الدراما ومسرح الطفل

د. خالد أحمد_

مما لا شك فيه أن المسرح شكل من أشكال التواصل الإنساني المباشر، وهو بات يتعرض في موضوعاته لعديد من الخبرات الإنسانية من خلال نماذج إنسانية تتواصل، وتتفاعل مع بعضها، ومع المجتمع بثقافته ونظمه الحضارية، ووسيلته في ذلك الكلمة، يساعد هذا الإنسان لتنمية بعض مهارات التواصل، ومنها الاستماع والحديث، واللغة بالضرورة باعتبارها عصب هذه المهارات، فارتباط اللغة بالفهم، والفكر يساعد على تنمية مهارات الحديث والتعبير. هذا بجانب ما تتسم به لغة المسرح وحواره بجماليات أدبية رفيعة، يختص بها فن الكتابة المسرحية عن سائر أشكال فنون الأدب، كل هذا يجعل من النص في العرض المسرحي، وسيطاً جيداً لإكساب المتلقي المهارات اللغوية اللازمة لتحقيق تواصل بناء

نشأة الدراما:

نشأت الدراما في بادئ الأمر من الحاجة للسيطرة على تجارب الحياة المختلفة، حيث سعى الإنسان إلى اكتشاف معنى هذه التجارب، واستنباط قوانينها لتحويلها لصالحه في صراعه الدؤوب من أجل البقاء.

فقبل الخروج لرحلة الصيد ـ على سبيل المثال ـ كان يقوم بتمثيل رحلة الصيد، وما بها من حوادث وصراعات، ويحاول أن يصل إلى هدفه في النهاية. وكان هذا التمثيل في أحيانٍ كثيرة مدعاة للنجاح في رحلة الصيد المقبلة. كما نشأت الدراما القديمة من حفلات الطقوس الدينية، حيث كان الإنسان يجسد صراعه مع القوى الغيبية غير المحسوسة.

مفهوم الدراما:

الدراما كلمة يونانية، انتقلت إلى اللغة العربية لفظًا لا معنى، وهي نوع من أنواع الفن الأدبي، ارتبطت من حيث اللغة بالرواية، والقصة، واختلفت عنها في تصوير الصراع، وتجسيد الحدث، وتكثيف العقدة. وقد تأخذ الدراما شكل الشعر، وزناً وقافية، أو قد تتحرر من هذين القيدين حيث تأخذ شكل النثر.

والدراما أيضاً كلمة تطلق على كل ما يُكتب للمسرح، أو على مجموعة من المسرحيات، التي تتشابه في الأسلوب أو المضمون.

وفي الحقيقة، إن الدراما لا تتكامل إلا بعرضها على المسرح، فالعرض المسرحي هو أحد المقومات الأساسية للدراما، كما أن الممثل هو حجر الأساس في الدراما، ويعد الباليه والتمثيل الإيمائي نماذج من الدراما بلا نص مكتوب.

إن الدراما أثناء أدائها، وكنقيض لكل الفنون المنتَجة للوهم، تحتوي على نسبة أكبر من الواقع. ويمكن القول، إن إحدى مفاتن الدراما، وهي تؤدَّى كونها دمجًا لما هو خيالي محض، نتج عن مخيلة الكاتب، مع عنصر من الواقع الحي للممثلين، كملابسهم والأثاث المحيط بهم والأشياء، التي يتعاملون بها كالسيوف أو السكاكين والشوك. إن كل أداء لمسرحية حدثت قبل قرون مضت يمكن مشاهدتها على هذا الأساس كعملية انبعاث: فالكلمات، والأعمال الميتة يعاد تجسيدها بالحضور الحي للممثلين. وفي المسرح الحي، فإن هذا الجانب من دمج عنصر ثابت (النص) مع عنصر متدفق (الممثلون) هو ما يجعل كل أداء للعمل قطعة فنية قائمة بذاتها، حتى ضمن عرض طويل الأمد لمسرحية واحدة بطاقم الممثلين، والمناظر والإضاءة… إلخ.

لقد تطورت الدراما كثيرًا على مدى تاريخها، ونتج عنها أشكال متعددة مثل الأوبرا، والباليه، والمسرح الإيمائي، ومسرح العرائس، والمسرحيات الموسيقية والسيرك، والدراما من خلال السينما، والتلفاز، والراديو. والأصل في الدراما هو المسرح، والأشكال الدرامية الأخرى تحتاج إلى معظم العناصر، والتقنيات التي يحتاجها المسرح الحي، من ذلك مثلًا مجموعة الممثلين، والديكور، والمناظر، والموسيقا، والإضاءة والملابس… إلخ.

تعريف الدراما:

عُرِّفت الدراما، بأنها اصطلاح يطلق على أي موقف أدبي ينطوي على صراع، ويتضمن تحليلًا له، عن طريق افتراض وجود شخصيتين على الأقل.

أو بأنها مجموعة مسرحيات تتشابه في الأسلوب، أو في المضمون، وهي شكل من أشكال الفن قائم على تصور الفنان لقصة تدور حول شخصيات تتورط في أحداث معينة، وهذه القصة تحكي نفسها عن طريق الحوار المتبادل بين الشخصيات، ويمكن عملياً تقديم قصة بهذا الشكل في عرضٍ صامت خالٍ من الحوار.

والفن الدرامي، هو الذي تكون فيه الكلمات وسيلة للتعبير عن أفكار الأشخاص، الذين تخيَّلهم الكاتب، وباستخدام الكلمات وحدها يخلق الكاتب الدرامي حبكة لها شكل وهدف، وتلتزم بالخلفية التراثية والزمان والمكان. ولا يقتصر الحوار الدرامي على التعبير عما يجري بين الأشخاص، بل يتولى توضيح الأفعال التي يقوم بها الأشخاص في حدود علاقة أحدهم بالآخر، بالإضافة إلى توضيح المواقف التي يشتركون فيها داخل حدود العالم الدرامي، الذي يتخيله الكاتب، كما أن العلاقة الدرامية صراع لا يقتصر علاقة الأشخاص ببعضهم، بل يمتد إلى علاقاتهم بالقوى المختلفة المحيطة بهم.

المسرحية التربوية:

المسرحية التربوية، نموذج أدبي فني يُحدِث تأثيرًا تربويًا في المتلقي على عدة عناصر أدبية أساسية منها: الحبكة الدرامية، والشخصيات، والحوار. وتقنيات مساعِدة منها: الملابس، والإضاءة، والمؤثرات، والديكور.