عيشه شان الأميرة الكردية والفنانة الأصيلة

 هيفيدار خالد_

في ذكرى رحيل الفنانة الكردية، التي ذاع صيتها بين أجزاء كردستان الأربعة، عيشه شان لا بد لنا أن نذكرها ونثني على جهودها ونضالها، الذي بذلته من أجل الحفاظ على الفن والثقافة الكردية الأصيلة في وقتٍ كان من الصعب فيه أن تتحدّث بلغتك وتمارس حقوقك الثقافية الخاصّة، وعلى الرغم من الصعوبات الجمّة التي تعرّضت لها طوال مسيرتها الفنية المثقلة بالمعوقات، لسياسات الدول، التي كان تحكم وطنها الأم كردستان، إلا إن ذلك لم يثنِ عزيمتها، بل مارست فنها بكل حبٍّ وعنفوانٍ وعطاء.

منذ صغر سنها أحبت الغناء وتعلّقت به واستطاعت خلال فترة قصيرة أن تصنع لها اسماً براقاً في عالم الفن الكردي بحنجرتها العذبة وصوتها الشجي، الذي لا يمل المرء سماعه، فالمتمعن في كلمات أغانيها وهي تنطقها بحرقة قلب يجد فيها ما لا يجده في غيرها. غنت عيشه شان من أجل قضيتها وقضية شعبها المظلوم، والذي يعاني من الظلم والاضطهاد، غنت للنساء الكرديات الشامخات والأطفال الأبرياء، والأرض والتراب والوطن وطبيعة وطنها المحتل وروعة جباله وأنهاره، لم تبخل على أحد بصوتها، الذي ما زال صداه يتردد في أذهاننا، حتى يومنا هذا رغم رحيلها منذ سنوات طويلة.

تحلت الفنانة الأنيقة بزيها الكردي، وزينتها المرتبة دائماً، بجمالها وحسن أخلاقها وقوة إرادتها بوقوفها في وجه كافة العادات، والتقاليد البالية، التي كان تفرض عليها آنذاك من ذويها، الذين حاولوا مراراً إجبارها على ترك الغناء، وعدم حضور الحفلات الفنية، إلا أنها تخطت تلك القيود بأغانيها العذبة وصوتها الحزين، الذي يحكي قصة شعب حرم من أبسط حقوقه في الحياة من الحكام المتسلطين، صوتها الذي كان يحوي بين طياته روح التحدي والتمرد ضد النظريات، التي تحارب حرية المرأة ومساعي التعبير عن ذاتها في شتى مجالات الحياة.

نعم عيشه شان الأميرة الكردية الجميلة والفنانة الأصلية والخلوقة الهادئة والمتزنة، خلقت في النفوس قصة حياة جديدة قوامها مواجهة عثرات الحياة الأليمة، والحض على الصمود واقتحام ساحات المعارك، لأن تلك الساحات خلقت للأقوياء المقاومين الصامدين من أجل البقاء دون الاستسلام للخنوع والفناء.

نعم عيشه شان أسطورة الغناء الكردي، ورمز للمرأة التي لا توقفها صعاب أو تحد من قدراتها قيود، كانت إحدى الفتيات الكرديات اللواتي لم يستسلمن أبداً في معركة البقاء من أجل الحياة، ومن أجل الحفاظ على فنها الأصيل وتحقيق حلمها الأبدي، بأن تغني وهي حرة من الأغلال والقيود، التي تفرض على الفتيات في مجتمعاتنا، عيشه شان لم تهب القواعد والقوانين، التي أقصت حقوقها وحاولت قمع إرادتها وحريتها ونفي كيانها، طوال حياتها، حتى عندما رحلت لم يرحل ذلك الصوت الشجي، بل بقي في ذهن وكيان كل كردي بقاء قضية شعبٍ، فلن تزول.