رامان آزاد_
تؤكدُ أحداثُ مخيم الهول مجدداً أنّ المعركةَ في مواجهة الإرهاب لم تنتهِ، بزوال الخلافة المكانيّة “لداعش”، في آخر محطاتها بالباغوز، بل تتعلق بالأفكار التي تشرّبها عناصره وحاضنته، الذين رجعوا إلى مرحلة ما قبل التمكين، والتحوّل إلى خلايا تنفّذُ عملياتِ الإرهابِ والاغتيالِ، وما حدث في مخيم الهولِ يرتبطُ مباشرةً بأحداث سجن غويران ولا يختلفُ عنه من حيثِ هدفِ تأكيد استمراره وقدرته على الانبعاث.
المخيم هدفٌ للمرتزقة
الهجوم على سجن غويران في 20/1/2022، جاء في مسعى لاستعادة القوة وإعادة التنظيم، بتعليمات ومتابعة مباشرة من المدعو “عبد الله القرشي” متزعم “داعش”، وفشلت المحاولة، وكانت سبباً بنهاية “القرشيّ” في إدلب في 3/2/2022، وما حصل في مخيم الهول ليل الإثنين 28/3/2022، هو محاولة تنفيذ الخطة ذاتها، ولكن بتغيير المكان، ويبدو أنّ المتزعم الجديد أراد أن يبدأ عهده بإنجازه، انطلاقاً من “مخيم الهول” على اعتباره موقعاً أقل تحصيناً وعلى قدر كبيرٍ من الحساسيّة لكونه يضم آلاف العوائل من النازحين السوريين واللاجئين العراقيين، ما يصعّبُ إمكانية المواجهاتِ مع القوى الأمنيّة.
“مخيم الهول” بالنسبةِ لحملةِ فكر “داعش” وحاضنته لا يعتبر ملاذَ إيواءٍ، بل معتقلاً لا يختلفُ عن السجونِ حيث يُحتجز آلافٌ من مرتزقة “داعش”، واللافت تجاهلُ العديدِ من الجهاتِ السياسيّة وأدواتها الإعلاميّة التابعة لها لحقيقة المخيم، واعتباره مكانَ “احتجاز قسريّ”، رغم أنّ التوصيفَ العالميّ للمخيم بأنّه “المكان الأكثر خطورةً في العالم”، بل لا يخفي البعضُ تعاطفه مع المخيم، لا لشيءٍ، إلا لأنّ الجهةَ التي تديره هي الإدارة الذاتيّة لشمال وشرق سوريا.
من نافلة القول أنّ “داعش” دخل مرحلةَ التلاشي مكانيّاً، ولم يعد يسيطر علناً على الجغرافيا، والتي سمّاها “مرحلة التمكين”، وتحول إلى حالة كمون وخلايا نائمة، ويعاني من الاضطراب والاختلافات بين تياراته المختلفة وقياداته العراقيّة والسوريّة، والإشكالات الفقهيّة، ويسعى إلى أيّ إنجازٍ ميدانيّ لاستعادةِ قوته، ويعتبر السجون والمخيمات خزانات بشريّة لعناصره وحاضنته، ولذلك طالب “أبو بكر البغداديّ” عناصره خارج السجون في تسجيل صوتيّ في 16/9/2019، بعنوان “وقل اعملوا”، بالعملِ سريعاً على تحرير المعتقلين، وقال: “السجون، السجون يا جنودَ الخلافةِ، فإخوانكم وأخواتكم، جدّوا في استنقاذهم ودكِ الأسوارِ المكبلة لهم، فكّوا العاني…”. وقصد بالرسالة أيضاً المعتقلين، بوعدهم بالتحرير، ليرفعَ معنوياتهم وأنّه لم يتخلَّ عنهم، كما خصَّ بحديثه “نساء داعش”.
يعود تاريخ إنشاء مخيم الهول إلى عام1991، خلال حرب الخليج، لاستقبال اللاجئين العراقيين، ومع تحرير قوات سوريا الديمقراطيّة منطقة الهول، من سيطرة “داعش”، منتصف تشرين الثاني 2015، تدفقت إليه دفعاتٌ من النازحين السوريين، ومع مع بدء معركة تحرير الموصل في تشرين الأول 2016 تدفق اللاجئون العراقيون مجدداً إليه.
ومع انطلاق حملة تحرير الباغوز، وضراوة الاشتباكات طلب المرتزقة بفتح ممرٍ آمن إلى الحدود التركيّة ومنها إلى إدلب، إلا أنّ قسد رفضت العرض في 29/1/2019. لتبدأ دفعات إجلاء المرتزقة إلى المخيم في شباط 2019، واعتباراً من 2/3/2019 كانت المعارك على أشدها في أزقة البلدة، ليكون يوم 19/3/2019 مفصليّاً، وتخلل المعارك توقف لإفساح المجال للمدنيين بالخروج وكذلك لاستسلام المرتزقة.
يضمُّ مخيم الهول حسب إحصائيات في كانون الثاني 2022، من إدارة المخيم 57460 شخصاً، أغلبهم نساءٌ وأطفالٌ، موزعين على 15603 أسرة من السوريين والعراقيين، ويبلغ تعداد عوائل مرتزقة “داعش” الأجانب 8555، ضمن 2529 أسرة، ينتمون إلى 54 جنسيّةٍ”. ويصل عدد العراقيين في المخيم، حسب الإحصائية نفسها، إلى 30738 شخصاً ضمن 8256 أسرة، يتوزعون بين “رجال ونساء وأطفال”.