سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

ثنائية المرأة والرجل والحياة الندّية

الكاتبة ليلى خالد/ منتدى حلب الثقافي_

مع تسارع التطورات وتبادل الأفكار بين الأفراد من كلا الجنسين وبروز الصراع الفكري ورسالته من قبل التيارات التي تتبنى مصطلحات الحرية وحرية المرأة والصراع الإقصائي من كلا الجنسين ولكي لا نقع في فخ حرب دونكي شودية (اللاطائلة منها وفيها)، ارتأيت أن أكتب وأشارك القراءة بمنطق علمي يفرض معادلة هامة، للوصول إلى أي نتيجة صحيحة يتطلب إجراء التحليل أو التشريح الصائب للمادة أو الحالة الموجودة تحت أنظارنا، بما يخص المرأة والرجل، علينا معرفة الحالة النفسية والبيولوجية لكليهما، لذا المطلوب منا في البداية طرح بعض الأسئلة كمدخل لمقالنا:
 ترى ما هي القواسم المشتركة بينهما خاصةً وكلاهما ينتميان إلى الجنس البشري نفسه؟! وما هي أوجه الاختلاف والتباين وفق الأسس النفسية والبيولوجية بين الجنسيين؟ كيف عاشا معاً في بداية نشوء البشرية دون صراع واضح؟! كيف تحولت هذه العلاقة إلى عداء، وأين يكمن الخلل؟
الانتقام الذكوري السلطوي لازال مستمراً عبر التاريخ ابتداءً من عصر الفلاسفة مروراً بمرحلة النهضة والتنوير، فكيف تعاطوا مع الميزوجينية (كره النساء)  في فلسفتهم عبر التاريخ إلى يومنا هذا؟ ولمصلحة من؟
أسئلة جدلية ومكثفة سأحاول الإجابة على بعضها وإنعاش عقل فكر قرّاءنا الكرام. يخبرنا العلم الحديث أن خصائص المرأة البيولوجية تعتمد على هرمون الأستروجين والبروجسترون والأكسيتوسين وهذه الهرمونات تعزز السلوكيات الأنثوية في دماغ المرأة، فهرمون الأستروجين هو المسؤول عن الرحم ونضج جريبات المبيض وينظم إفراز غونادوتروبينات المسؤولة عن خصوبة الإناث، أما هرمون البروجسترون فهو مسؤول عن زيادة سماكة بطانة الرحم تحضيراً للحمل ومنع حصول تخصيب بويضة أخرى أثناء الحمل ويقلل من تقلصات عضلات الرحم. الأكسيتوسين هو الهرمون المسؤول عن مشاعر الحب والرضا والثقة بالنفس والنشاط الجنسي واسمه الشائع “هرمون الحب” أي تزيد مستوياته عند المعانقة والعلاقات الحميمية.
أما الذكر فالخصائص البيولوجية والهرمونات المهيمنة له هي:
 هرمونات  التستوستيرون: وهو الهرمون الجنسي المذكر المسؤول عن نمو وتطور الأعضاء التناسلية الثانوية والصفات الجنسية عند الذكور كشعر الرأس وعمق الصوت والبروستات والحويصلات المنوية ويبدأ هذا الهرمون بالنمو في الأسبوع الثامن من الحمل.
وهرمون والفازوبريسين: يعمل على زيادة نفاذية الكليون مما يؤدي إلى زيادة إعادة امتصاص الماء وبذلك يمنع من فقدان كمية زائدة من الماء.
 وهرمون مضاد مولر: هو هرمون بروتيني سكري وله دوراً مهماً في التمايز الجنسي أثناء التطور الجنيني ويتم إنتاجه من الأجنة الذكورية في خلايا الخصية سيرتولي ويؤدي إلى انحدار ما يسمى بقناة مولر وهذا التطور الفيسيولوجي يمنع الغدد التناسلية الذكرية بتكوين الرحم وأنابيب المهبل.
هذا الاختلاف الشاسع بين الهرمونات الذكرية والأنثوية بالرغم من أنهما جنسان من البشر إلى جانب الاختلاف في التكوين الجسدي إلا أن العقل البشري يكاد أن يكون متشابهاً لكن إذا تمعنا كثيراً في هذه الاختلافات نصل لنتيجة واحدة أن هذا الاختلاف فيما بينهما متمماً لبعضها البعض دون تفاوت في المستوى أو الأفضلية لأي جنس منهما.
 في شرح خصائص كلا الجنسين نجد أن الرجل عادةً ما يقوم بإخفاء مشاعره مع القدرة الكبيرة على التحكم بها ويميل للصمت أو التعبير بكلمات مختصرة جداً ويتطور في داخله حب المغامرة وهذا طبعاً يحتاج لأدوات وتوفيرها يحتاج للعقل والتفكير في كيفية اكتشاف واختراع ما يحتاجه في رحلاته المُغَامِرة للدفاع عن نفسه (أدوات حادة- أدوات صراع) وتأمين حاجاته اليومية.
أما المرأة تميل للتعبير عن مشاعرها وعما تفكر وما تشعر به وما يضايقها في مواجهة العقبات في حياتها فتكوين جسد المرأة يميل إلى الهدوء وحب الاكتشافات وخلق الحياة (الإنجاب) وتجميلها بسبل الراحة والحماية، لذا نجد أن المرأة تميل للسلام والتضحية في صيرورة حياتها وتسعى جاهدةً لتحقيق ذلك والتاريخ يقول بهذا الشأن الكثير من خلال المعالم التاريخية (رسومات- تماثيل) في بلاد ما بين النهرين والهند والصين وبلاد الإغريق بكثافة.
علاقة الرجل والمرأة منذ بداية الحياة البشرية
تشكلت الطبيعة وتطورت من خلال عملية دياليكتية حيث تشكلت الغازات المختلفة وتَكوّن المناخ والقشرة الأرضية والماء ونشأت أول حجرة “الخلية الحية” وكثرة انقساماتها بأعدادها الهائلة توفرت إمكانية التحول إلى أنواع خلايا أكثر تقدماً وبتزايد التكاثر اتحدت الخلايا المتراكمة بشكلٍ معقد لينشأ منها جهازاً حيوياً معين، وبزيادة هذه الخلايا المتطورة واستمرارها خُلِقَ النوع البشري.
لن أقوم بشرح مراحل تطوره لكن سنكتفي بالتطرق لعلاقة الجنسين الذكر والأنثى فالأنسنة الأولى بدأت مع التحول الاجتماعي، والتاريخ يؤكد لنا أن الحياة الإنسانية بدأت بالأنوثة والذكورة ولعلاقة المرأة والرجل دور كبير في تطورها حيث تمحورت الجماعات حول المرأة وهذه نتيجة تكوينها الهرموني المهيأ للولادة والإنجاب وبالتالي تطور خصائص الحب والمشاعر والكدح و خلق الحياة من خلال تأمين سبل الراحة والحماية وكل ما تم ذكره في بداية مقالنا هذا.
بالتالي توجه الرجل وبتوجيه من هرموناته الذكرية وببنيته القوية وخصوصيته في المغامرة إلى الغوص في قيعان العشوائية دون أن يتحمل أية مسؤولية في المجموعات المشكلة حول المرأة بل أصبح كائناً مسؤولاً عن نفسه فقط وعاش حياته في مصارعة الطبيعة القاسية وحماية نفسه للاستمرار في الحياة وهذا ما لعب دوراً في تطور العقل والفكر لديه فأسلوب حياة الرجل وَجّه ميوله الأكبر لأكل اللحوم والتي طورت معها خصوصيته الميالة للقوة والمغامرة والحنكة والمكيدة وأيضاً نعود ونكرر القول بأن الخصائص البيولوجية كانت الموجه الرئيسي لكلا الجنسين نحو اختصاصهما والتي أتت بشكلٍ شبه طبيعي مع تطور الذكاء التحليلي.
لذا المرأة لم تتبع مسلك الصيد والمغامرة بل وضعت بعض المحرمات تجاه آكلي اللحوم والقائمين على الصيد في توفير الغذاء وهذا كان سبباً في توجه جنس الرجل إلى الجماعات الأمومية الأولى والمنظمة وفق النسب الأمومي وساهمت في عيش الجنسين معاً والعمل على حماية الأطفال والجماعة ضمن ظروف أفضل وأوسع كأول نمط للحياة الجماعية، إن هذا العقد الجماعي للنظام الأمومي استقطب الرجل وأنقذه من خطورة الطبيعة (البرد – الفيضانات- الحر- الحيوانات المفترسة) ودخل إلى المجموعة ليعيش فيها كفرد له دور في تأمين ديمومة الموارد الحياتية الموجودة في الطبيعة وعقد حياة مشتركة أدت إلى حدوث تحول في نمط حياته المنحصرة بذاته فقط إلى حياة تعتمد على قواعد ومتطلبات الجماعة ليصل إلى نمط الحياة التشاركية بين الرجل والمرأة والتي خلقت معها تحولات قيّمة وبريادة المرأة.
النقطة المفصلية بين الجنسين
الأفكار هي التي تخلق التحولات، والأفكار هي نتاج العقل والوعي، فعقل المفكر لدى الذكر كان  يتطور من خلال أسلوبه في الصيد وتحديه للطبيعة والأخطار التي يواجهها وأسلوب أكله (اللحوم) باستمرار والتي تولد العنف لدى الإنسان بالإضافة للقوة العضلية التي تطورت لديه أكثر فيما بعد.
تنوعت اكتشافاته وطوّر أدوات الصيد كما أتيت على ذكره ضمن المقال وبذلك تطورت أساليبه وحيله في الإيقاع  بالفريسة وصيدها وهذا ساهم في تطور القوة الفكرية لديه ليكتشف فيما بعد دوره الأهم في الحياة ألا وهو الإنجاب ليكون ذلك مصدراً في إحداث شرخاً كبيراً في علاقة الجنسين ويصبح ذلك خرقاً للديناميكية المجتمعية وتجسد ذلك في شخص وملحمة ماردوخ  وتيامات- أنكي وإينانا، وبذلك بدأ العهد الأمومي يتهاوى نحو القاع رويداً رويداً ويبدأ العهد البطريركي (الأبوي) بقوته العضلية والفكرية وخصوصيته الأنانية الساعية لمركزة السلطة والربح عبر الاستيلاء على خصائص الإنتاج.
مَنْ المنتصر العاطفة أم العقل؟ 
في بداية مقالي البحثي أشرت ووضحت تكوين بنية الجنسين والفروقات الجنسية بينهما وأيضاً كيفية العملية التكاملية بينهما على غرار اختلافهما، حيث نتج عن ذلك الولادة وتمت المحافظة على استمرارية الحياة و الوجود.
وهذا يوضح لنا حقيقة لا مفر منها وهي أن العاطفة وحدها لا تكفي والعقل بدون عاطفة أيضاً لا يكفي أي: الخصائص العاطفية + الخصائص الفكرية = حياة وعدالة ومساواة. فكلاهما يكتمل بالآخر، لكن تطور الفكر لدى الذكور (الذكاء التحليلي ) حوّله إلى ذكورة سلطوية ليبرز القطب الأحادي الذي أودى بإخلال الطبيعة وأحدث شرخاً كبيراً بينها وبين الإنسان وأيضاً بين الجنسين لتنزوي وتنطوي المرأة في زاوية منسية تعمل كآلة تفريخ صماء بكماء عمياء لا تفقه شيئاً (كما يُقال في المثل الدارج لدى الشعوب) لدرجة أن بعضهن خرجن من جوهرهن وتخلينَ عن ألوهيتهن وعملن في التيهور (الملهى الليلي) وأصبحت المرأة في المعابد عاهرة بعد أن كانت آلهة وساد الفحش في المجتمع وتعددت واختلفت الممارسات المهينة للمرأة والتي تحط من شأنها وتصبح كائنة دون كينونة.
خنجر العقل موجه لقلب العاطفة
سأسرد بعض المواقف لكبار الفلاسفة الإغريق مما قد يشكل صدمة للبعض، فأولى التعابير التي تقلل وتحط من شأن المرأة كانت لسقراط حين قال: “النساء يولدن الأجسادِ أما الفلاسفة فيولدون الأرواح” وكانت الولادة هي المهمة الوحيدة للمرأة حينها وتَسيير الحياة العامة كانت حكراً للرجال، أما أفلاطون اعتبر الرجل “كائن كامل” وبإمكانه فقط “أن يسعى إلى الكمال المطلق” أما المرأة فلا يمكنها أن تسعى “لتصبح رجلاً”. أما أرسطو استند في فلسفته إلى “الهيولى والصورة” واعتبر المرأة “من جانب الهيولى” أي (المادة) فيما يقع الرجل إلى جانب المادة والمرأة أدنى من الرجل لكونها تنطوي على نقص طبيعي وهو أنها لا تستطيع أن تقدم حيواناً منوياً يحتوي على الكائن الإنساني بأكمله، فالرجل والمرأة حين يمارسان الجنس يقدم الرجل الجوهر (الروح) والمرأة تقدم الغذاء لهذا الجوهر فقط، ويقول في كتاب ( السياسة): “إن طبيعة العلاقة بين الذكر والأنثى هي أن الذكر متفوق والمرأة متدنية ما يجعل الذكر قائداً والمرأة تابعة”.
نجد في فحوى الأسطر السابقة أن حتى الفلاسفة سخّروا علمهم لضرب والحط من شأن المرأة التي قدمت لهم الحياة وطورتها في بداية تشكل البشرية وذلك لبناء عرش سلطتهم على أنقاض المرأة المبعثرة.
طرح البديل لإعادة اكتشاف العلاقة الثنائية لإحياء الوجود وجوهر الكينونة
نحتاج أولاً للحفاظ على البقاء والتخلص من العبودية والعداء والحقد بين الرجل والمرأة لاستمرارية الحياة وفق أسس ومبادئ الأخلاق والمحبة والمساواة والعدالة وبتشارك كلا الجنسين والطبيعة وكل الكائنات والإنسان كلهم بحاجة للحرية التي لن تكون حكراً لأحد.
تَشكل الكون من اتحاد ثنائية السالب والموجب وتطور ليتشكل الماء والتربة والطبيعة والتي تطورت بلقاح الذرات الذكرية والأنثوية، تطورت الحياة من علاقة الذكر والأنثى. فعمليات الديالكتيك (علم بحد ذاته وهناك قوانين لها تسمى بقوانين الديالكتيك )غالباً ما تحدث تطوراً إيجابياً لكن خروج أي ثنائية عن طبيعتها حتماً سيُحدِث خللاً في طبيعة كل شيء.
المرأة والرجل هما كينونة المجتمع من حيث العملية الديالكتيكية للجنسين لكن هذا المجتمع بات يعاني من شلل نصفي وإضعاف النصف الآخر بجبروت وهيمنة الذكورة السلطوية واللامحدودة وذلك من خلال ثقافة الحاكم والمحكوم المستعبد في مجتمعٍ منهار ثقافياً وأخلاقياً واجتماعياً ما يُسلط الضوء على الثنائية المخالفة للطبيعة الاجتماعية التي بدورها أودت بالمجتمع نحو الهاوية وخلقت فجوة كبرى بين الطبيعة الأولى والطبيعة الثانية.
هذه الثقافة أبعدت المرأة عن ذاتها وطبيعتها وخصائها الإنسانية وعاشت اغتراباً عن ألوهيتها لذا عليها تجاوز هذه الثقافة التي ابتدعها الذكر السلطوي وأن تحطم كل المفاهيم التي حرّفت الحقائق التاريخية للإلهة الأم (المرأة مشعوذة- رفيقة الشيطان- مخلوقة من ضلع الرجل الأعوج…إلخ) ومن الضروري أن تمزق المرأة السترة التي ارتدتها مرغمةً والمُحاكة من العرف والتقاليد البالية ومن الحرام والحلال والسعي لتغيير القوانين الذكورية اللون وغير العادلة (هذه المفاهيم لم تخدم سوى السلطة البطرياركية).
لكن هنا السؤال: إذا انتفضت المرأة وثارت  في كل بقاع الأرض هل تستطيع تحقيق أهدافها وتصحيح مسار الحياة من طرف واحد (المرأة)؟ فهي في البداية تحتاج لبرنامج تنظيمي مدروس بشكلٍ عميق ليكون خروجها من القوقعة خروجاً منظماً كي لا تقع فريسة في فم اللوياثان القابع في مواجهتها في كل لحظة وأيضاً تحتاج لداعمين لقضيتها، لذا فقضية تحرر المرأة لن تنجح بطرف واحد ولن تُحل هذه المعضلة الاجتماعية إلا بإرادة وعزيمة المرأة الحرة ودعم وقبول الرجل الحر لقضيتها فعلياً وليس شكلياً، أي قبولها في الحياة فكرياً وروحياً وليس جسدياً فقط.
قضية تحرر المرأة تتطلب تلازماً ثنائياً طبيعياً (المرأة والرجل) لرعاية أولى بذور الحياة التي زرعتها المرأة والتي لن تثمر إلا بالعملية الديالكتيكية التي ستُحيّي الطبيعة الاجتماعية المتكاملة ويتطلب ذلك إحداث تغيراً جذرياً في العقلية الأحادية أو أنانية التفكير من خلال التخلص من مفهوم وأسلوب الضغط وثقافة السلطة وسيطرة الواحد على الآخر أو (الطبقة على الطبقة الأخرى أو سيطرة فئة على فئة أخرى)، وأن يتحرر الرجل من النظرة الدونية للمرأة وألّا ينظر إلى ثورة المرأة على أنها الحرب المضادة لجنسه وبالمقابل ألّا تتقرب المرأة من ثورتها على أنها حرب انتقامية كما تنظر الحركة الفامينية للرجل وكأنه وراء كل ما أصاب البشرية من خراب ضمن الطبيعة الأولى والثانية وبالتالي دعم ندّية المرأة والرجل، فكلاهما يشكلان تكاملاً طبيعياً سيكون قادراً وبدون شك على تصحيح مسار الحياة وإحداث التنمية الاجتماعية، فثورتنا ثورة أخلاقية و ثورة وجود وثورة حياة لكلا الجنسين والمجتمع والطبيعة لأننا بهذه الثنائية نحافظ على استمرارية الحياة الطبيعية.
الخلاصة:
لا يمكن حل القضايا الاجتماعية دون البحث العميق في شكل العلاقة بين المرأة والرجل وكيف تطورت وأسست لمؤسسات فوقية وعبودية وترسخت وتجذرت تاريخياً مدة خمسة آلاف عام وأصبحت المرأة وفق ذلك تمارس السلوك الامتثالي للمجتمع.
حقيقة الوجود للمرأة يُشكل محور قضية المرأة والنضال ومدى تعرف المرأة على نفسها سوف يُساهم ذلك في تعريف الرجل أيضاً وهذا ما سوف ينقذ الحياة مع المرأة ويعطيها معنى أكثر ويحقق الضمان للحياة والشراكة الندية لكلا الجنسين.
kitty core gangbang LetMeJerk tracer 3d porn jessica collins hot LetMeJerk katie cummings joi simply mindy walkthrough LetMeJerk german streets porn pornvideoshub LetMeJerk backroom casting couch lilly deutsche granny sau LetMeJerk latex lucy anal yudi pineda nackt LetMeJerk xshare con nicki minaj hentai LetMeJerk android 21 r34 hentaihaen LetMeJerk emily ratajkowski sex scene milapro1 LetMeJerk emy coligado nude isabella stuffer31 LetMeJerk widowmaker cosplay porn uncharted elena porn LetMeJerk sadkitcat nudes gay torrent ru LetMeJerk titless teen arlena afrodita LetMeJerk kether donohue nude sissy incest LetMeJerk jiggly girls league of legends leeanna vamp nude LetMeJerk fire emblem lucina nackt jessica nigri ass LetMeJerk sasha grey biqle