جوان عيسو: إنهاء الاحتلال التركي حل قضية المهجرين قسراً

برخدان جيان_

---

أصدرت لجنة مهجري سري كانيه تقريراً، يوضح الجرائم المرتكبة في سري كانيه، وكري سبي منذ احتلالها في التاسع من تشرين الأول عام 2019، وقد تضمن التقرير شهادات حية، وتحليلاً قانونياً بموجب القوانين الدولية، الذي ينفي شرعية العدوان، وخاصة المتعلقة بحلحلة الأزمة السورية كالقرار الدولي 2254، وتقارير حقوق الإنسان والمنظمات الدولية المعنية بذلك.

وهذا وقد سبب العدوان التركي الأخير كارثة إنسانية أخرى تضاف إلى سلسلة أزمات السوريين، منذ اندلاع الأزمة السورية في العام 2011، وعلى إثرها هُجر أكثر من 300 ألف مدني من بلداتهم ومدنهم، وقراهم في كري سبي، وسري كانيه.

وشهدت المناطق المحتلة في كري سبي وسري كانيه انتهاكات مروعة وجسيمة واسعة، وسرقة ونهب المنازل، والاستيلاء على الممتلكات الخاصة بقوة السلاح، واختطاف المواطنين، والإخفاء القسري، مقابل مبالغ مالية للإفراج عنهم، وبهذا الاحتلال الغير قانوني فقد حدثت أنواع مختلفة للتعذيب بحق السكان الأصليين بحج وذرائع واهية، وفرض سياسة التتريك والتغيير الديمغرافي، وتغيير معالم المدن، في محاولة طمس هويتها التاريخية، ولم تكن تلك الانتهاكات تحدث، لولا تغاضي المجتمع الدولي عن جرائم تركيا المحتلة، وعن مرتزقتها.

وتطرق التقرير الى توثيق جرائم سرقة ممتلكات المواطنين على يد مرتزقة تركيا في قرى (أسدية ـ وأسدية شرقية ـ وسفح ـ وسلام عليك ـ وتل خنزير ـ ودهماء) التابعة لسري كانيه، كما تعمد المرتزقة إلى مداهمة المنازل في قرية قاطوف في ريف (سري كانيه) الجنوبي، ومن بين الانتهاكات أيضاً، قيام مرتزقة “فرقة الحمزات” إلى تعمد إغلاق المحال التجارية بتهديد أصحابها بالسلاح في مركز سري كانيه، وذلك بعد قيام أصحاب المحلات بتوزيع منشورات ورقية في المدينة تطالب بالإضراب ضد ما يُعرف بـ (المجلس المحلي لرأس العين).

انتهاكات وجرائم تعكس همجية المحتل

وبهذا الصدد تحدث الناشط الحقوقي، وعضو لجنة العلاقات لمهجري سري كانيه، جوان عيسو، لصحيفتنا، تعليقاً على التقرير الصادر عن لجنة مهجري سري كانيه: “منذ بداية الأزمة في سوريا برزت النوايا التركية ومطامعها باحتلال الأراضي السورية، لذلك قامت بدعم المرتزقة السوريين، وجندتهم لتطبيق هذه المطامع والنوايا، وتنفيذا لتلك النوايا الخبيثة احتلت تركيا مناطق عديدة من سوريا “الباب، وجرابلس، ومن ثم عفرين، وكري سبي، وسري كانيه”.

وأشار عيسو: الى أن “الدولة التركية المحتلة، وعقب احتلالها المناطق المذكورة، بتطبيق سياسة التغيير الديمغرافي، فتم تهجير ما يقارب 85 بالمائة من سكان سري كانيه الأصليين، وتوطين عوائل مرتزقة سوريين من مناطق سورية متعددة، بهدف طمس هوية المنطقة، والقيام بممارسات لا إنسانية بحق أهالي المنطقة الأصليين، كالخطف والتغييب والتعذيب بهدف إجبارهم على الرحيل”.

المجتمع الدولي شريك في الجرائم

وأكد عيسو: على أن “المجتمع الدولي شريك في هذه الجرائم، التي دفعت ثمنها شعوب المنطقة، بسبب تقاعس الدول الفاضح حيال ما ترتكبه دولة الاحتلال التركي، اتباعا للمصالح الدولية، والاقتصادية، وتنفيذاً للاتفاقيات الثنائية فيما بين المجتمع الدولي وبين تركيا، وقد استشهد التقرير عن لجنة مهجري سري كانيه بالتقرير الصادر في 29 شباط المنصرم عن منظمة (هيومن رايتش ووتش)، والذي كشف بدوره حجم الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، والقانون الدولي، في ظل تهرب تركيا من واجباتها الملزمة، لأنها ارتكبت جرائم حرب، وهي مثبتة بالدلائل والبراهين”.

 وكشف عيسو: “يجب الاعتراف، بأن المناطق التي تحتلها تركيا على أنها مناطق منكوبة، وتعيش وضعاً سيئاً من النواحي كافة (الاقتصادية، والمعيشية، والأمنية)، لأنها أصبحت مسرحاً للقتل والخطف والإخفاء القسري، وفرض الإتاوات، وما إلى ذلك”.

وأكد عيسو: “لقد تم إعداد تقارير عدة للانتهاكات، التي تحدث في سري كانيه، التي من ضمنها الاعتداءات على الأملاك الخاصة والعامة، حيث تشير الإحصائيات الى تهجير ما يقارب 85 بالمائة من السكان الأصليين من الكرد، والاستيلاء على أكثر من ستة آلاف منزل، وتهجير 55 ألف مهجر من سكان قرى ريف سري كانيه وحدها، وتجريف خمس قرى بشكلٍ جزئي، وتجريف  قرية (عين الحصان) بشكلٍ كاملٍ، والاستيلاء على المحال التجارية والأراضي الزراعية، كل ذلك يحدث للتقليل من نسبة الكرد التي وصلت في الوقت الراهن  في سري كانيه المحتلة إلى 46 بالمائة، وغالبية من بقي، هم من كبار السن والأطفال”.

واستهجن عيسو، عجز المجتمع الدولي عن إيجاد حل للأزمة السورية، وتطبيق القرارات الأممية، ومنها القرار الدولي (2254)، وحتى القرارات المتعلقة بالمفقودين والمهجرين، وتابع: “العدالة الدولية مُغيبة، والتعامل الدولي مع الملف السوري على العموم تعامل مصالح، لذلك التراخي والتقصير من المجتمع الدولي والدول الضامنة في الملف السوري، أفسحا المجال لارتكاب المزيد من المجازر بحق السكان الأصليين، واستمرار تطبيق السياسة العدوانية التركية”.

القانون الدولي يدين جرائم تركيا

ويتطرق تقرير لجنة مهجري سري كانيه إلى معايير القوانين الدولية إذ أشار الى أن المادة 42 من اللائحة المتعلقة بقوانين وأعراف الحرب البرية، في اتفاقية لاهاي لعام 1907، والذي يعدُّ وجود تركيا في سوريا وسيطرتها الشاملة على أجزاء من الأراضي السورية عقب هجماتها العدوانية تحت مسمى “نبع السلام”، سواء بشكل مباشر، أو من خلال المرتزقة التابعين لها، ويتوضح في المادة الثانية المشتركة بين اتفاقيات جنيف الأربع لعام 1949، أن مثل هذا الوضع يحكمه القانون الإنساني الدولي للنزاع المسلح، ومن خلاله فإن الانتهاكات المشار إليها في هذا التقرير، والمرتكبة ضد المدنيين وممتلكاتهم داخل المناطق المحتلة، تُشكل انتهاكات واضحة للقانون الدولي والإنساني، وفي معظم الحالات تعدُّ انتهاكات جسيمة لاتفاقيات جنيف، وهي ترتقي لجرائم حرب.

كما تطرق التقرير الى عدة مواد قانونية، من ضمنها المادة 49 من اتفاقية جنيف الرابعة، التي تُلزم أية قوة احتلال بمسؤولية أمن وسلامة المدنيين في الأراضي التي تحتلها، بالإضافة الى ذلك فالمادة 147 من هذه الاتفاقية تعدُّ تدمير الممتلكات والاستيلاء عليها على نحو لا تبرره ضرورات حربية، وعلى نطاق واسع بطريقة غير شرعية وتعسفية، تعد ذلك انتهاكات جسيمة لاتفاقيات جنيف، وهي تستوجب المحاسبة الجنائية للأفراد والقيادات المتورطة بارتكابها حسب المادة 146 من الاتفاقية.

تقرير هيومن رايتس ووتش واقعي

وأشار عيسو: “إذا كان المجتمع الدولي يريد تطبيق العدالة الدولية، عليه إرسال فرق تحقيق بالجرائم والممارسات العدوانية للدولة التركية ومرتزقتها في سري كانيه، وعموم المناطق المحتلة، وما أشار إليه تقرير “هيومن رايتس ووتش “، من وقائع يُثبت تورط تركيا في انتهاكات وجرائم واسعة في المناطق السورية المحتلة، لذلك أعتقد أنه يجب الضغط عليها لوقف الجرائم، ووقف دعم المرتزقة والمتطرفين، وإنهاء احتلال الأراضي السورية، بما يسمح بعودة المهجرين السوريين إلى ديارهم، وحل الأزمة السورية”.

 واختتم جوان عيسو، حديثه بالترحيب بالتقرير الصادر مؤخراً عن منظمة (هيومن رايتس ووتش): “نحن في لجنة مهجري سري كانيه، أصدرنا بياناً ترحيبياً بالتقرير الصادر عن منظمة رايتش ووتش، التي هي حيادية، ورحبنا بهذا التقرير المهم وبالمهنية العالية والحيادية فيه، لذلك على المجتمع الدولي والرأي العام دعم هذه المنظمات الحقوقية المستقلة التي تعمل بحيادية ومهنية، والوقوف إلى جانب تطلعات الشعوب المهجرة والظروف الاقتصادية الصعبة، التي يعيشونها، وتقديم الدعم اللازم لهم، ودعم المساعي كافة لإنهاء الاحتلال وعودة المهجرين إلى مناطقهم، وهذا واجب أخلاقي وإنساني، وعلى الجهات المحلية والدولية العمل بما يلزم وفق مبادئ ومعايير الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وحتى الاتفاقيات الدولية، التي تنص على حماية الشعوب”.

إلزام المحتل دفع ثمن تصرفاته

ويبدو من خلال الانتهاكات المذكورة في التقرير، أن تلك الانتهاكات تتم بشكل ممنهج، وعلى نطاق واسع، ومن خلال ذلك يجب على تركيا أن تكون مُلزَمة قانونياً باحترام التزاماتها الدولية، ومعاهدات القانون الدولي لحقوق الإنسان، التي تبقى سارية وقيد التطبيق حتى في حالات النزاعات المسلحة، وكذلك خارج حدودها، بما في ذلك حالات الاحتلال بما يتعلق بمعاملة المدنيين وممتلكاتهم، التي من الواضح أنها تحت سلطة الدولة التركية المحتلة بحكم “الأمر الواقع”.

 لذلك فإنها مسؤولة بشكلٍ مباشرٍ عن الانتهاكات والجرائم المرتكبة بحق المدنيين، وممتلكاتهم الخاصة في الأراضي المحتلة، كما يجب أن تتحمل كامل مسؤولياتها في حماية المدنيين، وممتلكاتهم في الاراضي، التي قامت باحتلالها.

ويذكر التقرير، إنه تم إدراج شهادات الأشخاص الذين تمت مقابلتهم، والاقتباس منها، لأنهم على دراية ومعرفة تامة وموثقة عن حالة منازلهم، وأرضهم وممتلكاتهم التي اغتصبتها المرتزقة منهم، وتم العمل على إعداد التقرير بعد رصد 30 حالة من المهجرين قسراً، وبعد التيقن القانوني حول حقوق الملكية، ومن ضمنها حقوق الاستخدام، وتوثيق انتهاكات الملكية، ومعرفة السياسات، التي حدثت فيها تلك الانتهاكات.