في عفرين وكري سبي المحتلتين… جرائم الانتهاكات متشابهة امتثالاً لسياسة المحتل التركي

برخدان جيان_

تتواصل عملية التغيير الديمغرافي والجرائم بحق البشر، والحجر في عفرين وكري سبي المحتلتين بطرق متعددة؛ بهدف تطبيق المخطط الاحتلالي لتركيا المحتلة على الأراضي السورية.

 برخدان جيان  

ومارس المحتل التركي ومرتزقته جرائم وانتهاكات لا تعد ولا تحصى منذ انطلاق هجماتهما العدوانية لاحتلال عفرين في العام 2018، وكري سبي/ تل أبيض في العام 2019، والتي لا تزال تستمر بعد احتلال المنطقتين، وعموم الأراضي السورية التي احتلها، وأبرزها عملية تغيير ديموغرافي واسع النطاق عبر التهجير القسري وترحيل اللاجئين السوريين، وإطلاق يد الجمعيات الممولة للاستيطان، واستغلال وضع المهجرين والمرحلين في الأزمة السورية، التي اندلعت ربيع العام 2011، ولازالت مستمرة إلى الآن.

ولعل أبرز وأخطر المخططات، التي تمارسها دولة الاحتلال التركي ومرتزقته هي تغيير ديمغرافية عفرين بشكل علني، ومتسارع، وأبرز الأمثلة عليها الإعلان عن قرى استيطانية جديدة كمنظمة (غزي دستك)، التي أعلنت في مقطع فيديو بصفحتها على (الفيس بوك) في 25/1/2024 استمرارها في بناء قرية سكنية لتوطين مستوطنين جدد، على مساحة /15/ ألف م2، وتضم /40/ منزلاً بمساحة /100/ م2 ويتكون المنزل من غرفتين ومنافع وحديقة؛ وذلك على أرض زراعية، وتمّ قلع /325/ شجرة زيتون منها، وتمّ شراؤها من المدعو “نبيه مراد” من أهالي بلدة كفر صفرة، وتقع بين جندريسه وكفر صفرة”، فيما يتبع المحتل التركي ومرتزقته سياسة أخرى في كري سبي تستند إلى توطين اللاجئين السوريين المرحلين من أراضيها، وتوطينهم في قرى وأرياف كري سبي المحتلة، واستملاك الأراضي الزراعية بإشراف من (المكاتب الاقتصادية) التابعة للمرتزقة.

عمليات التوطين 

لطالما كانت مقاطعة عفرين قبل احتلالها حاضنة للنازحين السوريين من كل مكان عقب اندلاع الأزمة السورية ربيع العام 2011 حيث احتضنت آلاف السوريين الهاربين من أتون الحرب السورية، لأنها كانت البقعة الأكثر أماناً قبل تدنيس المحتل التركي لها مطلع العام 2018 حيث عمد إلى تقليص نسبة السكان الأصليين من الكرد من 90 بالمائة، إلى نسبة لا تتجاوز 30 بالمائة من خلال سياسات التوطين، وتغيير ديمغرافيتها حيث استوطن المقاطعة المحتلة الآلاف من السوريين أغلبهم من مناطق (الغوطة الشرقية ـ وحمص ـ وإدلب ـ ودير الزور… وغيرها).

في كري سبي المحتلة أيضاً تتواصل عمليات توطين اللاجئين السوريين، وخاصة بعد إعلان المسؤولين الأتراك عزمهم ترحيل مليون لاجئ سوري إلى الأراضي السورية، التي تحتلها مطلع نيسان العام 2022 حيث وصل عددهم في كري سبي المحتلة إلى 32 ألف مستوطن منذ “الإعلان التركي”، وحتى تاريخ الشهر المنصرم (كانون الثاني) كما كشفته وكالة أنباء هاوار في آخر إحصائية نشرتها بهذا الشأن.

جمعيات استيطانية برعاية “الشؤون الدينية”

معظم المنظمات العاملة في عفرين المحتلة وكري سبي تُدار برعاية رسمية مما يُعرف بـ “رئاسة الشؤون الدينية” للمحتل التركي تحت غطاء ومسميات إغاثية وإنسانية، ولها مساهمات متنوعة لتغذية التشدد الديني وأدلجة الأجيال والتعليم ومنها:

منظمة حفظ النعمة تعرّف نفسها بـ “منظمة إغاثية غير حكومية أُسِّست عام 2015 وحصلت على ترخيصها على الأراضي التركية عام 2018″، ولها مكتب في مدينة الريحانية/ هاتاي، وتركز حالياً على “تلبية الاحتياجات الأساسية لضحايا الحرب في سوريا”، بينما تَرَكّز نشاطها في منطقة عفرين على بناء مساجد (عائشة/ بلدة شيه (الشيخ حديد) آذار 2021، الفلاح/ قرية الصوان الصغير/ جقماق صغير حزيران 2021، الرحمة/ بلدة راجو حزيران 2021، عائشة/ قرية عبودان حزيران 2021، النبي شعيب/ قرية علبسكي أيار 2022، خاتون/ قرية قره بابا حزيران 2022، علي بن أبي طالب/ مدينة عفرين آب 2022، أمّة/ قرية كوليان كانون الأول 2022، زيتون/ قرية جوبان كانون الأول 2022م، الصالحين/ قرية اليتيمة/ سيويا كانون الثاني 2023، سلمى/ قرية مستعشورا أيار 2023، الفرقان/ قرية عرب شيخو/ كمروك تموز 2023، التوحيد/ قرية خربة روطو تموز 2023م، دار الأرقم/ قرية الحياة أواخر عام 2023).

ويشرف على تخريج طلاب وطالبات في المعاهد والمدارس الدينية كل من مفتي ولاية هاتاي مولود طبجو، والمنسق العام لرئاسة “الشؤون الدينية التركية” يوسف كسر حيث حضروا حفلاً تكريمياً أقيم من قبل ما يعرف بـ ” مديرية الإفتاء والأوقاف والشؤون الدينية في عفرين والتي يديرها المدعو صلاح الدين محمد كرو المنحدر من قرية  كاخري/عفرين، بتاريخ 17/1/2024 في “المسجد الشريف/أنور يلدرم” الذي تم بناؤه على النمط العثماني، من قبل “هيئة الإغاثة الإنسانية التركية IHH”، بمساحة طابقية /500/م2، ويضم معهد لتحفيظ القرآن مؤلف من ستة غرف، واستكمل في نيسان 2023 وسط مدينة عفرين المحتلة، على عقار “كراج جندريسه” السابق والذي كان من ممتلكات المرحوم الدكتور مصطفى نوري طاهر.

وما يوضح أكثر مدى تدخل المؤسسات الدينية في منهاج وعمل المؤسسات التربوية والتعليمية أقامت ما تعرف بـ “مديرية الإفتاء في عفرين” بالتعاون مع إدارة الملف التعليمي، بتاريخ 4/1/2024، اجتماعاً إدارياً وعلمياً للمدراء والمديرات والمختبرين والمختبرات في منطقة غصن الزيتون لشرح الخطة التعليمية وآلية العمل. وذلك بإشراف يوسف كسر المنسق العام لـرئاسة “الشؤون الدينية التركية” في المنطقة.

معاهد لأدلجة الأجيال 

أما في كري سبي المحتلة فتستمر الجمعيات ذات الجنسيات (الباكستانية ـ والشيشانية) بدعم من الاحتلال التركي بنشر التطرف في مقاطعة كري سبي المحتلة بهدف بعث الإرهاب من جديد، وتركز على الأطفال، الذين حرمهم الاحتلال التركي من ارتياد المدارس بعد سرقة محتوياتها، وتحويلها إلى ثكنات ومقرات عسكرية لمرتزقتها بعد احتلالها عقب عدوانها.

وتعمل بدعم وتسهيل الاحتلال التركي ومرتزقته العاملة بما يسمى “مجلس تل أبيض المحلي”، الذي صادر العديد من أراضي وممتلكات المهجرين قسراً لبناء جمعيات تعليمية عليها في مركز المقاطعة، وبلدات سلوك والتركمان والعلي باجلية، وريفها.

ومن الجمعيات التي تنشط بكثرة في فتح وتمويل المجمعات الدينية في المقاطعة وريفها “جمعية أنصار الخيرية، وبيت المال (مؤسسة الإغاثة الوطنية الباكستانية)”، حيث أنها تشرف وتمول عدة معاهد تغذي من خلالها التطرف كمعهد أبي بن كعب في بلدة سلوك، وعمر بن الخطاب في بلدة حمام التركمان، ومعهد الرشيد في مركز المقاطعة، بالإضافة لتمويلها افتتاح مدارس فرضت فيها تركيا لغتها على التلاميذ كمدرسة أحمد ياسين، وأبو بكر الصديق في مركز المقاطعة، ومدرسة خربة الرز بريفها.

جرائم بحق الطبيعة والأشجار المثمرة 

في عفرين تستمر فرقة السلطان سليمان شاه/ العمشات في قطع غابات حراجية معمّرة بريف ناحية معبطلي، في جبال (حجي دونمان بين قريتي “جومزنا، رجا”، حج بريم دونم نصف  بين قريتي “عجارا، بركا”، عميه أربعة دوانم غربي قرية “عجارا” بعد فتح طرقات بالجرافات)، وتقوم بتجميع الحطب في ساحة معصرة نشأة وترحيلها بالشاحنات، ولا تسمح للمدنيين بأخذ مخلفات القطع إلّا بيعاً.

فيما أفادت مصادر بإقدام مرتزقة فرقة الحمزات التابعة للاحتلال التركي على قلع 600 شجرة كرز عائدة ملكيتها للمواطن الكردي “محمد خليل عمر” الملقب “بربر (الحلاق) من أهالي قرية بيك أوباسي ناحية بلبل بريف عفرين المحتلة، المهجر قسراً بعد احتلال قريته من سلطات الاحتلال التركي وفرقة الحمزات الموالية لها، وذلك بقصد الإتجار بحطبها وبيعها في الأسواق المحلية.

أتاوات وسرقة المحاصيل 

أما في كري سبي؛ فيستمر المحتل التركي ومرتزقته بسرقة المحاصيل الزراعية عن طريق أحداث ما يعرف بـ (المكاتب الاقتصادية) التي تتبع بشكل مباشر لمجموعاته المرتزقة، والتي تتحكم بالبوابة الحدودية مع تركيا، وتسرق المحاصيل عبرها من خلال تجار ووسطاء تابعين لها، وتم تشكيل هذه المكاتب بعد احتلال المقاطعة، وهي عبارة عن سبعة مكاتب موزعة في مركز المقاطعة وأريافها، ويقوم عملها على أخذ إتاوات على البضائع الداخلة والخارجة لكافة المواد (مواد تموينية- ومواد بناء- ومواد أولية- ومواد زراعية).

فيفرضون مبلغ 90 دولاراً على الطن الواحد من القطن المحلوج فيما يتم أخذ 42 دولاراً في المناطق الأخرى، التي تحتلها تركيا من المناطق السورية، كذلك يفرضون 14 دولاراً على الطن الواحد من الذرة الصفراء، بينما يقابله أربعة دولارات في المعابر المحتلة الأخرى.

ولا تقتصر سرقتهم على هذه المواد فقط حيث يفرضون مبالغ باهظة على دخول السيارات والجرارات والحصادات تتخطى 200 دولار على الآلية الواحدة عدا الجمركة المفروضة من الجهات الأخرى، ومبلغ 100 دولار على كل شخص يدخل من البوابة الحدودية إلى المقاطعة المحتلة، وإن كان مرحلاً من قبل دولة الاحتلال التركي.

وتقوم هذه المكاتب بشكل يومي على تنظيم دفاتر قطع تحصل عليها من متزعمين في المجموعة المذكورة آنفاً لتنظيم سرقة المواطنين، يصل سعر الدفتر 400 دولار أمريكي، ولا يستطيع أي مواطن أن يتصرف بمحصوله أو استجرار أي مادة دون الحصول على ورقة تثبت حصوله عليها من هذه المكاتب.

وخرج أهالي مقاطعة كري سبي المحتلة في 14 و17 من شهر تموز من العام المنصرم 2023 بمظاهرتين حاشدتين في مركز المقاطعة المحتلة، وبلدة سلوك مطالبين بحل هذه المكاتب، التي أصبحت تتحكم بمصادر معيشتهم بتنظيم سرقة محاصيلهم والهيمنة على طرق بيعها عن طريق وسطاء تابعين لها، بشراكة مع أشخاص مع ما يعرف بمجلس تل أبيض المحلي.