“روحُ الأرض”… مُلهمةُ المُهجَّرين وعنوان المُقاومةِ والإنسانيَّة

تقرير/ حسام إسماعيل –

---

روناهي/ عين عيسى ـ كانت تمثل رمزاً بالنسبة لي..!، مثلت معنى الأرض والإنسانية..!، تتفقد كل شخص وكل طفل وكل امرأة من المهجرين الخائفين الفارين من أتون الحرب المدمرة؛ التي بدأتها آلة الحرب التركية المدمرة بحق أهلنا من مقاطعة تل أبيض/ كري سبي، ما فتئت تبحث عن أهل كري سبي…!، كأنها أمٌّ ثكلى أو جدةٌ تتفقد أبناءها وأحفادها، الواحد تلو الآخر.. رأيتُ في عيونها وطناً..!، سميتها روح الأرض.

بهذه الكلمات يصف الأديب الأستاذ جمال عبد السلام “روح الأرض”، كما أطلق عليها، يقول: “عندما بدأ العدو التركي بحملته العدوانية تجاه شمال وشرق سوريا في التاسع من شهر تشرين الأول من العام الماضي باسم “نبع الإجرام” أو “نبع القتل”، كما أطلقت عليه الشعوب السورية، هُجِّرنا من بيوتنا، وتوجهنا إلى المناطق المحررة، وإلى مدينة الرقة تحديداً… وبحثت عنها في كل مكان، ووجدتها حيث قادتني ثقتي إليها، إلى المكان الذي توقعت..!، حيث كان المهجرون.

قالت لي: “سنكون معاً في المخيم، وأينما وُجد أهلنا المُهجرون، أهالي الرقة احتضنونا نعم، ولكننا مصرون أن نكون في أقرب مكانٍ من مدينتا كري سبي (تل أبيض)، لأنَّ لنا عودة قريبة إلى مدينتا وقرانا وبيوتنا التي سكنها المغتصبون، والمرتزقة، ولن نفرط أبداً بحقنا في العودة من جديد.

يقول الأستاذ جمال: “كانت ملهمة، وتتقن العمل والمثابرة، لإيواء الأهالي المهجرين بالسرعة القصوى بعد أن دق الشتاء ملابس المهجرين الصيفية التي خرجوا بها ليكون ضيفاً ثقيلاً في تلك الأشهر، التي دخل فيها جنود أردوغان ومرتزقته لمدينتها وقراها من دون استئذان، وبغير وجه حق باسم السلام، وهو بعيدٌ عنهم كل البعد.

واحتفلنا بعيد السلام، عيد السيد المسيح في مخيم التهجير (مخيم مهجري كري سبي)، وهي معنا تُضيف إلى أرواحنا ثقة، ومقاومة وإصرار على العودة فقلت فيها:

 “روح الأرض في كلماتها تبعث الحياة، أين الأطفال لينشدوا؟!

أغنية الحياة أين؟! وما حضرتم العيد.. ميلاد السلام

غنوا وباركوا للأرض عيد مسيحها

قولوا كما قال ذلك الحر.. إني جعلت من شباك الأسر للشرق شمساً تضيء

روح الأرض في كلماتها

أتبارك فيكم في كل كلمة حنان ودفء وفي كل قطرة دم

على الأرض ارتوت.. أيها الورود

شوك وردكم يحميكم في حلق أعاديكم

روح الأرض تتنقل في كل مكان أنا منكم ومعكم

هي حقيقة.. ليست من نسج الخيال”

هنالك صفة أخرى يطلقها الأستاذ جمال على ملهمته وهي “الدكتورة”، حيث أنَّها بعثت أملاً في وقتٍ كان الأهالي المهجرون في حاجة ماسة له، بعد أن خذلهم العالم أجمع، وكانت المدينة (كري سبي) ضحية للمؤامرة الدولية، التي شجعت المحتل على عدوانه السافر لمناطق شمال وشرق سوريا، فعملت على إنشاء مخيم (مهجري كري سبي) لإيواء العوائل والأسر، وآثرت أن يكون بيتها إحدى خيامه لتكون قريبة منهم، وتمد يد العون والمساعدة لهم، وتمدهم بمعنوياتها الرهيبة.. يقول فيها:

“ملكت روح الأرض في كلماتها

أحاطت من حولها ليغرف الأمل لحرية الإنسان

كتبت على دفترها الصغير وقلمها الأزرق، كيف سنبدأ؟

في نهاية صيف جميل

عاصفة الموت.. سوداء قد اشتدت بلهيب يبيد الحياة

قالت روح الأرض: سنكون معاً مع الموت ومع الحياة

خاطبت الورود حولها، أيها الورود كونوا شوكة بحلوقهم

كونوا ماءً تطفئ نار جمرهم.. كونوا لأرضكم سياجاً

فلن يحمي أرضكم إلا نساءكم ورجالها

إلى روح الأرض الدكتورة “بيمان” على أمل اللقاء مجدداً.. بهذه العبارات أنهى الأستاذ جمال عبد السلام لقاءه مع صحيفتنا، ليتمنى لها دوام الصحة والعافية، على أمل العودة مجدداً إلى مقاطعة تل أبيض (كري سبي) بعد دحر العدو التركي منها في القريب العاجل.