رامان آزاد_
آنا كامبل كانت شهيدة التضامن الإنسانيّ في عفرين، تجاوزتِ الحدودَ والجغرافيا وتناقضاتِ السياسةِ، لتناصرَ قضيةً حقوقيّة وتدافعِ عن القيم الإنسانيّة والسلام، فانضمّت إلى صفوفِ المقاومةِ ضدَّ جحافلِ الظلام التي استباحت الأرضَ والإنسانِ ومارست أشنع أساليبِ القتل، وانتقلت إلى عفرين لأنّها وجدت أنّ المعركةَ فيها ضدَّ الخطر نفسه، وعلى ترابها اُستشهدت، واليوم بعد أربع سنواتِ يطالبُ والدها الفخورُ بها أنقرة باستعادة جثمانها.
دعوى قضائيّة ضد أنقرة
نشرت بي بي سي البريطانية الخميس 28/4/2022، تقريراً بعنوان: “آنا كامبل: والد بدأ دعوى قضائية لاسترداد جسدها” وقال التقرير “المرأة التي توفيت مقاتلة إلى جانب القوات الكرديّة في سوريا بدأ دعوى قضائية لاستعادة رفاتها إلى وطنه”.
وكانت آنا كامبل الفتاة البريطانيّة قد استشهدت في صفوف وحدات حماية المرأة في عفرين في إجراءات قانونيّة لإعادة رفات ابنته إلى وطنه. وقالت عائلة كامبل إنّهم يعرفون أين دُفت ابنتهم، وقد شرعوا بحملة لحمل الحكومة التركيّة على إرسال جسدها إلى المملكة المتحدة.
ولجأ ديرك كامبل، والد آنا إلى المحكمة الأوروبيّة لحقوق الإنسان للضغط على تركيا لاتخاذ إجراء مناسب. وقال ديرك إنَّ الحكومة التركيّة تجاهلت كلّ مناشداته حتى الآن، كما اتهم الحكومة البريطانية بعدم دعم قضيته.
وأضاف ديرك: “رغم سيطرتها على منطقة عفرين، رفضت السلطات التركية حتى مجرد الرد على طلب تقدمتُ به لمنحي طريقاً آمناً إلى المكان الذي قُتلت ابنتي. لقد رفضوا التواصل معي على الإطلاق”.
يقول ديرك: “لم تقدّم الخارجية البريطانية أيّ دعم لي، ومن ثمّ ألجأ بقضيتي إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، وآمل في تحقُّق العدالة ولفْت أنظار المجتمع الدوليّ إلى جرائم ترتكبها تركيا ضد الإنسانية”.
أشعر بالفخر العظيم
يبدي الأهل عادة حرصهم على سلامة أبنائهم، وتجنيبهم المخاطر، ولذلك لم يكن قرارُ آنا بالسفر إلى سوريا ولالتحاق بجبهات القتال ضد مرتزقة “داعش” سهلاً، ولكنهم عائلة آنا لم تستطع أن تحول دون رغبتها، ولكنها شعرت بالفخر لعظيم ما أقدمت عليه، وقال والد كامبل إنه شعر “بالفخر العظيم” لأن ابنته خاطرت بحياتها لتقف بصلابة إلى جانب الناس الذين أُعجبتْ بهم.
وقدم الناطق باسم الخارجية البريطانية التعازي لعائلة آنا معرباً عن أعمق مشاعر التعاطف معها بسبب خسارتها الكبيرة، وأضاف: “قدرتنا على المساعدة في الوقت الراهن محدودة للغاية. لا يمكننا تقديم دعم قنصلي من داخل سوريا، في وقت تتوقف فيه كل الخدمات التي تقدمها السفارة البريطانية في دمشق”.
وأوكل ديرك كامبل شركة محاماة ماك جيري وشركاه، للشروع في إجراءات قانونية ضد الحكومة التركية.
يقول كامبل: “أعتقد أن إقامة دعوى لدى محكمة ستراسبورغ (المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان) هو آخر ما تبقى لي من أمل لإعادة رفات ابنتي إلى المملكة المتحدة، ولوضع تركيا في موضع المساءلة على سلوكها غير المسؤول”.
وقال كامبل إنه “لم يكن ليواصل معركته في سبيل العدالة” بدون مساعدة أشخاص تبرّعوا لحملة تمويل جماعيّ كان قد بدأها لسداد تكاليف الإجراءات القانونيّة.
تركيا التي فتحت مطاراتها وحدودها أمام مرتزقة “داعش” وقدمت لهم كلّ المساعدات والدعم اللوجيستيّ، أصدرت سفارتها بياناً فنّدت فيه أقوال عائلة كامبل. وجاء في البيان: “ليس عدلاً، بل ومن الظلم اتهام تركيا بقتل شخص سافر إلى منطقة صراع للانضمام إلى جماعة مسلحة، وكعادتها وجّهت الاتهام للكرد بالإرهاب، واستدرك البيان ليقول: “لا شك أن في الأمر مأساة شخصية لوالد المتوفاة، لكن اتهامه لا يخدم غير أجندة دوائر بعينها”.
تعتمد سلطات الاحتلال التركيّ سياسة الانتقام من جثامين الشهداء، وما حدث مع والد آنا كامبل، ليس بجديد، وقد حدث مع عوائل مقاتلين أممين آخرين، إذ ترفض أنقرة الإقرار بوجودِ جثامين الشهداءِ وتسليمها لعوائلهم.