سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

الانتخابات البلديّة ومسألة الهوية في تركيا

بدرخان نوري_

أكدت نتائج الانتخابات البلديّة في تركيا أنّ مسألة الهوية عامل أساسيّ يحدد توجهات الناخبين إضافة لعوامل أخرى يتباين تأثيرها هي الاقتصاد والفئة العمرية والمستوى التعليميّ والتوجهات السياسيّة الحزبيّة وغيرها، وتتقدم الهوية كلّ العوامل في تركيا المتعددة بمكوناتها العرقيّة والمذهبيّة، ولذلك كانت قضية الكرد القوميّة حاضرةً بقوة وكذلك التمايز المذهبيّ العلويّ وتمت ترجمة ذلك في صناديق الاقتراع رغم الضغوط التي مارسها الحزب الحاكم، لتكون النتيجة مؤشر متغيّر كبير يؤكد أنّ الحزب الحاكم تجاوز نقطة النهاية الحديّة العظمى!
هزيمة كبيرة لحزب السلطة
عقب الانتخابات الرئاسية التي جرت في أيار 2023 على مرحلتين روّجت وسائل الإعلام المحسوبة على الحزب الحاكم أنّ الانتخابات أثبتت أنّ الخدمات تتقدم على الهوية، وقالت إنّ أردوغان سيفوز بالجولة الأولى بفضلِ المشاريع الضخمة المنجزة في عهده، وعوّلت على عاملين هما صعود القوميين الأتراك، وبروز أحزاب سياسيّة ذات خلفية دينيّة مثل حزب الرفاه من جديد وحزب الدعوة الحرة “هدى – بار”، إضافة لحزب العمال التركي. وواصل الإعلام ومسؤولو الحزب الحاكم الترويج للخطر الافتراضيّ الذي يهددُ أمن تركيا واستقرارها ووحدتها، وأنّ بقاءها بالسلطة ضمان للأمن والاستقرار وتحسن الوضع الاقتصاديّ. وإنّ كانت الأحزاب الجديدة لا تتمتع بثقل انتخابيّ؛ فإنّ مهمتها إحداثُ اختراقٍ في حواضن المعارضة وبخاصة المدن والبلدات الكرديّة وتشتيت الأصوات.
بالمقابل قامت بحملة تشهير ضد كمال كيليشدار أوغلو مرشح الطاولة السداسيّة المعارضة وقالت إنّه ليس في حياته البيروقراطية ولا السياسيّة أيّ نجاح، وأنّ مجمل وعوده هو أنّه سيقدّم مصالح الولايات المتحدة على أمن تركيا ومصالحها، وسيجعل البلاد تابعة للغرب في كلّ شؤونها.
والحقيقة أنّ سبب فشل المعارضة يسبق صناديق الاقتراع لجهة عدم الانسجام والتناقضات العميقة بين الأحزاب، وكانت الطاولة السداسيّة مجرد حاصل جمع رياضيّ للأصوات التي يحتمل أن يخسرها أردوغان وتذهب لصالح مرشح المعارضة، ولكن التباينات التي أفضت إلى شكلٍ من التسوية انعكست مباشرة بضعف الأداء الانتخابيّ اعتباراً من حسم الموقف تجاه القضية الكرديّة بسبب موقف حزب الخير ذي التوجهات القوميّة وتقديم كيليشدار أوغلو مرشحاً وفي سجله الشخصيّ سلسلة من الكبوات الانتخابيّة.
ما حدث أكبرُ هزيمةٍ انتخابيّةٍ لأردوغان منذ وصوله للسلطة عام 2002. وأظهر إمام أوغلو قدرته على تجاوز الانقسامات الاجتماعيّة والسياسيّة المتأصلة التي تميّز المعارضة التركيّة ما يجعله المنافس الأكثر قدرة على المنافسة السياسيّة لنظام أردوغان على مستوى تركيا.
وسبق أنّ وجّه إمام أوغلو ضربة انتخابية كبيرة بفوزه في الانتخابات البلدية في 31/3/2019 وأنهى احتكار حزب العدالة والتنمية وأسلافه لمدينة إسطنبول الذي دام 25 عاماً. وقد تكون مؤشراً لمتغير في المشهد السياسيّ المنقسم في البلاد، وقد عاقب الناخبون الأتراك الرئيس التركيّ وحزب العدالة والتنمية في الانتخابات البلديّة وأكدت المعارضة أنّها لا تزال تمثل قوة سياسيّة وعززت مكانة رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو باعتباره أهم منافس للرئيس في المستقبل.
وأمام النتيجة الحاسمة لم يجد أردوغان الذي قاد بنفسه حملات الدعاية الانتخابية لمرشحي حزبه إلا أنّ الاعتراف بأنّ نتائج الانتخابات البلديّة شكلت “نقطة تحول” لحزبه. وقال في كلمة أمام حشد من أنصاره في مقر حزب “العدالة والتنمية” الحاكم، “للأسف، لم نحصل على النتائج التي أردناها”. وأضاف: “سنحترم بالطبع قرار الأمة، وسنتجنب العناد والتصرف ضد الإرادة الوطنية والتشكيك في قوة الأمة”. وقال الرئيس التركي إن ائتلافه الحاكم لم يحقق النتائج المرجوة في الانتخابات المحلية، مضيفاً أنهم سيحاسبون أنفسهم، وسيعالجون أوجه القصور. وأشار إلى أن الانتخابات ليست نهاية المطاف، وإنما نقطة تحول لائتلافه، وأضاف أنَّ دورة الانتخابات التي ترجع إلى أيار الماضي، وأنهكت الاقتصاد التركي انتهت الآن.
وأعلن إمام أوغلو مرشح حزب الشعب الجمهوري، حزب المعارضة الرئيس في تركيا، فوزه في انتخابات رئاسة بلدية إسطنبول أكبر المدن التركيّة، وأوضح أنه يتقدم بفارق تجاوز مليون صوت.
انتصرت الهوية
يمكن القول إنّ نتائج الانتخابات المحليّة الأخيرة في تركيا تُشكِّلُ انقلاباً كبيراً في التوازنات السياسيّة، يُحتمل أن تكون له تداعيات في المرحلة القادمة، والانتخابات النيابية والرئاسية عام 2028. وبصرف النّظر عن كونها انتخابات الإدارة المحلية، ولن تغيّر السلطات التنفيذية المركزية والتشريعية والقضائية، لكنها بمقام استفتاءٍ عام وتُعطي صورة عن تغير المزاج الشعبيّ لا يتوافق مع السلطةِ، التي شعرت بالقلق من المستقبل وأنعشت آمال المُعارضة المكلومة من نتائج الانتخابات الماضي واستبدت بحاضنتها مشاعر الياس والسوداويّة.
فاجأتِ النتائجُ البيئةَ المُعارِضة ربما أكثر من البيئةِ الموالية، وفاجأت أكثر حزبَ الشعب الجمهوري الذي كان يخشى فقدان البلديات التي بحوزته، علاوة على عن الفوز بمزيد منها. وأما في حزب العدالة والتنمية، فبدا أنَّ المفاجأة لم تكن كبيرة لأنّ تراجع شعبيته كان قد بدأ منذ الانتخابات العامة الماضية التي دخلها مُعزَّزاً بتحالفٍ عريضٍ إضافةً لحليفه الدائم حزب الحركة القومية، وراهن في الانتخابات المحليّة فقط على فشلِ خصمه، الشعب الجمهوريّ، وليس على نجاحه، بالنظر إلى معاناة ناخبيه وعموم الشعب، من آثار الأزمة الاقتصاديّة وزاد الفريق الاقتصاديّ الجديد الذي عينه أردوغان في حزيران 2023حجمَ المعاناة باعتماد السياسة الليبراليّة الكلاسيكيّة
برر إعلام السلطة الهزيمة بانخفاض نسبة المشاركة، وتصويت ناخبي حزب المساواة والديمقراطيّة لصالح أكرم إمام أوغلو في اسطنبول، ولمُرشَّحي الشعب الجمهوري في الولايات الغربيّة عموماً، وتهرب عن الإجابة عن سؤال لماذا خذل أنصار العدالة والتنمية مرشحيهم في ساعة عسرتهم؟ وما سبب مكاسب حزب المساواة والديمقراطيّة في المناطق الكرديّة، فيما صوّت لصالح حزب الشعب الجمهوريّ في المدن الكبرى؟ لا إجابة إلا تراجع حزب العدالة التنمية. مقابل الانتصار للهوية والانتماء الطبيعيّ للناخبين.
كانت مُختلَف الانتخابات منذ مطلع القرن تعكس ما يسمى في الأدبيات السياسية بـ”سياسات الهوية”، فاستقرّت التيارات والأحزاب السياسية على نسب ثابتة تقريباً، مُنقسِمة إلى ثلاث هويات سياسيّة وموزعة جغرافيا كما يلي: الإسلامية – القوميّة المحافظة في وسط الأناضول وشماله ونسبتها 40ــ501%، والعلمانيّة – اليساريّة في غربه وجنوبه الغربي على سواحل بَحرَي إيجة والمتوسط ونسبتها 25%، والكرديّة في شرقي وجنوب شرقي تركيا، ونسبتها 10%، وقد تطرأ بعض المتغيرات بين انتخاب وآخر.
كسر سلوكُ الناخبين في تركيا على أساس الهوية القيود وتجاوز الحواجز المعهودة، وإن لم تتلاشَ تماماً. وصوّت بعض الناخبين التقليديين للعدالة والتنمية لأحزابٍ أخرى، مثل الرفاه من جديد، وهدى بار الإسلاميّ، والشعب الجمهوريّ والمساواة والديمقراطيّة في الولايات الشرقيّة والجنوبيّة الشرقيّة. وأدى تزايد الدعم الشعبيّ لحزب الرفاه الجديد الإسلاميّ، الذي اتخذ موقفاً أكثر تشدداً من موقف أردوغان ضد إسرائيل بسبب الحربِ في غزة، لإضعاف الدعم الموجه لحزب العدالة والتنمية. وانتزع بلدية أورفا من مرشح حزب العدالة والتنمية.
ولا يعد تصويت ناخبي المساواة والديمقراطية لمُرشَّحي الشعب الجمهوريّ اختراقاً للهوية الكرديّة. وهو تكرارٌ لما حدث في الانتخابات البلدية السابقة في 2019، وفي الانتخابات الرئاسية 2023، لأنّ ذلك لم يتجاوز أطر المعارضة للسلطة وحدث بتحالفٍ شبه مُعلَن مع الشعب الجمهوري، رغم أنّ تياراً وازناً بالحزب دعا ناخبيه علناً للتصويت لمُرشَّحيه الخاصين. فإما أنَّ بعض الناخبَين لم يمتثلوا للدعوة، أو تصرَّفوا بانسجام مع التيار الآخر المتمثل بالرئاسةِ المشتركة المُنتخَبة حديثاً.
المساواة والديمقراطية وتكتيك مزدوج
المعروف في حزب المساواة والديمقراطيّة، وجود تيارين بشأن استراتيجية الحزب بالانتخابات المحليّة” هما “المستقل” و”التحالفيّ”، ولكن شخصيات وازنة مثل ليلى زانا وأحمد ترك وصلاح الدين ديمرتاش، دعت إلى اتّباع الطريق الثالث، وانتقدوا الالتحاق بأحزاب أخرى لا تنظر إلى الكرد إلّا بوصفهم “خزّاناً انتخابيّاً” دون اهتمام بمشكلاتهم وقضيتهم. والطريق الثالث هو انتخابُ مرشحي الحزب في كلّ المدن حتى لو لم يكن لبعضهم حظ بالفوز، ومن شأن ذلك إظهارُ القوة الحقيقيّة للكتلة الكرديّة ووزنها السياسيّ، ما يجعل الأحزاب الأخرى تأخذهم بالاعتبار عند وضع سياساتها. وتضمَّنَت تصريحات القيادات كلاماً واضحاً حول انفتاح الحزب على الحوار مع “جميع الأطراف”، وإن كانوا قد ربطوا الحوار مع الشعب الجمهوري باحتمال قيام تفاهمات انتخابيّة، مقابل حديثهم عن أنّ أيّ حوارٍ مع العدالة والتنمية يتعلق بمرحلةِ ما بعد الانتخابات.
كان هذا التوجه منسجماً بالعموم مع قرار الحزب الذي اتُّخِذَ منذ أشهر بتقديم مرشحيه المستقلين في جميع المناطق. ثم اتُّخِذَ قرارٌ آخر اُعتبَر حلاً وسطاً بين التوجّهَين “المستقل” و”التحالفيّ”، بترك الباب موارباً لتفاهمات محليّة مع حزب الشعب الجمهوري وفقاً لكلّ منطقةٍ على حِدة. ولم يُعلَن عن وجود تفاهم محليّ من هذا النوع فيما خصّ اسطنبول وأنقرة بالذات، فالحزب رشَّحَ شخصيتين من وجوهه الوازنة لرئاسة بلدية إسطنبول، وفقاً لنظام “الرئاسة المشتركة” الأمر الذي أثار امتعاض حزب الشعب الجمهوريّ لأنّه اعتبر ذلك خدمة مجانية للحزب الحاكم وإضعافاً لحظوظِ كلّ من إمام أوغلو وياواش بالفوز برئاستي البلديتين. ولكن في احتفال نوروز ألقت ليلى زانا كلمة وقرئت رسالة من صلاح الدين ديمرتاش، كشفتا عن توجه جديد يدعو السلطة القائمة، وأردوغان بالذات، لإطلاق مشروع جديد للحلّ السلميّ للمسألة الكرديّة، ويكون طرفه الآخر عبد الله أوجلان، أو لإحياء المسار الذي توقف عام 2015.
بذلك عمل الحزب على تكتيك مزدوج، سماه “الحل الوسط”، فصوَّتَ ناخبوه لمرشحي الحزب الخاصّين في المناطق ذات الأغلبية الكردية، ولمرشحي الشعب الجمهوريّ في المناطق الأخرى. وكان ذلك تكتيكاً ناجحاً بالنظر لنتائج الانتخابات، وأثار ذلك سخط السلطة بسبب مساهمته بفوز الشعب الجمهوري في مناطق كثيرة، مثل إسطنبول، أو على الأقل زيادة الفارق مع مرشح السلطة
وان ملحمة انتخابيّة

وان مدينة بهوية كرديّة، وكان طبيعيّاً فوز مرشح حزب المساواة والديمقراطية عبد الله زيدان، وتجاوز منافسه من العدالة والتنمية بمقدار الضعفين إضافة لفوز الحزب بكلِّ البلديات الفرعيّة وعددها 14. ولكن محكمة محليّة قررت حرمانه من الفوز، ومنحَ رئاسة البلدية لمنافسه مُرشَّح العدالة والتنمية عبد الأحد أرواسي. واستندت إلى ذريعة قضائيّة مفادها أنّه سبق لزيدان أن سُجِنَ بعدما حُكِمَ عليه بنحو ثلاث سنوات بتهمة نشر دعاية لصالح منظمة إرهابيّة (يقصد حزب العمال الكردستاني). وتضمَّنَ الحكم أيضاً حرمانه من الحقوق المدنيّة والسياسيّة، بما في ذلك الترشح بالانتخابات والتصويت فيها لمدة ثلاث سنوات. وبعد الإفراج عنه تقدَّمَ بطلب إلى المحكمة المختصة لاستعادة حقوقه، فوافقتِ المحكمة على طلبه في نيسان 2023. وفي الخريف قدَّمَ كل الأوراق المطلوبة إلى الهيئة العليا للانتخابات، فتمت الموافقة على ترشيحه. وعشية الانتخابات، أصدرت المحكمة نفسها قراراً جديداً يبطل قرارها السابق وسحبت منه حقوقه السياسية التي أعيدت إليه.
قبل الانتخابات البلدية بيومين، الجمعة 29/3/2024، وفي الساعة 4:55 مساءً (نهاية الدوام الرسميّ) أصدرت محكمةٌ قضائيّة محكمة أخرى مسؤولة عن مراقبة الانتخابات بالقرار، علماً أنّ السبت وهو اليوم التالي عطلة رسميّة، لتقوم بدورها بحِرمان زيدان من فوزه ومنح رئاسة البلدية لأرواسي. ورغم أنَّه يمكن الاعتراض على القرار الجديد لدى محكمتي التمييز والنقض قبل أن يصبح مبرماً، لكن الوقتَ المتاح مجرد خمس دقائق ولا يمكن خلالها مجرد تبليغ المرشح ومحاميه.
أثار هذا القرار التعسفيّ غضباً عارماً، وخرج الناس إلى الشوارع متظاهرين احتجاجاً على ما وصفوه بـ”سرقة إرادة الناخبين”، ليس في وان فقط بل في 14 بلدية أخرى، وتصدّت الشرطة للمظاهرات، وأعلن وزير الداخلية اعتقال 340 متظاهراً. ومنعَ والي المدينة التجمُّعات ونَشْرَ البيانات وجَمّعَ التوقيعات وغيرها من الأنشطة المعارضة لمدة 15 يوماً. بالمقابل، صدرت تصريحات استنكار من قادة المعارضة من حزب الشعب الجمهوري والحزب الشيوعيّ، وبذلك استكملت وان بالاحتجاج والتظاهر الملحمة الانتخابيّة التي بدأتها بالتصويت لصالح الهوية.
وقدَّمَ المرشح اعتراضاً رسميّاً للهيئة العليا للانتخابات، وتقرر باليوم التالي أنّ الفائز هو عبد الله زيدان. لكن الاعتراضات على قرار حرمانه من حقه لم تقتصر على المعارضة، بل شملت أسماءَ بارزةً من حزب العدالة والتنمية نفسه، فأعلن حياتي يازجي، أحد نواب رئيس الحزب ومن كادره المؤسس، ارتياحه لقرار الهيئة العليا الذي “أنهى حالة الجنون” بحسب وصفه، ويقصد بها حرمان الفائز من فوزه. لكن أحد مستشاري رئيس الجمهورية، ويدعى محمد أوجوم، نشر تغريدةً هاجم فيها من أسماهم “الليبراليين الجدد” داخل السلطة، وفُهِمَ أن كلامه مُوجَّه ليازجي وآخرين ممن استنكروا ما حدث.
الحادثة أظهرت أنّ السلطة لم تستوعب درس الهزيمة الانتخابيّة وتكرر ممارسات غطرسة القوة التي أشار إليها أردوغان أثناء حديثه عن أسباب الهزيمة الذاتيّة. كما أظهرت مدى قوة الجمهور الذي استطاع بيومٍ واحدٍ استعادة الحق لأصحابه. وكشفت النقاب عن خلافاتٍ مُحتدِمة بين قيادات العدالة والتنمية في مناخ خسارة الانتخابات، بالبحث عن أكباش فداء لتحميلهم أسباب الخسارة. وهذا النوع من السِجالات العلنيّة لم يكن مألوفاً في السنوات الماضية، بعدما تمّت تصفية معظم القادة المؤسسين الذين كانوا يعبرون عن آرائهم بِحُرّية.
kitty core gangbang LetMeJerk tracer 3d porn jessica collins hot LetMeJerk katie cummings joi simply mindy walkthrough LetMeJerk german streets porn pornvideoshub LetMeJerk backroom casting couch lilly deutsche granny sau LetMeJerk latex lucy anal yudi pineda nackt LetMeJerk xshare con nicki minaj hentai LetMeJerk android 21 r34 hentaihaen LetMeJerk emily ratajkowski sex scene milapro1 LetMeJerk emy coligado nude isabella stuffer31 LetMeJerk widowmaker cosplay porn uncharted elena porn LetMeJerk sadkitcat nudes gay torrent ru LetMeJerk titless teen arlena afrodita LetMeJerk kether donohue nude sissy incest LetMeJerk jiggly girls league of legends leeanna vamp nude LetMeJerk fire emblem lucina nackt jessica nigri ass LetMeJerk sasha grey biqle