سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

القصف الصاروخيّ على عفرين… حدثٌ تحتاجه أنقرة

رامان آزاد-

لا يمكن فهمُ حادث القصف الصاروخيّ على عفرين إلا بوضعه في السياق العام سياسيّاً وميدانيّاً، وكأيّ جريمة يجب تحليل ركني الجريمة الماديّ والمعنويّ، وبعيداً عن الضجّة الإعلاميّة التي أثارتها أنقرة واتهاماتها التي لا جديد فيها فهي تسبق الحدثَ، وعلى مبدأ القول الدارج “خذوا أسرارهم من صغارهم”، كان تصريحُ المدعو “نصر الحريريّ” ودعوته أنقرة لمزيدٍ من الاحتلالِ الحلقةَ المفقودةَ في الحدثِ.  
كان القصفُ الصاروخيّ على مدينة عفرين المحتلة يوم السبت 12/6/2021 الذي أودى بحياة 22 شخصاً بينهم طفل عمره سنتان، وإصابة 32 آخرين، عملاً غير مسبوقٍ في حجمه ونتائجه، رغم أنّه لم يحقق أيّة أهدافٍ عسكريّة مباشرة على الأرضِ، ولم تُستهدف نقاطُ تمركزِ القوات التركيّة ولا مقراتُ الميليشيات. وكانتِ النقاطُ المستهدفة ذات طابع مدنيّ، منازل وبيوت والمستشفى الرئيسيّ في المدينة، وأغلب الضحايا من غير العسكريين أو المسلحين (أهالي عفرين الكرد ومستوطنين).
المطلوب أهدافٌ سياسيّة
 قصفُ عفرين ليس كلَّ الحدثِ، بل يُرادُ له أن يكونَ مقدمةَ تحوّل، تسعى إليه أنقرة، ويتوقف إنجازه على مدى توافقِ مراكزِ صنعِ القرار الدوليّ مع المطالب التركيّة! وسيبقى تنفيذه رهن السجالِ السياسيّ بين أطرافٍ غير سوريّة، وما دام القصف لم يستهدف مراكز جيش الاحتلال التركي في عفرين، فهي لم تخسر، ولكنها تنتظر مكاسبَ من جولةِ القصفِ، بعد خسائر لحقت بجنودها نتيجة سلسلة عمليات نُفذت في الفترةِ الأخيرة. ومبدئياً فإنّ استهداف البيوتِ والمشفى، يمنحُها الشرعيّة التي تبحث عنها لتواصلَ حربَ الكرد على جبهات متعددة، بالذريعة نفسها، لتقولَ إنّ قصفها اليوميّ لقرى شيراوا ومنطقة الشهباء إجراءٌ لردعِ قصف عفرين، وبعبارة أخرى الأهداف التركيّة لا تنحصرُ بالجغرافيا واحتلال الأرض.
من المهم التوقف عند توقيتِ الحدثِ، فقد جاء متزامناً مع تصعيدٍ كبيرٍ تشهده إدلب منذ بداية الشهر الجاري، ومع اقترابِ موعد لقاءاتٍ سياسيّة مهمة، كلقاء الرئيس الأمريكيّ بالرئيسين الروسي والتركيّ. وما حدث ميدانيّاً كان رسائلَ يراد ترجمتها سياسيّاً.
تتفق موسكو وأنقرة حول إبقاءِ الجيوب المتأزمة شمال البلاد، واعتمادِ الأسلوبِ العسكريّ، لاستنزافِ قدراتِ الخصمِ السياسيّ أو العسكريّ، وهو رهانٌ على الزمن، ولذلك اُعتمد أسلوب “ضرب الخصم بالخصم”، لتنتهي الأزمةُ في مستوى أهدافها التي بدأت منها. فتحولت كلُّ المرتزقة إلى أداةٍ تركيّةٍ تضربُ بها الكردُ في سوريا، وكذلك إلى حصان طروادة للتدخل في حروبٍ خارجيّةٍ.
لا جديدَ في اتهام أنقرة للكرد بتنفيذِ الهجوم الصاروخيّ على عفرين، فهو اتهامٌ جاهزٌ، ولا يختلف عن اتهامهم بكونهم الخطر على الأمن القوميّ التركيّ للعدوان على عفرين وشمال سوريا، وهو ينطلق من سياسة عدائيّة ثابتة تجاه الكرد، وعفرين اليوم منفصلةٌ عن الجغرافية السوريّة تماماً، وبحكم التابعة مباشرة لتركيا دون الإعلان عن ذلك. وقبل العدوان بيوم دشن أردوغان مشروع “سد عفرين الأعلى”، بولاية كيليس، ويلاحظ اعتماد اسم عفرين دون تغيير، بغاية إدراجِ الاسم ضمن التداولِ تركيّاً، لتأكيدِ ضمّها.
بدأ جيش الاحتلالِ التركيّ ومرتزقته قصف قرىً في ناحية شيراوا قبل أن تنقشعَ سُحبُ الغبارِ الناتجةِ عن القصفِ، فيما اعتبره كثيرون أنّه الردُّ على القصفِ، والحقيقة أنّ المدفعيّة التركيّة لم تتوقف عن قصفِ تلك القرى وبخاصةٍ في الأيامِ العشرة الأخيرة، وكانت دائماً المبادرةَ في القصفِ، بل إنّ معدلَ القصف التركيّ لمناطق التهجير القسريّ هو قصفٌ كل يومين تقريباً، على مدار أكثر من ثلاث سنوات، أي بعد احتلالِ عفرين، وتسبب ذلك بمجازر ودمار للبيوت.
لا دليل يثبت ركنَ الاتهامِ الماديّ
 اللافت أنَّ الهجوم الصاروخيّ على مدينة عفرين المحتلة لم يستهدف مراكز جيش الاحتلال التركي أو مقرات الميليشيات المسلحة، وهي كثيرة في المدينة، ولو من قبيل الخطأ.
وضلوع طرفٍ كرديّ أو قوات سوريا الديمقراطيّة يفترضُ استهدافَ مواقع عسكريّة، وأن يكونَ معظم الضحايا من المسلحين. ولكنَّ التجنبَ الكاملَ لأهدافٍ عسكريّةٍ يعني الدقّةَ أيضاً، وأنَّ الجهةَ التي قصفت تعمدت إيقاعَ أكبرَ عددٍ من الإصاباتِ في صفوفِ المدنيين لتحقيقِ أهدافٍ سياسيّةٍ، وبغايةِ الضغطِ.
وتؤكدُ المعلوماتُ الواردة من عفرين أنّ المقرَّ العسكريّ لقواتِ الكوماندوس التركيّ تمَّ إخلاؤه قبلَ القصفِ، في تأكيدٍ على علمها المسبقِ بالقصف، وكان المقرُ الموقعَ الوحيدَ الذي تمَّ استهدافُ محيطه، فالمطلوب خلقُ مبررٍ شكليّ، يتمُّ تداوله إعلاميّاً.
وقال مراقبون إنّ القذائف الصاروخيّة المستخدمة روسيّة. وبعد القصف تداولت مواقع إعلاميّة نموذجاً لأحد الصواريخ التي اُستهدفت بها مدينة عفرين، وقالت إنّها من طراز كراسنوبول ــ Krasnopol وهي صواريخ روسيّة ذات دقة عالية موجّهة بالليزر، تُطلقُ بعدةِ طرقٍ، ويمكنُ إضاءةُ الهدفِ (كالمباني) ليزريّاً حتى مسافة 12 كم، عن طريق مسيّرات، ويبلغُ وزنُ القذيفة 50.8 كغ. ويزن الرأس الحربيّ 20.5 كغ وتحتوي على 6.4 كغ من المحتوى المتفجر. وهذا النوع من الصواريخ غير متوفر لدى الجهة التي وُجّه لها الاتهام. وقد استخدمته روسيا بكثافة في سوريا وعقدت صفقات توريده إلى دولٍ مثل الهند وإيران. وسبق أن استهدفت القوات الروسيّة مشفى الأتارب في 21/3/2021 بنفس الطراز من الصواريخ.
من جهة أخرى تمَّ تداولُ تسجيلٍ صوتيّ لشخصٍ قيل إنه “النقيب أمين”، بعث قبل القصفِ بتحذيراتٍ إلى الميليشياتِ لتوخي الحذرِ والحَيطةِ، وقال إنّهم علموا من “الإخوة الأتراك” باحتمالِ وقوع القصف، مع اتهام مسبقٍ لما سمّاه “الحزب الانفصاليّ” والذي يجهّزُ مدفعيّة ثقيلة وراجمات صواريخ، رغم أن كاملَ قرى ناحية شيراوا ومنطقة الشهباء تُقصفُ يوميّاً.
وكما يجري إبعاد الشهود في أيّ جريمة منعت سلطات الاحتلال التركيّ يوم القصف الإعلاميين والناشطين من دخول المشفى الذي أُسعف إليه المصابون، وسمحت فقط لمراسل وكالة الأناضول الحكوميّة التركيّة، لتضمنَ حصريّةَ المعلومات، وتبقى روايتها هي الوحيدة. ولكنها بعد أيام قليلة أدخلت ضمن حراسة عسكريّة فريقاً من الصحفيين الغربيين (صحيفة الاندبندنت وفرانس ــ24) لإعداد تقارير تناسب سياستها.
من المستفيد من القصف؟
 الإجابة على هذا السؤال تتطلب البحث في ركن الجريمة المعنويّ، ومن تتوفر لديه النية، فيما اتهام أنقرة لا يمكن الركون إليه، فهو اتهام سياسيّ، ينطلقُ من سياستها الدائمة والعدائيّة تجاه الكرد، ولا يمكنها أن تدعمَ الاتهامَ بالأدلةِ.
من الثابت أنّ أنقرة مقبلة على إنجاز تحولات في المناطق التي تحتلها، وتوسيع نطاقها، وهي تسعى لحشد موقف دوليّ متوافقٍ مع سياستها الاحتلاليّة، وهناك تحضيراتٌ للقيام بعملٍ عسكريّ جديد في سوريا، وهي تلوّح بوجه أوروبا بعصا التهديد في مسألتين: اللاجئين والمسلحين، لتجبر الآخرين على التوافق مع نظريتها القوميّة الغريبة، والقول للعالم أنّ كل أبناء القوميّة الكرديّة هم إرهابيون وتعمل على اتهامهم بالانتماء إلى حزب معين، مقابل تعميم نظرية أنّ تركيا راعية السلام، ولكن من حقها اتخاذ ما يلزم من إجراءات لضمان أمنها القوميّ.
تعتمد أنقرة على ثقل تركيا الدولة وموقعها الجيوسياسيّ بالمنطقة واستثمارِ العاملَ الدينيّ وعواملَ الاحتقانِ التي أنتجتها الأزمةِ السوريّةِ لتنفيذ أجندتها، وشكّلت من السوريين جيشاً “انكشاريّاً” يمكنها زجّه حيث تريد، وتستنفر في هذا السبيلِ إمكاناتها الإعلاميّة بالإضافة لعامل التمويل القطريّ، ودعم المؤسسات والجمعيات الإخوانيّة وبخاصة في دول الخليج للاستمرار في بناء المستوطناتِ وإنجاز التغيير الديمغرافيّ.
فهمُ الحدثِ يتطلبُ وضعَه ضمن السياقِ العامِ للأحداثِ والسجالِ السياسيّ حول عفرين، ويُطرحُ السؤالُ حول الجهةِ المستفيدةِ من القصفِ، وتدرك الإدارة الذاتيّة أنّ قضية المناطق المحتلة وبخاصة عفرين مرتبطة بمجملِ الأزمةِ السوريّةِ، ولا يمكنُ إنهاء الاستيطان في عفرين دون عودة المستقدمين من ريف دمشق وحمص ودير الزور وحماة وسواها إلى قراهم وبلداتهم. ما يتطلبُ حلاً سياسيّاً شاملاً للأزمة، وتوافقاتٍ بين مراكز القرار، فيما عمليات المقاومة تستهدفُ مقرات الاحتلال وميليشياته.
ولا يتوافق أسلوب القصفُ مع طبيعةِ عملياتِ المقاومة التي تقتصر على عملياتِ كر وفر والدخولِ في اشتباكاتٍ محدودةٍ غالباً ما تكونُ في قرى الأطراف، وفوراً نفت قوات سوريا الديمقراطيّة مسؤوليتها عن القصف، بل حتى وجودها بالمنطقة، بل إنّ مجلس سوريا الديمقراطيّة طالب بتحقيق دوليّ بالحادثِ.
وسبق أنّ خرج المشفى عن الخدمة في 15/3/2018 وكان قبل بدء العدوان التركيّ على عفرين بأيام قليلة، منتهكة  نصَّ المادة 18 من اتفاقية جنيف الرابعة بشأن حماية الأشخاص المدنيين في وقت الحرب المؤرخة في 12/8/1949، على أنّه “لا يجوزُ بأيّ حالٍ الهجوم على المستشفيات المدنيّة المنظمة لتقديمِ الرعايةِ للجرحى والمرضى…، وعلى أطراف النزاع احترامها وحمايتها في جميع الأوقات”، وأسفر القصفُ يومها عن 16 شهيداً بينهم امرأتان حُبليان ومرّ الحادث دون صخبٍ ولم يحظَ بالتنديدِ والاستهجان والرفض، ربما لأنّ الضحايا كانوا كرداً، ولأنّ توافقاً دوليّاً كان قد حصل حول احتلال عفرين بأيّ ثمنٍ، وبذلك، لم يعدِ السؤالُ يتعلقُ بالقصفِ، بل بطبيعةِ المواقع المستهدفة، وبالتالي التوظيف السياسيّ للحادث، وما يمكن أن يليه.
الحريري يطالبُ بمزيد من الاحتلال التركيّ
 وتأكيداً على استثمار القصف الصاروخيّ على مدينة عفرين، بعث المدعو “نصر الحريريّ” في 15/2/2021 برسالتين إلى أنقرة وواشنطن طالب فيها الولايات المتحدة وتركيا، بشنِّ عمليّة عسكريّة في سوريا وإخراج “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، من مناطق سيطرتها. وقال الائتلاف عبر موقعه الرسميّ، إنّ الحريري، بعث رسالة إلى الرئيس الأمريكيّ جو بايدن، دعاه فيها إلى إيقافِ أيّ دعم عسكريِ أو سياسي لوحدات حماية الشعب YPG، المكون الأساسيّ في “قسد”.
الحريريّ اجترَّ اتهامَ أنقرة بوقوف الكرد وراء استهداف مشفى بمدينة عفرين، وأبدى “الاستعداد الكامل للتعاون مع الولايات المتحدة الأمريكية في محاربة ومكافحة الإرهاب بشكل نهائي وضمن خطة شاملة (…) تستلزم اعتماد شركاء على الأرض من أبناء المنطقة”. وشدد “الحريريّ” على ضرورة إخراج قوات سوريا الديمقراطية من مدينتي تل رفعت ومنبج وكافة المناطق السورية، بحسب تعبيره.
وفي رسالته للرئيس التركيّ أردوغان، دعاه “الحريري” للتدخل العسكريّ واحتلالِ مدينتي “تل رفعت ومنبج بريف حلب وكافة المناطق السوريّة”. وجاءت مطالبة الحريريّ بالتدخل التركيّ في منبج، بعد أحداثٍ شهدتها المدينة، فكانت رسائل الحريريّ القطبة المخفية في الحدث، فقد كشف عن الجهة المستفيدة من القصف والتي تعمل على استثماره.
 إعادة تنظيم المرتزقة
الميليشيات العاملة في منطقة عفرين المحتلة تعود في أسباب تشكيلها ودعمها إلى أنقرة، ويقودها متزعمون شديدو الولاء لأنقرة، لدرجةِ التطرفِ، ومعظمهم أصحاب حرفٍ ومهنٍ، مثل (ميكانيكي سيارة، سائق تركس وجرار، وصانع أحذية،…) ولم يتبعوا دورات عسكريّة اختصاصيّة.
معظمُ الضباطِ المنشقين انضمّوا إلى ما يسمّى “المجلس العسكريّ”، بدون دورٍ فاعلٍ، إلا أن يعجّوا على الأقنية الفضائيّة بصفة “خبير عسكريّ”، ومنهم من قبِل العملَ بإمرةِ متزعمي الميليشيات، وكان تهميشُ دورِ الضباطِ من أصحابِ الرتبِ العاليةِ سببَ الحساسيّة والاحتقان، ما دفعهم لانتقادِ سلوكِ الميليشياتِ وفسادها. ويبدو أنَّ أنقرة بصددِ إيجادِ تغييراتٍ تنظيميّةٍ في بنيةِ ما يُسمّى “الجيش الوطنيّ”.
قالت صحيفة جسر الإلكترونيّة في 20/6/2021، إنّها علمت من مصادرَ موثوقةٍ، أنّ الحكومةَ التركيّةَ ستُعلنُ في الأيام القليلة القادمة عن إجراءِ تغييراتٍ تنظيميّةٍ في فصائل الجيش الوطنيّ الموالية لها، تتمثلُ بإعادةِ توزيعها، ومنحِ بعض قادتها من المدنيين رتباً عسكريّةً “رسميّة”، وذلك بهدفِ مواجهة لائحةٍ غربيّةٍ محتملةٍ بتسميةِ عددٍ من تلك الفصائلِ وقادتها كمجرمي حربٍ، حسب تعبير الصحيفة.
وتضيفُ الصحيفة نقلاً عن مصادرها أنّ هذه العملية تأتي في إطارِ محاولةِ تركيا إعطاء وضع “شرعيّ” لقادةِ الفصائل الذين قاتلوا تحت رايتها، بعد تجهيزِ منظماتٍ حقوقيّةٍ غربيّةٍ ملفاً يدينُ عدداً منهم بارتكابِ جرائم حرب، أو العمل كمرتزقة خارج سوريا، خاصة لمن قاتلوا في ليبيا وأذربيجان. وستتضمنُ التنظيماتُ الجديدةُ تخفيضَ أعدادِ المنتسبين إلى الجيشِ الوطنيّ.
تتضمنُ التنظيماتُ الجديدةُ وبشكلٍ غير معلن، إنشاء جهازِ استخباراتٍ بواجهةٍ سوريّة محليّة، في منطقة شمال سوريا، يقوده في الواقعِ الضباطُ الأتراكُ، ويرتبط مركزيّاً بجهاز الاستخباراتِ العسكريّةِ التركيّ “ميت”، وسيكون لهذا الجهازِ “السلطة العليا في المنطقةِ”.
هذه الترتيبات التنظيميّة دليلٌ إضافيّ على نوايا أنقرة بعملٍ عدوانيّ، وقد أعلنت عن تشكيل ما يسمى “الجيش الوطنيّ” للمرة الأولى في 30/12/2017، أي قبل العدوانِ على عفرين بأيام، فيما كانت المرحلة الثانية قبيل العدوان على سري كانيه وتل أبيض/ كري سبي في 4/10/2019 بضم فصائل ما يسمّى “الجبهة الوطنيّة للتحرير”.
kitty core gangbang LetMeJerk tracer 3d porn jessica collins hot LetMeJerk katie cummings joi simply mindy walkthrough LetMeJerk german streets porn pornvideoshub LetMeJerk backroom casting couch lilly deutsche granny sau LetMeJerk latex lucy anal yudi pineda nackt LetMeJerk xshare con nicki minaj hentai LetMeJerk android 21 r34 hentaihaen LetMeJerk emily ratajkowski sex scene milapro1 LetMeJerk emy coligado nude isabella stuffer31 LetMeJerk widowmaker cosplay porn uncharted elena porn LetMeJerk sadkitcat nudes gay torrent ru LetMeJerk titless teen arlena afrodita LetMeJerk kether donohue nude sissy incest LetMeJerk jiggly girls league of legends leeanna vamp nude LetMeJerk fire emblem lucina nackt jessica nigri ass LetMeJerk sasha grey biqle