قامشلو/ دعاء يوسف –
يسعى الاتحاد النسائي السرياني إلى تمكين المرأة في المجالات كلها، وضمان وجودها في مراكز صنع القرار، لتتمكن من الدفاع عن نفسها، وعن قضيتها، وأن تلبي متطلباتها الخاصة، والحفاظ على حقوقها، وقد أكدت عضوات في الاتحاد النسائي السرياني، حتمية توحيد كلمة المرأة في شمال وشرق سوريا، لأنها السبيل الوحيد لبلوغ مكانة المرأة المثالية، وإرساء حريتها ودورها الحقيقي في المجتمعات.
لتنظيم وتطوير حركة المرأة السريانية اقتصادياً وسياسياً، وتفعيل دورها في المجتمع، والمحافظة على لغتها وحضارتها، تم تأسيس الاتحاد النسائي السرياني في شمال وشرق سوريا في العشرين من تموز عام 2013، ليعمل على تدريب المرأة السريانية الآشورية، ودعمها للوصول إلى مراكز صنع القرار في الإدارة الذاتية الديمقراطية، والدفاع عن المرأة، والطفل اللذين ظُلما في الحرب الدائرة منذ سنين.
وقد تشكل هذا الاتحاد بعد مسيرة ماراثونية من العمل الدؤوب، والجهد المكثف لضم النساء السريانيات من الشتات في مدن شمال شورق سوريا إلى الاتحاد، وإيماناً منه بضرورة لمّ شمل العائلة السريانية بعد سنوات طويلة جداً من الشتات لحمايتهنّ من الإبادات، التي قامت بها السلطة العثمانية ضد شعبهم وشعوب المنطقة، وإيماناً منهن بقوة، وإمكانية النسوة في بناء مجتمعهنَّ، والعودة للجذور إلى جانب رغبة المرأة السريانية المشاركة في إقامة مجتمع ديمقراطي حر، يسوده التفاهم، والتعايش السلمي بين شعوب شمال وشرق سوريا، ويكون للمرأة المسيحية حق المشاركة في بناء هذا المجتمع المتعدد، بعيداً عن الفكر السلطوي.
مشاركة المرأة السريانية للثورة
وفي هذا الصدد التقت صحيفتنا “روناهي” مسؤولة في الاتحاد السرياني في قامشلو، جورجيت برصومو، والتي حدثتنا عن قوة المرأة السريانية ومشاركتها في ثورة روج آفا: “إن قضية المرأة واحدة، فلا يمكننا القول: إننا انتصرنا في قضيتنا دون الوصول إلى حرية النساء كافة، وعلى أساس أن حرية المرأة مرتبطة بحرية المجتمعات، استطاعت المرأة السريانية تنظيم نفسها على مستوى شمال وشرق سوريا، فالثورة، التي أطلقتها المرأة في المنطقة تميزت عن الثورات السابقة، التي حدثت على مر التاريخ، كون النساء كانت يداً واحدة، فنظمن صفوفهن، وبنينَ مؤسسات قادرة على حماية حقوقهن، وكان اتحاد المرأة السريانية المظلة، التي حوت تحتها المرأة السريانية”.
وزادت جورجيت أن الاتحاد النسائي السرياني في شمال وشرق سوريا، عمل على تطوير حركة المرأة السريانية في المجالات كافة، ودعمها للحافظ على لغتها وحضارتها: “نساهم في كل فروعنا بالدفاع عن حقوق النساء، والاهتمام بالأطفال، لأن تعريف الطفل بحقوقه وواجباته، يساهم في إنشاء جيل واعي ومستقبل باهر، ويحارب التمييز العنصري ضد السريانيات، وعلينا الاهتمام بالمرأة العسكرية ودعمها”.
عمل الاتحاد في السنوات السابقة
وأكدت جورجيت، أن المرأة السريانية أثبتت وجودها في هذه المرحلة الحساسة، وتطرقت إلى بعض الأعمال، التي قام بها الاتحاد خلال العامين الماضيين: “انصب عملنا على ربط في المنظمات النسوية المحلية، الإقليمية والعالمية، لأن هذا يساعد المرأة على إيصال صوتها للعالم”.
مشيرةً إلى أنهنَّ قمنَ بالعديد من الفعاليات والنشاطات، وورشات العمل، كما افتتح الاتحاد دورات تدريبية وثقافية وتنظيمية مغلقة ومفتوحة، بالإضافة إلى دورات للإسعافات الأولية.
وشددت جورجيت في ختام حديثها على أن المرأة السريانية، حافظت على انجازاتها ومكتسباتها، التي حققتها في ثورة روج آفا، بعد الخمول، الذي مرت به نتيجة الأنظمة الحاكمة والرأسمالية، التي كانت تقصي المرأة السريانية، والنساء من تحقيق أهدافهن والانخراط بالمجتمع بشكل فعال: “إن المرأة السريانية حافظت على مكتسبات الثورة مع النساء الأخريات في شمال وشرق سوريا، وسيكون عنوان ثورتها النجاح”.
وأضافت جورجيت: “نسعى دائماً لأن أن تكون المرأة متمكنة وموجودة في مراكز صنع القرار، حتى تستطيع الدفاع عن قضيتها، وتلبية متطلباتها الخاصة وتحصل على حقوقها، وهذا ما فعلناه من خلال قانون المرأة، الذي تم سنه في مناطق شمال وشرق سوريا، وتعاوننا مع التنظيمات والمجالس النسائية، التي نشارك ونلعب فيها دوراً مهماً، وتشكيل علاقاتنا الدبلوماسية مع نساء من داخل سوريا وخارجها”.
وأشارت جورجيت: إننا اتحاد نسائي لدينا الكثير من الورشات والدورات التنظيمية والمنهجية والتعليمية التثقيفية لتمكين المرأة، وإبراز شخصيتها لتكون بإرادة وفكر تستطيع من خلاله أن تعرف حقوقها وكيفية الحصول عليها، كما ونحاول أن نطور آلية العمل والفكر عند المرأة، ليكون لديها حصانة في الدفاع عن نفسها، ضد التحديات والعوائق التي تعيق وجودها لتكون شخصاً حراً”.
بناء حياة حرة تليق بالمرأة
بالرغم من المجازر والانتهاكات الجسيمة، التي مورست بحق المرأة السريانية، بما تحمل هذه المجازر من آلم ومعاناة حملتها المرأة؛ كونها المستهدف الأول لتعاني عبر التاريخ من الظلم، والعنف المطبق على وجودها، استطاعت بناء نفسها من جديد، وهذا ما بينته عضوة في الاتحاد النسائي السرياني في قامشلو، صباح شابو بقولها: “لقد كانت المرأة ضحية مجازر السيفو عام 1915، ومجازر سيمير ومجازر هاكاري وغيرها، إلا أنها بتنظيم نفسها، وتوحيد صفوفها حولت الآلام التي مرت بها إلى نقاط قوة تعتز بها، والاتحاد السرياني خير دليل على إرادتها، وقدرتها على الوقوف من جديد لبناء حياة حرة تليق بها”.
ونوهت صباح: “أن توحد المرأة السريانية مع نساء المنطقة بجميع الشعوب برهن أن المرأة تحمل في داخلها أرادة قوية قادرة على مواجهة أقوى التنظيمات، فقالت: “ما تقوم به المرأة السريانية من خلال تنظيمها ووجودها ضمن صفوف الإدارة الذاتية، استطاعت عبرها أن توصل مفهومها بجوهر المرأة الحرة”.
وعن انضمام المرأة السريانية للصفوف العسكرية قالت صباح: “لقد خرجت السريانية بالمفهوم العسكري لتدافع عن ذاتها وكيانها، وتدافع عن شعبها، فاستطاعت أن تقف أمام أعتى المرتزقة المتمثلة بداعش، وتثبت جدارتها بالانتصار عليه لتصبح أيقونة عالمية، ورمزاً للمرأة القوية ذات الإرادة الحرة”.
واختتمت عضوة الاتحاد السرياني في قامشلو صباح شابو حديثها، أن المرأة في شمال وشرق سوريا أصبحت مدركةً لقيمة الحرية حتى تحقق الانتصار على كل من ظلمها، ومن هذا المبدأ وقفت صامدة مرة أخرى: “المرأة السريانية انخرطت في الثورة منذ اليوم الأول، ويتطلب منها، ومن النساء كافة، أن يطورنّ أنفسهن أكثر للعيش معاً، علينا أن نعمل أكثر لمعرفة أنفسنا، وحقيقتنا للوقوف أمام الذهنية الذكورية السلطوية؛ نحن ندرك، أن التضحية ستكون كبيرة، لكن حريتنا أعظم وأهم من كل شيء”.
