جل آغا/ أمل محمد ـ
لا تتخلى المرأة والأم الستينية ربيعة سعيد، من قرية باديان في ريف ناحية جل آغا عن الطرق القديمة واليدوية في أسلوب حياتها، وتعتبر تلك الطرق لتخليد الإرث الريفي والمحافظة عليه من الاندثار.
تتميز المرأة الريفية بخبرتها الواسعة في الخبايا والأساليب الريفية، ومن خلال محاكاتها للواقع الريفي اكتسبت مهارات متنوعة، لذا المرأة الريفية قاموس حي وشامل، كانت ولا تزال النساء الريفيات يلعبنَّ دوراً فعالاً في محيطهنَّ، وهي عامل هام في المحافظة على التراث الريفي الذي يتأثر منذ سنوات عديدة بالطابع الحضاري، ولكن مع وجود المرأة الريفية يمكن توثيق التراث الريفي، وخاصةً النسوي كمرجع يمكن الاعتماد عليه في العودة إلى مجال الصناعات التقليدية والحرف.
الثقافة الريفية وروح العصر
في قرية باديان التابعة لناحية جل آغا، تقطن ربيعة سعيد صاحبة الستين عاماً، والتي لا تزال تمارس حياتها على النمط الريفي القديم من زراعة وتربية الماشية، بالرغم من تسهيل أساليب الحياة ووفرة المتطلبات الجاهزة في الأسواق، برغبةً منها للحفاظ على الثقافة الريفية، التقت صحيفتنا بربيعة سعيد والتي حدثتنا بقولها: “مارسنا الأعمال الريفية على اختلافها، وخاصةً في تلك الحقبة التي كنت تعاني للحصول على لقمة العيش، من زراعة الأراضي وحراثتها إلى تربية الماشية والدواجن وحتى حفر الآبار للحصول على المياه”.
واسترسلت ربيعة سعيد حديثها بالقول: “في هذا العصر والذي يختلف كلياً عنما عشناه سابقاً كل شيء سهل المنال، ولكن بالرغم من ذلك أعكف على القيام بأعمالي كما السابق أحصد ما أزرعه وتربية المواشي لم أتخلَ عنها يوماً، الطابع الريفي يضيف رونقاً مميزاً لحياتنا ويذكرنا بالأيام الخوالي”.
أقدم “دستار ـ رحى” في المنطقة
تحتفظ ربيعة سعيد (بدستار، الرحى) قديم تجاوز عمره “150” عاماً صنعه والد جدها المدعو “حسن” وورثته العائلة من شخص للآخر حتى غدا إرثاً عتيقاً مرتبطاً باسم العائلة، وعن هذا قالت ربيعة: “هذا الدستار جزء من تاريخ عائلتنا نرفض بشدة بيعه بالرغم من عروض عدة، أجرش عليه القمح والعدس والفريكة، كانت الرحى لا تخلو في أي بيت بدلاً من الذهاب إلى المطاحن، العمل عليه يحتاج لجهد ووقت وطاقة وهذا ما أفتقده اليوم ومع ذلك أعمل عليه بين الفينة والأخرى”.
بالإضافة للرحى تحتفظ ربيعة بعدة أدوات ريفية في منزلها وتابعت بقولها: “هناك الكثير من الأدوات التي أحتفظ بها، من سراج ومنجل وفأس الأرض وفانوس وجرن الكبة، ناهيك عن سلال القش والصاج الذي نصنع عليه الخبز إلى وقتنا هذا”.
يتأثر العالم بشكلٍ كلي بالتطور الذي فرض كلمته على الجميع، وكل شيء قابل للتغير وحتى الاندثار والمحافظة على ماهية الأشياء والتراث الأصيل شغف للكثيرين يعملون على الحفاظ عليه، في ظل أن الصناعات والحرف والأساليب التقليدية تكافح اليوم للبقاء مع موجة ما تسمى بالتطور الذي يشهده العالم، والذي وفّر البدائل للسكان ما قلل الإقبال عليها بشكلٍ ملحوظ.
