سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

مصادر تمويل التغيير الديمغرافيّ ومشاريع الاستيطان في عفرين

حلب/ رامان آزاد –

حرصت أنقرة أن تقود عملية تدخلها في سوريا بالعدوانِ العسكريّ بأقل كلفة ممكنة، فاستخدمت سوريين موالين لها واستفادت من التمويل القطريّ، واستمرت بذلك في عملية الاستيطان والتغيير الديمغرافيّ، بالاستفادة من خطة الترحيل الروسيّة ودعم الجمعيات الإخوانيّة في الخليج، ذلك لأنّ الخسائر بالجيش التركيّ والأعباء الماليّة سيكون لها تداعيات سلبيّة على حكومة أنقرة.
لم تكن أنقرة في وارد الإنفاق على مشاريع التغيير الديمغرافيّ في المناطق التي تحتلها في سوريا، وتعمق أزمتها الاقتصاديّة، بل سعت لاستدراج مصادر خارجيّة، بعناوين الدين والثورة والاستثمار والأمن، ووفقاً لذلك تعددت المصادر.
الدور القطريّ في دعم الاستيطان
اتخذت قطر موقفاً داعماً لأنقرة خلال العدوان على عفرين، وانفردت بذلك بموقفها بين الدول العربية، ففي 23/3/2018 قالت لولوة الخاطر، الناطقة باسم وزارة الخارجية القطرية، إنَّ الدوحة تدعم جهود أنقرة “في الحفاظ على أمنها الوطنيّ”، واستمرت بعد الاحتلال في دعم خطط الاستيطان عبر نشاط الجمعيات الإخوانيّة وتمويلها لمشاريع الاستيطان التي استهدفت تغيير هوية عفرين الكرديّة والثقافية والاجتماعيّة والتاريخيّة. وموّلت قطر ودعمت منذ بداية الحرب الأهليّة السوريّة عبر الترويج الإعلاميّ والدعم الماليّ فصائل ذات خلفيّة إخوانيّة، وخصصت رواتب لشخصيات معارضة.
في 7/2/2019 حصلت عفرين بوست في ناحية جنديرس على معلومات أكيدة، حول الجهود القطريّة لتشجيع الاستيطان والاستقرار في عفرين، بتقديم مغريات ومساعدات ماليّة للراغبين بالاستقرار في الإقليم الكُردي المُحتل، فقد تبنّت “منظومة قطر لإعادة الأمل للأرامل”، برنامج تشجيع الزواج من الأرامل، وزارتِ المخيمات ووزعتِ المنشورات، وعدتِ قوائم الراغبين بالزواج من الأرامل.
 ووفقاً لعرض المنظومة القطريّة، فهي تتكفل بكاملِ مصاريف الزواج، وعلى المُتقدم فقط تأمين منزل (بيت شرعي)، ليُمنح بموجبها المتقدم للزواج بأرملة مبلغ 3000 دولار أمريكيّ (وهو مبلغ متيسر لدى المستوطنين بعد استيلائهم على بيوت الكرد وأرزاقهم). على أن يخصص راتب شهريّ له، مقداره نحو 200 دولار أمريكيّ، وبموجب العرض القطريّ، ستعمل مجالس الاحتلال المحليّة على تنظيم قوائم زوّدتهم بها المنظومة القطريّة، لتسجيل أسماء الراغبين بالزواج من الأرامل.
وتمنح جمعية “عطاء بلا حدود القطرية” مساعدات حصريّة للمستوطنين القادمين من الغوطة وحمص ودير الزور، ومبلغ خمسين دولار، لكلِّ عائلة مستوطنة لتشجيعهم على الاستيطان، كما تقدم للمستوطنين دوريّاً سلات غذائية، مقابل منع أيّ نوع من المساعدات عن المواطنين الكُرد بحجّة أنهم “مقيمون” وأن المستوطنين “مهجرون”.
في 17/12/2020 تم افتتاح مشفى “المحبة” في مدينة عفرين وهو مشفىً متخصص بأمراض الأطفال، وذلك بتمويل مشترك بين منظمتي “قطر الخيرية” و”سوريا للإغاثة والتنمية”. والعقار الذي افتتح فيه المشفى هو منزل يقع في قرية ترندة تعود ملكيته لعائلة كرديّة وتم الاستيلاء عليه بالقوة.
من الجمعيات القطرية الإخوانيّة التي تنشط في عفرين: منظمة قطر الخيرية، جمعية عطاء بلا حدود، جمعية البيان القطريّة، منظومة قطر لإعادة الأمل للأرامل.
الدور القطريّ لا يتوقف على الجمعيات الإخوانيّة، بل على المستوى الرسميّ، ففي 1/3/2020 ذكرت عفرين بوست أنّ الاحتلال التركيّ طرح مناقصة لبناء 20 برجاً للمراقبة بكلفة ملياري ليرة سورية، تكفلت قطر بتمويل المشروع.
تمويل مشاريع الإكساء والتخديم
كما قدمت منظمات إغاثيّة دعماً لمستوطن غوطاني لتجهيز بناء سكنيّ كان قيد الإنشاء (على الهيكل) يقع على ضفة نهر عفرين ويضم 15 شقة سكنيّة، وقام المستوطن ببناء القواطع وتركيب الأبواب والنوافذ وتمديد الخدمات الصحيّة من مياه وأقنية صرف، وتم بيع كل شقة بمبلغ 700 دولار أمريكيّ. وتعود ملكية البناء لمتعهد كردي من عائلة هورو ــ قرية شيخورزه وفق ما ذكرته عفرين بوست في 4/1/2021.
وقدمت منظمة إغاثية إخوانيّة كويتيّة منحة ماليّة لقاطني مخيم بناحية شرّا/ شران، وتبلغ قيمة المنحة الماليّة 150 دولار أمريكيّ، ستوزع على 400 عائلة تسكن المخيم بهدف دعمه وتثبيته وتخديمه.
في 10/11/2020 ذكرت عفرين بوست أن منظمة “سوريا للإغاثة والتنمية” الإخوانية التي تتخذ من مبنى وكالة “هاوار” للأنباء سابقاً بحي عفرين القديمة مقراً لها، أطلقت قبل نحو ثلاثة أسابيع مشروع إكساء الأبنية غير الجاهزة (على الهيكل) في مدينة عفرين الكرديّة والقرى القريبة منها. ويتضمن المشروع تجهيز وإكساء الشقق السكنية والمنازل (تركيب الأبواب والنوافذ والتمديدات الصحية وخزانات المياه وتطيين وغيرها).
ورفضت المنظمة مساعدة أهالي عفرين الأصليين الكُرد الذين تقدموا بطلب المساعدة، بحجّة أنهم ليسوا بحاجة للمساعدة، وأنهم “مقيمون” وأنها تساعد من سمتهم “النازحين (مستوطنين)”. وتدير المنظمة فرعاً للمساعدات الطبية وتتلقى تمويلاً من جمعية “منظمة قطر الخيرية” الإخوانية التابعة لصندوق قطر للتنمية. كما افتتحت مركزاً لتحفيظ القرآن في منزل مستولى عليه وتعود ملكيته للمواطن العربي محمد رستم، وادّعت استئجاره من مرتزقة “السلطان مراد”.
الجمعيات الخيرية الإسلاميّة
بعد احتلال إقليم عفرين أفسحت سلطات الاحتلال التركيّ المجال واسعاً للجمعيات والمنظمات ذات التوجه الإخوانيّ بممارسة نشاطاتها بحرية كاملة، والتنسيق مع المؤسسات التركيّة مثل الوقف الدينيّ التركيّ وجمعية الإغاثة التركيّة IHH بهدف زيادة عدد منابر التطرف بالمنطقة.
ومن مشاريع بناء المساجد التي تُنفذ بالتنسيق بين جمعية العيش بكرامة ــ فلسطين 48 وجمعية الأيادي البيضاء بناء مسجد في قرية تل طويل التابعة لناحية جندريسه/ جنديرس، على أرض زراعية تم الاستيلاء عليها من صاحبها.
وتنفذ جمعية الأيادي البيضاء مشروع بناء مسجد في قرية قطمة التابعة لناحية شرا/ شران، رغم وجود مسجد منذ أكثر من خمسين عاماً فيها، ومسجد رابع في قرية تل حمو في ناحية جندريسه، ومن المزمع أن تبدأ ببناء مسجد الذاكرين في مدينة عفرين قرب دوار كاوا.
وأما تمويل مشاريع المساجد والمدارس والإعانات الإغاثيّة فيأتي من جمعيات تابعة لتنظيم الإخوان المسلمين مثل: جمعية الشيخ عبد الله النوري الكويتية وجمعية القلوب البيضاء المصريّة، وجمعية المناشدة الإنسانيّة، وجمعية الرحمة العالميّة وجمعية العيش بكرامةــ فلسطين ــ 48، وجمعيات قطريّة، منها منظمة قطر الخير، جمعية عطاء بلا حدود، جمعية البيان القطريّة، منظومة قطر لإعادة الأمل للأرامل، ومن البحرين مثل جمعية رحماء بينهم وجمعية الإصلاح، إضافة إلى جمعيات سورية تم إنشاؤها في تركيا.
الغاية الأساسية التي تعمل عليها سلطات الاحتلال التركيّ إعادة رسم الخريطة الثقافية والدينية في عفرين المحتلة، بتبنّي سياسة بناء المساجد والدورات التعليميّة الدينيّة واحتلال المنابر وأدلجة المناهج المدرسيّة وتعيين خطباء وأئمة المساجد وتدخلها بصياغة خطب يوم الجمعة. والترويج لنموذج دينيّ خاص يشرعن الاحتلال ويمجده، وإشغال العقول وتغيير ثقافة المنطقة ونشر الفكر المتطرف باسم التعليم وبناء المساجد، وتستغل إغلاق المدارس لتشجيع الأطفال على ارتياد المساجد.
منظمة ألمانيّة توقف مشروع ترميم المنازل المدمّرة بعفرين
في 22/10/2020 أعلن المجلس المحليّ في عفرين طرح مناقصة للتعاقد مع منظمة “مساعدة الجوع في العالم” الألمانيّة (WHH) Welthungerhilfe، وجاء في الإعلان أنّ المطلوبَ تأمين مزودين لصالح مشروع ترميم 400 منزل غير مكتمل أو متضرر والتي تسكنها العائلات النازحة في إعزاز وعفرين.
وفي 5/11/2020 بعثت 28 منظمة مدنيّة وجمعيّة وشبكة إعلاميّة، رسالة احتجاج إلى “الجمعية الألمانيّة لمكافحة الجوع في العالم”، WHH التي أعلن فرعها في مدينة غازي عينتاب التركيّة عن إجراء مناقصة لإكساء وترميم منازل مدمرة في منطقتي إعزاز وعفرين لإيواء وإسكان المهجّرين فيها. وأشارت الرسالة إلى أنَّ جهود الجمعية تسهم مباشرةً بتكريس واقع الاحتلال والاستيطان والتغيير الديمغرافيّ وسلب وانتزاع ملكية الملكيّة الخاصة للكرد للمهجرين قسراً، وأنّ من شأن هكذا مشاريع مشبوهة مناصرة الظالم على المظلومين.
ولفتت الجهات الموقعة نظر الجمعية الألمانية إلى أن الذين هم أولى بمساعدتها، مَن يعيشون في مخيمات الشهباء المحيطة بعفرين، والتي تفتقر إلى أدنى وابسط الخدمات الإنسانية، في ظل غياب تام للمنظمات الإنسانية الدولية.
وفي 10/11/2020 استجابت منظمة “ويلت هنكر هيلف” الألمانية لرسالة الاحتجاج وأعلنت رسميّاً، إيقاف مشروع ترميم المنازل المدمّرة في عفرين المحتل، وقالت متحدثة باسم المنظمة لوكالة “الصحافة الإنجيلية” الألمانية “بعد التحقق من جميع المعلومات، توصلنا إلى نتيجة مفادها أن المنازل المدمرة لن يتم إصلاحها”، مضيفة: “كانت لدينا شكوك مشروعة حول ما إذا كان ينبغي الالتزام بمبادئنا الأساسية للمساعدات الإنسانية، مثل الحياد، في ظل الظروف المحددة”.
دور المجالس المحليّة بترسيخ الاستيطان
في 5/2/2020 أشارت عفرين بوست إلى دور المجلس المحليّ التابع للاحتلال التركيّ ببيع شقق سكنيّة على الهيكل، لمستوطنين قادمين من إدلب وريف حلب الغربيّ.
في 2/12/2020 ذكرت عفرين بوست أن المكتب الإغاثي في مجلس الاحتلال المحلي بمدينة عفرين، وزّع البذار والأسمدة على المستوطنين ليزرعوها في الأراضي التي استولوا عليها في منطقة سهل جومكه/ دشتي جومكي وقرية تل طويل وكوندي استير وقسطل كشك.
يواصل مسلحو الفصائل المرتهنة لأنقرة والمستوطنون عمليات الاتجار بأملاك أهالي عفرين الكرد، بيعاً وشراءً وتأجيراً، لتشمل الشقق السكنية والمحلات التجارية والأراضي الزراعية لتوفير فرص عمل ومصادر كسب تكون رافعة تثبيت الاستيطان والتغيير الديمغرافيّ.
في 7/3/2019 ذكرت عفرين بوست أنّ سلطات الاحتلال التركيّ في سياق جهودها لترسيخ الاستيطان، عمدت قبل نحو أسبوعين إلى إجبار كل سكان عفرين من الأهالي الكرد والمستوطنين المستقدمين من مناطق سوريّة مختلفة في الحصول على “بطاقات تعريفيّة” من المجالس المحليّة، وبموجب هذه البطاقات يتساوى كل سكان عفرين، إذ تم تجاهل محل القيد الأصلي للمستوطنين عمداً، وحذرت من المساءلة فيما إن لم يتم الحصول عليها. وتشمل البطاقات كل الفئات العمريّة اعتباراً من سنة واحدة حتى المسنين. وكان الأهالي الكرد مجبرون فيما سبق على استصدار ورقة من المجالس المحليّة بصلاحيّة شهريّة للتنقل بين أرجاء الإقليم المحتل، وبذلك يفترض تجديد تلك الوثيقة دورياً تتضمن المرور على مكتب أمنيّ.
وعدّ مراقبون اعتماد هذا النموذج من بطاقات التعريف إجراءً تمهيدياً لتثبيت الاستيطان، إذ يساوي أهالي عفرين الكرد بالمستوطنين، وأصدر إخوان سوريا في 28/2/2019 بياناً دعوا علانيّة فيه الاحتلال التركيّ لاقتطاع الأراضي السوريّة تحت اسم “المنطقة الآمنة”!
ومن مظاهر عجز المجالس المحليّة وتابعيتها للاحتلال ودورها الشكليّ أنها أصدرت في 11/2/2019، بياناً أقرت فيه بطابع التمييز العنصريّ بتوزيع المنظمات التي تعمل باسم الإنسانيّة والإغاثة، واقتصار مساعداتها على المستوطنين. ولكن دون أيّ إجراءات فاعلة.
الاستيلاء على المنازل بالقوة لتثبيت الاستيطان
وصف تقرير نشر في موقع أوبن ديمكراسي opendemocracy البريطاني في 19/7/2020، حالة الاستيطان في عفرين، فقال: إنَّ ما يجري للكرد في سوريا والعراق بسبب العمليات العسكريّة التركيّة في كلا البلدين، هو “إبادة جماعيّة”. وذكر التقرير مجمل العمليات العسكريّة التركيّة لاستهداف الكرد. وكان ما تم تداوله من بيانات تدعوا لإخلاء المدن من الوجود الميليشاوي والعسكريّ، وضبط الحياة بالمدن، محاولات تجميل فاشلة للإيحاء بأنّ فصائل المرتزقة ملتزمة تنظيميّاً، ولكن الدعوات تكذبها السلوكيات اليوميّة، من انتهاكات ومسعىً لإخراج الأهالي الكرد الأصليين من المنطقة وتثبيت حالة الاستيطان وحواضن الفكر المتطرف لصالح المشروع الإخوانيّ العثمانيّ. فالكرديّ الأصيل يُطالب بسند التمليك في مسقط رأسه وبلده فيما يُشرعن الاستيلاء بالقوة على المنازل لتثبيتِ الاستيطان، لتكون النتيجة تغيير نسب التركيّبة الديمغرافية، وتصبح أقل مما أشار إليها أردوغان في بداية العدوان.
تقرير مجلس حقوق الإنسان
أصدر مجلس حقوق الإنسان 14/9/2020، تقريرَ لجنة التحقيق الدوليّة المستقلة المعنية بسوريا، وشمل رصد مجريات الميدان خلال النصف الأول لعام 2020، وقال التقرير “تثبتت اللجنة من الأنماط المتكررة والمنهجيّة لأعمال النهب والاستيلاء على الممتلكات فضلاً عن سلب الحرية التعسفيّ الذي ارتكبته المليشيات الإخوانيّة في عفرين وسري كانيه، حيث أجبروا بنهاية الأمر السكان وأغلبهم من أصل كردي، على ترك منازلهم”.
وقال التقرير: “في جميع أنحاء عفرين تشير عدة روايات إلى أن عناصر الجيش السوري الوطني عمدوا بطريقة منسقة إلى نهب أملاك الكرد، ويورد ما فعله مرتزقة “سليمان شاه”، فقد مروا على المنازل وأمروا الأسر الكرديّة التي تضم أقل من ثلاثة أفراد بإخلاء منازلهم لإيواء قادمين من خارج عفرين، وكذلك دفع “ضريبة” عن المحاصيل الزراعيّة أو مبلغ إيجار معين كشرط مسبق للبقاء بالمنازل التي يملكونها”.
في تقرير لجنة تحقيق الأمم المتحدة بشأن سوريا ورد في الفقرة (48) ما نصه: وفي عفرين أيضاً، في كانون الأول/ ديسمبر مر عضو بارزٌ من ألوية الجيش الوطني بشقق عمارة سكنية كبيرة باباً باباً، وطلب سندات إثبات الملكيّة من السكانِ الكرد فقط، وأجبر أحدَ السكان، الذي لم يتمكن من إبراز السند على الحضور إلى المكتب الأمنيّ للواء، وتعرض للإساءة اللفظيّة وقيل له: “لو كان الأمر بيدي، لقتلت كل كُرديّ عمره من سنة إلى 80 سنة”.
مع تواصل النشاط الاستيطانيّ، حوّل الاحتلال التركيّ عفرين المحتلة، إلى بؤرةٍ للتطرفِ، حيث يتنشر النشاط الدعويّ، بعدما أصبح الاستيطان حاضنة اجتماعيّة للتشدد والتطرفِ والفكر الجهاديّ والارتزاق المسلح، ومن عفرين يتم إرسال المرتزقة للقتال في ليبيا وأذربيجان وإلى اليمن وفقاً لتعليمات سلطات الاحتلال.
kitty core gangbang LetMeJerk tracer 3d porn jessica collins hot LetMeJerk katie cummings joi simply mindy walkthrough LetMeJerk german streets porn pornvideoshub LetMeJerk backroom casting couch lilly deutsche granny sau LetMeJerk latex lucy anal yudi pineda nackt LetMeJerk xshare con nicki minaj hentai LetMeJerk android 21 r34 hentaihaen LetMeJerk emily ratajkowski sex scene milapro1 LetMeJerk emy coligado nude isabella stuffer31 LetMeJerk widowmaker cosplay porn uncharted elena porn LetMeJerk sadkitcat nudes gay torrent ru LetMeJerk titless teen arlena afrodita LetMeJerk kether donohue nude sissy incest LetMeJerk jiggly girls league of legends leeanna vamp nude LetMeJerk fire emblem lucina nackt jessica nigri ass LetMeJerk sasha grey biqle