تنوّع في المحاصيل وزيادة بالمساحة المزروعة وصولاً للاكتفاء الذاتي

تنوعت محاصيل الخضار، وازدادت المساحات المزروعة بها في شمال وشرق سوريا، مع الدعم الملحوظ، الذي تقدمه الإدارة الذاتية لهذه الزراعة، ويقول المزارعون، أنهم يسعون لتحقيق الاكتفاء الذاتي بالسوق المحلية وخفض الأسعار.

تعد الظروف المناخية، ونوعية التربة في شمال وشرق سوريا ملائمة لزراعة المحاصيل، بمختلف أنواعها، سواء من الحبوب والبقول، أو الخضار الصيفية والشتوية، وحتى الأشجار المثمرة، وهذا ما يمكن استغلاله لتحقيق اقتصاد مجتمعي متكامل، يقوم على المجهود المحلي في تحقيق الاكتفاء الذاتي.

وعلى اعتبار أن محاصيل الخضار، هي أكثر ما تستهلكه الأسر بشكل يومي، فإن زراعتها والاهتمام بهذا يأخذ حيزاً كبيراً من الاهتمام لتطوير هذه الزراعة، والارتقاء بها أكثر.

وفي المناطق الممتدة على طول نهر الفرات، وكذلك مدينة ديرك المطلة على نهر دجلة، وناحيتي تربه سبيه وعامودا التابعتين لمنطقة قامشلو، تطورت زراعة الخضار بشكل ملفت خلال السنوات الأخيرة، وخصص لها المزارعون مساحات كبيرة لزراعتها.

وعلى الرغم من الانخفاض الكبير في منسوب مياه نهر الفرات بعد حبسها من قبل دولة الاحتلال التركي، والجفاف الذي حل بالمنطقة ونقص المياه الجوفية، إلا أن المزارعين وبالدعم المقدم من الإدارة الذاتية، يحاولون رفد السوق المحلية بأكبر كمية من الإنتاج.

ففي ناحية تربه سبيه، التابعة لمقاطعة قامشلو في إقليم الجزيرة، وصلت المساحة المخصصة لزراعة الخضروات هذا العام إلى قرابة الـ 1000 دونم، مقارنة بالأعوام السابقة، حيث كانت المساحة المزروعة 650 دونماً، بينما توسعت أكثر في المنطقة، وشملت قرى أخرى واقعة بين الناحية ومدينة قامشلو. هذا وتعدّ الخضار الصيفية الأكثر أهمية للمزارعين؛ لتعدد أصنافها ومردودها المادي الجيد.

وللحصول على إنتاج وفير ومبكر، لجأ المزارعون إلى طرق لم تكن مستخدمة سابقاً في المنطقة، حيث توجه المزارعون مؤخراً إلى الزراعة بطريقة “الأنفاق البلاستيكية” والتي تعتمد على حراثة الأرض وشق خطوط فيها، وزراعة بذور الخضار فيها، ومن ثم تغطيتها بالبلاستيك الشفاف، لكي تنمو البذور في الأرض الدائمة دون الحاجة إلى نقل شتول من المشاتل وزراعتها في الأرض الدائمة.

وتمتاز هذه الطريقة، بأن الشتول التي تنمو بهذه الطريقة، تكون متكيفة أكثر مع الظروف الجوية مقارنة بالشتول، التي تزرع في مشاتل دافئة، وتحتاج إلى فترة من الوقت للتأقلم مع الجو عند نقلها إلى الأرض الدائمة، وهذا ما يتيح للخضار المزروعة بهذه الطريقة النمو بشكل أسرع، وبالتالي الحصول على إنتاج مبكر.

وهذا الإنتاج المبكر الذي غالباً ما يطرح في الأسواق في نهاية شهر نيسان، يحقق المنفعة للمزارع، وللمواطنين على حد سواء، فالمزارع يستفيد من ارتفاع الأسعار في تلك المرحلة -قبل طرح إنتاج الأراضي المزروعة الأخرى-فيما يستفيد المواطنون بالحصول على خضار بأسعار أرخص، كون هذا الإنتاج يقلل من الاعتماد على الخضار القادمة من مناطق بعيدة تضاف تكلفة النقل على أسعارها.

أحد مزارعي قرية التنورية (شرق مدينة قامشلو)، ويدعى عبد علي يستخدم طريقة الأنفاق في زراعة الخضروات، يقول لوكالة هاوار: “إن زراعة الخضروات تطورت بشكل كبير خلال العام الحالي، وتشهد ازدياداً في المساحة المخصصة والأصناف، وخصوصاً أن تربة المنطقة الخصبة ملائمة جداً لزراعة أنواع عديدة، وتساعد في الحصول على إنتاج وفير”.

هذا وتقدم هيئة الزراعة، والري في الإدارة الذاتية مادة المازوت، التي يعتمد عليها المزارعون، لتشغيل المولدات ومضخات المياه، بالإضافة إلى مادة السماد، ويحتاج كل دونم من الأرض إلى كمية 200 لتر من مادة المازوت لسقايتها، وتقدمها لجان ومديريات الزراعة.

المزارع علي أشار إلى أن الدعم المقدم جيد إلى حدّ ما، لكنه طالب بالمزيد في سبيل الارتقاء أكثر بزراعة الخضروات، وإدخال أنواع جديدة منها إلى المنطقة، وقال: “جودة الخضروات المحلية تختلف بكثير عن المستوردة، والتي تبقى في البرادات إلى حين وصولها للأسواق”.

وفي شمال وشرق سوريا تنتشر زراعة الخضار الشتوية، كالبصل الأخضر، والملفوف، والقرنبيط، والبقدونس والخس، الفجل، السبانخ والسلق، إلى جانب الخضار الصيفية مثل البندورة، والخيار، والباذنجان، والباميا والملوخية، الكوسا.

وخلال الأعوام الأخيرة، نقل بعض المزارعون زراعة البطاطا إلى إقليم الجزيرة في تجربة تكللت بالنجاح، بعد أن كانت زراعتها تقتصر على مساحات قليلة جداً.