الرسم والنحت على الخشب مهنة امرأة تحدت الصعاب في مشروعها الصغير

الرقة/ لافا إسماعيل ـ

خديجة النزال تختتم مشوار أربع سنوات من العمل الجاد في المنزل بالأعمال اليدوية بمشروع صغير، يوفر فرص عمل متنوعة لهنَّ.

تختلف القصص، وتتنوع من نجاح إلى آخر، ولكن هذه القصص تحمل بين طياتها قصصاً من الكفاح والمشقة، التي تُصهر أمام قوة الإرادة والعزيمة، ومن هذه القصص امرأة صنعت من موهبتها وعملها الجاد مشروعها الخاص.

وقد اختارت مجال النحت والرسم على الخشب، ذلك الفن، الذي اشتهر به الرجال لعصور إلا أن أناملها الناعمة ترسم لوحاتها، بدقة وبمهارة عالية، وتحفرها على الخشب، مشكلة بيديها تحفاً فنية، ورسومات ماهرة جميلة، ويشهد مشروع محلها الصغير على قصة كفاح امرأة من الرقة تشق طريقها نحو تحقيق حلمها، والاكتفاء الذاتي.

مشروع صغير

خديجة النزال 34 عاماً، بدأت رحلتها في مجال الفن من خلال الرسم والأعمال اليدوية، حيث تعلمت من والدتها مهنة الخياطة والتطريز في الصغر، فقد كانت تراقبها بشغف، وبعد أن أدركت خديجة سر نجاح طريقها؛ أكملت دراستها في معهد إعداد المدرسين، وتابعت في مركز الفنون التشكيلية.

تلقت التعليم خلال دراستها الفن؛ فبدأ معها مشوار الخبرة، ونالت أعمالها اليدوية الإعجاب والتقدير: “بدأت بصنع العديد من الأعمال اليدوية في المنزل لأربع سنوات متتالية”.

أحلام خديجة لم تتوقف هنا، فالبيع في المنزل تحول إلى افتتاح محل خاص لما تنتج: “بعد أن نلت خبرة مقبولة في مجال الرسم والأعمال اليدوية، دعمني أهلي على توسيع مجال عملي”.

فكما يقوم الأهل بتقديم الدعم لأولادهم وتشجيعهم على استكمال مسيرتهم في الأعمال، التي يحبونها، تلقت خديجة الدعم من ذويها، وأصدقائها، وكل من كان يقبل على مصنوعاتها، لتقدم على خطوة مصيرية قد تبوء بالفشل، وهي افتتاح محل صغير للأعمال اليدوية والمنحوتات الخشبية، ضمن المدينة.

تخلل المشروع عدة مراحل حيث وسعت دائرة أعمالها، وزاد الإقبال على الطلبات، بعد أن بات محلها معروفاً في المنطقة.

وعن أكثر الأعمال طلباً من المشترين: “هي قطع يدوية محفورة بالأسماء سواء على الإكسسوارات أو الأكواب والرسم على الخشب وقطع الهدايا بشكل خاص”.

دعم من يرغبن بالتعلم

إن افتتاح المشاريع الخاصة للنساء يحمل مشقة كبيرة، ويواجه العديد من المشاكل، التي قد تعيق عملها، وتكون الخطوة الأولى صعبة بالنسبة للعديد منهن، وهذا ما دفع خديجة لتعليمهن حرفة الأعمال اليدوية بجميع أشكالها.

حيث قامت بفتح دورات تدريبية للنساء اللواتي يرغبن بتطوير مهنتهنَّ في الرسم وصناعة أعمال يدوية، وهنّ اليوم يعملن معها في محلها، وكل واحدة قد أبدعت بصنعة واحدة حيث تقاسمن العمل فيما بينهن: “في المحل اليوم تعمل خمس نساء من مختلف القوميات والديانات، كل واحدة تعمل في المهنة، التي أحبتها أكثر”.

ويوجد في المحل العديد من أنواع الأعمال، ويتضمن حرفاً كثيرة منها: “الخياطة، والرسم، وصناعة الإكسسوارات، وأنواع لديارة الأطفال وتزيين الشموع”، وينسق المحل مع مجموعة محلات أخرى للترويج لأعمالهن، بالإضافة إلى أعمال موسمية محددة مثل موسم العيد أو افتتاح المدارس: “في هذه الأوقات تزداد طلبات معينة”.

صعوبات ومعوقات

كلما زاد إنتاج المحل، توجد صعاب مختلفة، وعن أبرز المعوقات، التي تعاني منها خديجة: “شحن الأدوات من خارج مدينة الرقة، وصعوبة في التسويق مقارنة بسعر الشحن، ويتعدى في بعض الأحياء الشحن سعر المبيع للقطعة، وقد أثرت الحروب على مواهب عديدة، وأبقت العديد منها مدفوناً، وهذا انعكس سلباً على مواهب النساء”، مضيفةً: “تحرير مدينة الرقة أعاد النساء للعمل، وبدأن بالعمل على حرف مميزة، كن قد تميزن بها قبيل الحرب، ومنها الخياطة والرسم، والعديد من المهن الأخرى”.

واختتمت خديجة النزال حديثها، بحث النساء على كسر القيود، التي فرضتها العادات والتقاليد على المرأة وجعلها أداة للعمل ضمن المنزل فقط، وتسعى أن تطور مشروع محلها الصغير ليضم العديد من النساء: “إن المرأة قادرة على أن تكون ريادية في مجالات الحياة كافة”.