سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

اللجنة الدستوريّة السوريّة… وجمود المسار

بدرخان نوري_

الدستور أساسُ النظام السياسيّ لأيّ بلد، ويتضمن المبادئ والقيم الناظمة للمجتمع، وصلاحيات وحدود السلطة السياسيّة الحاكمة، والعلاقات بين السلطات الثلاث، وآلية المساءلة فيها ويضمن الدستور حقوق المواطنين. وينطوي على سلطة رمزيّة يمكنها توحيد بلد شديد التنوع كسوريا. ويفترض بعد 13 سنة من الأزمة السوريّة أن يكونَ الدستورُ الإطارَ القانونيّ للحلِّ السياسيّ، ويرسمَ ملامح مستقبل البلاد تعديلاً أو صياغة جديدة كليّاً، ويساهم بالوصول إلى شواطئ الديمقراطيّة والسلام. وهذه الآمال لا تتناسب مع اللجنة الدستوريّة بأسلوب تشكيلها والتدخّل في مسارها وآلية عملها.
اختلاف على المكان
في 17/3/2024 جدّد مبعوث الأمم المتحدة غير بيدرسن دعوة حكومة دمشق للتوجه إلى جنيف للمشاركةِ بالاجتماع المقبل للجنة الدستورية نهاية الشهر المقبل، بعدما كانت دمشق وموسكو طلبتا تغيير المكان، منبهاً أنّ الأمور تسير “في الاتجاه الخاطئ”.
وجاءت زيارة بيدرسن الى دمشق بعدما قال في إحاطة أمام مجلس الأمن نهاية الشهر الماضي إنّ موسكو، أعلنت أنّها لم تعد تعتبر سويسرا مكاناً محايداً. وبذلك رفضت دمشق الحضور الى جنيف لعقد الجولة التاسعة من اجتماعات اللجنة الدستوريّة.
الاثنين 4/3/2024 نقلت وكالة “تاس” الروسيّة، عن نائب وزير الخارجية الروسي، سيرغي فيرشينين، صرح، “جنيف ليست مناسبة لعقد اجتماعات اللجنة الدستورية السوريّة”. وأضاف: “يجب أن يتواصل البحث عن مكان يحظى بموافقة كلّ الأطراف، فنحن نتحدث عن حوار بين الأطراف السوريّة، ونعمل على تسهيله، وننطلق من حقيقة أنّ مكان انعقاد الجلسات يجب أن يتمتع بصفةِ محايد، واليوم نعتبر أنّ مثل هذه المنصة غير موجودة في جنيف”.
في 10/3/2024 أعلنت “هيئة التفاوض السوريّة” موافقتها على المشاركة في الجولة التاسعة للجنة الدستورية، المقررة في شهر نيسان المقبل، بناء على دعوة المبعوث الأمميّ الخاص إلى سوريا غير بيدرسن. وقالت في بيانها أنّها تناولت “دعوة المبعوث الدوليّ الخاص إلى سوريا لعقد الجولة التاسعة للهيئة المصغرة باللجنة الدستوريّة في جنيف خلال الفترة ما بين 22-26 نيسان المقبل، والتي أرسلت الهيئة موافقة رسمية لإرسال وفد ممثليها في اللجنة لحضور الاجتماع”.
وفي آذار الماضي، قال مصدر دبلوماسيّ إنّ المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى سوريا، غير بيدرسون، طرح أن تكون الرياض، مقراً لانعقاد الجولة التاسعة من اجتماعات اللجنة الدستوريّة السوريّة.
وكانت أعمال الدورة الثامنة للهيئة المصغرة للجنة الدستوريّة السوريّة قد اختتمت في جنيف في 3/6/2022 وذكر بيان المبعوث الأمميّ الخاص إلى سوريا، غير بيدرسونّ، أنّ أربعة مسائل رئيسيّة نوقشت فيما يتعلق بالمبادئ الدستوريّة المقترحة وهي التدابير القسريّة الانفراديّة من وجهة نظر دستوريّة؛ الحفاظ على مؤسسات الدولة وتعزيزها؛ سيادة الدستور وموقف المعاهدات الدوليّة؛ والعدالة الانتقاليّة. وقال المبعوث الأمميّ إنّ الاختلافات ظلت شاسعة. وأشار المبعوث الخاص إلى بطء وتيرة العمل والعجز المستمر عن تحديد وإبرام المجالات الملموسة للاتفاق المبدئي باعتبارها مجالات تحظى بفرصة كبيرة للتحسين. وقد اتفق الرئيسان المشاركان على عقد الدورة التاسعة في جنيف في الفترة من 25-29 تموز 2022. وهذه الدورة لم تُعقد حتى اليوم بسبب التجاذبات السياسيّة.
بدأت أعمال اللجنة الدستورية رسميّاً في 30/10/2019 في مقر الأمم المتحدة تماشياً مع “المعايير المرجعيّة والعناصر الأساسيّة للائحة الداخليّة للجنة دستوريّة بقيادة وملكية سوريّة ذات مصداقيّة ومتوازنة وشاملة للجميع تقوم الأمم المتحدة بتيسيرها في جنيف”، التي تم الاتفاق بشأنها بين حكومة دمشق وهيئة التفاوض والتي أعلن عنها الأمين العام في 23/9/2019 ورحب بها مجلس الأمن في 8/10/2019. وقال غوتيريش للصحافيين في مقرّ الأمم المتحدة في نيويورك “أعتقد بشدّةٍ أنّ تشكيل لجنة دستوريّة يتولّى السوريون أنفسهم تنظيمها وقيادتها يمكن أن يشكّل بداية طريق سياسيّ نحو حلّ” في هذا البلد الغارق في حرب أهلية منذ 2011. وقالت الخارجية الأمريكيّة في بيان “إنّها خطوة مشجعة نحو التوصل الى حلٍّ سياسيّ للنزاع السوريّ”.
مرجعيّة تشكيل اللجنة
يمكن إرجاع اقتراح إنشاء لجنة لتغيير الدستور السوريّ إلى قرار مجلس الأمن رقم 2254 الذي تم تبنيه في 18/12/2015. الذي شكل إطار إنشاء اللجنة، لكن تم تأجيل تنفيذه إلى ما بعد محادثات السلام في جنيف حول سوريا ثم تأخر لاحقًا حتى تم التوصل إلى اتفاق إطاري تقريبي في روسيا في كانون الثاني 2018.
لم تنجح مساعي مبعوثي الأمم المتحدة خلال سنوات في دفع السوريين للتوصل إلى تسوية سياسية، واصطدموا بصلابةِ الموقف الروسيّ الذي دعم بحزم حكومة دمشق، ولم تبدِ الولايات المتحدة وأوروبا والدول الإقليمية موقفاً إزاء الانفرادة الروسيّة وتصعيدها الميدانيّ واقتصرت ضغوطها على العقوبات الاقتصادية والانخراط الدبلوماسيّ. وكان واضحاً أنهّ موسكو تعوّل على مزيدٍ من الزمن تتمكن خلاله من فرضِ واقعٍ ميدانيّ عبر القضم التدريجيّ فيما مناطق حفض التصعيد.   قضية صياغة دستور جديد لسوريا كانت في صلب المحادثات الأمريكيّة ــ الروسيّة في آذار 2015. وبعد شهرين قدمت موسكو أول مسودة من الدستور قوبلت برفض قاطع من المعارضة السورية. وفي كانون الثاني 2017، قوبِلت المسودة الثانية بردٍّ مماثل. واقترح المسؤولون الروس في أيار 2017 عقد “مؤتمر مصالحة وطنيّة” في سوتشي، وتم الاتفاق بين دمشق وموسكو حول الفصائل المسلحة السوريّة التي ستتم دعوتها لمناقشة الدستور الجديد خلال المؤتمر. وبحلول نهاية ذلك العام.
كان الإصلاح الدستوريّ أحد المسائل الأساسيّة في وثيقة دانانغ ــ فيتنام لاجتماع الرئيسَين فلاديمير بوتين ودونالد ترامب. وأعلن الكرملين في 11/11/2017 أنّ الرئيسين اتفقا في بيان مشترك على هامش قمة آسيا – المحيط الهادئ، على أنّه “لا حلَّ عسكريّاً” للنزاع في سوريا. وأنّ “الرئيسين أكّدا التزامهما بسيادة سوريا واستقلالها ووحدتها ووحدة أراضيها وطابعها العلمانيّ” كما حثّا الأطراف المتحاربة على المشاركة في محادثات سلام برعاية الأمم المتحدة في جنيف وفقا لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254. بما في ذلك الإصلاح الدستوريّ وإجراء انتخابات حرة ونزيهة تحت مراقبة الأمم المتحدة، مع مراعاة أعلى المقاييس الدولية في مجال الشفافية والمساءلة ومنح جميع السوريين، بمن فيهم من في الشتات، الحق في المشاركة فيها. ودعا الرئيسان كافة الأطراف السوريّة إلى المشاركة الفعّالة في عملية جنيف السياسيّة، ودعم الجهود الهادفة لتحقيق نجاحها. وتم إعداد الوثيقة من قبل خبراء البلدين، وجرى تنسيقها بين وزيري خارجية روسيا سيرغي لافروف، والولايات المتحدة ريكس تيلرسون.
كان من أبرز مخرجات مؤتمر سوتشي في 30/1/2018 الاتفاق على تأسيس لجنة لإعادة كتابة الدستور السوري، ودعوة لإجراء انتخابات ديمقراطية. وانعقد المؤتمر بمقترح من ترويكا أستانه، قُبلت الفكرة لاحقاً من قبل “المجموعة الصغيرة” (بريطانيا ومصر وفرنسا وألمانيا والأردن والسعودية والولايات المتحدة) شرط أن تبقى تحت الرعاية الكاملة للأمم المتحدة. وأظهرت هذه المجموعة تجاوباً مع العملية، والسبب المباشر اقتناص فرضة قبول حكومة دمشق بالانخراط في مسار التفاوض لأول مرة حول مسألة محددة منذ اندلاع الأزمة عام 2011. لكن الاقتراح نفسه منح دمشق وحلفاءها مساحات كبيرة من الزمن يتم خلالها استعادة السيطرة على الأرض عبر القضم التدريجيّ.
مسار مشاغلة وكسب الوقت
من الواضح أنّ موسكو صادرت بالكامل مسار عمل اللجنة وجعلته موازياً للتصعيد الميدانيّ والقصف في محافظة إدلب، لكن بالوقت نفسه جاء بالتوازي مع العدوان التركيّ المستمر على مناطق سورية وعملياته الاحتلاليّة والتغيير الديمغرافيّ في المناطق المحتلة.
يبدو أن موسكو كانت ولا تزال تنظر إلى الإصلاح الدستوري كإطار عمل مرن لإطلاق عملية دبلوماسيّة دوليّة والمشاغلة لإسكات منتقديها الغربيين مع الحفاظ على نهجها السياسيّ والحد من نطاق ما قد يتضمنه “التغيير” في سوريا بنهايةِ المطاف. ورغم دعوة قرار مجلس الأمن رقم 2254 إلى عمليةٍ سياسيّةٍ من ثلاثة عناصر أساسيّة: حكومة انتقاليّة، انتخابات حرة ونزيهة، ودستور جديد، إلّا أن روسيا عملت تدريجياً على تخفيفِ النقاشِ وحصره بالعنصر الأخير وحده.
رغم أن اللجنة الدستوريّة كانت قائمة على تفاهم ضمنيّ بأنّها ستعمل على تنشيط العملية السياسيّة السورية وفق القرار الأمميّ 2254، إلّا أنّ دمشق ومعها ترويكا أستانه استغرقوا سنة ونصف للموافقةِ على تشكيلتها. وتم اعتماد حلٍّ وسط مبهم بشأن ثلاث فئات من الممثلين، هي: خمسون ممثلاً من النظام، وخمسون من المعارضة، وخمسون من المجتمع المدنيّ السوريّ، علماً بأنّ معظم أفراد الفئة الأخيرة تم فرضهم من قبل موسكو وأنقرة، فيما الظاهر أنّهم مرشحون من الأمم المتحدة.
بحلول تشرين الثاني 2019، وبعد عقد اجتماعَين للجنة الدستورية، منع النظام مجدداً مناقشة القضايا الجوهريّة وركّز محور المحادثات على محاربة “الإرهاب”. وهذه المسألة بعيدة كل البعد عن القضايا الدستوريّة، وكانت وسيلة للخلط بين المعارضة السياسيّة والتنظيمات الجهاديّة المسلحة في سوريا. ورفضت دمشق مناقشة أيّ مسألة مرتبطة بالإشراف على الجيش، وعدت ذلك “خطاً أحمر” رغم أنّ السلطة المدنيّة على القوات العسكريّة هي قضية دستوريّة أساسيّة في جميع أنحاء العالم.
كانت أولى أهداف التأجيل في آليات عمل اللجنة الدستوريّة تمرير إجراء الانتخابات الرئاسيّة في 26/5/2021 بموجب الدستور الحالي، ولا يزال غير واضح إلى أي مدى ستكون روسيا مستعدة لإقناع دمشق بضرورة المشاركة في المحادثات، وهذه هي نفس الظروف التي عرقلت مفاوضات الأمم المتحدة في جنيف على مدى سنوات طويلة – بمباركة موسكو، فدمشق تحاول إنهاء العمليةِ ببطء.
آلية عمل اللجنة
تتألف اللجنة بأكملها، التي يشار إليها باسم اللجنة الموسعة، من ثلاث مجموعات تضم كل منها 50 عضوًا، حيث يتم ترشيح المجموعة الأولى مباشرةً من قبل حكومة دمشق. والثانية من قبل الهيئة العليا للمفاوضات للمعارضة السورية، وتضمُّ الثالثة شخصيات من المجتمع المدنيّ السوريّ، تختارها الأمم المتحدة من خلفيات دينيّة وإثنيّة وجغرافيّة متنوعة، نصفهم تقريباً من النساء. و30٪ من جميع أعضاء اللجنة من النساء وسبعة أعضاء من الأكراد السوريين.
يجب تقديم جميع المقترحات أولاً في اللجنة المصغرة. إذا تم قبول مسودة الاقتراح من قبل اللجنة المصغرة، يتم تمريرها للتصويت في اللجنة الموسعة. لا يتم اعتماد الاقتراح إلا إذا قبلته كلتا اللجنتين.
أي قرار من كل من اللجنة الموسعة أو المصغرة لا يمكن أن يمر إلا إذا كان يتمتع بدعم الأغلبية العظمى التي تتكون من 75٪ من أعضاء اللجنة المعنية. ومع ذلك، يتم توجيه اللجنة لاتخاذ القرارات بتوافق الآراء كلما أمكن ذلك.
ليس من الواضح أيضاً الهدف الرئيسيّ العام للجنة: هل هو لإصدار دستور جديد، أم تعديل الدستور الحالي؟ وكذلك آلية المصادقة على الميثاق الجديد: هل سيتم عبر الاستفتاء الشعبيّ عام أم بتصويت في مجلس الشعب، وهل سيتم انتخاب مجلس جديد قبل التصويت على الدستور؟
مسار متعثر وآمال ضعيفة
ليس للمعارضة تمثيل حقيقيّ في اللجنة، بعدما ارتهنت بالكامل لإرادة أنقرة، واستجابة لمطالب أنقرة تم إقصاء شعوب وكتل سوريّة وزانة في تشكيل اللجنة، وبذلك فإنّ هناك إشكالاً بنيويّاً في اللجنة الدستوريّة، ليكون مجرد واجهات لأطراف سياسيّة ودولية أكثر تمثيليّاً لواقع سوريا التعدديّ
الإشكالُ الأساسيّ كان استبعادُ شمالي وشرقي سوريا، أي مناطق الإدارة الذاتيّة بسبب ضغوط أنقرة ومنع “الإدارة الذاتيّة من المشاركة بأي ممثلين في اللجنة، وبذلك تم تضييع فرصة لتهدئة التوترات، ومنع الإدارة الذاتيّة من توضيح أهداف مشروعها السياسيّ وطرحه للحوار السياسيّ في مسالة الإدارة اللامركزيّة، مقابل اتهامها بالانفصال.
سوريا البلد المحكوم بالتعدديّة يفترض فيها وجود مرجعية قانونيّة أساسيّة تضمن إدماج كلّ السوريين بكل انتماءاتهم وهوياتهم ما قبل الوطنيّة وتمكينهم من الوصول إلى مواطنة متساوية بالحقوق والواجبات، وهذا ما يفرض إصلاح النظام التشريعيّ والإداريّ للنظام الشموليّ للدولةِ، والاعتراف بواقع التعدديّة والتنوع بما يتيح للجميع تمثيل أنفسهم مجموعاتٍ وأفراد بالحكومة والشراكة السياسيّة الفعالة.
بعد خمس سنوات من جمود مسار الإصلاح الدستوريّ بات ضروريّاً تتخذ واشنطن وحلفاؤها قراراً حاسماً بشأن اللجنة الدستوريّة لدعمها وإعطائها فرصة حقيقيّة للنجاح وتقديم الدعم التقني والمالي لممثلي اللجنة من المعارضة والمجتمع المدني. وإجراء نوع من التشاور الأوسع مع الجالية السوريّة في المهاجر الأوروبيّة لتعويض نقص الشفافيّة في عملية تعيين أعضاء اللجنة، أو إنهاء عمل اللجنة إذا لم تحقق الهدف الذي أُنشأت من أجله.
الآمال بقيام عملية دستوريّة تكون إطار قانونيّاً للحلّ السياسيّ في سوريا ليست كبيرة. ومع ذلك، ولكن ستزداد حظوظها إذا بُذلت جهودٌ من المنظومة الدوليّة أو على الأقل مُنِعت روسيا من مصادرة كامل المسار السياسيّ، بما يحقق درجة مقبولة من الديمقراطية، والحقيقة أنّ أهم القضايا الإشكالية في الدستور هي تلك المتعلقة بالمبادئ العامة وهوية الدولة السياسيّة وأسلوب إدارة الحكم، وفي كثير من التفاصيل من معظم دساتير العالم متشابهة.
لن يشكّل الدستور الجديد المُصاغ بوساطة شرعّية إلا خطوة أولى في مسار طويل، ولن يكون عصا سحرية تُنهي معاناة الشعب وتمكّن ملايين اللاجئين من العودة. وعلى الأمم المتحدة أن تضع الخطوات التي تلي نهاية عمل اللجنة الدستوريّة، بإيجاد آلية رقابة قوية على الانتخابات القادمة ضمان تصويت آمن وحياديّ للمغتربين.
kitty core gangbang LetMeJerk tracer 3d porn jessica collins hot LetMeJerk katie cummings joi simply mindy walkthrough LetMeJerk german streets porn pornvideoshub LetMeJerk backroom casting couch lilly deutsche granny sau LetMeJerk latex lucy anal yudi pineda nackt LetMeJerk xshare con nicki minaj hentai LetMeJerk android 21 r34 hentaihaen LetMeJerk emily ratajkowski sex scene milapro1 LetMeJerk emy coligado nude isabella stuffer31 LetMeJerk widowmaker cosplay porn uncharted elena porn LetMeJerk sadkitcat nudes gay torrent ru LetMeJerk titless teen arlena afrodita LetMeJerk kether donohue nude sissy incest LetMeJerk jiggly girls league of legends leeanna vamp nude LetMeJerk fire emblem lucina nackt jessica nigri ass LetMeJerk sasha grey biqle