غلاء المهر وعقبات تعترض الزواج

جل آغا/ غزال العمر ـ

---

غلاء المهر وتأمين السكن ومستلزمات الزواج عقبات تعترض طريق الشباب المقبلين عليه، وتتسبب بتراجعهم عن فكرة الارتباط الذي رافقه اندثار لبعض العادات التي ترافقه كموائد الطعام وليال الفرح الملاح.

 يتماشى المهر ومستلزمات الزواج مع غلاء الأسعار وارتفاع صرف الدولار مما دفع بالأهالي في ريف قامشلو بشمال وشرق سوريا للاستياء والإعراض عن تزويج أبنائهم، لما يترتب على ذلك من تبعاتٍ مادية لا تنتهي بمجرد تسليم المهر.

تكاليف باهظة

يستعد علي العبيد من سكان ريف ناحية جل آغا (45 عاماً) لتزويج ابنه، وقد صرح لصحيفتنا “روناهي” قائلاً: “فتحت على نفسي باباً كبيراً، من المتعارف عليه وحسب العادات والتقاليد بأنّه يتم إعطاء أهل العروس نقدها ليجهزوها به، النقد اليوم اختلف عن السابق نظراً لارتفاع تكاليف وتجهيزات الفرح وذهب العروس”.

وأضاف العبيد بأنّه كان يتمنى أن يفرح بعرس ابنه ويقيم الاحتفالات كالسابق حيث “كان الناس يحتفلون أسبوعاً كاملاً للعرس”، “لكن التكلفة المادية اليوم أثقلت كاهلنا، الظروف اختلفت بين الماضي والحاضر، أصبح تزويج الأبناء عقبة، وتأمين السكن لابني من أكبر المشاكل التي تواجهني كأب”.

ليتابع علي العبيد بأنّه كان يحلم ببيت لابنه لكن اليوم يصعب عليه تجهيز غرفة له وفرشها ضمن منزله.

عادات انحسرت

فيما يستذكر سليمان المحمود من سكان بلدة جل آغا (47 عاماً) الذي تزوج في مطلع التسعينات وقد أولم له أهله بيوم فرحه (الصبحة أو الكرمة أو الوليمة) ١٦ رأساً من الغنم، وأتبعها والده بذبح عنزٍ قد جاء بها أحد المدعوين كهديةٍ أو بما يعرف بـ “النقوط” باللهجة المحلية.

ليتابع المحمود الذي بدا مستاءً من الوضع الاقتصادي الصعب الذي يمر به الأهالي؛ فاليوم بدأت هذه العادة تتلاشى بقوله: “لم نعد نستطيع ذبح عشر دجاجات! وانحسر هذا العرف ليشمل المدعوين الغرباء فقط الذين جاؤوا تلبيةً للدعوة من مكانٍ بعيد، ثمن ذبيحة واحدة حالياً يعادل زواج شخصين قديماً”.

وحرص المحمود على تأكيد موضوع تيسير الأمور بين الشابين كحل ناجع ينقذ المجتمع من الانحلال الأخلاقي، بسبب عدم القدرة على الزواج بين الشباب ويزيد من نسبة العنوسة والانتحار أحياناً “عندما يحرم أحد الطرفين من الآخر بسبب معارضة الأهل”.

ليتابع سليمان المحمود قائلاً: غلاء النقد أو المهر ليس ظاهرة للتبجح الاجتماعي، هو تعبير معنوي ورعبون محبة ومن حق الفتيات على الشبان. في حين يتبجح الأثرياء بأعراس أبنائهم من باب التباهي الاجتماعي.

خاتم زواجها فضة

تجهز وفاء الجاسم من سكان ريف ناحية جل آغا (25عاماً) وهو اسم مستعار لعروسٍ تستعد لزفافها في أحد صالونات التجميل قائلة: “الغلاء طال كلّ شيء والمهر لا يغطي احتياجات أيّ فتاة مقدمة على الزواج”.

وأشارت وفاء إلى أن أبسط فستان يكلف ٧٠ ألفاً هذه الأيام، عدا عن أدوات التجميل وبقية المستلزمات التي استثنت منها الكثير مراعية ظروف عريسها المادية الصعبة “اكتفينا بعرس يضم المقربين فقط فنحن محكومون بالمادة”.

 تقول وفاء: “تمنيت أن يكون محبس زواجي من الذهب”، مشيرة إلى محبس يزين أصبعها من الفضة التي يتم استبدالها بالذهب، نظراً لغلاء الغرام الواحد من الذهب الذي يرافق ارتفاع الدولار.

ولوفاء الجاسم حلم بالاستقلال ببيت يجمعها وزوجها، لكن وبسبب الوضع المادي الصعب سيسكنان مع أهل زوجها “أراعي ظروفه لحين انفراج الحال”.

امتناع عن الزواج بسبب الغلاء

يستبعد هاني العبد من ريف ناحية تربه سبيه (35 عاماً) فكرة زواجه في مثل هذه الظروف، لما يلحق بها من تبعات كتأمين السكن الذي بات يكلف الكثير حتّى ولو كان بعقد آجار، “غرام الذهب يتجاوز 150 ألف” ومتطلبات أهل العروس لا ترحم ظناً منّهم بأنّ زيادة الطلبات تصب في صالح ابنتهم”، سيقضي الزوجان وقتاً لإيفاء الديون بعد ذلك، كما أنّها تعرقل الزواج وتضع المقبل على الزواج أمام أزمة اقتصادية ومادية ويتسبب بزيادة نسبة العنوسة بين الجنسين.