رامان آزاد_
لم تكتفِ أنقرة بالاحتلال العسكريّ وفرض السيطرة على منطقةِ عفرين المحتلةِ باستخدام القوة العسكريّة الخشنة، فكان التغيير الديمغرافي والثقافيّ الشكلَ الأعمقَ للاحتلالِ، بما له من آثارٍ مديدةٍ في تغييرِ هويةِ المنطقةِ وإلغاءِ خصوصيتها، لتكونَ مستنداً في شرعنةِ الاحتلالِ، وكانت الديانة الإيزيديّة بمزاراتها وأتباعها محلّ الاستهدافِ المباشر، باعتبارها أحدُ التفاصيلِ التاريخيّة والثقافيّة المميّزةِ لعفرين، ولذلك أُحيلت إلى غياهبِ الإلغاءِ.
في مسعى لترسيخِ الثقافة التركيّة وتعميمِ أسلوبِ التعليمِ التركيّ تم إنشاء مدرسة “الإمام الخطيب” بدعمٍ من “جمعية الشيخ عبد الله النوري” الكويتية ذاتِ الخلفية الإخوانيّة، فيما تولّت إدارة “منظمة الأيادي البيضاء” السوريّة ــ التركيّة تنفيذها بالتنسيقِ مع المجلس المحليّ لمدينة عفرين التابعِ للاحتلالِ التركيّ.
بتاريخ 29 تموز 2020، أعلن المجلس المحلي في مدينة عفرين التابع لما يسمى “الحكومة السوريّة المؤقتة” وضع حجر الأساس لإنشاء مدرسة باسم (عفرين) بدعم وإشراف من “جمعية الشيخ عبد الله النوري الخيريّة” ومقرها دولة الكويت، وتنفيذ وإدارة “جمعية الأيادي البيضاء”، وبتاريخ 23 أيلول 2021، تم افتتاح المدرسة والتي تغير اسمها ليصبح “مدرسة الإمام الخطيب”، وتأتي خطة إنشاء المدارس والمساجد في عفرين المحتلة في إطار تعميق آثار الاحتلال عبر “القوة الناعمة”، بعد استخدام القوة العسكريّة في احتلال المنطقة الخشنة.
إلغاء وتضييقٌ كليّ
كانت فترة الإدارة الذاتيّة في عفرين استثنائيّة بالنسبة لأتباع الديانة الإيزيديّة فقد رُفعت القيودُ عنهم، واُفتتحت مدارسٌ في القرى الإيزيديّة لتعليمِ الأطفالِ والشباب قواعد وأصول ديانتهم ومارسوا طقوسهم بصورةٍ طبيعيّة.
تمّ تأسيسُ “اتحاد الإيزيديين الثقافيّ عام 2013، وفي تشرين الأول 2013 اُفتتح المقر في شارع الفيلات، وتمَّ اتخاذُ (مبنى الشبيبة سابقاً) مقراً له، كان ذلك سابقة في تاريخ الإيزيديين الذين لطالما عانوا من حرمان مضاعف فمن جهة بقية الكرد في الحرمان من الحقوقِ القوميّة والثقافة واللغة، ومن جهة ثانية الحرمان من ممارسة الطقوس الدينيّة والاحتفال بأعياد الخاصة مثل عيد الأربعاء الأحمر وعيد “بيخون الإيزيدي أو “خضر إلياس”، ولم تعترف الحكومة السوريّة بالديانة الإيزيديّة وتم تسجيلهم أتباعها على أنّهم مسلمين.
خلال العدوان التركيّ على مقاطعة عفرين، أُطلقتِ الكثيرُ من التهديداتِ من قبل المرتزقة المتطرفين بالقتلِ والذبحِ والسبي للإيزيديين، ووجّهت تهمة التكفيرِ لعموم الكرد، وشهدتِ الفترةُ ما بعد الاحتلالِ التضييقَ على أهالي المنطقةِ وبخاصةٍ الإيزيديين الذين تناقص عددهم ولم يبقَ منهم إلا كبارُ السنِ، وعملوا على إرغامهم على اعتناقِ الإسلام تحت طائلة التهديدِ بالقتلِ وفُرض على نسائهم اللباسُ الإسلاميّ، وبُنيت في قراهم المساجد، ولم يُسمح لأهالي قرية بافليون بالعودة إلى بيوتهم ليُستولى عليها بالكاملِ، وتعرّض الإيزيديون لعمليات اختطاف وقتل، وتم تدمير المزارات الخاصة بالديانة الإيزيديّة، وطال التدمير مقر “اتحاد الإيزيديين الثقافيّ”، في حي الفيلات بمدينة عفرين، وكان يحتوي المئات من الكتب النادرة التي تخص الديانة الإيزيدية، وضمن حرم مقر الاتحاد انتصب مجسمُ “قبة لالش النورانيّ” و”تمثال زردشت” اللذان تمَّ تخريبهما أيضاً.
في 2 آب 2018، وصفت منظمةُ العفو الدوليّة الوجودَ التركيّ في منطقة عفرين بالاحتلالِ العسكريّ، وكشفت النقابَ عن مجموعةٍ واسعةٍ من الانتهاكاتِ التي يعانيها أهالي عفرين، ويرتكبها مرتزقة الفصائل التابعة لتركيا.
القرى والمزارات الإيزيديّة
يتوزع أبناء العقيدة الأزداهية في مدينة عفرين واثنين وعشرين قرية، بعض إيزيدية خالصة، وأبرزها القرى: باصوفان، وكوندي مازن/ الذوق الكبير، وباعي، وكيمار، وغزاوية، وإسكان، وشاديره/ شيح الدير، وبرج عبدالو، وکفرزیت، وعین دارا، وترندة/الظريفة، وقيبار، وقطمة، وبافليون، وقسطل جندو، وسينكا/سنكرلي، وماتينا/ الضحى، وفقيران أو فاقيرا/ الرأس الأسود، وأشكا/ أشكان شرقي وأشكان غربي، وجقلي/جقلا جومة، ومسكه جورن/ مسكه فوقاني ومسكه جيرين/مسكة تحتاني.
وتتوزع في منطقة عفرين 19 مزاراً خاصاً بالديانة الإيزيديّة، تعرض معظمها للسرقة والنهب والتخريب والتدمير مثل موقع عين دارة الأثريّ، ومن هذه المواقع: مزاري بارسه خاتون و شيخ حميد في قرية قسطل جندو، ومزار شيخ غريب في قرية سينكا، ومزارات جيل خانا و ملك أدي و برج جندي وزيارة حجري في قرية قيبار، و مزار شيخ جنيد في قرية فقيرا، ومزار هوكر في قرية قره جرنة، ومزار شيخ بركات في جبل شيخ بركات، ومزار شيخ علي في قرية باصوفان، ومزار شيخ ركاب في قرية شاديره، ومزار شرف دين في قرية بافليون، ومزار بيلا منان في قرية كفرجنة، ومزار بير جافير/ جعفر، ومزار مشعله قرب زيارة حنان، ومزار شيخ عبد القادر في قرية ترندة، ومزار شيخ كراس في قرية دير بلوط، ومزار أبو كعبة في قرية أبو كعبة، ومزار شيخ قصاب في قرية برج قاص.