الأرمنية، فقط جدتي كانت تعرف اللغة الأرمنية، ولكن بعد أن انضممنا إلى الكتيبة تلقينا تعليماً للغة الأم، وحمل السلاح في هذا العمر كرد على الإبادة الجماعية، التي ارتكبها العثمانيون ضدنا يعتبر غير كافٍ، ويجب أن نفعل شيئاً أكبر من ذلك بكثير، إن الأرمن والآشوريين والسريان والكرد، والعرب وكل القوميات التي تعيش في شمال وشرق سوريا تتعرض اليوم لهجمات الاحتلال التركي، ووحدة هذه القوميات هي أقوى رد وضربة للعدو، لذلك يزيد العدو من هجماته على وحدتنا، نحن أيضاً نزداد مع مرور الوقت، وتنضم المزيد من النساء إلى الكتيبة”.
“يريفان عاصمة الدولة الأرمنية”
لفتت يريفان أوزانيان الانتباه إلى معنى اسمها وقالت: “يريفان هو اسم عاصمة الدولة الأرمنية، لذلك حصلت على اسمي من عاصمة بلدي، وكنيتي من كنية الشهيد نوبار حتى يتمكن كل من يناديني من الإحساس ببلده، وكيلا ينسى لماذا، ومن شكل هذه الكتيبة. أنا انضممت إلى الكتيبة الأرمنية، وأنضم إخوتي إلى وحدات حماية الشعب YPG، كلتا القوتين واحدة لأن هدفنا واحد ومشترك، عندما يتحد أعداؤنا، يجب علينا نحن أيضاً أن نتوحد ونكمل بعضنا”.
“ليست أختي، إنها رفيقة دربي”
وأوضحت كوهار كايبكايا أيضاً أنها وشقيقتها بعد معرفتهما أن أصلهم أرمني، انضمتا إلى كتيبة الشهيد نوبار، وتسيران معاً على طريق الحرية كرفاق درب: “بعد أن عرفت من أصدقائي أن أصلي أرمني، انضممت إلى الكتيبة، وبعد ستة أيام ذهبت، وأحضرت أختي أيضاً وانضممنا إلى الكتيبة كمقاتلات ورفاق درب، لا يعرف المحيطون بنا إننا أخوات، فنحن نتعامل مع بعض كأصدقاء، ونحترم بعضنا، أكثر ما يسعدنا هو انضمام امرأة أرمنية جديدة إلى الكتيبة، واكتشافها لتاريخها، وملاحقتها للحقيقة المخفية، وفي الوقت نفسه فإن تجمعنا معاً يفرح قلبي، ولأن مصير كل القوميات مرهون بالهجمات والاعتداءات، التي تشن عليهم اليوم، لن نسمح بتعريض شعبنا للخطر، ولتحقيق هدف المحتلين”.
وكالة أنباء المرأة
