“رفقاً بالقوارير”.. مجرمون يجاهرون بإجرامهم على مواقع التواصل الاجتماعي

 غزال العمر-

 اشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي مؤخراً بمقطع فيديو متداول لقتل طفلة أمام كاميرا الهاتف، لتوثيق تلك الجريمة النكراء التي ارتكبت بحق طفلة لم تتجاوز السادسة عشرة من عمرها، وبالعودة للأسباب نجد تلك الفتاة كمن استجار من الرمضاء بالنار، من جريمة زواجها كقاصرة إلى جريمة قتلها عمداً وتسلطاً وتبجحاً دون رادع أخلاقي أو ديني أو إنساني “قلوب كالحجارة أو أشد قسوة”.

غسل العار ذريعة لعادة جاهلية يظن البعض بأنّها اندثرت، لكنّها تعود للظهور في القرن الحادي والعشرين بلباس الحداثة وسرعة الانتشار، ضحية الأمس “تريند” اليوم تتداولها المنصات والوكالات الإعلامية كمادة دسمة، ماذا أرادت أن تقول تلك الطفلة قبل أن تتوسل الموت الذي بدا أرحم من براثن وحوش فتكت بجسدها النحيل، لمجرد أنّها اعترضت بكلمة “لا” على زواج غير متكافئ؛ لا شرعاً ولا قانوناً ولا إنسانياً، فربما كان الموت طوق النجاة لطفلة كانت ستموت عدة مرات في الحياة، مرة عند اغتصاب جسدها الغض، ومرة عند ولادتها، ومرات عند تزويجها لبناتها بذات الطريقة.

طريقة مستفزة في القتل والمجاهرة به أمام مرأى رجال القبيلة دون أن يحركوا ساكناً، وكأن ما ذبح أمامهم ليست روحاً، غير مكترثين بالعقوبة ولا القانون الذي سيلاحقهم والعدالة التي ستقتص منهم، “استرخصوا دمها وحياتها فاسترخصوا حياتهم” كلمات تطالب بالعدالة والمطالبة بإنزال أقصى العقوبات بحق مجرمي الإنسانية تنطق بها كلّ امرأة حرة في روج آفا، فاليوم طفلة الحسكة وغداً طفلة قامشلو وديرك وكركي لكي وجل آغا وتربه سبي.. اليوم جارتك في مكان إقامتك وغداً ربما ابنتك، فالإجرام بحق المرأة مستمر بلباس الشرف والشرعية، وأقلام القضاة سرعان ما تخط “قيدت تحت مسمى جريمة شرف”، كلمة تعطي للقاتل مسوغاً ومبرراً لجريمته قبل حتى أن يرتكبها دون بحث بالأسباب والدوافع اللامنطقية.

أعراف وتقاليد بالية لا تمت للدين والإنسانية بصلة، فالدين منهم في براء، من أنت حتى تنهي حياة إنسان وتختار طريقة موته؟! من نصّبك جلاداً وسيافاً يقطع الرؤوس ويتفاخر بقتلها إذا ما نطقت الأنثى بـ “لا” في وجه من يساويها في الإنسانية والحقوق مطالبة بوجودها.

عفرين ترزح تحت الاحتلال ـ كري سبي ـ سري كانيه، ساحات القتال فيها مفتوحة على مصراعيها، هناك تظهر الرجولة وتستعرض العضلات “يا شيوخ القبيلة الكبار، يا من استمتعتم وأنتم تنظرون وتسمعون شهقات وأنفاس طفلة ترفرف كالطير، هل كان المشهد ممتعاً؟ هل طالت لحاكم وشواربكم؟ حدثونا عن مشاعركم المفعمة بالذكورة يا أشباه البشر يا بقايا داعش ومرتزقته؟” يامن صدق خليل مطران عندما قال فيكم: ما كانت الحسناء ترفع سترها – لو أن في هذي الجموع رجالاً. الرجولة أن تدافع عن أرضك وعرضك لتعيش بكرامة، هذا هو العار الذي يطلب أن تغسلوه يا سادة، هذا هو يا معشر الرجال يامن تمارسون السادية على حرائر كان من المفروض أن تكونوا سنداً لهنّ وعوناً.

جرائم متتالية؛ من زواج القاصرات مروراً بالاغتصاب انتهاء بالموت، ما المسوغ لتكرارها ما المبرر؟ “لو رأى الظالم على جنب المظلوم سيفاً لما أقدم على ظلمه” احموا النساء بالقانون دافعوا عنهنّ بسيف الحق استنصروا لهن.

أي انتصار سجلتم أيها القَتَلَة وعلى من تقع وصمة العار الذي تودون غسله؟ أيّاً كانت حججكم الواهية المزيفة، هو عار نفوسكم الضعيفة، عار خلوكم من الضمير، عار السلطوية الذكورية التي آن لها أن تدفن نفسها قبل أن تدفنها النساء بأيديهن، نحن شركاء في الحياة ولسنا أعداء، أي جواب ستواجهون به ربكم عندما يخاطبكم “وإذا الموءودة سئلت بأي ذنب قتلت؟”.

باسم كل قطرة دم سالت من امرأة حرة ماتت ظلماً نناشد الجهات المعنية في الإدارة الذاتية التي نتوسم فيها الإنصاف والعدل إنزال أقسى العقوبات بالجناة والعمل على إصدار قوانين تنصف المرأة.