رامان آزاد_
المعلومات التي ترد من أقبية سجون الاحتلال التركيّ شحيحة جداً، ولا تُعرف ظروف الاحتجاز وأشكال التعذيب التي يتعرض لها معتقلون ومعتقلاتٌ بتهمٍ كيديّة، والتي تنتهي بالوفاة بالنتيجة، وفيما تروّج سلطات الاحتلال للوفاة لأسباب صحيّة، إلا أنّ شهاداتِ المفرج عنهم تؤكد قسوة التعذيبِ، ولم تعد معها مسألة التصفية المتعمدة مجرد فرضيّة، في ظلِّ تعتيم إعلاميّ ومحاكم وإجراءات تحقيق صوريّة.
مخاوف الإعدام تهدد مصير مواطنتين معتقلتين
كشف التقرير الأسبوعيّ لحزب الوحدة الكردي (يكيتي) معلومات إضافيّة عن ظروفِ وفاة المواطن الكرديّ سليمان نوري نعمان (51 عاماً)، وقريبته مولودة نعمان (65 عاماً)، اللذين استشهدا في ظروفٍ مشبوهةٍ في السجن وتعرضا لسوءِ المعاملةِ والتعذيبِ. وأبدى خشيته حول مصير مواطنتين محتجزتين بالذريعةِ ذاتها.
وجاء في التقرير أنّه بتاريخ 27/11/2021، أبلغت سلطاتُ الاحتلال التركيّ ذوي المواطن “سليمان نوري نعمان من مواليد عام 1971 قرية بوزيكِه عفرين، أب لأربعة أولاد”، بوفاته في سجن الراعي سيء الصيت، وقامت بحضور “النائب العام والقاضي” في مشفى بلدة الراعي بتسليم جثمان المغدور لقريبين له حضرا في اليوم التالي، وقد وُري جثمانه الثرى في مقبرة قريته؛ وكان قد اعتقل في 24/6/2019 من قبل “الاستخبارات التركيّة واستخبارات الشرطة في إعزاز” وأُخفي قسراً وتعرّض للتعذيب والمعاملة القاسية ولظروف صعبة وغير صحيّة، دون زيارات أو تواصل مع ذويه سوى اتصالات هاتفيّة قصيرة معدودة. علماً أنّه سبق واحتجز في عفرين مدة شهر بداية صيف 2018 وأطلق سراحه.
تم توجيه التُهم نفسها إلى المغدور “سليمان” وثلاث نساء اعتقلن معه وهن:
ــ ابنة عمه المسنة مولودة نعمان نعمان من مواليد عام 1956م قرية “بوزيكه” والتي توفيت في سجن الراعي بتاريخ 30/5/2021 نتيجة التعذيب والظروف القاسية.
ــ المواطنة فيدان بلال بنت عبد الرحمن، مواليد عام 1999 قرية “قده/ المرتفعة” بناحية راجو.
ــ المواطنة وصال حنان بنت حنان أمين، مواليد 1986 عفرين.
وقد أُحيلوا بعد نحو ستة أشهر من الإخفاء القسريّ من قبل “النيابة العامة بإعزاز” بتاريخ 17/12/2019 إلى “قاضي التحقيق المدعو محمد وليد جبران” الذي طالب في قراره الصادر بتاريخ 18/2/2020 بمحاكمة الأربعة أمام “محكمة الجنايات” بجرائم “القيام بأعمال إرهابيّة بقصدِ إيجاد حالة ذعر باستخدام المتفجرات والتجنيد في صفوف العدو ومؤازرته على فوز قواته وإضعاف الشعور الوطنيّ وإيهان نفسيّة الأمة زمن الحرب والقتل العمد مستنداً لأحكام المواد /263-265-285-304-533/ من قانون العقوبات السوريّ والتي تشمل عقوبة الإعدام”، وقرر منع محاكمة معتقل آخر في الدعوى ذاتها.
وأفاد محامٍ مطلِّعٌ على قضية المعتقلين الأربعة أنَّ المحاكمة التي أُجريت لهم صوريّة وتفتقد لأدنى شروط وإجراءات المحاكمة السليمة والعادلة، حيث انتزعت إفادات المعتقلين في ظروف الإخفاء القسريّ الطويل وتحت التعذيب، وهي محبوكة كمسرحية تتطابق فيها النصوص مع بعضها تماماً، والأنكى من ذلك أنَّ محاضر الاستجواب أمام “قاضي التحقيق” تتطابق مع الإفادات المدوّنة لدى “الاستخبارات” تماماً، ودون أن تكون المحاكمة علانيّة أو يتمكن المعتقلون من توكيل محامين عنهم، حيث تمّت بحضور محامي مسخَّر، ووُجّهت ذات التُهم الجائرة إلى الأربعة.
وأضاف التقرير أنّه لم تُعرف سبب الوفاة (الإعدام شنقاً أم نتيجة الأمراض التي أصابته تحت التعذيب والظروف القاسية)، وهناك خشية من أن تلقى كلّ من “فيدان بلال، وصال حنان” ذات مصير المغدور “سليمان”، حيث أنّهما محتجزتان قسراً في ذات السجن سيء الصيت ودون أيّ تواصلٍ مع ذويهما.
يُذكر أنّ صك ادعاء النيابة في إعزاز بالدعوى نفسها يضمُّ اسماً خامساً هو نور الدين يوسف بن مصطفى. وقد طالبتِ النيابة بإنزال أقصى عقوبة وهي الإعدام.
مغيبون قسراً ومصير مجهول
ما زال مصير المواطن الكرديّ “حمزة شعبان إبراهيم (29 عاماً)، وشقيقته “آسيا (19 عاماً)، من أهالي خليلاكا – ناحية بلبل مجهولاً. وقد فقد أثرهما في 23/3/2018، أثناء عودتهما إلى قريتهما، على الحاجز الأمنيّ الكائن على مفرق قرية حسنديرا- ناحية بلبل).
وأكّد معتقلٌ سابقٌ أُفرج عنه من سجن بلدة الراعي أنَّ صحة “حمزة” قد تدهورت وضعف جسمه في السجن نتيجة التعذيب والظروف القاسية، وأنّه فقد حياته داخل السجن وتمّ نقله ببطانية، ولم يتلقَ والداه المقيمان بالقرية أيّ تبليغٍ رسميّ ولم يُعلنا وفاته؛ فيما لا يزال مصير “آسيا” مجهولاً حتى الآن.
مازال مصير المواطن الكرديّ خبات مسلم بكر مجهولاً من أهالي قرية كوسا/ كوسانلي ــ ناحية راجو، منذ أن اعتقله عناصر الشرطة الحرة (الأمن السياسي)، بدورية مؤللة ضمت نحو عشرين عنصراً يوم الأربعاء 3/11/2021 واقتادته إلى جهة مجهولة، ولم تُعرف أسباب اعتقاله.
يُذكر أنّ المواطن خبات قد تعرض للاحتجاز القسريّ مرتين، فقد اختطفه مسلحو ميليشيا “فيلق الشام” واعتقلته “الشرطة العسكرية”، بتهمة أداء واجب الدفاع الذاتيّ وفي كل مرة يُجبر على دفع الفدية للإفراج عنه.