سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

الاقتصاد السوريّ… تسحقهُ الإتاوات ويخنقهُ الغلاء

كروب روناهي_

يعيش الاقتصاد السوريّ حالة متردية جداً، وتعاني البقية الباقية من الفعاليات الاقتصاديّة ووطأةَ الضرائب التي يتم تحصيلها بالقوة، ذلك لأنّ كلّ خيوط الاقتصاد تنتهي إلى “المكتب السريّ” الذي يتحكم بمفاصل الاقتصاد بنفوذٍ أمنيّ، وتصل سطوته إلى كلّ التجار والصناعيين، وتُجبى منهم إتاوات ضخمة مقابل السماح لهم بمواصلة النشاط الاقتصاديّ، تحت طائلة اعتقال من لا يدفع الإتاوة، الأمر الذي دفع كثيرين من تجار حلب ودمشق ومناطق أخرى للهجرة.
آلية أمنية لتحصيل الإتاوات
نشرت وكالة نورث برس في 15/2/2024، تقريراً حول المكتب السريّ أو الاقتصاديّ وآلية عمله، وذكر أنّه يتبع مباشرةً لـ”أسماء الأسد”، ويتألف من عدة أقسام: الأول: قسم الرصد الماليّ، مختصٌ بالبحث عن مدخولات التجارِ أصحاب الشركات والمعامل ومحطات الوقود وغيرها، ويبحث سريّاً عن كمية الأموال لديهم. ويديره العقيد علي شاليش. والقسم الثاني يتابع عمل القسم الأول ويؤرشف أسماء التجار ومن هم هدفُ المكتب السريّ ويتم تنظيمها بمصنفٍ وتُرسل إلى المكتب العام.
فيما مهمة القسم المالي، تحديدُ قيمة الغرامة، بعد دراسة وضع التاجر إذا كان يملك هكذا مبلغ، ويُرسل إلى المكتب العام. أما القسم الرابع، فهو الأمني، ومهمته التواصل بين القصر الجمهوري والفرع 251 (الخطيب). يُدار المكتب السريّ من القصر الجمهوري بدمشق وهو المركز الرئيسيّ، والمركز الثاني هو فرع الخطيب، والثالث إدارة أمن الدولة في كفر سوسة ومهمته التوجيه فقط، فيما المكتب السريّ بحلب، داخل فرع أمن الدولة، ومركزه الثاني في فيلا على طريق خان العسل ــ كفرناها.
يدرسُ المكتب السريّ وضع التاجر الوارد اسمه، لمعرفة إمكانياته الماديّة ويُحدد المبلغ بعد اطلاع أسماء الأسد عليه عبر ذراعها، “يسار إبراهيم”، الذي يدير المكتب. ويُرسلُ كتابٌ إلى فرع “الخطيب”، وحصرياً إلى اللواء “أحمد ديب”، ينص على ضرورةِ جلب التاجر وفرض غرامة ماليّة عليه، بطريقة قانونيّة باسم “مخالفة وضرائب وإعادة إعمار ومساهمة بالبناء وغيرها من الغرامات”. وعلى الإثر يوجّه فرع “الخطيب”، (يسمّى الفرع الداخلي)، دورية أمنيّة إلى التاجر للتبليغ بدفع المبلغ مع مهلة له. وبحال التأخير يجلب إلى الفرع، ويوضع في غرفة جيدة، تتوفر فيها وسائل الاتصال ليؤمن المبلغ عبر شركائه وأقاربه. وتوضع (الإتاوات) أو الغرامات التي جُمعت في المكتب، بأكياس مغلقة وترسل حصراً إلى المكتب السريّ/ الاقتصاديّ في القصر وتسلم إلى أشخاصٍ يعملون بإمرة “يسار إبراهيم”.
يُطرح السؤال حول قانونيّة المكتب السريّ، فهو مكتب أمنيّ لفرض إتاوات على التجار الكبار ومتوسطي الدخل. وتديره واجهة من الضباط، وهم: “اللواء أحمد ديب، العقيد محمد غانم، العميد خليل الملا وكان رئيس فرع أمن الدولة بحلب سابقاً، والعميد عبد المنعم نعسان حالياً، العقيد علي مرهج، فارس كلاس بين حلب ودمشق”.
يختار قسم خاص بالدراسات والمعلومات بفرع الخطيب التجار الذين يترتب عليهم دفع المبالغ، وتُجرى دراسة عن التجار مستوردي البضائع من الخارج، وأسماؤهم موجودة لدى الفرع بالتنسيق المباشر مع المعابر الرسميّة وغير الرسميّة لمعرفة حجم الاستيراد. ويعرف القسم التجار أصحاب المعامل والمصانع ومحطات الوقود والشركات العقاريّة.
ويضرب مصدر في حلب مثالاً، عن محطة وقود بحلب دخلها الماليّ جيد. فيقول يرفع فرع أمن الدولة تقريراً إلى فرع الخطيب بأنّ الكازية أعمالها جيدة ودخلها الماديّ كبير. والفرعُ على علمٍ مسبق بكمية الوقود التي تدخل إلى كلّ كازية كونه المشرف على مادة الوقود الداخلة من خارج سوريا أو مناطق أخرى خارج سيطرة الحكومة. وبعد تلقي المعلومة يشكل فرع الخطيب دوريّة تذهب إلى صاحب الكازية، وتبلغه بأنه يترتب عليه دفع مبلغ مليار ل.س، خلال ثلاثة أيام أو أسبوع.
مداهمة وإتاوات ومصادرة بضاعة واعتقال
نقلت نورث برس في 20/12/2023 عن تاجر من حلب أنّ عناصر فرع الخطيب فرضوا إتاوات على مالكي المحلات في مناطق الشيخ نجار والراموسة وأسواق المدينة. وبلغت الإتاوة المفروضة على محلات “بيست باور” في حي الموكامبو 275 مليون ل.س، وعلى محلات فروج “بركات” في الحمدانيّة وصلاح الدين والفرقان مليار ل.س. وفي منطقة الشيخ نجار الصناعيّة داهم عناصر الفرع شركة “فيتا فارما” للصناعات الدوائيّة التي تمتلكها عائلة “فتال” واعتقلوا نجل المالك إلى حين دفع الإتاوة المقدّرة بمليار ليرة. فيما شهد السوق إغلاق عدد من محلات الألبسة والأغذية تحاشياً لقدوم عناصر الفرع الأمنيّ.
ذكرت وكالة نورث برس في 6/5/2023 أنَّ عناصر أمنيّة داهمت محلات في أسواق مدينة حلب وصادرت قسماً من بضاعتها. وذكر المصدر أنّ قواتٍ تتبع المكتبَ السريّ وصلت مدينة حلب، في مهمة لعشرة أيام لملاحقة البضاعة المهرّبة والأجنبيّة ومصادرتها، وتابعت قوات المكتب عملَ مديرية الجمارك، سبق ذلك وصول مذكرة نقل رؤساء المفارز بحلب وبعض مساعديهم دون بيان الأسباب.
وقال تاجر من حي العزيزية بحلب، لنورث برس، إنّ قوات باللباس المدنيّ مدججة بالسلاح داهمت محلاتٍ تجاريّة بالحي وصادرت بضاعة أجنبيّة مزوّدة ببيانات جمركيّة نظاميّة. وداهمت الحملة محلَ “عبيدة” لبيع الألبسة والأحذية وطوقوا المكان وسحبوا البضاعة دون إبراز أيّ مهمة أو تكليف قانونيّ أو مرافقتهم من مسؤولي المحافظة أو غرفتي الصناعة والتجارة.
خلال المداهمة يتمّ غالباً البحث عن بضائع أجنبيّة، والتذرع بعدم وجود شهادة منشأ لفرضِ الغرامة. ويضطر صاحب المحل للدفع الفوريّ، تجنباً لغرامات ماليّة أكبر ومصادرة البضائع وختم المحل بالشمع الأحمر والاعتقال. وتكمن المشكلة بالبضائع القديمة والكاسدة منذ سنواتٍ طويلة بسبب تراجع الطلب عليها، وبخاصةٍ الأقمشة والتي لا تتأثر بمرور السنوات، وتصادر بسبب عدم توفر شهادة المنشأ أو بيانات جمركيّة. ويتهكم شهود على حوادث مداهمة المحلات التجاريّة ومصادرة البضاعة بما فيها الأحذية: “بات عدد من الأحذية سببَ خراب الاقتصادِ الوطنيّ”.
تتم مداهمة المحلات بغتةً وقد يرافق عناصر المكتب السريّ عناصر من مديرية الجمارك، وبعد ورود شكاوى من أصحاب المحلات والمعامل إلى غرفة الصناعة في حلب، طلبت من الدوريات الجمركيّة دخول أيّ محل تجاري أو معمل بوجود مندوب عن غرفة الصناعة، لكن إدارة الجمارك تجاهلت الطلب.
لكن البضائع المهربة تصل إلى مناطق سيطرة حكومة دمشق عبر منافذ مثل معبر “أبو الزندين” بريف حلب الشرقيّ، وهو نقطة عبور إلى المناطق التي تحتلها تركيا، حيث تدخل الشاحنات دون تدقيق محملةً بالأغذية والأقمشة والكهربائيات وقطع الغيار المهربة وبضائع تركية، ولا يجرؤ أحد على إيقافها، بل تحظى بترفيق عسكريّ حكوميّ لدى خروجها من المعبر.
 إتاوات بالملايين على التجار
نقلت وكالة نورث برس في 17/12/2023، عن عامل في فرع أمنيّ بحلب، أنّ أبناء هارون أنور الأسد يديرون هذه المكاتب الثلاثة ويتلقون دعماً مباشراً من “ماهر الأسد”، شقيق رئيس النظام السوريّ. والمكتب الأول باسم مكتب “التمساح” يقع وراء فرع الأمن العسكريّ في دوار الباسل، والمكتب الثاني بحي السريان الجديدة ــ شارع الزهور باسم مكتب “حسن” ويملكه شخص من قرية مريمين بمنطقة عفرين، والمكتب الثالث في حي الفرقان. وقال المصدر إنَ المكاتب الثلاثة تسيّر دوريات وتعد لائحة بأسماء التجار والصناعيين، وتلزمهم بدفع مبالغ ماليّة بالملايين. وذكر العامل بالفرع الأمنيّ أنّ “التجار والصناعيين في حلب ضحية سياسة التسابق على السلطة والمال بين أفراد العائلة الحاكمة والمقر بين منهم، والتناقضات بين ماهر الأسد قائد الفرقة الرابعة التي تحظى بدعمٍ إيرانيّ، وأسماء الأخرس والأفرع الأمنيّة التابعة لها، ومنها المكتب السريّ وفرع الخطيب.
حمل الأموال جريمة دون توصيفٍ قانونيّ
“هل لديك مبالغ مالية؟” سؤالٌ أساسيّ تطرحه الحواجز الأمنيّة في مدينة حلب وبخاصةٍ الكائنة على مداخل الأحياء الكرديّة تحت طائلة التفتيش الدقيق بحال وجود معلومة مسبقة عن عابر الحاجز، وقد تصل إجراءات التفتيش إلى تعرية كامل الملابس وصولاً للداخليّة. وقد تم فرز عناصر أمنية نسويّة لتفتيش النساء وحقائبهن، وتُفتش الحقائب المدرسيّة برفقة ذويهم، ويعتقل المواطن فوراً بحالِ حيازته مبلغاً يتجاوز 150 ألف ل.س، ويُقال إنّ سقفَ المبلغ رُفع لمائتي ألف أو أكثر بقليل، ولكن لا أدلة تؤكدُ ذلك. فالناسُ حتى اليوم ملتزمون بعدم تجاوز سقف الـ150 ألف ليرة، وهو أدنى من راتبِ الموظف العادي.
اللافت على الحاجز أنّ إجراءات التفتيش تتم على مرحلتين، أحدها من قبل عناصر أمنيّة وبخاصة أمن الدولة، والأخرى من قبل عسكريي الفرقة الرابعة التي تمارسُ مهاماً أمنيّة، وفرق المسافة بينهما مجرد أمتار قليلة، ما يعكس عدم التنسيق واختلاف التبعية والتنافس.
يُعامل المواطن عابر الحاجز على أنّه متهمٌ، وبذلك لا ضوابطَ محددة لمعاملته وتوجيه العبارات إليه، وفيما عدا مسألة حمل الأموال فقد يخضع للمساءلة وتدقيق الهوية الشخصية وإجراءات “التفييش”، فيما إذا كان مطلوباً لأيّ سببٍ.
تنظم مذكرة اعتقال فوريّة بحق المواطن أو المواطنة لدى ضبط المبلغ، ويُحال إلى فرع أمن الدولة، مع مصادرة المبلغ، بتهمة العمل في صرفِ العملات الأجنبيّة دون رخصة. وبعد نحو أسبوع من الاحتجاز يُحال إلى فرع الأمن الجنائيّ، لتنظم مذكراتٌ جديدة، ويُقدم إلى القضاء المدنيّ، حيث يقرر القاضي إخلاء سبيل المحتجز فوراً لأنّ أركان جريمةِ العمل بصرف العملات الأجنبيّة غير متوفرة، ولكنها مجرد غطاء لإضفاء توصيفٍ قانونيّ على إجراءات اُتخذت بالأساسِ استناداً إلى أمرٍ إداريّ صادر عن جهة أمنيّة. وإذا كان المعتقل كردياً يُعاد إلى فرع أمن الدولة ليمضي ليلة إضافيّة بعد قرار البراءة وإخلاء السبيل.
القصة لا تنتهي بقرار إخلاء السبيل القضائيّ، والذي ينص بوضوحٍ براءةَ المعتقلِ، بل تبدأ رحلة شاقة من الإجراءات الروتينيّة الإداريّة والقضائيّة، ما بين الأجهزة الأمنيّة والقضاء والمحافظة والمصرف المركزيّ والدائرة التي يعمل فيها المواطن بحال كان موظفاً، إذ يُوقف صرف رواتبه لمدة مفتوحة، وربما تصل الإجراءات إلى كف اليد عن العملِ. يقول مواطن: “أنفقت نحو مليونين ونصف بسبب ضبط مبلغ 600 ألف بحوزتي قبل أكثر من سنة، واُقتطع جزءاً منه لدى إعادته لي، فيما أوقف راتبي حتى اليوم”.
ويضطر كثيرٌ من المواطنين لحمل مبالغ تقدر بعدة ملايين وبخاصةٍ التجار أو لأسباب صحيّة وإجراء عمليات جراحيّة، وذلك بسبب تردي الوضع الاقتصاديّ وانهيار قيمة صرف الليرة السوريّة، لكنّ الحاجز لا يسمحُ بانتقالِ الأموال عبره أيّاً كانتِ الأسباب.
جمركة الهواتف
الاعتقالات على الحواجز لا تتوقف على حمل مبالغ ماليّة بالعملة السوريّة، فهي التهمة الأقل وطأة، لأنّ حملَ هاتف غير خاضع للجمركة جريمة تستوجب الاعتقال المباشر أيضاً، ويكلف ذلك مبلغاً من مرتبة الملايين، علاوةً على جريمة حمل مبلغ بالدولارِ، حيث تم تأطيرها بمرسوم ويستوجب السجن لسنوات وغرامة لا تقل عن 24 مليون.
بمعرفة تابعيّة الشركات التي تحتكر استيراد الهواتف المحمولة، يمكن بسهولة التوصل لاستنتاجٍ بربط هذه المسائل ببعض، وأنّها جهة واحدة تحكم قبضتها على الاقتصاد ولا تسمح بأن يتجاوزها أحد!
وشهد حي الجميلة حملة أمنيّة في 1/10/2022، وأغلق نحو عشرين مسلحاً بلباس مدنيّ، المنطقة ما بين جامع الصديق باتجاه جسر الرازي. وانتشروا أمام محال الهواتف النقالة ومنعوا خروج أصحابها، قبل تفتيش البطاقات الشخصية. وداهموا محلاتٍ تجاريّة واُعتقل أصحاب محلات الهواتف النقالة وصودر عدد كبير من الهواتف وحتى الإكسسوارات الخاصة بالهواتف، وتم تفتيش المارة في الشارع ومصادرة جوالات بعضهم، وبينهم شبان صغار بالعمر. وعرّف عناصر بالمجموعة عن أنفسهم خلال المداهمة للمحلات، بأنّهم من المكتب السريّ.
الحق علينا ضلينا بالبلد
إجراء أيّ تحقيق صحفيّ في مناطق حكومة دمشق أشبه باجتياز حقل ألغام محفوف بكلّ أنواع المخاطر، إذ لا يجرؤ الناس على الإدلاء بآرائهم، ولا يمكن لصحفيّ حمل كاميرا والتجول، ولعل المتابع العادي يلحظُ حالة احتقان مكبوتة تسود أوساط المجتمع، وفي أقصى درجة الجرأة يكتفي كثيرون بالقول: “الحق علينا ضلينا بالبلد”، في إشارة إلى الغلاء الكبير وصعوبةِ المعيشةِ دون أدنى إشارةٍ أو ربط بالوضع السياسيّ.
يقول موظف جامعيّ: القضية لا تتعلق بالوضع العسكريّ والميدانيّ وإعادة الإعمار، فالحي الذي أسكنه لم يخرج عن سيطرة الحكومة، ولا توجد أنقاضٌ لأبنيةٍ مهدمة بسبب الحرب، واُستعيدت السيطرة على كامل المدينة قبل أكثر من ستِ سنوات، وهي توصف بأنها عاصمة الاقتصاد، ورغم ذلك فالخدمات بأدنى مستوياتها، واليوم نعيش أزمة اقتصاديّة خانقة وغلاءً كبيراً وصعوبة تأمين ضروريات الحياة، والفساد متفشٍ في قطاعات الدولة الإداريّة والخدميّة والتعليميّة، ولا تتوفر الكهرباء ولا محروقات، ويضيف: لا نحتاجُ إجراءً حكومياً لإعادة الإعمار، والحل إطلاقُ عجلةِ الإنتاج، ولن تتحسنَ قيمة صرف العملة الوطنية دون إنتاج. وكل إجراء ضريبيّ ورفع أسعار يعني عجزاً لحكومةٍ تعتاشُ على حسابِ المواطنين!
في مكتبةٍ لبيعِ القرطاسية، كانتِ المفاجأة بسعر دفتر مدرسيّ صغير كان ثمنه لا يتجاوز 25 ليرة فيما مضى وأصبح بعدة آلاف، قال صاحب المكتبة متهكماً: “يبدو أنّك لستَ من أهل البلد! وهي الإجابة المعهودة لدى كلّ أصحاب المحلات، وحتى سائقي سيارات الأجرة، لدرجة أنّ سائقاً هدد وهو يطلب مبلغ عشرةِ آلاف لمشوارٍ قصير ضمن الحي نفسه: “سأهشم رأسك بمفتاحِ العجلاتِ، أسأل من رفع سعر البنزين!!”
kitty core gangbang LetMeJerk tracer 3d porn jessica collins hot LetMeJerk katie cummings joi simply mindy walkthrough LetMeJerk german streets porn pornvideoshub LetMeJerk backroom casting couch lilly deutsche granny sau LetMeJerk latex lucy anal yudi pineda nackt LetMeJerk xshare con nicki minaj hentai LetMeJerk android 21 r34 hentaihaen LetMeJerk emily ratajkowski sex scene milapro1 LetMeJerk emy coligado nude isabella stuffer31 LetMeJerk widowmaker cosplay porn uncharted elena porn LetMeJerk sadkitcat nudes gay torrent ru LetMeJerk titless teen arlena afrodita LetMeJerk kether donohue nude sissy incest LetMeJerk jiggly girls league of legends leeanna vamp nude LetMeJerk fire emblem lucina nackt jessica nigri ass LetMeJerk sasha grey biqle