رفيق إبراهيم
من الواضح وبما لا يقبل الشك حوله أن الهجمات التركية بشتى أنواع الأسلحة الحديثة والمتطورة، من ضمنها الطائرات المُسيّرة واستخدام الأسلحة الممنوعة والمُحرمة دولياً التي تهاجم بها مناطق باشور كردستان وشمال وشرق سوريا، يتحمل جزءاً كبيراً من مسؤولية إيقاف تركيا ووضع حد لهذه الهجمات التي تطال كل شيء؛ المجتمع الدولي الذي يراقب الأوضاع ويلتزم الصمت دون التدخّل، وهذا أمر خطير للغاية.
لعل الصمت الدولي حيال ما يجري في المنطقة يساهم بشكلٍ كبير في تمادي دولة الاحتلال التركي، للقيام بالمزيد من الهجمات التي لم تتوقف يوماً، وبخاصةٍ في الأيام القليلة الماضية، بالأسلحة الثقيلة والطيران المُسير، وكانت آخر تلك الاعتداءات قد طالت ثلاثة من قيادات وحدات حماية المرأة اللواتي حاربن الإرهاب في الكثير من المواقع وكان لهن أدواراً بارزة في وضع الخطط والقضاء على داعش جغرافياً وعسكرياً.
وبما أن المجتمع الدولي على قناعة تامة بأن تركيا هي من تقدم الدعم للإرهاب، وكل ما تقوله عن محاربتها الإرهاب هو نفاق وكذب ليس إلا، والكل يُجمع على أن من أسباب استمرار الإرهاب بكل صنوفه هو الدعم التركي اللامحدود المُقدم له، وهناك وثائق كثيرة تؤكد علاقات تركيا المشبوهة بداعش والنصرة وغيرها من المجموعات الإرهابية المصنفة على لوائح وقوائم الإرهاب العالمية.
إن ازدواجية المعايير الدولية في التعامل مع الدول أو الكيانات تضع الأمن والاستقرار الدولي في خطر كبير، فهل من المعقول أن نضع من حارب الإرهاب وهزمه؟، ومن ساهم بدعمه وبقاءه في سلة واحدة، وهل جزاء من قضى على الإرهاب وحافظ على سلامة وأمان المنطقة والعالم أجمع؟، أن تهاجم من قِبل عضو في الناتو وأن تفتح الأجواء له ليضرب من يشاء وكيفما يشاء، تحت أنظار أعضاء حلف الناتو والتحالف الدولي وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية.
ولنفرض جدلاً أن الولايات المتحدة الأمريكية وحلف الناتو لا يريدان التخلي عن تركيا لعدة أسباب لا يسعنا الآن ذكرها، إلا أن ذلك لا يعني البتة قيام تركيا بين فترة وأخرى باحتلال جزء عزيز من الأراضي السوريّة في شمال وشرق سوريا، ومع كل أسف تُسلم تلك المناطق للمجموعات المرتزقة الإرهابية لتعيث فيها خراباً ودماراً وتهجيراً، وتمارس شتى أنواع الظلم والاستعباد ضد المدنيين العُزّل، تحت أنظار جيش الاحتلال التركي.
لذلك من الضروري وللحفاظ على الاستقرار والأمان الذي تتمتع به مناطق شمال وشرق سوريا، أن يتم منع الهجمات البرية والجوية عليها، وهذا ليس بالأمر المستحيل إلا إذا كان هناك صفقة جديدة تم الاتفاق عليها مسبقاً، الأمر الذي قد يدفعنا إلى استخدام جميع الأوراق الممكنة للحيلولة دون وقوع المحظور واحتلال مناطق ومدن جديدة من قبل الدولة التركية المحتلة التي تهدد بهجوم جديد ليلاً نهاراً وتهدد المجتمع الدولي أيضاً عندما تقول: “عند اكتمال التحضيرات سأهاجم المنطقة” بغض النظر عن المواقف الدولية إيجابية كانت أم سلبية، ما يُعتبر تحدياً واضحاً للمجتمع الدولي.
