فادي عاكوم: “على الدول العربية مساندة لبنان في ظلّ التدخلات التركية والإقليمية”

دعا الكاتب الصحفي والمحلل السياسي اللبناني فادي عاكوم مصر والسعودية والإمارات إلى المسارعة لدعم لبنان خلال الظروف الدقيقة التي يمر بها؛ من أجل إبعاد لبنان عن شبح التدخلات التركية والإقليمية الساعية لاستغلال الظروف الراهنة؛ لتنفيذ مشروعاتها التوسعية في الساحة اللبنانية، من خلال استغلال الأزمة الراهنة وتداعيات الفاجعة التي شهدتها العاصمة بيروت

وأكد عاكوم، أن الحديث عن تسبب ألعاب نارية في انفجار بيروت أمر سخيف، واستمرار في نهج الاستخفاف بعقول الشعب اللبناني، ولا يوجد أي مفرقعات نارية لها هذا التأثير، مؤكداً أن وجود مواد تستخدم استخداماً مزدوجاً (مدني وعسكري)، مخزنة منذ سنوات في المرفأ وبالقرب من منشآت حيوية من بينها قاعدة للجيش، وسط روايات عن علاقتها بالانفجار، يشير إلى تورط كبير لعديد من الأطراف في الساحة اللبنانية وخارجها، و”بخاصة أن تلك المواد يلزمها انفجار صغير او اشتعال قوي للنيران لكي تنفجر بهذا الشكل الذي شاهدناه جميعاً”. 

يجب محاسبة المسؤولين عن تخزين المواد المتفجرة

جاء ذلك خلال اللقاء الذي أجرته وكالة فرات للأنباء مع الكاتب والمحلل السياسي اللبناني فادي عاكوم الذي تحدث قائلاً: “هناك رواية حكومية أخرى تقول أن الانفجار ناجم عن انفجار مواد نترات الصوديوم تمت مصادرتها من إحدى البواخر، لكن العديد من شهود العيان يؤكدون حصول انفجارين متتالين مع سماع أصوات طائرات حربية؛ ما يعني إمكانية استهداف الطائرات الإسرائيلية مستودعات ذخيرة لحزب الله داخل ميناء بيروت، لكن حتى الآن تظل كافة الاحتمالات واردة وهي في طور التكهنات، وربما يكون تحديد السبب الحقيقي وفقاً لتحقيق شامل يستغرق وقتاً ليس بقليل”.

وأشار عاكوم بقوله: “على كل حال حتى لو كان الانفجار سببه مواد كيميائية، فهو يؤكد إهمال المسؤولين عن هذا الأمر ويجب محاكمتهم. وإن كان الأمر يتعلق بمستودعات سلاح خاصة بحزب الله؛ فإن هذا أمر خطير سيسمح بفتح ملف سلاح حزب الله على مصراعيه خلال الفترة المقبلة”.

إسرائيل في دائرة الشبهات وحزب الله جزء من المشكلة

وتعليقاً على تحذير رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في وقت سابق لحزب الله قبل ساعات من انفجار بيروت، قال فادي عاكوم: “لو صحت أنباء وجود غارة اسرائيلية وراء تفجير بيروت؛ فإنه يأتي ضمن الرسائل الإسرائيلية، بل رسائل دولية وغربية إلى حزب الله والحكومة اللبنانية بضرورة إنهاء هيمنة الحزب على الدولة اللبنانية”، معتبراً أن تورط إسرائيل يظل احتمالاً قائماً وغير مستبعد.

وتابع عاكوم: “لا يوجد ارتباط بين انفجار بيروت، ومحاكمة متهمين في اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الراحل رفيق الحريري”، مؤكداً أنه مجرد مصادفة وقوع الحادث قبل المحاكمة بساعات، وإذا صحت فرضية استهداف مخزن أسلحة لحزب الله في الميناء فإن المحاكمة ستشكل ضغطاً على حزب الله وسيكون قرار الاتهام موجهاً لحزب الله بشكل مباشر، فسيتم الربط بين الأمرين للضغط الإضافي على حزب الله لتسليم سلاحه للدولة ووضع قرار السلم والحرب بيد الجيش اللبناني.

وأكد المحلل السياسي اللبناني فادي عاكوم بأن إيران والحرس الثوري لن يقبلا بتسليم حزب الله سلاحه للدولة؛ لأن حزب الله رأس حربة لإيران في منطقة الشرق الأوسط، ومنه انطلق وأنشأ فروعاً له في العراق والسعودية والبحرين والكويت، بالتالي فإن كسرت شوكة حزب الله في لبنان ستطال باقي فروع الحزب في الدول العربية، وهذا ما لا تريده إيران، وربما يخضع الحرس الثوري لهذا الأمر ويقبل به بعد عقد أو عقدين لكن في ظل المتغيرات الدولية والإقليمية الحالية لن يقبل الحرس بحدوث أمر كهذا.

للاحتلال التركي دور مشبوه فيما يجري في لبنان

وحول الدور التركي في لبنان قال عاكوم: “إن تركيا لها أيضاً دور مشبوه في لبنان منذ فترة، وظهر في عدة مناطق لبنانية سواء أكان في الشمال أو بصيدا أو غيرها، وظهر جلياً الدور التركي بالتنسيق مع الحرس الثوري بعد أحداث حزيران 2006 بالتالي الدور التركي مكمل لنظيره الإيراني. السنة في لبنان يفتقدون لقائد سني يجمع طائفتهم وأردوغان يحاول القيام بهذا الدور واستغلال هذا الوضع، وللأسف استطاع وضع يده على العديد من المناطق، إن حسابات المجتمع الدولي مع تركيا مختلفة عن الحسابات مع إيران، لذا لم يعترض على دور أردوغان في لبنان؛ لأن أنقرة تقوم بدور الوكيل لبعض القوى الدولية، فمثلاً يعتبرون الوجود التركي أفضل من الإيراني والروسي، فتركيا أداة أوروبية أمريكية وحائط صد ضد موسكو وطهران”.

وأضاف عاكوم بقوله: “كذلك يوجد ممر الغاز الجنوبي؛ ينقل الغاز من أوزباكستان مروراً بتركيا وصولاً لأوروبا وهذا الخط تصر الدول الأوروبية على إنشائه للتخلص من تحكم روسيا في الطاقة المتجهة منها لأوروبا، وتركيا تلعب الدور الروسي في مد وتأمين هذا الخط وربما يكون هذا من الأسباب الرئيسية لتجاهل الدول الأوروبية للدور التركي في المنطقة ولبنان”.

وبين عاكوم بالقول: “إن انفجار بيروت لن يساهم في عودة سلسلة الاغتيالات من جديد إلى لبنان إذا كان نتيجة غارة إسرائيلية أو نتيجة انفجار نترات الأمونيوم كما قالت الحكومة، لكن التفجيرات والاغتيالات قد تعود إلى لبنان بعد السابع من آب الجاري بعد صدور الحكم في قضية رفيق الحريري، فبعدها سيدخل لبنان في مرحلة سياسية وأمنية وعسكرية خطرة جداً. إن انفجار بيروت ربما يخفف من الاحتقان في لبنان؛ نظراً للانشغال بالوضع الاجتماعي الإنساني لضحايا التفجير، وربما يطغى هذا الأمر على مشهد المحاكمة الدولية في قضية رفيق الحريري.”

وطالب الكاتب والمحلل السياسي اللبناني فادي عاكوم الدول العربية وعلى رأسها مصر والسعودية والإمارات بضرورة توجيه مساعدات عاجلة وفورية إلى لبنان لتجنب استغلال الحادث والأوضاع الراهنة المتفاقمة من جانب القوى الإقليمية، ومنها تركيا، التي تسعى للتدخل في الساحة اللبنانية بكل السبل ، مؤكداً أن الدول الفاعلة في المنطقة أمامها فرصة لقطع الطريق على القوى الإقليمية وعلى رأسها دولة الاحتلال التركي التي تسعى بكل السبل إلى الاضطلاع بنسخة “سنية” من الدور الإيراني المخرب في لبنان. وحذر من استغلال الأوضاع في بلاده بالقول: “لبنان جريح وجرحه عميق ولا بد من تقديم المساعدات من الدول كافة، وعلى المجتمع الدولي القيام بدوره الإنساني في التخفيف من آثار التفجير الكبير، لكن تلك المساعدات سيتم توظيفها واستغلالها سياسياً من جانب القوى المناوئة لاستقلال لبنان وحياده عن الصراعات والتجاذبات الإقليمية الساعية لاختطافه لصالح الصراعات وبخاصة في شرق المتوسط والمنطقة، وما نتمناه ألا تستخدم هذه القضية سياسياً لتحقيق مصالح أحد”.

في ندوة وكالة فرات ومركز القاهرة للدراسات الكردية قبل نحو أسبوعين؛ أكد الكاتب اللبناني فادي عاكوم، خطورة التدخلات التركية في لبنان وتحديداً في تشكيل الحكومة اللبنانية، محذراً من عدم الانتباه إلى ما يقوم به النظام التركي في لبنان حالياً ودوره في المشهد الراهن المعقد بالبلاد، واختتم الكاتب الصحفي والمحلل السياسي اللبناني فادي عاكوم: “بالإضافة إلى سعي تركيا لتنصيب حكومة موالية لها، هناك تجنيس آلاف اللبنانيين بالجنسية التركية واختراقات وتدخلات لا يمكن السكوت عنها تقوم بها السفارة التركية في بيروت”، معتبراً أن لبنان مستهدف بالتدخلات التركية سواء من زاوية الوجود العسكري التركي في سوريا وتأثيره على الوضع اللبناني وكذا التدخلات في الشأن الداخلي اللبناني وغيرها من السياسات التركية المتعلقة بشرق المتوسط.