حوار/ غاندي إسكندر_
في الخامس عشر من شباط عام 1999، شاركت العديد من الدول، وعلى رأسها دول حلف شمال الأطلسي، بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية في مؤامرة دولية خبيثة، وخرق مخزٍ للحقوق وللقيم الإنسانية كلها، لم تراعِ فيها أدنى حقوق الإنسان، فتم اعتقال المفكر، والفيلسوف، وقائد الشعب الكردي، ومؤسس حركة التحرر الكردستانية عبد الله أوجلان بعد أن كانت بداية المؤامرة في التاسع من شهر تشرين الأول عام 1998. وحول حيثيات اعتقال القائد عبد الله أوجلان، واستمرار المؤامرة، وكيفية إفشالها، حاورت صحيفتنا الباحث، والأكاديمي شيخموس جمعة:
-لماذا تآمرت دول الحداثة الرأسمالية على القائد، والمفكر، عبد الله أوجلان، فسلمته بعملية قرصنه دولية، وعلى مرأى من العالم إلى تركيا؟
من المعلوم للجميع، أن الدولة التركية، عضو في حلف الناتو منذ عام 1952، وانضمت عام 1955، إلى حلف بغداد المعادي لنزعة الاستقلال في المنطقة، فتوَّجت تركيا نشاطاتها، وتحركاتها المعادية لإرادة شعوب الشرق الأوسط، بتوقيع اتفاقية عسكرية أخرى مع إسرائيل عام 1996، هذا من جهة، ومن جهة أخرى، بما أن مشروع الفيلسوف، والقائد الأممي عبد الله أوجلان، هو مشروع تحرري ديمقراطي، يهدف إلى تحرر الشعوب من حكم السلطات الفاشية، والدكتاتورية في المنطقة لذلك عملت تركيا إلى القيام بعملية القرصنة ضد المفكر أوجلان.
فنظام الحداثة الديمقراطي، الذي ينادي به المفكر عبد الله أوجلان، يتألف من المجتمع الاقتصادي الخالي من الربح، والمجتمع الإيكولوجي الجنسوي التحرري، والمجتمع الديمقراطي، هذه الأفكار أدت إلى إدراك النظام العالمي، المتمثل في حلف الناتو، برعاية الولايات المتحدة الأمريكية، وبريطانيا إلى خطورة مشروع القائد أوجلان على مصالحهم، ليس في المنطقة، وحسب، بل في أنحاء العالم كله؛ لأن فكر أوجلان ينادي بتحرير المجتمع، الذي يبدأ بتحرر المرأة؛ لذلك قامت بحبك المؤامرة الدولية المنافية، للقواعد القانونية والأخلاقية، وللأعراف، ولحقوق الإنسان، وبعملية قرصنه دولية، تم تسليم القائد عبد الله أوجلان إلى الدولة التركية، فالدول، التي شاركت في المؤامرة، واعتقلت القائد عبد الله أوجلان سعت إلى إطالة الصراع الكردي – التركي لأكثر من مئة عام، وتصفية حزب العمال الكردستاني؛ لأنه يناضل من أجل تحقيق العدالة الإنسانية في الشرق الأوسط والعالم، وتصفية الإرادة الحرة للإنسان الحر، والتحكم، والسيطرة الكاملة بمقدرات الشرق الأوسط، وإنهاء آخر رموز الثورة المجتمعية الحقيقية.
ـ برأيكم هل نجح المحتل التركي، وحكوماته المتعاقبة منذ عام 1999، في إنهاء القضية الكردية، وإنهاء المسيرة النضالية للقائد أوجلان؟
منذ بداية تشكيل تركيا بحدودها الحالية في عشرينيات القرن المنصرم، أخذت موقفا عدائياً تجاه قضية الشعب الكردي، ومحاربته، وعملت على القضاء على الثورات الكردية كلها، لكن خلال فترة السبعينات، ظهر الشاب الجامعي عبد الله أوجلان، فقاد ثورة مجتمعية جديدة ضد الفاشية التركية، وحاولت حكوماتها الإجرامية كلها، التي اتبعت سياسة الأرض المحروقة في إبادة الكرد، والتصدي للثورة الكردستانية، بقيادة القائد، والمفكر عبد الله أوجلان، فلم يكتب للفاشية التركية النجاح في إنهاء القضية، وفي إنهاء الثورة رغم ترسانتهم العسكرية الكبيرة، وسلاح الناتو المتطور، فالثورة الأوجلانية، أينعت، وتفرعت، وتحولت إلى جيش وشعب مقاوم للدكتاتورية، وللفاشية، وما منجزات ثورة (روج آفا) إلا نتاج فكر الثورة، التي قادها القائد عبد الله أوجلان، وليعلم الساسة الأتراك، أن ثورة الحرية والديمقراطية، تمضي قدما نحو الديمقراطية المنشودة لشعوب المنطقة؛ لذلك يتوجب عليهم اللجوء إلى لغة الحوار، وإلى السلام، وإلى إيجاد حل للقضية الكردية، ولقضايا الشعوب كلها في تركيا؛ لأن زمن الاستعباد قد ولى دون رجعة، ولن تنتهي القضية الكردية، ولن تكون هناك عودة للوراء.
-هل المؤامرة الدولية، التي استهدفت شخص القائد أوجلان، ما تزال مستمرة إلى الآن؟
إن الدول، التي تآمرت على القائد، فاعتقلته، ما تزال تتآمر على الشعب الكردي، وعلى شعوب المنطقة كلها، فسعي الدول العالمية إلى إبادة الكرد الإيزيديين، والسماح لتركيا بقصف الآمنين في شنكال، ومخيم رستم جودي لللاجئين، الذين هجرتهم دولة الاحتلال التركي من باكور كردستان، وبناء القواعد العسكرية في باشور كردستان، والزج بالأحرار في السجون، والتضييق على الحريات في تركيا، والعمل الدؤوب، والمستمر بشتى الطرق، والأساليب الإرهابية من أجل القضاء على مشروع الإدارة الذاتية عن طريق مرتزقة داعش، والفصائل الإرهابية المتواجدة في عفرين وكري سبي، وسري كانيه، وجرابلس، والتعاون الاستخباراتي مع حكومة دمشق، وروسيا وإيران في استبعاد الكرد من رسم مستقبل سوريا، ذلك كله ما هو إلا استكمال لفصول جديدة من المؤامرة بحق القائد عبد الله أوجلان.
ـ كيف يمكن إحباط المؤامرة، التي تمّت بحق القائد أوجلان، وما الطريقة التي من خلالها، نستطيع كسر طوق العزلة عليه، وتحقيق الحرية الجسدية له؟
الدولة التركية تتصور، وتتوهم أنها أنهت الحراك الكردي، والقضية الكردية باعتقال القائد عبد الله أوجلان، فهي تعتقد أنها عندما تقضي على القادة الكرد، إنها تنهي الثورة التي أشعلوها؛ لكنها لا تعلم أن القائد عبد الله أوجلان، لا يشبه غيره من قادة الثورات الكردية سابقا، فعندما قُبض على القائد عبد الله أوجلان، تظاهر الملايين في أنحاء العالم، وكردستان، وأعلن آلاف الشباب انضمامهم إلى الثورة الأوجلانية، ردا على الأسلوب الفاشي للدولة التركية.
فمن أجل إحباط المؤامرة، نعمل، وأقصد هنا الشعب الكردي، والشعوب، التي تنتهج نهج الحرية، الذي شيده المفكر الأممي عبد الله أوجلان، وبشكل مستمر، ودون توقف في دول العالم؛ من أجل إزالة اسم حزب العمال الكردستاني من قائمة الإرهاب، وسنتقيد تقيدا تاما على تنفيذ تعليمات، وإيديولوجية، وفكر القائد عبد الله أوجلان، وسنرص صفوف المجتمع الكردستاني، وسنتبنى فكر، ونظرية الأمة الديمقراطية، ونطبقها على أرض الواقع، ولا سيما حرية المرأة، وأخوة الشعوب، ونحرص دوما على تخليد ذكرى الشهداء، والسير وراء درب الفداء، الذي اتخذوه حتى تحقيق الديمقراطية، والعدالة، والمساواة، في أنحاء الشرق الأوسط كافة.
ولن نصمت حتى إفشال المؤامرات كلها، التي يقوم بحبكها أردوغان، وربيبته داعش، بذلك نستطيع تحرير القائد عبد الله أوجلان، فبقاء القائد محاطا بأربعة جدران، وفرض العزلة عليه هو أسر قضية الشعب الكردي برمته، وهدم لأركان الديمقراطية، ونسف لقضايا التحرر في الشرق الأوسط، وأخيرا ليعلم جميع من شارك في المؤامرة، أن قضية المفكر، والفيلسوف عبد الله أوجلان، هي قضية حرية الشعوب المضطهدة كلها في العالم، وحريته تعني حرية الإنسانية.
