النظام العالمي الجديد

عزيز سليمان-

احتدام التناقضات بين مراكز القرار في العالم واشتداد الأزمة الاقتصادية العالمية يستدعي السؤال هل نحن أمام نظام عالمي جديد في ظل العولمة الاقتصادية والسياسية والثقافية؟ قبل انهيار المنظومة الاشتراكية كانت هناك اصطفافات لدول وعلاقات دولية بين النظامين السوفيتي والأمريكي، عكس فكرة النظام العالمي الجديد نرى اليوم وبعد جائحة كورونا هناك صراع لقيادة العالم بين أمريكا والصين وروسيا وبريطانيا، صراع على تقاسم الطرق الحيوية والطاقة والمياه والنفط وأيضا التكنولوجيا.

تتجلى المواجهة السياسية بالسيطرة على الأسواق حيث أن الصين تُشكل منافساً قوياً في آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية، لقاء بايدن وبوتين في جنيف في شهر حزيران الماضي تم فيه نقاشات وتفاهمات جرت بين الرئيسين حيث تم منح روسيا كثير من الامتيازات بإيصال الغاز الروسي إلى أوروبا وأيضاً التخفيف حول أوكرانيا، وأمور تتعلق بالأسلحة الاستراتيجية والمتوسطة والنووية وأمور تتعلق بالملف الإيراني وملف شرق الفرات والمعابر الحدودية وأيضاً الحدث الأكبر انسحاب أمريكا من أفغانستان.

انسحاب أمريكا من أفغانستان وتقدم طالبان والسيطرة على كابول عاصمة أفغانستان من دون إراقة دماء كل شيء كان مدروساً بين الأمريكيين وطالبان في حواراتهم في قطر، دخلوا القصر الرئاسي تم إجلاء البعثات الأجنبية والدبلوماسية وقوات التحالف والقوات الأمريكية، مشاهد صادمة للناس كيف يهربون وعلى أجنحة الطائراتّ نعم هم يعرفوا طالبان وماذا فعلت في التسعينات عندما استلمت الحكم من عام 1996 فعلت الكثير من قتل واغتصاب القاصرات ومنعت تعليم النساء، ومنعت الفنون إلى أن تدخّل الأمريكيون سنة 2001 إبان هجمات 11 أيلول.

 طيلة 20 عاماً بقيت أمريكا تساند وتدعم عسكرياً وسياسياً تلك الدولة الأسيوية ولكن دون جدوى كان الانسحاب، يعتقد البعض من المراقبين أن أمريكا خانت حلفائها في أفغانستان وقبلها في فيتنام، ويقول البعض الآخر أو حتى بعض الساسة الأمريكيين أنهم لم يستطيعوا الصمود لقد هربوا، “دفعنا لهم الكثير من الأموال والأسلحة والطائرات والأسلحة الذكية، ولكن نتيجة فسادهم لم يقوموا بحماية بلدهم”.

 إن ما تريده أمريكا هو زعزعة استقرار المنطقة لتنفيذ مشروع الشرق الأوسط الكبير والعراب هو الرئيس التركي أردوغان وقطر الممولة، ستكون مهمة تركيا وقطر وأمريكا وإسرائيل انشاء داعش جديدة بحلة جديدة مزيج من طالبان والفصائل السورية وداعش الايغور في تركستان الشرقية لزعزعة الصين وإيران وروسيا، ولكن هل سوف تنجح امريكا في إغلاق طريق الحرير عن الصين ربما.

 ولكن هذه الدول أيضاً قادرة على حماية حدودها وجعلها مناطق نزاعات على أرض أفغانستان هناك أيضاً لكل دولة علاقات قديمة مع أجنحة طالبان المتعددة. إن ما أظهره الإعلام عن شخصية طالبان الهمجية المخيفة يُذكرنا بشخصية داعش عندما دخلت الموصل وشنكال والرقة ودير الزور وبدأت بقطع الرؤوس وإخافة الناس، لتنهار المدن والقرى ولكن طالبان كانت لديها تجربة فاشلة في السابق وتحاول التغير ولكن أيضاً هناك عامل دولي وأممي بعدم الاعتراف بطالبان هذا ما يجعلها تنفذ الأجندات الخارجية مستقبلاً.

المسرحية الهزلية من قبل أمريكا لفتح المجال للتطرف الجماعات الإسلامية في العالم في سوريا والعراق وآسيا وشمال أفريقيا، والدول الرأسمالية تسعى أن تكون المنطقة في حروب وأزمات وفوضى خلاقة وحروب عبثية تكون تجارة السلاح رائجة، وتحاول أمريكا خلق توازنات هنا وهناك دون معالجتها.

 نعم إنه النظام الجديد للعالم أن يصبح الإنسان عبارة عن أداة تحكّم ومستهلك من قبل الآخرين قد تكون أفغانستان مدرسة وتجربة فشل لكل الرهانات على الخارج، يجب أن نأخذ العِبر من التاريخ أيضاً يجب أن نعي في الإدارة الذاتية لشمال شرق سوريا هذه التحديات، وأن يكون للمثقف والساسة والوجهاء والشيوخ والفعاليات الاجتماعية دور كبير ونبذ التطرف ومصارحة الشعب بكل شفافية، ودعم القوات العسكرية بالاستفادة من العلاقة بين (قسد) والتحالف الدولي ولكن الرهان الأكبر هو المشروع الوطني وعدم الارتهان للخارج.