حصار الحكومة “لمنطقة إنسانية” مؤامرة

تقرير/ محمد محمود-

تزداد معاناة مهجري عفرين القاطنين في الشهباء يوماً بعد يوم، فليس التهجير القسري من ديارهم هو الخطر الوحيد الذي يحدق بهم، بل الحصار الخانق المفروض عليهم من قبل الحكومة السورية ثقل آخر على كاهلهم اليوم.

منذ قرابة شهرين من الآن، تفرض الحكومة السورية حصاراً اقتصادياً على مقاطعة الشهباء التي تضم مُهجري عفرين وبعضاً من أهالي الشهباء، وتمنع دخول المحروقات وبعض المواد الغذائية، والأدوية والمستلزمات الطبية هي الأخرى تدخل للمنطقة بطرق التجار بعد دفع عمولة لضباط النظام السوري والتجار، هذا الحال انعكس سلباً على مُهجري عفرين وأفقدهم حق الحصول على الكهرباء بشكلٍ منتظم إضافة لغلاء أسعار غالبية السلع الأساسية بنسبة تفوق الـ10% عن أسعارها في مدينة حلب التي تبعد فقط 20 كيلومتراً عن الشهباء.

“حسن قره علي” مُهجر عفريني يروي لنا مصاعب حياتهم داخل المخيمات بالقول “بتنا في العام الثالث ونعاني من أقسى ظروف الحياة في المخيمات بعيداً عن أرضنا، واليوم نتعرض للحصار الخانق من قبل الحكومة السورية منذ بداية نزوحنا من عفرين، الأمر الذي شكل عائقاً كبيراً في تأمين مستلزماتنا اليومية وعدم استطاعتنا الخروج وتأمين قوت أطفالنا”.

ومع حلول فصل الشتاء تزايدت معاناة المُهجرين القاطنين في المخيمات وكذلك القاطنين في القرى، قره علي يُشير إلى تزايد هذه المعاناة اليوم بسبب الحصار “الأوضاع هنا تسوء مع كل شتاء بسبب الأمطار, ناهيك عن صعوبة التنقل داخل الخيام لجلب المستلزمات اليومية بسبب تشكل الطين، وبالإضافة لعدم وجود الكمية الكافية من المحروقات مما يجعل الأطفال والشيوخ عرضة للخطر، وما يزيد الأمر سوءاً قلة الدواء وغياب المنظمات الصحية عن المقاطعة”.

ويربط حسن قره علي هذه المعاناة بالحصار المطبق على المقاطعة من قبل الحكومة السورية “هذه ليست المرة الأولى التي تقوم فيها الحكومة السورية بمنع دخول المواد اللوجستية والمحروقات للمقاطعة”.

مناشدة

ويتساءل حسن قره علي عن دور المنظمات الدولية المعنية بمتابعة أحوال النازحين والمُهجرين، وقال أنهم لم يشاهدوا أحداً، ويتابع “مع الأسف لم نر أي ردة فعل تجاه ما تعرضنا له في عفرين أولاً وما نعانيه هنا في مقاطعة الشهباء ثانياً، لذا نقول لهم كفى صمتاً”،

وناشد هذه المنظمات للضغط على الحكومة السورية لفك الحصار الذي قد يودي بحياة آلاف المهجرين الذين يعانون حالياً من برد الشتاء.

أسعار مضاعفة

ظروفاً صعبة يعاني منها الأهالي بسبب الحصار فسعر ليتر المازوت أصبح 650 لليتر الواحد في السوق الحر, وحتى الحطب أيضاً لم يعد متوفراً في المنطقة، وإذا كان موجود في بعض القرى فقد أصبح سعر الطن الواحد 80 ألف بينما كان يباع الطن الواحد بـ 20 ألف السنة الماضية, بالإضافة لارتفاع سعر أسطوانة الغار من 5000 إلى 27000 ما زاد من حجم المعاناة لدى المهجرين.

 من جانبه أوضح الرئيس المشترك لهيئة الاقتصاد عماد داوود السياسات الإنكارية المفروضة على المهجرين في الشهباء وقال أنها وصلت لـ”الذروة” وتابع “رغم قسوة الظروف المعيشية الذي يعيشها المهجرون في مخيمات النزوح، قامت الحكومة السورية بفرض الحصار على الأهالي الهاربين من طغيان ليصطدموا بأفعال الحكومة تجاههم، فالأجهزة الأمنية التابعة للحكومة السورية كانت ولا تزال تمنع دخول المواد الغذائية والمحروقات والطحين والأدوية إلى مخيمات النزوح بمقاطعة الشهباء إلا مقابل مبالغ مالية طائلة وبعد اتباع أساليب الابتزاز بحق المهجرين كأنهم من دولة أخرى”.

نسبة ارتفاع الأسعار بالمقارنة مع حلب من 10  إلى 15  % نتيجة فرض الحواجز التابعة للحكومة الضرائب والترسيم ليزيد من سعر المواد إضافة إلى إدخالها عن طريق التهريب للمنطقة يجعل تلك المواد باهظة الثمن.

اتفاق تركي روسي وراء الحصار

ويعزو عماد داوود تعمد الأجهزة الأمنية التابعة للحكومة السورية ومنذ أكثر من شهر منع دخول المحروقات والغاز والأدوية إلى مقاطعة الشهباء؛ إلى أسباب تتعلق باتفاق مبرم بين روسيا وتركيا، الأمر الذي يولد الكثير من العوائق وبنفس الوقت يشكل خطراً خصوصاً مع ازدياد انتشار فيروس كورونا في المنطقة بين المهجرين بسبب نقص مادة المحروقات للتدفئة لأن الإدارة لم تتمكن من توزيع هذه المادة على جميع النازحين ناهيك عن النقص في الأدوية الطبية اللازمة؛ وكل هذا طبعاً نتيجة الحصار المفروض من قبل الحكومة السورية.

ونوه عماد داوود إلى وجود خطوات حثيثة يتم العمل عليها من قبل الإدارة الموجودة في المقاطعة لتفادي الأمر لفترة وقال “إن المؤسسات الموجودة في الشهباء تحاول تدارك هذه المشكلة التي يواجهها الأهالي في كل شتاء حسب الإمكانيات المتوفرة لدينا من خلال شراء المستلزمات من التجار أصحاب النفوذ بأسعار باهظة في خطوة لتخفيف الأثقال عن كاهل المهجرين”.

مؤامرة

وأشار عماد داوود في الختام للسياسة المتبعة من قبل الحكومة السورية واصفاً إياها بالمؤامرة الهادفة لإخراج الأهالي من المقاطعة وإجبارهم على التوجه لمناطقهم مؤكداً “إن الحكومة السورية تسعى جاهدةً لبسط سيطرتها على المقاطعة، ولهذا تتبع كل السبل المتاحة للوصول إلى غايتها يقابله عدم تحرك المجتمع الدولي لحماية النازحين في مخيمات النزوح من الإبادة التي تتبعها الحكومة السورية  تجاه المهجرين في مقاطعة الشهباء، لذا نطالب تلك المنظمات بالتدخل الفوري لفك الحصار والاضطلاع بمسؤولياتهم وفق نظامهم الداخلي”.