رامان آزاد_
يصفونه بالقنبلةِ الموقوتة وأنّه أخطرُ مخيماتِ العالمِ، وأنّه يهددُ السلمَ والأمنَ الدوليين، هذا ما يتم تداوله في تعريفِ مخيم “الهول”، والمفارقةُ لا تنحصر بغيابِ الجهدِ الدوليّ لاحتواءِ مخاطره، بل إنّ أطرافاً سياسيّةً مناوئةً اتخذت منه مادةً لاستهدافِ الإدارةِ الذاتيّةِ في شمال وشرق سوريا، في تجاهلٍ متعمدٍ للحقائقِ وحجمِ المخاطرِ والحوادثِ والجرائمِ التي تقع فيه، وأنّه يضمُّ 30 عراقيّ وآلافاً من عوائل “داعش” من 54 جنسيةٍ، وراحت تتحدثُ عن معاناةِ سوريين محتجزين قسراً فيه.
مخيمٌ يماثلُ السجونَ خطورةً
يعود تاريخ إنشاء مخيم الهول إلى عام 1991، إبان حرب الخليج، ومع تحرير قوات سوريا الديمقراطيّة منطقة الهول، من سيطرة “داعش”، منتصف تشرين الثاني 2015، استقبل المخيم نازحين سوريين من مناطق ساخنة، وفي تشرين الأول 2016 كان مقصد اللاجئين العراقيين بعد بدءِ معاركِ تحريرِ الموصل من “داعش”. وتصدّر المخيم المشهدَ، في شباط عام 2019، مع بدءِ نقل أُسرِ مرتزقة “داعش” إليه، مع بدء حملة تحرير الريف الشرقي من مرتزقة داعش والقضاء على الخلافة المكانيّة المزعومة لداعش.
يضمُّ مخيم الهول حسب إحصائيات في كانون الثاني 2022، من إدارة المخيم 57460 شخصاً، أغلبهم نساء وأطفال، موزعين على 15603 أسر من السوريين والعراقيين، ويبلغ تعداد عوائل مرتزقة داعش الأجانب 8555، ضمن 2529 أسرة، ينتمون إلى 54 جنسيّةٍ”، ويصل عدد العراقيين في المخيم، حسب الإحصائية نفسها، إلى 30738 شخصاً ضمن 8256 أسرة، يتوزعون بين “رجال ونساء وأطفال”، يُضاف إليهم وجودُ أكثر من 19 ألف مرتزق داعشي في سجونِ الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا.
مخيم الهول ليس مقرَّ احتجازٍ تُطبقُ فيه القوانين المعتمدةِ في السجونِ، بالنظر إلى وجود عوائل منن نساء وأطفال، إلا أنّ معظم قاطنيه لا تقل خطورتهم عن نزلاءِ السجونِ بالنظر إلى تشرّبهم الفكرِ المتطرفِ، ما يجعله أخطر المخيمات بالعالم، وتقع فيه من لوقتٍ لآخر حوادث القتل والاعتداء فيما بينهم أو على العناصر الأمنيّة أو الخدمة الطبيّة، ومع هذا العدد الكبير الذي يصل إلى حجم مدينة صغيرة تعيش حالة بطالة، يصعب تأمين الخدمات العامة وفي مقدمتها تأمين الأمن والحاجاتِ اليوميّةِ، من جهة أخرى أضحى المخيمُ مادةً دسمةً للإعلامِ المعادي للإدارة الذاتيّة التي تتعمدُ تجاهلُ الواقعِ، وخلفيّة نزلائه وتصفهم بالمحتجزين قسراً. فيما تغيب جهودُ المجتمع الدوليّ دولاً ومنظماتٍ لحلّ المشكلةِ وإنهاء المخيم، وتحمل المسؤوليّة في محاكمة مرتزقة “داعش”، وتتقاعس الدول في استعادة رعاياها المنخرطين في صفوف “داعش”.
حريق في المخيم
توفيت يوم الخميس 24/3/2022، فتاة (عمرها 18 سنة) كانت قد أُصيبت بجروح في حريق اندلع الجمعة 18/3/2022، في خيمة بالقسم الرابع ضمنِ مخيمِ الهول وأودى بحياةِ طفل وإصابة ثلاثة أشخاص آخرين من الأسرة نفسها.
وسبق أن اندلع حريقٌ متعمدٌ السبت 5/3/2022، في خيم الفيز الخامس الخاص بالأسر السوريين من عوائل داعش، وأدّى إلى احتراق أربع خيم مجاورةٍ دون أن يسفرَ عن خسائر بشريّة، وكان الحريقَ متعمدٌ وعملاً انتقاميّاً واستهدف خيمة امرأةٍ ترتاد المنظماتِ والجمعياتِ العاملة بالمخيم والتي تقدّمُ الدعمَ لنساءِ “داعش” لمساعدتهن على التخلصِ من الأفكارِ والميول المتطرفة.
استهدافُ الأطباءِ والطواقم الطبية
في 12/1/2022 تعرض طبيبٌ في منظمةِ الصليبِ الأحمرِ الدوليّ لهجوم بآلةٍ حادةٍ من قبل خلية نائمة لمرتزقةِ “داعش” بقصدِ قتله، والطبيب يدعى آلاجي وهو أثيوبيّ الجنسية، وكان ذلك ثالث هجومٍ يستهدف العاملين في المجال الطبيّ، خلال أقل من 24 ساعة.
ففي مساء 11/1/2022 اُستشهد الشاب باسم محمد محمد (30 سنة) وهو مسعفٌ وممرضٌ في الهلال الأحمر الكرديّ بإطلاقِ النارِ على رأسه من قبل شخصين من خلايا “داعش” دخلا النقطة الطبيّة بزعم أنّهما مرضى أثناء وجوده في النقطة الطبيّة، والممرض باسم محمد من مواليد مدينة الحسكة متزوج وأب لطفلين، كما أقدم مسلحون مجهولون على اغتيالِ الطبيبِ الجرّاح عبد الله المفضي (40 عاماً) في بلدةِ الطيانة بريف دير الزور الشرقيّ.