سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

الحروبُ والإنفاقُ العسكريّ والثراءُ تُفاقِمُ الجوعَ في العالم

رامان آزاد

رغم أنّ التقاريرَ الدوليّةَ تدقُّ نواقيس الخطر، حول مخاطر الفقرِ وزيادة معدلات الجوع حول العالم، إلا أنّ الإحصائيات تشيرُ إلى ميلٍ واضحٍ لدى العديد من الدول إلى زيادة حجم إنفاقها العسكريّ، والذي يعادلُ على الأقل ستة أضعاف ما يحتاجه العالم لمواجهة كارثة الجوع، وفيما فاقم وباء كورونا من المصاعب المعيشيّة فإنّه بالوقت نفسه ضاعف ثروات أثرياء العالم التي تفوق ميزانيات عدة دول فقيرة، يضاف إلى ذلك بؤر الصراع المسلح في العديد من المناطق.
 
860 مليون شخص سيواجهون الفقر المُدقِع
 
حذّرت منظمة “أوكسفام” غير الحكوميّة المعنية بمكافحةِ الفقر في تقرير نشرته في 12/4/2022، من أنّ أكثر من 250 مليون شخص بالعالم قد يقعون في براثن الفقرِ المدقع هذا العام، مع جائحة “كوفيد-19″، وتزايد انعدام المساواة، وارتفاع أسعار المواد الغذائيّة بسببِ الأزمة في أوكرانيا.
وأوضحتِ المنظمة أنّه في ظل تلك المعطيات سيكون “860 مليون شخص يعيشون في فقرٍ مدقعٍ بحلول نهاية العام”، أي بأقل من 1,9 دولار في اليوم، وأشار التقريرُ إلى أنّ “ارتفاع أسعار المواد الغذائية عالميّاً وحده سيدفع 65 مليون شخص إلى الفقرِ المدقعِ، وسيضاف هؤلاء إلى 198 مليون شخص يعانون تداعياتِ الجائحة وتزايد انعدام المساواة”.
ونظراً إلى أنً روسيا وأوكرانيا هما أول وخامس أكبر الدول المصدرة للقمح بالعالم على التوالي، أعلنت منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (فاو)، في 8/4/2022، أنّ أسعارَ الأغذيةِ العالميّة بلغت أعلى مستوياتها في آذار الماضي، ويتعيّن على أفقر الدول دفعُ 43 مليار دولار لسدادِ ديونها هذا العام، وهو ما سيكون كافياً، وفق المنظمة غير الحكوميّة لتغطيةِ تكاليف وارداتها من المواد الغذائيّة.
وبحسب التقرير، فإنّ مجموعة من الحكوماتِ على وشكِ التخلّف عن سدادِ ديونها، وهي مضطرةٌ إلى خفضِ الإنفاقِ العام لدفع مستحقاتِ دائنيها، واستيراد المواد الغذائيّة والوقود.

وقالت كايتي تشاكرابورتي المسؤولة في منظمة “أوكسفام” إنّ “أزمات عالميّة متعددة تسبب البؤس لملايين الناس، وهناك حاجة إلى استجابة استثنائية”، مطالبةّ “بإلغاء ديون البلدان منخفضة الدخل وفرض ضرائب على الأكثر ثراءً”.
وفشلت الحكومات عموماً في رفع الضرائب على الأكثر ثراءً، فيما ازدادت ثروات أصحاب المليارات منذ بداية الجائحة أكثر مما ارتفعت خلال السنوات الـ14 الماضية، بحسب “أوكسفام”.
وأضافت كايتي “يعاني ملايين الأشخاص مجاعة حادة في شرق أفريقيا وغربها وفي اليمن وسوريا”. وقد يصل عدد الذين يعانون من نقص في التغذية إلى 827 مليون هذا العام”.
وذكّرت “أوكسفام” بأنّ ارتفاع أسعار المواد الغذائية يمثل 17 % من الإنفاق الاستهلاكي في الدول الغنية، لكنه يصل إلى 40 % في أفريقيا جنوب الصحراء، لكن حتى في الاقتصادات الغنية، يؤدي التضخم إلى زيادة انعدام المساواة.
وأعلنت وكالات تابعة للأمم المتحدة، في 12/4/2022، أنّ ملايين الأشخاص في الصومال يواجهون المجاعة، حيث يُعد صغار السن الأكثر عرضة لتداعيات الجفاف المتفاقم، محذّرةً من أنّ هذا البلد يقف على شفير كارثة إنسانية.

وفي تقرير سابق لمنظمة أوكسفام نُشر في 9/7/2021 قالت إنَّ 11 شخصاً يموتون من الجوع كلَّ دقيقة، فيما تتصدر سوريا دول العالم التي يعاني سكانها الجوع بنسبة 60%.
وأكّدت المنظمة في تقرير بعنوان “فيروس الجوع يتكاثر”، أنَّ عدد الذين يواجهون ظروفاً شبيهة بالمجاعة في جميع أنحاء العالم، قد زاد ستة أضعاف خلال العام الماضي، وأضافت أن عدد القتلى من المجاعة يفوق عدد الوفيات الناجمة عن كوفيد-19، الذي يقتل نحو سبعة أشخاص في الدقيقة.
وبناءً على التقرير لا تزال بعض أسوأ بؤر الجوع الساخنة في العالم تعاني من الصراع، وضمن ذلك أفغانستان وإثيوبيا وجنوب السودان وسوريا واليمن، لتشهد ارتفاعاً في مستويات الجوع الشديد منذ العام الماضي. وأشارت المنظمة إلى أنَّ عدد الذين يهددهم الجوع في سوريا 12.4 مليون بنسبة 60% من عدد السكان، فيما تلتها جنوب السودان بـ5.6 ملايين بنسبة 55%، واليمن بـ13.5 مليون نسمة بنسبة 45%، ثم أفغانستان بـ13.2 مليون بنسبة 42%.

ثروة أغنى 10 رجال بالعالم تضاعفت
 
وتُصدِر منظمة أوكسفام عادةً تقريرها عن عدم المساواة في الثروة بين سكان العالم، بالتزامن مع بدء اجتماع المنتدى الاقتصاديّ العالميّ في دافوس بهدف جذب انتباه النخب الاقتصادية والتجارية والسياسية، وعادة يشهد هذا الحدث، مشاركة الآلاف من قادة الشركات والسياسيين والمشاهير والناشطين والاقتصاديين والصحفيين، الذين يجتمعون في منتجع التزلج السويسريّ، لحضور حلقات نقاشيّة وحفلات احتساء مشروبات وتناول أطعمة وضيافة فاخرة.
وقال داني سريسكاندراجاه، الرئيس التنفيذي لأوكسفام في المملكة المتحدة، “هذا العام، ما يحدث كان خارج التصور”، وأضاف: “تمت صناعة ملياردير جديد يوميّاً تقريباً خلال هذا الوباء.
وفي الوقت نفسه، أصبح 99% من سكان العالم أسوأ حالاً بسبب الإغلاق وانخفاض نسب التجارة الدوليّة وقلة السياحة الدولية ونتيجة لذلك، تم دفع 160 مليون شخصاً إضافيّاً نحو الفقر”.
يستند تقرير أوكسفام إلى بيانات من قائمة فوربس للأغنياء من أصحاب المليارات وتقرير كريدت سويس السنويّ للثروة العالمية والذي يحدد كيفية توزيع الثروة العالمية منذ عام 2000.
وتستخدم البيانات التي تعدها فوربس قيمة أصول الفرد، خصوصاً الممتلكات والأرض، وتطرح منها الديون، لتحديد ما “يمتلكه” كلّ شخص، ولا تشمل البيانات الأجور أو الدخل.
وقد انتقدت هذه المنهجية في الماضي لأنّها تعني على سبيل المثال، أنَّ الطالب الذي لديه ديون عالية ولكن لديه إمكانية تحقيق أرباح مستقبليّة عالية، سيعتبر فقيراً وفقاً للمعايير المستخدمة.
وتقول أوكسفام أيضاً إنّه نظراً لحقيقة ارتفاع الأسعار أثناء الوباء، فقد تمَّ تعديلها وفقاً للتضخم باستخدام مؤشر أسعار المستهلك الأمريكيّ، الذي يتتبع مدى سرعة زيادة تكلفة المعيشة بمرور الوقت، وأشار تقرير أوكسفام، الذي استند أيضاً إلى بيانات من البنك الدوليّ، إلى أنّ الافتقار إلى الوصول إلى الرعاية الصحيّة والجوع والعنف القائم على النوع الاجتماعيّ والانهيار المناخيّ، ساهم أيضاً في حدوث وفاة واحدة كلّ أربع ثوان. وأضاف أنَّ 160 مليون شخص يعيشون بأقل من 5.50 دولار في اليوم مما كان يمكن أن يعيشوا عليه من دون تأثير جائحة كوفيد، ويستخدم البنك الدولي 5.50 دولار في اليوم كمقياس للفقر في البلدان ذات الدخل المتوسط الأعلى.
ويجب أن يشمل ذلك أنظمة ضريبيّة أكثر تصاعديّة، تفرض ضرائب أعلى على رؤوس الأموال وأصحاب الثروات، وأن يتم إنفاق الإيرادات التي يتم جنيها جراء ذلك على “الرعاية الصحيّة الشاملة الجيدة والحماية الاجتماعيّة للجميع”، بحسب سريسكاندراجاه، ودعت أوكسفام أيضاً إلى التنازل عن حقوق الملكية الفكريّة للقاحات كوفيد-19 لتمكين الإنتاج على نطاق أوسع وتوزيع أسرع.
البنك الدولي ومؤشر بلومبيرغ
 
قالت منظمة أوكسفام الخيريّة، “إنَّ الوباء جعل أغنى أغنياء العالم أكثر ثراءً، في حين أنّه جعل المزيد من الناس ينزلقون نحو الفقر، وانخفض دخل الكثيرين، وساهم الفقر بوفاة 21 ألف شخص يوميّاً”، وأشارت إلى أنّ أغنى عشرة رجال في العالم ضاعفوا ثرواتهم الجماعية بأكثر من الضعف منذ آذار2020.
ووفقاً لأرقام فوربس التي استشهدت بها المؤسسة الخيرية، فإن أغنى 10 رجال في العالم هم: إيلون ماسك، وجيف بيزوس، وبرنارد أرنو، وبيل غيتس، ولاري إليسون، ولاري بيج، وسيرغي برين، ومارك زوكربيرغ، وستيف بالمر، ووارن بافيت.
ورغم أنَّ ثرواتهم بشكل جماعيّ قد زادت من 700 مليار دولار إلى 1.5 تريليون دولار، إلا أنّ هناك تبايناً كبيراً بينهم، حيث نمت ثروة ماسك بأكثر من 1000%، بينما ارتفعت ثروة غيتس بنسبة أكثر تواضعاً بلغت 30%.
وفي بداية كانون الثاني 2022، أعرب رئيس البنك الدوليّ، ديفيد مالباس، عن مخاوفه بشأن اتساع التفاوت العالميّ، مجادلاً بأنَّ تأثير التضخم وإجراءات معالجته من المرجّح أن يتسببا في مزيد من الضرر للبلدان الفقيرة، وقال إنّ “التوقعات الخاصة بالدول الأضعف ما زالت تتراجع أكثر فأكثر”.
وكشف مؤشر بلومبيرغ للمليارديرات، عن حجمِ الأرباح والخسائر التي حققها أثرياء العالم خلال العام 2021. ووفقاً للمؤشر، المختص بعمل ترتيب يوميّ لأغنى أغنياء العالم، فقد ربح أغنى عشرة مليارديرات في العالم 402 مليار دولار عام 2021، مستفيدين من انتعاش أداءِ أسواقِ الأسهم.
وكان في صدارة أثرياء العالم الأكثر ربحاً خلال العام 2021، إيلون ماسك، مؤسس شركتي “تسلا وسبيس إكس”، الذي ربح 118 مليار دولار، ليصل إجمالي ثروته إلى 274 مليار دولار. وربح مارك زوكربيرغ مؤسس “فيسبوك” 24.9 مليار دولار، بعدما ارتفع إجماليّ ثروته خلال 2021، إلى 128 مليار دولار، فيما ربح جيف بيزوس مؤسس شركة التجارة الإلكترونية “أمازون” نحو 3.96 مليار دولار، ليبلغ إجمالي ثروته 194 مليار دولار.
من بين المليارديرات الآخرين، مؤسس مجموعة السلع الفاخرة “مويت هنسي لوي فيتون”، برنارد أرنو، الذي ربح نحو 62.7 مليار دولار، ليصل إجمالي ثروته إلى 177 مليار دولار، فيما ربح الرئيس التنفيذي لشركة “مايكروسوفت” بيل غيتس، 6.59 مليار دولار، ليصل إجمالي ثروته إلى 138 مليار دولار.
وتضم قائمة الأثرياء الرابحين المؤسسين المشاركين لشركة “ألفابت” لاري بيدج، الذي ربح 47 مليار دولار، ليصل إجمالي ثروته إلى 129 مليار دولار، فيما ربح سيرغي برين 44.8 مليار دولار، ليصل إجمالي ثروته إلى 125 مليار دولار.
وربح الرئيس التنفيذي لشركة “بيركشاير هاثاواي” وارن بافيت، نحو 21.9 مليار دولار، ليصل إجمالي ثروته إلى 110 مليارات دولار، وربح مؤسس “أوراكل” لاري إليسون، نحو 28.4 مليار دولار، ليصل إجمالي ثروته إلى 108 مليارات دولار، وكذلك ربح رجل الأعمال الأمريكي ستيفن بالمر 40.3 مليار دولار، ليصل إجمالي ثروته إلى 121 مليار دولار.
ضريبة على الأغنياء
 
وكانت صحيفة “الغارديان” نشرت في12/8/2021، تقريراً للصحفية أماندا هولباتش، قالت فيه؛ إنَّ مجموعات عدة تنادي بالعدالة الاقتصادية، قالت إنه يمكن لكل شخص بالغ في العالم الحصول على لقاح كوفيد-19، إذا تم فرض ضريبة على أصحاب المليارات على أرباحهم التي تضاعفت خلال الجائحة بنسبة 99% لمرة واحدة.
وهذه الضريبة التي تُدفع لمرة واحدة على أصحاب المليارات البالغ عددهم 2690 شخصاً، يمكن أن تغطي أيضاً 20 ألف دولار نقداً، تُدفع لجميع العمال العاطلين، وفقاً لتحليل منظمة “أوكسفام”، وتحالف مكافحة عدم المساواة، ومعهد دراسات السياسة والمليونيرات الوطنيين، وقال التحليل؛ إنّه بعد تلك الضريبة، سيظل لأصحاب المليارات 55 مليار دولار، أكثر مما كان لديهم قبل الجائحة.
واستخدم التحليل بيانات من مجلة “فوربس”، التي أظهرت أنَّ المليارديرين زادوا ثرواتهم بمقدار 5.5 تريليون دولار من 18 آذار2020 إلى 31 تموز 2021، وكانت الزيادة على مدار 17 شهراً أكثر من 5.4 تريليون دولار المكتسبة في 15 عاما من 2006ــ 2020.
وقال موريس بيرل، العضو المنتدب السابق لشركة بلاك روك، أكبر شركة إدارة أصول في العالم، في بيان؛ إنَّ الدول لم تعد تتحمل “الزيادة الكبيرة في ثروة أصحاب المليارات العالميّة، حيث فقد ملايين الأشخاص حياتهم ورزقهم”.
وخلال الحرب العالمية الأولى، رفعت أمريكا معدل الضريبة على الأشخاص ذوي الدخل الأعلى إلى 67%. وفي الحرب العالمية الثانية، حاول الرئيس فرانكلين روزفلت وضع حد أقصى للدخل الفردي عند 25 ألف دولار. وفي كانون الأول 2020، فرضت الأرجنتين ضريبةً لمرة واحدة على الأشخاص الذين لديهم أكثر من 200 مليون بيزو أرجنتيني (2.5 مليون دولار)، وجمعت 223 مليار بيزو (2.4 مليار دولار) حتى أيار.

الإنفاق العسكري العالميّ يتجاوز 2 تريليون دولار
 
زاد الإنفاق العسكريّ العالميّ بمقدار 51 مليار دولار خلال وباء كورونا، وهو مبلغ يتجاوزُ بما لا يقل عن ستة أضعاف، ما تحتاجه الأمم المتحدة لوقف الجوع.
لافتاً إلى أنَّ النفقات العسكريّة ازدادت للسنة السابعة على التوالي بعد فترة وجيرة من الانخفاض بين عامي 2011 و2014. مشيراً إلى أنّه من المقرر أن يرتفعَ الإنفاق أكثر مع تعهد العديد من الحكومات الأوروبيّة بتعديل الإنفاق لتعزيز قدرات قواتها العسكريّة في أعقاب العمليات العسكريّة الروسية في أوكرانيا، وشكّل الإنفاق الأوروبيّ في عام 2021 حوالي 20% من الإجمالي العالميّ، فيما تُقدّرُ ميزانية الدفاع الصينيّة ثاني أكبر ميزانية بالعالم بنسبة 14%. ولا تزال الولايات المتحدة الأكثر إنفاقاً، حيث خصصت واشنطن 801 مليار دولار للقوات المسلحة في عام 2021، وشكّل الإنفاق العسكري الأمريكيّ ما يصل إلى 39% من النفقات العالميّة، بينما انخفضت مشتريات الأسلحة في الولايات المتحدة، وتم تخصيص المزيد من الأموال للبحث والتطوير العسكري.

وعززت الصين، الثانية في الإنفاق العسكريّ بالعالم بما يقدر بنحو 293 مليار دولار، نفقاتها بنسبة 4.7%، مسجلةً زيادة في الإنفاق للعام السابع والعشرين على التوالي، وأدى التعزيزُ العسكريّ للصين إلى قيام جيرانها الإقليميين بزيادةِ ميزانياتهم العسكريّة فأضافت اليابان 7 مليارات دولار، بارتفاع قدره 7.3% وهي أعلى زيادة سنويّة بالنسبة لها منذ عام 1972. وأنفقت أستراليا 4%، أكثر على جيشها، وصولاً إلى 31.8 مليار دولار عام 2021. وزادتِ الهند، ثالث أكبر دولة إنفاقاً بالعالم مع 76.6 مليار دولار، تمويلَ ترسانتها عام 2021، لكن بنسبة أكثر تواضعاً بلغت 0.9%، واحتلتِ المملكة المتحدة المرتبةَ الرابعة، بزيادةِ الإنفاقِ العسكري بنسبة 3% إلى 68.4 مليار دولار، وحلت مكان السعودية التي خفّضتِ الإنفاقَ بنسبة 17% إلى نحو 55.6 مليار دولار.
kitty core gangbang LetMeJerk tracer 3d porn jessica collins hot LetMeJerk katie cummings joi simply mindy walkthrough LetMeJerk german streets porn pornvideoshub LetMeJerk backroom casting couch lilly deutsche granny sau LetMeJerk latex lucy anal yudi pineda nackt LetMeJerk xshare con nicki minaj hentai LetMeJerk android 21 r34 hentaihaen LetMeJerk emily ratajkowski sex scene milapro1 LetMeJerk emy coligado nude isabella stuffer31 LetMeJerk widowmaker cosplay porn uncharted elena porn LetMeJerk sadkitcat nudes gay torrent ru LetMeJerk titless teen arlena afrodita LetMeJerk kether donohue nude sissy incest LetMeJerk jiggly girls league of legends leeanna vamp nude LetMeJerk fire emblem lucina nackt jessica nigri ass LetMeJerk sasha grey biqle