الخيول العربية الأصيلة.. صديق وفيٌّ لأهالي جل آغا

تقرير/ غزال العمر-

روناهي/ جل آغا: تبقى الخيل العربية الأصيلة محبوبة الجميع لشدة جمالها ووفائها ولطافتها، مما دفع بسكان ناحية جل آغا وريفها في شمال وشرق سوريا إلى التمسك بهذا التراث والإرث الحضاري، والسير على خطا الأجداد

انطلقت فعالية سباقٍ للخيل يوم الثلاثاء ٢٠/١٠/٢٠٢٠م في تمام الساعة الثامنة صباحاً لتنتهي في الثالثة عصراً بتتويجٍ للفائزين مع خيولهم؛ تحت رعاية لجنة الشباب والرياضة في مجلس ناحية جل آغا بالتعاون مع مربي الخيول مصطفى الخالدي وذلك في قرية كرهوك؛ بمشاركة ما يزيد على خمسين فارساً مع خيولهم وسط ترحيب جماهيري وحضور غفير وروحٍ حماسية؛ تشجع المشاركين بأهازيج وأغانٍ تُشعل الحماسة والتنافس بينهم.

“الخيل معقود بنواصيها الخير”

واكبت صحيفتنا هذا الحدث وشاركت أهالي المنطقة فرحتهم وفخرهم بعراقة وأصالة خيلهم؛ لتلتقي بعددٍ من المربين والفرسان والحضور لنتعرف ماذا تعني لهم هذه الخيول ومثل هذه الفعاليات؟

“ندعم الشباب المتحمس المحبّ للخيل ونهتم بتنظيم هكذا فعاليات لما لها من أثر في قلوب الناس الذين يجدون في الخيل شيئاً مقدساً”. هذا ما صرح به الإداري في لجنة الشباب والرياضة في ناحية جل آغا “حسام اليونس” الذي تابع حديثه” وجودنا اليوم في قرية كرهوك دعمٌ للمربين، هذا وقد حثهم على التمسك بتراث الأجداد والمحافظة عليه، فالخيل بركة “معقودٌ بنواصيها الخير”.

وعن إمكانية التوسع في مثل هذه السباقات أوضح اليونس بأنّهم كلجنة شباب ورياضة يقع على عاتقهم دعم المربين، وتلقي الدعم من الجهات المعنية لإعادة مثل هذه الأعراس الجماهيرية، فالخيل شكلها مريح ورؤيتها راحة نفسية لما تتميز به من جمالية.

شروط قبول المتسابق “الجوكي”

أما عن معنى كلمة “الجوكي” التي سمعناها كثيراً أثناء تواجدنا فقد سألنا المدرب ومنظم السباق مصطفى الخالدي الذي قال: “الجوكي “اسم الفارس المشارك الذي يطلق عليه جوكي بحسب أعراف المضمار والسباق، وله مواصفات محددة فلا يجوز أن يتجاوز عمره الثلاثين، ولا يقل عن السادسة عشرة ووزنه لا يزيد ولا ينقص عن الخمسين، وإن نقص يُزود بثقل وزن يعادل النقص حسب لجنة الحكم التي يعود لها القرار في مشاركته أو عدمه”. هكذا شرح لصحيفتنا روناهي مربي الخيول والمنظم لهذه الفعالية معنى الجوكي “المتسابق” وشروط قبوله.

أما فيما إذا كان هناك شروط تخص الخيل فقد أكد الخالدي بأنّ هناك فئات تُصنف حسب أعمار الخيل، فالفرس ابنة السنة والنصف تختلف عن ابنة الخمس سنوات، ولكلٍّ منها مسافة معينة تشارك بها؛ فهناك ١٢٠٠ متر و١٤٠٠متر و١٦٠٠ متر وهكذا كلّما زاد نضوج الخيل طالت المسافة أمامها بحسب تعبيره.

صفات تتميز بها الخيول العربية

وعن صفات الخيل في مقاطعة الجزيرة السورية قال الخالدي: “للخيل الجزراوية صفاتٌ تميزها عن سواها من خيول العالم؛ فهي تمتاز برشاقتها ونقاء عرقها وخفتها وضمور بطنها وجمالية شكلها ووساعة العيون وعرض المنكبين”.

وواصل شرحه لنا عما إذا كان هناك شكٌّ في أصالة هذه الخيول، وكيف يعرفون بأنّها أصيلة، أوضح بأنّ منظمة الواهو (waho) العالمية للخيول تعترف للخيول السورية بجودتها وحركتها الانسيابية الرشيقة، وذلك عبر فحص للدم والتأكد من أنّ أبويها يحملان هوية تعريفية ورقماً يُعتبر كجواز سفرٍ لهذه الخيل؛ دليلاً على صفاء دمها وعراقتها، ويُختم على رقبة الخيل بهذا الرقم بعد إقامة الحجج من مالكيها وحلفهم لليمين ومن ثم فحص الدم. لا تهاون في مثل هذه الأمور فأيّ خيل لا تحمل المواصفات المطابقة لوالديها تُرفض، ولا تُعتبر أصيلة حسب المربي مصطفى الخالدي.

هذا كما والتقينا بالفارس علي المطيري من أهالي قرية الدردارة ٢٤ عاماً الذي جاء ليشارك بهذا السبق برفقة فرسه “ذهب” ابنة الثلاثة أعوام؛ ليحصد معها المرتبة الأولى في سباق ال١٤٠٠ متر معبراً عن فرحته بقوله: “لا أهتم بالجائزة المالية فهي معنوية أكثر من كونها مادية، وسعيد بفوزي ورفيقة دربي ذهب بهذا النجاح”.

الخيل صديق يتميز بالوفاء

“ذهب” اسم فرسه الذي تربطه بها علاقة حميمة منذ ولادتها، روّضها واهتم بها ومنحها الأمان، يطعمها بيده ويمرض لمرضها وتبادله ذهب نفس الشعور؛ فهي تحزن عند غيابه لفترة طويلة بحكم عمله وما إن يرجع للبيت حتّى تصهل وتُصدر إشارات ترحيبية به؛ فالخيول وفية حسب وصف المطيري الذي شجع الشباب على ركوب الخيل والعناية بها فالخيل “صديقٌ وفي”.

كما ناشد الفارس علي المطيري الإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا بضرورة الاهتمام والعناية بالخيول ومربيها، لأنّها ثروة وطنية يجب الحفاظ عليها.

شبابٌ ورثوا حبّ هذه المخلوقات عن طريق أجدادهم وآبائهم لتكون أمانة في أعناقهم، فالخيل بركة وخير وراحةٌ نفسية لكلِّ متعبٍ مثقلٍ بهموم الحياة تفهم صاحبها وتشعر به.