دوران: أردوغان سيستخدم المُهجّرين الأفغان لتحقيق أجنداته والسوريون خير دليل

نوّه الصحفي والناقد راغب دوران إلى أنه بعد سيطرة طالبان على أفغانستان سيحاول أردوغان استغلال ورقة المهاجرين الأفغان ضد دول الاتحاد الأوروبي، وأشار إلى أن طالبان يحمل الفكر المتطرف ولا يختلف عن داعش بشيء، وهي أيضاً تتلقى الدعم من أنقرة.

بعد أن سحبت الولايات المتحدة الأمريكية قواتها من أفغانستان سارعت طالبان إلى السيطرة على البلاد وبزمن قياسي، بعد هذه المستجدات ما هي المرحلة التي تنتظر أفغانستان وما تأثير هذه التطورات على العالم، وكيف ستكون الأوضاع في المنطقة بشكلٍ عام.

حول كل ذلك أجرت وكالة هاوار للأنباء حواراً مع الصحفي والناقد راغب دوران، وهذا نصه.

ـ سحبت أمريكا قواتها من أفغانستان بعد عشرين عاماً، بعدما سحبتها جزئياً من العراق إلى باشور كردستان في وقت سابق، يرى بعض المحللين أن أمريكا انسحبت من هاتين الدولتين نتيجة فشلها فيهما، ويرى بعضهم أن هذه استراتيجية جديدة كيف تُقيّم هذا؟

لم تطلب الحكومة الأمريكية السابقة برئاسة ترامب ولا الحالية القيام بعمليات عسكرية خارج البلاد، منذ الحرب الكورية إلى الآن غيّرت واشنطن الحكومات في خمس قارات واحتلت الدول، ولكن قوتها السياسية والاقتصادية والعسكرية لم تعد تحتمل القيام بمثل هذه العمليات، وهكذا فمن المهم ألا تترك الدول المنافسة كروسيا والصين الميدان فارغاً، العمليات العسكرية الخارجية للولايات المتحدة الأمريكية تضع عبئاً ثقيلاً على اقتصادها، ولم تكن تستطيع تمويلها في كثير من الأحيان، ومنذ حرب فيتنام إلى الآن هناك اعتراض شعبي على مثل هذه التدخلات الخارجية.

ـ ما الذي يحدث في أفغانستان؟ في أقل من شهر وضعت حركة طالبان يدها على البلاد، برأيكم هل هناك اتفاق بين القوى العالمية بأن ما حدث مجرد فراغ في الساحة بعد انسحاب أمريكا؟

كما ذكرت سيطرت حركة طالبان على أفغانستان في وقت أقصر بكثير مما كان متوقعاً وانسحاب القوات العسكرية الأمريكية هو بلا شك عامل مهم وهناك عامل آخر هو قيام جيش الحكومة الأفغانية الذي يزيد عدده على عدد قوات طالبان، والذي تم تدريب أغلبه من قبل أمريكا وتأسيسه وتسليحه، بالاستسلام والتخلي عن السلاح والهرب.

تقوم الاستخبارات العسكرية الباكستانية بدعم طالبان إلى حدٍ كبير واليوم حكومة بكين أيضاً تقف إلى جانبها، وأنقرة أيضاً أعطتها الضوء الأخضر، القوى العالمية ليست متوافقة على ما جرى، وقبل أن يستطيع مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة الاجتماع واتخاذ القرار تمركزت طالبان في القصر الرئاسي بكابول.

لقد ذهبت إلى أفغانستان خلال عامي 1978 و1986 وأجريت حوارات مطوّلة ونشرتها، ومنذ ذلك الحين وأنا أتابع أخبار هذا البلد، الفقر والبؤس كان كبيراً ومرتفعاً حينها وما زال كذلك، الدين وسيلة قوية للبقاء في هذه الأرض والتعليم والصحة والسكن وحقوق الإنسان في مهب الريح، طالبان تنظيم ديني متطرف يستعد للحكم منذ عشرين عاماً، وإذا اقتصر تأثيره على حكومة كابول فقط، فقد يخفف من الحالة الصعبة التي تمر بها البلد، طالبان إذا ما استلمت الحكم سيكون ذلك له تأثير كبير على السلم الإقليمي والعالمي.

ـ هل ستقتصر سيطرة طالبان على أفغانستان فقط؟ ما المرحلة التي تنتظر أفغانستان من الناحية السياسية؟

بعد أن سيطرت طالبان على كابول لن يبقى في أفغانستان وجود لأية قوانين أو حقوق إنسان أو أي منطق آخر، وإن كان لديهم جيران كإيران وباكستان وتركمانستان وأوزباكستان وطاجيكستان وكذلك الصين فبدون شك سوف يكونون على اتصال سياسي وديني واقتصادي واجتماعي مع المحيطين بهم، جميع الجيران مسلمين وسيتواصل المواطنون الأفغان الذين أجبروا على الخروج من أفغانستان واللجوء إلى دول الجوار أو حتى تركيا والدول الأوروبية المختلفة مع طالبان ويتعاملون معها بطريقة أو بأخرى.

– بريطانيا مُستعدة للحوار والولايات المتحدة الأمريكية أيضاً، ما قد يفتح الطريق لتكون طالبان شرعيّة، ما الذي يحدث حقاً وراء الكواليس؟ وهل ستكون حركة طالبان داعشاً جديداً أم سيتم ترويضها ضمن النظام العالمي؟

قم بترويض من لا تستطيع هزيمته هذا تقرب إمبريالي، طالبان بقيمها وخصائصها الدينية والتاريخية والجغرافية وكذلك جغرافية أفغانستان لن تستطيع بسهولة الانغماس في النظام العالمي النيوليبرالي وتنظيم نفسها ضمن هذه الآلية، على العكس من هذا فهي ترد بطريقة قاسية وحادة على هكذا محاولات، قد تختلف طالبان عن داعش في بعض النواحي ولكن من منظورنا هناك الكثير من الأشياء المشتركة بينهما، وكلاهما يحملان نفس الأفكار المتطرفة التي لا تقبل بالعيش مع الآخرين بسلام ووئام.

-المشاهد التي أظهرت عناصر طالبان أثناء قيامهم بتعذيب المدنيين، نشرت على وسائل التواصل الاجتماعي آلاف الأفغان يهاجرون من البلاد والنزوح الأكبر يكون نحو تركيا، كيف سيكون تعامل الأتراك مع هؤلاء؟

إدارة أنقرة نفسها لا تمتلك سياسة متماسكة ومنهجية تخص الهجرة، لكن أردوغان يحاول تصحيح موقفه الرسمي بما يخص المُهجرين وفق الظرف السياسي، وسيحاول الاستفادة من المهجرين القادمين من أفغانستان كما استفاد من السوريين سابقاً، لذا سيستخدمهم كورقة ضد الاتحاد الأوروبي وكمرتزقة مأجورين لتحقيق أجنداته في المنطقة بشكلٍ عام، وقد يمنحهم الجنسية التركية للمشاركة في الانتخابات القادمة والحصول على أصواتهم، ولكن هناك فرق كبير بين المهجرين السوريين والأفغان بالنسبة لأردوغان؛ فحكومة أردوغان تدّعي أنها معادية للأسد ولكن من الواضح أن قيمها وقيم طالبان هي نفسها وتستطيع التعامل معها بكل أريحية.

ـ برأيكم هل بالإمكان انتقال الأزمة من الشرق الأوسط إلى آسيا الوسطى؟

أزمة الشرق الأوسط مستعصية لا تنتقل إلى مكان آخر يمكن فقط أن تنتشر في محيطها، لا يمكن أن يحل السلام على الشرق الأوسط حتى يتم حل المشكلة الفلسطينية والقضية الكردية وحتى تستقر سوريا، بعد فترة إذا تم وضع تصفية للدول الواقعة تحت سيطرة الباشوات والشيوخ والأمراء والسلاطين في الحسبان يمكن أن يتغيّر الوضع في الشرق الأوسط.

-هل يمكن أن نشهد حرباً جديدة أكثر حدة بين القوى الغربية والصينية في آسيا الوسطى والباسفيك، بعدما سيطرت طالبان على أفغانستان؟

بسبب التناقضات الجوهرية في النظام العالمي يمكن أن تدخل صراعات (أمريكا وإيران)، (أمريكا والصين)، (أمريكا وروسيا) وكما أسلفت فإن المنطقة ستدخل مرحلة أكثر حدة وستتصاعد الأزمة في أفغانستان وتنتشر في أماكن أخرى في قادمات الأيام، وفي اتجاهات العالم الأربع تصل المجموعات المتطرفة إلى السلطة في العالم الشرقي للأسف.