الاحتلال التركيّ لسري كانيه وكري سبي، استخدم الاحتلال ومرتزقته الكثير من الأساليب الممنهجة لترهيب أهالي المنطقتين وتهجير السكان الأصليين وتوطينِ آخرين بدلاً عنهم، وتمارسُ تركيا سياسةَ الصهرِ الثقافيّ بحقِّ الكرد، كما تعملُ على إعادةِ صياغةِ الثقافةِ السوريّةِ بالإجمال في المناطقِ المحتلةِ بما يتناسب مع مصالحها وأطماعها وإدامة البقاء، ليكون ذلك “الشكلَ الأعمقَ للاحتلال الذي يتجاوزُ القوةَ العسكريّةَ إلى العقول والتحكم بمسارات التفكير.
الانتقال من الاحتلال إلى الاستعمار الثقافيّ
تشهد مدينتا سري كانيه وكري سبي منذ احتلالهما من قبل جيش الاحتلال التركيّ ومرتزقته وإلى الوقت الراهن جرائم شبه يومية تشمل عمليات الخطف، وسرقة ممتلكات المدنيين، والاستيلاء على محال المدنيين العزل، وتأجيرها لأسر المرتزقة. وفي هذا السياق استدرجت سلطات الاحتلال التركيّ تمويلات من منظماتٍ إخوانيّة من جمعيات في دول الخليج وباكستان لإقامة مشاريع بناء المدارس والخدمات، لتكونَ أقنية تمرير الفكر المتطرفِ، وتبرر حضورَه في سياق الحياة العامةِ.
جاء العدوانُ التركيّ على شمال سوريا بعد أشهر قليلة لهزيمة “داعش” جغرافيّاً ليكونَ حبلَ النجاةِ لهم، وقد تداولت وسائل الإعلامِ في 30/10/2020ظهور مرتزقة “داعش” ورفعهم لراياتهم في مدينة سري كانيه، خلال تظاهرةٍ ضد الحكومة الفرنسيّة تزامنت مع توتر العلاقات بين أنقرة وباريس. وكان ذلك دليلاً على علاقة الاحتضان التركيّ لمرتزقة “داعش”، وأنها أوجدت حواضن بديلة لهم في المناطق المحتلة، كما شهدت مدينة كري سبي عودة مرتزقة “داعش” ونشاطاً ملحوظاً لهم بعد الاحتلالِ.
ويضاف إلى ذلك، عملية التتريك الممنهجة، من تغيير أسماء معالم المدينة، ورفع الأعلام التركيّة، بالإضافة إلى استخراج بطاقات “الكيملك” التركيّة للمدنيين، في ظل عملية التغيير الديمغرافي وتهجير السكان الأصليين من المدينة.
الاحتلال يتسبّب بتهجير 300 ألف مدني
وتسّببت هجماتُ وجرائمُ الاحتلال التركيّ في سري كانيه وكري سبي، بتهجيرِ أكثر من 300 ألف مدنيّ من سكانِ المنطقة، فيما تمَّ توطينُ أسرِ المرتزقة والعراقيين والأفغان والتركمان فيها بدلاً منهم، ويُمارسُ التغييرُ الديمغرافيّ بعد عملية التهجير.
وبحسب إحصائياتِ الإدارة الذاتية، فإنَّ نحو 100 ألف مدنيّ هُجّروا من مقاطعة كري سبي وريفها، ويقطن 6031 مهجّر في مخيم مهجري كري سبي الذي أُنشئ في 22 تشرين الثاني 2019 في بلدة تل السمن شمال مدينة الرقة، وتوزع بقية المهجرين في مدن الرقة والطبقة وكوباني.
وتوزع مهجرو ناحية سري كانيه في مخيم واشو كاني الذي أنشئ في 2019، والذي يضم 14714 مواطناً و2373 أسرة، وبعد تزايد عدد المهجّرين فتحتِ الإدارةُ الذاتيّة مخيماً آخر لمهجّري سري كانيه الذين كانوا موجودين في مراكز الإيواءِ بمدينة الحسكة، والذي يضم 14073 مواطنٍ مهجّر، و2815 أسرة.
وينتشر المهجّرون على هذا النحو 1150 مواطنٍ، 230 أسرة ناحية الدرباسية. و4500 مواطنٍ و900 أسرة في ناحية تل تمر، 2000 مواطن و400 أسرة توزعوا في زركان، وتوزّع 6590 مواطن، و1600 أسرة في أحياء مدينة الحسكة، بينما توزّع 9174 مواطن في بلدة العريشة.
وفي مقاطعة قامشلو: 694 أسرة و3470 مواطن في مركز مدينة قامشلو، وتوزع 323 أسرة و161 مواطن في ناحية كركي لكي، و310 اسرة و1550 مواطن في ناحية عامودا، و30 أسرة و150 مواطن في ناحية تل حميس، و193 أسرة و965 مواطن في ناحية تربه سبيه، و14 أسرة و70 مواطناً في ناحية تل براك، و115أسرة و575 مواطن في ناحية جل آغا، وفي ناحية ديرك 866 اسرة و4330 مواطن.
إلى جانب ذلك قام الاحتلال التركيّ ومرتزقته بإخلاءِ وتهجير سكان 15 قرية إيزيديّة في منطقة سري كانيه ومحيطها والاستيلاء على 65 منزلاً وجميع أملاك الإيزيديين، وتدمير 80 منزلاً في قرى الداوديّةِ وخربة جمو، وبناء ثكناتٍ عسكريّة مكان تلك المنازل، بالإضافة إلى نبش قبور الإيزيديين وإخراج الرفات منها.
كما قام الاحتلال بتوطين 400 شخص من عناصر مرتزقة داعش العراقيين في سري كانيه وكري سبي، ونقل 1400 مرتزق سوري وأسرهم من إدلب إلى المنطقة، واختطاف 78 شخصاً بتهمة العمل في مؤسسات الإدارة الذاتية.