روناهي/ الحسكة ـ تعتبر مشاركة المرأة في الحياة السياسية من أهم مقومات بناء المجتمع الديمقراطي الحر لأنها الخطوة الأولى نحو التقدم والازدهار، فالمشاركة تعني صنع القرار السياسي والإداري والتأثير المباشر على الحياة الاجتماعية والثقافية للمجتمع.
إن بناء المجتمع الديمقراطي الأخلاقي يتطلب إعادة تركيب المجتمع وتقديم المساواة والعدالة بين الجنسين والاعتراف بحقوق المرأة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والفكرية وقد شهدت منطقة الشرق الأوسط ولادة العديد من الأحزاب والتنظيمات السياسية، إلا أن وجود المرأة كان فيها شكلياً أكثر مما يكون عملياً، نتيجة ممارسة سياسة التسلط والقمع من قبل المجتمع الذكوري السلطوي، وفرض القيود الاجتماعية بحكم العادات والتقاليد، وكان للأنظمة الحاكمة تأثيراً كبيراً في طمس جمالية المرأة الفكرية والسياسية في ظل انعدام الديمقراطية والتعددية السياسية، حيث منعت المرأة من ممارسة الحياة السياسية التي تشكل الركن الأساسي في بناء المجتمع الديمقراطي والرافعة الأساسية في تعميق النهج الديمقراطي الأخلاقي، مؤكدين بأن المرأة لا يمكن أن تمارس السياسة، وإنما خلقت لتنجب الأطفال وتربيهم وتقوم بالأعمال المنزلية، إلا أن المرأة في ثورة روج آفا وشمال سوريا استطاعت أن تغير المفاهيم الخاطئة وأن تبرز دورها الريادي في أحداث الثورة، ومع الإعلان عن تأسيس حزب سوريا المستقبل وترسيخ أهدافه في بناء المجتمع الديمقراطي والأخلاقي يتطلب مشاركة المرأة في الحياة السياسية والمساواة بينها وبين الرجل والتي تشكل إحدى أهم آليات التغيير الديمقراطي في المجتمع فوجود المرأة يعزز من انخراطها في العمل لتخلص جنسها من الموروث الاجتماعي والنظام الذكوري والعادات والتقاليد المجتمعية البالية.
بهذا الصدد؛ كان لصحيفتنا لقاء مع بعض النساء في حزب سوريا المستقبل خلال حفل افتتاح مقر الحزب فرع الجزيرة في مقاطعة الحسكة.
«شعارنا بناء سوريا تعددية لا مركزية»
والتقينا رئيسة مكتب فرع الجزيرة رانيا فرمان وحدثتنا قائلةً: «إن الإعلان عن تأسيس حزب سوريا المستقبل تحت شعار (بناء سوريا ديمقراطية تعددية لا مركزية) جاء تلبية لمطالب الجماهير المؤمنة بوحدة سوريا أرضاً وشعباً، والذين أيقنوا أنهم قادرون على تمثيل الأرضية المثلى للتعبير الفكري والتراكم النضالي من اعتماد نهج التعددية وأخوة الشعوب بين أطياف المجتمع السوري وتقليص الهوة العرقية والإثنية بين طبقات المجتمع المتعطش لبناء أسس متينة للمجتمع المتحضر، اعتماداً على إرثه الحضاري والذي تمتد جذوره لآلاف السنين وفق الفكر الديمقراطي الأممي، وتجاوز كل ما يعيق تحديده وتطويره لبناء مجتمع ديمقراطي حر للداخل السوري».
وأشارت رانيا: «إلى أنَّنا نؤمن بأن مفاتيح الحل السياسي بيد أبناء شعبنا السوري الذي أثبت خلال السنوات الماضية وعيه الفكري والسياسي عدم الانجرار وراء المخططات الإقليمية والدولية، وأدرك أن جوهر المشكلة السورية ينحصر في شكل وطبيعة نظام الحكم المستند إلى نظام حكم مركزي أحادي معتمد على قومية واحدة ولغة واحدة متجاهلاً جميع القوميات والثقافات التي تنتمي إلى هذا الوطن ليرسخ بذلك مفاهيم احتكار السلطة والدولة المركزية ويعتبر كل من يعادي هذا المشروع أنَّه تهديدٌ للأمن القومي، ويهدف إلى إبعاد المجتمع السوري عن إدراك حقيقة الهوية الاستبدادية للسلطة واحتكارها».
وأكدت: «تعتبر هذه الأنظمة المشاريع الديمقراطية هي الأخطر على ديمومة حكمها، وتقوم على محاربتها بكل الأشكال لعدم وصولها إلى أهدافها المشروعة وعليه نقول بأن حزب سوريا المستقبل على أتم الاستعداد للتعاون مع كل فرد أو مؤسسة تساهم بدعم الحرية الفكرية والسياسية والاجتماعية لإعادة سوريا إلى دورها الريادي في إنتاج الحضارة وبناء النظم الاجتماعية للوصول إلى سوريا المستقبل بنموذجها الديمقراطي والحضاري».
«نحتضن المكونات والأطياف والأديان كافة»
ومن جهتها؛ حدثنا العضوة في لجنة الشبيبة بحزب سوريا المستقبل لينا الظاهر قائلةً: «تم اتخاذ بعض القرارات بخصوص الأزمة الموجودة على الساحة السورية والتدخلات الخارجية والإقليمية والدولية وحتى السياسات الحاكمة السائدة لأعوام، وكان من الضروري تأسيس حزب سوريا المستقبل الذي يتكون من جميع المكونات والفئات والأديان والقوميات بدون أية عنصرية أو تمييز عرقي أو ديني أو طائفي، لذلك نحن اليوم مقبلون على هذه الخطوة التاريخية، تم التركيز على بناء سوريا تعددية لا مركزية، وضمن هذه البرنامج والأهداف المستقبلية اعتمدنا على دور الموطن والمواطن بمفهوم تجسيد الأمة الديمقراطية على أسس الأخوة وأخوة الشعوب الموجودة في الأراضي السورية، والآن بعد تأسيس الحزب وافتتاح المركز الرئيس للحزب في مدينة الرقة، تم اتخاذ القرار في توسيع الفروع في جميع المناطق على مستوى سوريا في إقليمي الفرات والجزيرة، واليوم قمنا بافتتاح مكتب الحزب فرع الجزيرة في مقاطعة الحسكة ويتضمن فرعين مقاطعتي الحسكة وقامشلو، والهيكل التنظيمي تم إعداده ليشمل تسع مكاتب ضمن المناطق الموجودة في كل الأنحاء، وتعتمد على ثلاث لجان رئيسة كخطوة بدائية وهي لجنة المرأة ولجنة الشبيبة واللجنة التنظيمية الذين تولَّتا أول خطوة كبناء وترسيخ النظام وأهداف سوريا المستقبل وآلية العمل في الحزب».
وأضافت: «يتم تمثيل هذا الحزب من قبل رئيس يمثل الحزب والأمين العام تمثله امرأة، ولأن تقييمنا للمجتمع حضاري وديمقراطي لمستقبل سوريا ديمقراطية أعطى الحزب دوراً بارزاً للمرأة، والمرأة بدورها مستعدة وجاهزة لهذه الخطوة والإقبال الجماهيري قوي على مستوى سوريا، ويوجد تقارب وتفاؤل على فهم هذا البرنامج، والتقرب يكون ضمن الحوارات والاجتماعات والندوات، إذ نؤكد للشعب السوري على أنَّنا سنضع الحل للأزمة السورية، لأن برنامج الحزب والبيان التأسيسي تم النقاش والتحضير له على أسس تشمل الحلول الكاملة للأزمة السورية، وسوف يلعب الدور في إكمال خطوة الجماهير في المستقبل القريب، فالهدف هو بناء سوريا مستقلة لا تعتمد على المفاهيم والسياسات الخارجية، بل سيكون صوتاً يمثل إرادة الجماهير بشكل عام، وسنكون يد العون للجميع، كما أن باب الحوار مفتوح على المستوى الداخلي والخارجي بشكل ديمقراطي، ونحن مستعدون للحوار ونهدف إلى إيصال برامجنا وأهدافنا إلى كل بيت وفرد سوري، وأن يصله المفهوم الأساسي من أننا لا نريد أن نكون فقط جزءاً من الحل، بل سنكون المثال الذي يحقق السلام والديمقراطية والحل السلمي على مستوى سوريا كافة، وبأننا سنحمي صوت المقاومة ونكون جواباً شافياً للمجتمع بأكمله، وسنوصل الصورة الأساسية بإعادة مجتمع حر يمثل صوته بإرادته وهويته الثقافية سواءً أكان عربياً أم سريانياً أم كردياً ومن أي الأديان والأطياف والقوميات المتواجدة على الساحة السورية، ونحن مستعدون للاندفاع وأن نكون أصحاب مسؤولية تجاه المستقبل السوري، ونعطي الضمان بأننا نبني سياسة ديمقراطية تخدم المجتمع السوري برمته وستكون النموذج لشرق الأوسط وستلعب دور التعددية، وهذه التعددية هي صفة وشعار الحزب والنصر لرسالتنا».
المرأة أثبتت نفسها سياسياً
وفي السياق تحدثت سميرة مارديني من مكتب المرأة في حزب سوريا المستقبل قائلةً: «خلال مراحل التاريخ الطويلة لم تأخذ المرأة الدور السياسي إلا نادراً في بعض المجتمعات، ولعل هذا السبب أدى إلى تأخير مسيرة المرأة النضالية لفترات طويلة، ومما زاد معاناتها العقل الذكوري السلطوي الذي لم يتقبل في الواقع المساواة بينه وبين المرأة ورفض مشاركة المرأة الحياة السياسية إلى جانب الرجل، ولكن مع اندلاع الثورة في روج آفا وشمال سوريا، أخذت المرأة في حمل شعلة النضال والمقاومة فأخذت بذلك خطوة كبيرة نحو التقدم وشاركت مع الرجل جميع الميادين العسكرية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية، فلم تدخل المرأة مجالاً إلا وأثبتت نفسها بجدارة وتقدير، حتى أنها تفوقت على الرجل في بعضها، وكان لتأسيس حزب سوريا المستقبل قفزة نوعية باتجاه تحرر المرأة، فقد أخذ على عاتقه النهوض بالمرأة ورفع القيود التي تحد من حريتها ومساواتها في المجتمع، من خلال أهدافه التي تبنى عليها في بناء مجتمع أخلاقي ديمقراطي حر، وهذا الهدف لا يتحقق إذا لم تأخذ المرأة جميع حقوقها، لذلك أخذت المرأة منصب الأمين العام للحزب، وقد تم افتتاح فرع الجزيرة ومكتب مقاطعة الحسكة الذي يضم مكتب المرأة والشبيبة والتنظيم، وقد أخذت المرأة في حزب سوريا المستقبل على عاتقها تنظيم المرأة في المجتمع وزيادة فعالية دور المرأة التي تلعبها في الحياة وخاصة الحياة السياسية فالمشاركة السياسية تعطي المرء القدرة على التحكم في أمور الحياة، ويجب على المرأة السورية أن تلعب هذا الدور لتتمكن من الحصول على حقوقها المشروعة، وإبراز قضاياها وإيجاد الحلول المناسبة لها، مما يزيد من عملية تنمية المجتمع وبناء مجتمع ديمقراطي أخلاقي يسوده العدالة الاجتماعية والمساواة بين الجنسين».