يواجه الأهالي في شمال وشرق سوريا خطر التعرض لإبادة جماعية، مع تصعيد دولة الاحتلال التركي من استهدافها للمنطقة، وتهديدها بهجوم احتلالي جديد.
لا يشتمل تعريف مصطلح “الإبادة الجماعية” على ممارسة عمليات قتل واسعة بحق مجموعة عرقية فقط، وإنما هناك إجراءات أخرى، تندرج ضمن إطار “الإبادة” حال ارتكابها من جانب أحد الأطراف بشكل متعمد.
ويندرج في إطار ما يعرف بالإبادة الجماعية السعي، والعمل على تدمير المجتمع، والبلاد والسيادة، إلى جانب ارتكاب عمليات قتل ممنهجة هدفها محو وجود أحد الأعراق.
تركيا… تاريخ حافل في سجل الإبادة الجماعية
يرى الباحثون في التاريخ: أن الدولة العثمانية، التي أُسست تركيا الحالية على أنقاضها، قامت على سفك الدماء، وارتكاب المجازر بحق الشعوب، التي سكنت بلاد مزوبوتاميا (ما بين النهرين) وهضبة الأناضول.
لعل أبرز المحطات التاريخية للنهج الدموي العثماني – التركي كانت مجازر الأرمن (1914-1916)، التي تقول الأرقام بأن مليون ونصف المليون أرمني قضوا بنتيجتها.
إلى جانب مجازر “سيفو” بحق الآشوريين (1915-1920)، وقضى بنتيجتها مئات الآلاف، ومجازر اليونانيين المسيحيين، التي راح ضحيتها نحو نصف مليون يوناني إبان الحرب العالمية الأولى، وبعدها بسنوات قليلة.
ويلاحظ جلياً أن العثمانيين وقبل انهيار دولتهم، أقدموا على تصفية الملايين من غير الأتراك في البقعة الجغرافية، التي تعرف حالياً باسم تركيا، وكان اليونانيون والأرمن الضحايا الأبرز.
وبعد قيام الدولة التركية الحديثة، وعقب توقيع اتفاقية لوزان (1923)، بدأت تركيا -وريثة العثمانيين- بعمليات قتل ممنهجة بحق الكرد، الذين يشكلون نسبة كبيرة من إجمالي السكان في تركيا.
فكانت منطقة ديرسم في باكور كردستان مسرحاً لمذبحة جديدة على يد العثمانيين الجدد، فيما بين عامي 1937-1938، راح ضحيتها بحسب بعض الإحصائيات 40 ألف كردي، وتهجير آلاف آخرين.
مجزرة ديرسم لم تكن الأولى، لكنها كانت إحدى أفظع الجرائم، التي ارتكبها العثمانيون الجدد بحق الكرد، إذ تبعتها سياسة إبادة بحق الكرد في الداخل، والخارج التركي.
حول ذلك، يقول الكاتب الكردي والناشط السياسي بوزان كرعو: إن “العداء التركي لشعوب المنطقة وخاصة الكرد، لا ينحصر في أردوغان، بل إنه عداء تاريخي للإنسانية وليس وليد اليوم، إذ استهدف هذا العداء، ويستهدف تاريخ وثقافة شعوب المنطقة”.
ويضيف قائلاً: “جرائمهم لا تعد ولا تحصى؛ على سبيل المثال، إعدام جمال باشا السفاح العثماني التركي لكوكبة من المقاومين العرب في السادس من أيار عام 1916، مجزرة الأرمن بين عامي 1915-1916، مجزرة زيلان، التي استشهد فيها أكثر من 15 ألف كردي، وقد نقل بعض الناجين من هذه المأساة شهادات فظيعة عن المذبحة، التي ارتكبتها القوات التركية في زيلان فتحدّثوا عن استخدام الأتراك للرشاشات، ولحراب البنادق أثناء عمليات إعدام الكرد، وقيامهم ببقر بطون العديد من النساء الحوامل، بالإضافة إلى مئات المجازر”.