تقرير/ هايستان أحمد-
الكرد أكثر الشعوب المسالمة المحبة للأمان وللحرية والذين حُرموا من الاثنين، وكما قال عنهم الشعراء “نحن محبي الحرية والسلام، ولكن العدو يريد الدمار ونُجبر نحن على حمل السلاح والدفاع عن شرفنا وأرضنا”، فالكرد كما كل الشعوب الأخرى في العالم لهم أرضهم وتاريخهم وجذورهم الراسخة، ولكن ومع الأسف لم يتمكنوا وحتى اليوم من التخلص من الأعداء والمحتلين المتطلعين لمحو وجود وثقافة وهوية الكرد، والترك لهم تاريخٌ حافل بالمجازر التي كانوا وما زالوا يرتكبونها بحق هذا الشعب المتآخي، فالسياسة العثمانية محورها الأساسي التخلص من الكرد.
على الرغم من مساحة تركيا الشاسعة ما زالت تطمع باحتلال المزيد من المناطق والأراضي السورية لضمها إلى تركيا، وتتريك المناطق وطبعها بطابع السياسة التركية الفاشية، وعلى وجه الخصوص مطامع الاحتلال بسلب مناطق روج آفا، وحاولت كثيراً أن تكسر همة وحب الهوية في قلوب الكرد وشعوب المنطقة بتكرار هجماتها الهمجية المنتهكة لكل حقوق الإنسان والبيئة والطبيعة، بل وصلت به إلى حد استخدامه للأسلحة المحرمة دولياً كما فعل عندما قام باحتلال مدينتي سري كانيه وكري سبي في العام الماضي، ويكرر فعلته الآن في عين عيسى، خارقاً كل القوانين الدولية.
رغم عدم إدانة أي دولة لتركيا على ارتكاب جرائمها في روج آفا والاكتفاء بالتنديدات التي لم تغير أي شيء، كان هناك الكثير من داعمي ومحبي هذا الشعب القوي والجبار، فقد قامت البعض من المنظمات الدولية الإغاثية بمساعدة الأهالي في هذه المناطق بالتعاون مع قوات سوريا الديمقراطية، وتشكلت قوات خاصة من التحالف الدولي وقوات سوريا الديمقراطية لدحر مرتزقة داعش، ونجحوا وحققوا الهدف المرجو منه، وتمت السيطرة على داعش وخلاياه النائمة وضبطهم، وبدماء الشهداء تخلصت المنطقة من الإرهاب الذي كان يشكل خطراً لا يوصف.
فيلم وثائقي يرصد الواقع
وتأكيداً لما فعلته تركيا من انتهاكاتٍ قام التلفزيون البولندي بإنتاج فيلم وثائقي باسم “الحرب على روج آفا” برعاية هيئة الثقافة والفن بإقليم الجزيرة، حيث قام ثلاثة صحفيين من بولندا وهم ” كونراد زاكورسكي ـ فيتولد ريبيتوفيجس ـ سيارهاي مارخيك”، بزيارة روج آفا وأخذ تلك المشاهد الحيّة أثناء الهجمات على سري كانيه وكري سبي وقامشلو بالتعاون مع الصحفي الكردي بدرخان أحمد، فكان هذا الفيلم جزءاً صغيراً ألقى الضوء على ما عاشه أهالي روج آفا، فكانت تلك اللحظات العصيبة التي مرت من استشهاد وجرحٍ للمدنيين وسفك دمائهم.
مدة الفيلم التي قاربت الساعة اختصرت تلك الأيام المريرة التي مرت على المنطقة، وفي هذا الصدد التقينا بالصحفي الكردي بدرخان أحمد الذي قام بمساعدة الصحفيين البولنديين بتصوير تلك المشاهد المصورة حيث ساعدهم من ناحية المعرفة بجغرافية المنطقة والترجمة من اللغة الإنكليزية إلى العربية والكردية فقال عن هذا العمل: “لم يُخطط لهذا العمل من قبل بل كانت مصادفة عند قدوم الصحفيين إلى روج آفا وقيام الاحتلال التركي بهجماته على مناطق مختلفة”، فهدف الصحفيين كان توثيق التعايش والسلام بين شعوب المنقطة وطريقة حياتهم، ولكن بسبب تزامن توقيت هجمات الاحتلال مع توقيت وصول الصحفيين في التاسع من الشهر العاشر من السنة الفائتة غيروا خططهم وقاموا بتوثيق أعمال تركيا وانتهاكاتها في روج آفا.
وعن ردة فعل الجماهير الذين شاهدوا الفيلم الوثائقي في بولندا وبلدان أخرى أشار بدرخان أحمد إلى أنهم يقدرون ما يحصل في المنطقة وأنهم يدركون أهمية الفيلم كثيراً لأنها حقيقة ووقائع من حياة الناس ليست كباقي الأفلام المصورة والمعدة بممثلين، بل كانت أوجاع الناس وملامحهم وأصوات الرصاص والهاون المشاهد التي نقلت الحدث إلى العالم، واختتم الصحفي أحمد حديثه متمنياً أن يقوم كل صحفي بعمله ويجتهد من أجل نقل الوقائع في المنطقة إلى العالم.